الكتاب يقترح "فتح مسالك أولية لقراءة وثيقة 2011 كدستور للسياسات العمومية، منطلقا من كون السياسات العمومية هي بالأساس إحدى مخرجات النظام الدستوري وجزء الأجوبة اليومية للنظام السياسي ودليل على مشروعية" ،و من التفكير في مقاربة "قانون دستوري للسياسات العمومية" مما يجعل المؤلف يتساءل عن قابلية الوثيقة الدستورية للتوصيف كوثيقة مرجعية من الناحية القيمية والتوجيهية والمعيارية للسياسات العمومية،وعن مدى الأثر الذي قد تخلقه الوثيقة الدستورية بشأن تقاليد هندسة السياسات العمومية المتميزة بالهيمنة "التقنوإدارية"؟ فضلا عن دراسة الدستور كمجموعة مساطر وآليات لضبط مسار إنتاج وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية ودور المؤسسات الدستورية والمواطنين في ذلك، في ظل التحول من خطاب "تغيير الدستور" إلى خطاب " التغيير بالدستور". يقف الكتاب كذلك على بعض الإشكاليات المرتبطة بتفعيل الوثيقة الدستورية، وهي إشكاليات ما انفكت تتزايد منذ دخول الدستور حيز التنفيذ بعد صدور ظهير تنفيذه في 29 يوليوز 2011،مما جعل خطاب تطبيق الدستور يعوض خطاب الاصلاح الدستوري الذي ظل مهيمنا لعقود داخل الحياة السياسية. ويتعلق جوهر هذه الإشكاليات بتعقد مرحلة الانتقال الدستوري التي تعيشها بلادنا منذ بدء تنفيذ الدستور والتي ستستمر على الأقل طوال الولاية التشريعية لمجلس النواب المنتخب في 25 نونبر 2011، بعد انتخاب مجلس المستشارين المنصوص عليه في الدستور، ثم تنصيب المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الاقتصادي والبيئي ومؤسسات وهيئات الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الباب 12 سواء الجديد منها أو الموجودة قبل دستور 2011 والتي ستكون قوانين تأليفها وصلاحياتها موضوع تشريع صادر عن البرلمان. مرحلة الانتقال الدستوري تعني كذلك المرحلة اللازمة لإصدار مجموعة من النصوص القانونية التي نص عليها الدستور، سواء تعلق الأمر بالقوانين العادية أو بالقوانين التنظيمية، والتي قد تتجاوز لوحدها العشرين نصا. إن نهاية مرحلة الانتقال الدستوري وحدها ستمكننا من تشكيل رؤية واضحة حول نظامنا الدستوري والمؤسساتي، وإلى ذلك الحين ستظل مساحة البياضات متسعة مما يعقد التدبير القانوني لهذه المرحلة الانتقالية ويفتح المجال لتوالد الاشكاليات والارتباكات، خاصة في غياب مخطط تشريعي واضح وذكي لتحديد أولويات التفعيل القانوني والمؤسسات خلال هذه المرحلة. نخلص مع فصول الكتاب إلى أننا أمام دستور غير مكتمل، ولا شك أن مساحات الفراغ داخل كتلة دستورية في طور التشكل النهائي ستخلف العديد من ارتباكات التفعيل، في انتظار قوانين تنظيمية عديدة وقوانين أخرى لا تقل أهمية، ولأن الأمر يتعلق بنظام دستوري يعتمد منطق البرلمانية الثنائية، ويقف في الطريق بين الملكية التنفيذية والملكية البرلمانية، فإن استكمال البناء الدستوري سيرتبط موضوعيا بالتدافع بين التأويل الرئاسي والتأويل البرلماني، وهذا ما يجعل من الولاية التشريعية الأولى في ظل هذا الدستور تأخذ طابعا شبه تأسيسي ويجعل بالتالي لمرحلة الانتقال الدستوري أهمية قصوى في استكمال كتابة النصف الثاني من الدستور. تتوزع فصول الكتاب على الشكل التالي: تقديم فصل تمهيدي: 2011: دستور المنطلقات والتوجهات. الفصل الأول: في دستور السياسات العمومية. الفصل الثاني: من دستور المؤسسات إلى دستور المواطنين. الفصل الثالث: في الأثر المهيكل للدستور ،أو رهان "تسييس" السياسات العمومية. الفصل الرابع: توزيع الصلاحيات التنفيذية بين الدستور والقانون التنظيمي رقم 02.12. الفصل الخامس: إشكاليات تفعيل الدستور. تجدر الإشارة إلى إن هذا العمل ينضاف إلى مجموعة سابقة من المؤلفات التي قدمه الأستاذ حسن طارق للمكتبة ،منها على الخصوص: * " اليسار وأسئلة التحول "، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2006 - الرباط. * "الشباب السياسة و الانتقال الديمقراطي"دار القلم-الطبعة الأولى-2007 الرباط * "المجتمع المغربي و سؤال المواطنة والديمقراطية و السياسة "- منشورات فكر -2010 * "في السياسة المغربية:مواقف ومحكيات"منشورات سلسلة الحوار العمومي-2011 الرباط. * "الدستور المغربي بين السلطوية والديمقراطية"منشورات سلسلة الحوار العمومي-2011 الرباط،مؤلف مشترك مع ذ.عبد العالي حامي الدين. بالإضافة إلى الإشراف على سلسلة "المغرب الاجتماعي " و على عديد من المؤلفات الجماعية.