«ثلاثة أشهر بعد زيارته التاريخية إلى الجزائر، سيقوم رئيس الدولة (الفرنسي) بزيارة إلى المغرب يومي الأربعاء والخميس، من أجل دعم الإصلاحات الديمقراطية والبحث عن سبل النمو». بهذا المطلع استهلت أسبوعية «لوجونال دي ديمونش» الفرنسية المقال الذي خصصته، في عددها الصادر أول أمس الأحد 31 مارس 2013، لزيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المغرب يومي غد وبعد غد، 3 و4 أبريل 2013. المقال الذي وقعه مبعوث الأسبوعية إلى المغرب، فرانسوا كليمونسو، يقر، منذ فقراته الأولى، أن الزمن الذي كان خلاله كل من الرئيس فاليري جيسكار ديستان والملك الحسن الثاني يسمان بعضهما البعض ب «الصديقين» قد ولى. مثله مثل المرحلة التي دأب خلالها جاك شيراك على الاتصال المستمر هاتفيا «بأبوية» بالعاهل الشاب محمد السادس لاستقصاء أخباره. وفي مقارنة بين رمزية الجزائر والمغرب لدى الرئيس الفرنسي، يضيف صاحب المقال أن ثمة خلافا جوهريا في علاقة المقيم الحالي في قصر الإليزيه مع الجزائر العاصمة والرباط، فالأولى «ساهمت في التكوين السياسي لفرانسوا هولاند ولها خصص أول زيارة دولة»، بينما تبدو له الثانية مثل «أرض مجهولة». أجل، لقد قام الرجل، الذي أصبح رئيسا للجمهورية الفرنسية في شهر ماي الماضي، بعدة زيارات للمغرب كسائح وربط علاقات مع رفاقه الاشتراكيين المغاربة، لكن هذا لا يجعله يرقى إلى المرتبة التي تبوأها دومينيك ستراوس- كان سابقا بفضل انحداره من مدينة أكادير وإقامته في مراكش؛ أو إلى مرتبة نجاة فالو-بلقاسم اليوم، تلك المرأة الفرنسية- المغربية التي عينها الملك، في 2007، عضوا بمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج. تعاون «نفيس» في نالي «لكن هذا لا يعني إطلاقا أن رئيس الجمهورية متحفظ أو مناوئ للمغرب»، يستطرد الصحفي، مذكرا بما سجله دبلوماسي معين بالرباط حين قال: «يريد هولاند أن يقتفي خطوات الرؤساء السابقين له»، وبأن العاهل المغربي أول رئيس دولة أجنبي استضافه قصر الإليزيه. كما أن فرانسوا هولاند، قبل القيام بزيارة الجزائر في دجنبر الماضي، أرسل وزيره الأول إلى المغرب مرفوقا بوفد هام، ومنذ ذاك لم تنقطع الزيارات الوزارية إلى الرباط. وأكثر مما سلف، يكتب مبعوث «لوجورنال دي ديمونش»، ففي رحم الاستعداد لحرب مالي، زودت أجهزة الاستعلامات المغربية السلطات الفرنسية بمعلومات «نفيسة» حول مراكز تواجد الجهاديين بالساحل، مثلما سمح الملك، بدون تردد، للطائرات الحربية الفرنسية بالتحليق في المجال الجوي المغربي. سياسيا، يشرح فرانسوا كليمونسو، «سيحيي الرئيس الزخم الديمقراطي والدفعة الإصلاحية للعاهل»، وفق ما صرح به الناطق باسم الرئاسةالفرنسية رومان نادال. وحسب الصحفي دائما، فإن إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكد أنه «من اللازم أن تكلل التجربة بالنجاح»، وعبر عن انشراحه نظرا لأن «25 ألف شخص حصلوا على التعويض بسبب تعرضهم لانتهاكات لحقوق الإنسان. كما أن مراكز الاعتقال والتعذيب السابقة تحولت إلى فضاءات للذاكرة والبحث التاريخي»، قبل أن يقول إن «المغرب يتقدم عبر توافقات متتالية» على خلاف الجزائر التي أقصت تيار الإسلام السياسي، ومصر التي تظل بدون دستور إلى حدود الآن، ومصر الغارقة في العنف وسوريا التي تعيش حربا أهلية. «الجمود هو الخطر الذي يهدد المغرب» وهو في عين المكان، أي في المغرب، يلاحظ الصحفي وجود توافق حول الموقف السالف الذكر، إذ «يعترف إسلاميو العدالة والتنمية، حزب الوزير الأول عبد الإله بنكيران، ومعهم محافظو الاستقلال المشاركون في حكومة الائتلاف، بأن الدستور الجديد، الذي تم التصويت عليه في الوقت المناسب قصد قطع الطريق أمام منتفضي الربيع العربي المغاربة، قد غير المشهد السياسي». ومع ذلك، يستطرد مبعوث الأسبوعية، فالكاتبة الشابة كنزة الصفريوي، المتعاطفة مع حركة 20 فبراير الاحتجاجية تؤكد: «لن تكون ثمة ديمقراطية فعلية في المغرب طالما ستظل حرية التعبير التامة والعدالة الاجتماعية غير قائمتين». وتضيف الكاتبة التي رفضت الاستمرار في التظاهر بعد التحاق العدل والإحسان بالمتظاهرين: «نحن الآن عالقون بين الإيديولوجية الرجعية للعدالة والتنمية والنظام الملكي». «إن الخطر الذي يهدد المغرب اليوم هو الجمود، ونسبة نمو متوسطة وملكية تصاب بالوهن»، وفق تحليل الباحث محمد الطوزي الذي ورد في المقال. ذات التشخيص، يضيف الصحفي، لا يعارضه الوزير الإسلامي لحسن الداودي... وحسب الصحفي، فالاقتصاد سيحتل الصدارة في اهتمامات زيارة فرانسوا هولاند للمغرب، ذلك أنه «ومنذ الأربعاء (2 أبريل) سيتم التوقيع بالدار البيضاء على حوالي عشر اتفاقيات شراكة، بينما سيحاول المقاولون الفرنسيون السبعون المدعوون من طرف الرئيس الفرنسي، تدعيم الحضور الفرنسي أكثر في عين المكان. لقد فقدت فرنسا خلال السنة الماضية نصف حصتها من السوق المغربية لصالح الإسبانيين خاصة». وهو ما دفع دبلوماسيا فرنسيا إلى التصريح بأن «المغرب لم يبق منطقة محروسة» لفرنسا. ومثلما حصل في الجزائر، يشرح فرانسوا كليمونسو، فإن الكلمة-المفتاح ستكون هي «التدبير المشترك عن بعد» قصد إعطاء دفعة قوية للتشغيل في ضفتي المتوسط. لكن الرهان لا يبدو للصحفي سهل المنال حاليا، ذلك أنه، وحسب وزير الاقتصاد نزار البركة «علينا أن نتلقن كيفية الاشتغال معا مع العدالة والتنمية، ومواجهة النقابات، وكل ذلك في وجه اتحاد أوربي يعرف مصاعب». علما بأن المهاجرين المغاربة يعانون من الأزمة في أوربا، يوضح مبعوث الأسبوعية، وأن العاطلين الإسبانيين والإيطاليين بدأوا يفدون إلى طنجةوالبيضاء بحثا عن العمل.