الصراع بين الإسلاميين واليسار اتخذ مسارا دمويا في المغرب، منذ إقدام جماعات محسوبة على التيار الإسلامي، ممثلا في الشبيبة الإسلامية على توقيع أول جريمة اغتيال سياسي في المغرب، تسجل في حق تنظيم وليس الدولة فقط. والجريمة، هي اغتيال الزعيم الاتحادي الكبير عمر بنجلون. وتركت الجريمة مجالا مفتوحا للاحتقان خاصة وان العدالة لم تاخذ مجراها الحقيقي، وعوقب الطرف الطافي على السطح في حين طلت الحيتان الكبيرة بعيدة عن المحاسبة، او بالمعنى الأدق إن أصحاب الجريمة الحقيقيين ظلوا بعيدا عن المتابعة، وقدم جناة من الدرجة السفلى في التنظيم الإرهابي بعيدا عن المحاسبة . انتقل الصراع الى الجامعات المغربية، إذ دشن فصل من العنف أسقط عددا من الطلبة إصابات قاتلة في حين مازال عشرات الطلاب يحملون وشما دمويا إرهابيا في أجسادهم. ولعل الحوادث التي عرفتها جامعات فاس ووجدة والدارالبيضاء ومكناس وغيرها تبقى جريمة للمتطرفين في حربهم على المجتمع وعلى الرأي المخالف، مسجلة في تاريخ الحركة الطلابية. وكلنا يتذكر كيف هاجمت جحافل من المسلحين بالسواطير والعصي جامعة البيضاء لمنع كل الطيف السياسي المغربي من إقامة الجامعة الربيعية لطلبة الاتحاد الاشتراكي وحجم العنف الذي مورس على الطلاب وعلى ضيوفهم من مختلف الطيف الفكري والعلمي والحقوقي والتربوي، وكيف أيضا سجلت ضد مجهول هذه الجريمة الموقعة. أما فاس، فشهدت أروع جريمة من طلبة محسوبين على الإسلاميين، وراح ضحيتها ايت الجيد بنعيسى الطالب اليساري الذي هشم دماغه، و كان من ألمع طلبة العلوم المغاربة وغيرها كثير، الصراع الذي بدا باغتيال عمر كتوقيع رسمي للعنف والإرهاب امتد الى خارج أسوار الجامعة. وكانت اول مناسبة، الخطة الوطنية لإدماج المرأة سنة، 1990 حيث اعتبر الإسلاميون ان أول قضية يركبون عليها هي المرأة التي لا يرون فيها غير أداة للإنجاب وملازمة البيت، وهي نظرة لا تخدم إلا التخلف وقوى الجمود والاستغلال. فمع إطلاق حكومة التناوب التي قادها المجاهد عبد الرحمان اليوسفي «خطة إدماج المرأة في التنمية» وتم الإعلان عنها خلال شهر مارس 1998،وضعت الخطة المذكورة كتابة الدولة المكلفة بشؤون الأسرة، وتبنتها حكومة التناوب. كانت الخطة من تمويل البنك الدولي، تتضمن حوالي مئتي (200) إجراء للنهوض بأوضاع النساء في العديد من المجالات، كالتربية والصحة الإنجابية والقروض الصغرى، صاغتها باحثات وناشطات في المجال النسائي. ضغطت قوة الجمود المتمترسة خلف الدين الاسلامي او بالأحرى خلف قراءة خاصة بها للدين، وكفرت الآخرين، واتهمت الخطة كذبا بأنها تسعى لإقرار زواج المثليين والسحاقيات وتشجيع الشذوذ والإلحاد وغيرها من التهم التي لا دليل عليها. ولم يطالب بها احد، ولا تشير اليها الخطة من بعيد او قريب، بل ليست من اهتمامات حكومة يقودها قادة الحركة الوطنية المغربية، اذ ظهر ان التصعيد يخدم اجندة للاطاحة بالحركة الوطنية من طرف لوبي الفساد والإفساد في المغرب والذي لم يكن يطمئن للإصلاح الذي يقوده الاتحاد الاشتراكي . خلقت الخطة المعنية انقساما بين المؤيدين والمعارضين، أدى إلى درجة الاحتقان الاجتماعي والسياسي في البلاد. جسدت ذلك المظاهرتان اللتان نظمتا بنفس التأريخ أي 12 مارس من سنة 2000، إحداهما في مدينة الرباط، قادها كاتب الدولة في الأسرة والتضامن «سعيد السعدي، وساهمت فيها الحركات النسائية والأحزاب السياسية اليسارية والمنظمات الحقوقية وسائر أطياف الجناح الحداثي والمقتنعين بتوجهه. أما المظاهرة الثانية، فقد تصدرها الإسلاميون بسائر شرائحهم القيادية والجماهيرية نساء ورجالا، في صفوف متراصة لكل منهما، وعرفت تحشيدا غير مسبوق، وبشعارات تحمل الكثير من العنصرية والكراهية والكذب والافتراء على شخص الوزير السعدي، لكن المستهدف، كان هو الانتقال الديمقراطي برمته ومشروع الحركة الوطنية. وكان «خطة إدماج المرأة في التنمية». كانت الفرصة التي ينتظرها الإسلاميون لاستعراض قوتهم لأول مرة بالمغرب، في وضع حديث عهد بانتقال السلطة إلى ملك شاب (1998) أعطى إشارات قوية على توجهاته الحداثية، ومنها إنصاف النساء في إطار الانتقال الديمقراطي. اهتز المغرب بعد ثلاث سنوات على أعنف إرهاب يضرب البلاد سنة 2003، وكانت الدارالبيضاء العمالية مركزا لهجمات بربرية قادها شباب من الهامش مدججين باديولوجيا الحقد والكراهية وتكفير الآخر، وخرج ملايين المغاربة للشوارع مما ساهم في لجم الإرهاب ومتزعميه رغم تكرار الحوادث هنا وهناك ورصد المصالح