نظمت الهيأة المهنية للصيد والتصنيع البحري بالمناطق الجنوبية يوما دراسيا خاصا بسمك السردين ، تحت شعار «علامة الجودة جودة تثمين و إتقان» ، وذلك يوم السبت 09 فبراير2013 بمعهد تكنولوجيا الصيد البحري بطان طان ، بحضور فعاليات مهنية، و قد أوضح رئيس الفدرالية المغربية للصيد الساحلي عبد الرحمان بوشيري في كلمته الترحيبية أن هذا اللقاء سيكون ذا ميزة خاصة، إذ أن غايته التأسيس لرؤية شمولية لقطاع الصيد البحري مع الاهتمام بالجودة، بدءا من الصيد إلى التسويق، معتبرا أن المرحلة أضحت تتطلب اهتماما كبيرا بالسمك السطحي و خاصة السردين باعتباره مادة غذائية تساهم في الاقتصاد المحلي و الوطني . كما أكد الكاتب العام لعمالة إقليم طان طان على الدور الريادي الذي لعبه ميناء طان طان في خلق انتعاشة اجتماعية و اقتصادية في مرحلة التسعينات ، و أصبح يشكل قطبا محوريا بامتياز في قطاع الصيد البحري ، و أبرز نية الجهات المسؤولة في التعامل بشكل أكثر إيجابية مع هذا القطاع باعتبار قدرته على امتصاص القاعدة الواسعة من البطالة إذا تم التوفيق بين استراتيجية الحكومة و مواقف المهنيين. و قد أكدت مداخلة رئيس الفدرالية الوطنية لتجار منتوجات الصيد البحري بالموانئ والأسواق الوطنية ، عبد اللطيف السعدوني، على ضرورة النظر للموضوع بعمق وشمولية، مشيرا إلى أن الجودة و التثمين و الإتقان ليست إشكالا أو شعارات يُتعامل معها بسطحية ، بل لا بد من التعامل في إطار شمولي مرتبط بجميع قضايا الصيد البحري، و بالتالي بات ضروريا على الوزارة الوصية و غرف الصيد البحري و الفدراليات المهنية ، وضع ميثاق مهني يخرج بصيغة عملية و علمية و حلول ناجعة تشكل توافقات ممنهجة و مؤطرة بالخبرة و التنظير ، فليست القوانين لوحدها قادرة على الايفاء بالجودة و التثمين و الاتقان، بل هناك مستلزمات و تاريخ مهني مثقل بالاكراهات و النقط السلبية ينبغي أخذها بعين الاعتبار ، فبلدنا يتميز بعدد من الخصوصيات، فهناك الشمال قائم بثقافته المهنية البحرية، و هناك الوسط مازال يعيش على التاريخ و هشاشة بنياته التحتية، أما الجنوب فهو منجم سمكي نجهل طبيعته ، و تخضع خيراته لسياسة و ثقافة جبر الخواطر مع انعدام الرؤية العلمية والاهتمام بهذا المخزون مراعاة لمستقبل الأجيال القادمة ، وبالتالي فحري بنا ، يقول السعدوني ، أن نؤسس لمقاربة تشاركية تلغي أشكال وأوهام الحوارات غير الناجعة و ضخامة الشعارات الفضفاضة حتى لا نتمزق بين الشعار والواقع، مؤمنين بديمقراطية تشاركية و بالحق في المعلومة و ثقافة الإعلام ، فالوزارة المعنية مِلْك لكل المهنيين دون إقصاء، و بالتالي فوصايتها ينبغي أن تكون بالعطف و المراعاة للجانب الاجتماعي و كرامة المهنيين، و مع ذلك كله فنحن غير متشائمين، يضيف رئيس الفدرالية الوطنية لتجار منتوجات الصيد البحري بالموانئ و الأسواق الوطنية، مؤكدين أن زمن الإقصاء قد ولى و لا مكانا له في المغرب الجديد ، فالبحر قبلتنا و البحر حجتنا و الجودة الكلية غايتنا ». هذا و قد انصبت مختلف تدخلات المهنيين، باختلاف انتماءاتهم ، بحارة و ربابنة و مجهزين ، على اعتبار الجودة ضرورية لا مفر من تحقيقها ، وللوصول إليها لابد للوزارة الوصية والمكتب الوطني للصيد البحري من سماع صوت المهنيين ذوي التجربة ومراعاة خصوصية المصايد مع اللجوء إلى طرح المعلومة للنقاش، وبالتالي فإن كل القوانين غير المبنية على الاستشارة القاعدية مآلها الفشل، فلا فرق بين تاجر ورب مركب و إداري ، كما أكد بعض المهنيين على ضرورة دق ناقوس الخطر بشأن الاستنزاف العشوائي للثروة السمكية الجنوبية، وكذلك الاتفاقيات التي «تؤسس» لها الوزارة الوصية على حساب مستقبل قطاع الصيد البحري. و قد ساهمت تدخلات أخرى في توضيح مفهوم الجودة و علاقته بالثمن الأدنى لسمك السردين، فأمام غلاء المازوط و مستلزمات آليات الصيد أصبح السردين يشكل «نكتة أو أضحوكة» ، يقول بعض المشاركين ، سيما إذا ما قارناه بمختلف المواد الغذائية مع غياب الدعم، و هذا مؤشر خطير سيؤدي، حسب قولهم، في المستقبل إلى حدوث «مقبرة السردين» بموانئ المغرب جميعها . لقد كان هذا اليوم الدراسي غنيا ، حسب تصريح جل المشاركين، إذ شكل عملية تحسيسية أو «ضغطا» على المسؤولين، لتجاوز كل الخلافات و السهر على إعطاء الموضوع قيمته، و هو نفس الطرح الذي أكد عليه ممثلو الوزارة الوصية و المكتب الوطني للصيد البحري من خلال تدخلاتهم، إذ أشادوا بهذه الرغبة الأصيلة للمهنيين ووعيهم بالجودة التي تشكل جواز سفر بامتياز للسمك المغربي في كل الأسواق داخل و خارج الوطن ، مع الاهتمام بالتاجر باعتباره سفيرا للمنتوج، مؤكدين على أن شعار «الوزارة هو الحوار و فتح الباب للمقترحات الجادة»! هذا ، وانتهى اليوم الدراسي بتكريم عدد من الربابنة، المجهزين والمستثمرين و المصنعين والبحارة و بعض رؤساء المجالس المحلية و الإداريين و بعض مناديب الوزارة و المكتب الوطني للصيد البحري و الكاتبة العامة الجديدة...