الاستخباراتية لعدد كبير من الخلايا النائمة او في طور التهييئ. واكتشف المغرب المتسامح ان ما يسمى بالسلفيين يوجدون بين ظهرانينا مستعدون للغدر بالمجتمع برمته لفائدة اجندة بكل تاكيد ليست مغربية، ومع ذلك استمر مسلسل الإصلاح. ففي يوليو 2005، أعلن الملك عن حق المغربية المتزوجة من شخص أجنبي في أن تمنح جنسيتها إلى أطفالها، وفي 8 مارس 2006، صادقت الحكومة المغربية على قانون الجنسية وأدرج بعدها في الجريدة الرسمية. كانت الخطوة تستجيب لمطالب النساء الملحة حيث خضن نضالات من أجلها، ورأين فيها استكمالا ضروريا لمدونة الأسرة. بهذا القانون الجديد يكون المغرب قد رفع التحفظ الذي أبداه سنة 2001 عن الفقرة الثانية من المادة التاسعة، في اتفاقية الأممالمتحدة بشأن القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، كما وردت بصيغتها آنذاك في الجريدة الرسمية: «تتحفظ حكومة المملكة المغربية على هذه الفقرة نظرا لكون قانون الجنسية المغربية لا يسمح بأن يحمل الولد جنسية أمه ... «. بتاريخ 26 ماي 2011، صادق مجلس الحكومة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 أكتوبر من سنة 1999. وأخيرا اعادت توصية المجلس الوطني لحقوق الانسان الى نقطة الصفر، بعد اثارته موضوع الارث، إذ نهض من جديد ما يسمى بمشايخ السلفية واغلبهم متورطون في احداث ارهابية، منهم من تم العفو عنهم او أنهوا محكوميتهم لرفض هذا الاصلاح وتهديد المجلس الوطني والمطالبة بحله ومحاكمة اعضائه وكأنهم مجرمون في حق الوطن . خرج عدد من الأصوات التي تدعي أنها سلفية للرد على توصية المجلس الوطني لحقوق الانسان، حول وضعية المرأة بالمغرب وسبل النهوض بها. وتباينت الآراء المقابلة لها خاصة من الجهات الحقوقية والمدافعة عن حقوق النساء. وندرج أهم ما سجله التقرير الصادر عن مؤسسة دستورية، ينخرط فيها عدد من المكونات العلمية والثقافية والخبرات الوطنية وذات التخصصات في المجال الديني، حيث وقف التقرير على أربعة عوامل تؤثر في نسبة الهشاشة لدى النساء والفتيات بشكل خاص، هي الفقر، والتقدم في السن، والإعاقة، والإقصاء الاجتماعي. ورصد التقرير أن أكثر من 8 من أصل 10 نساء هن أميات، و 94 في المئة منهن لا يتلقين أي معاش تقاعدي، و 83،7 في المائة لا تستفدن من أي تغطية صحية، إضافة إلى كون 62،8 منهن لا يحصلن على الرعاية الصحية بسبب مواردهن المحدودة مقابل 55،1 في المائة من الرجال. وأوضح تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العزلة الاجتماعية تطال بشكل خاص النساء المسنات، مبرزا أن غالبيتهن أرامل، مشيرا إلى أن السياسات العمومية تفوض مهمة رعاية المسنين إلى الأسر تحت ذريعة المحافظة على التضامن الأسري، مبرزا أن مراكز الاستقبال لا تتجاوز 44 مركزا، تأوي 3504 أشخاص مسنين، أكثر من نصفهم نساء، غير أن ما يقرب من ستة من أصل 10 أشخاص دون أسرة أو من الفقراء، يرون أن على الدولة أن تؤسس مؤسسات متخصصة لاستقبالهم. وأوصى المجلس باعتماد إطار تشريعي منسجم مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة .. واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتوصية العامة رقم 27 للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة «بشأن المسنات وحماية حقوقهن الإنسانية، كما أوصى بتحسين المعرفة بوضعية النساء المسنات، والنساء في وضعية إعاقة من خلال تجميع وتحليل، ونشر المعطيات والإحصائيات المحينة والمراعية لهذا النوع. الفيزازي، الذي سبق أن بعث برسالة الى رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان سنة 2011 «، الى محاكمة أعضاء المجلس الوطني لحقوق الانسان، بسبب ما اعتبره إساءة من قبلهم للقرآن والدين الإسلامي ككل، مشددا على كل من يخوض في هذه الأمور مدعو الى الاشتغال على مواضيع تدخل في صلب اختصاصاتهم « ردود الأفعال، انتشرت في المواقع الالكترونية، وصفحات التوصل الاجتماعي، وتعتمد بشكل ممنهج حربا ضد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من طرف قوى محافظة تقود حربا بالوكالة، وتركز فقط على جانب الإرث، رغم التقدم الحاصل فيه، وتعتم على تشريح وضع المرأة المزري في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية واستغلالها الجنسي وغيره، في الوقت الذي تسعى فيه القوى المدافعة عن حقوق النساء إلى إبراز دور المنظومة الحقوقية في ضمان حماية إنسانية المرأة قبل كل شيئ، وهو مقام ضمنته للمرأة كافة التشريعات السماوية والانسانية.