القضاء بطنجة يُسدل الستار على قضية ألماني ومغربي استغلا أطفالًا قاصرين    33 قتيلا و 3058 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    وسط حضور دبلوماسي وسياسي رفيع.. السفارة السعودية بالرباط تحتفي باليوم الوطني ال95    ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة    "أسطول الصمود" يتعرض لهجوم بمسيرات قبالة سواحل اليونان وسماع دوي انفجارات في بعض السفن    لقاء مغربي إسباني على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة    بوروندي تجدد تأكيد موقفها الثابت الداعم للوحدة الترابية للمغرب وسيادته على الصحراء ودعمها لمخطط الحكم الذاتي        الرابطة الفرنسية تحتسب هدف مارسيليا ضد سان جيرمان لماركينيوس وتحرم أكرد من ثاني أهدافه    فلسطينيون في الضفة الغربية يحتفلون باعتراف بلدان غربية بدولة فلسطين        بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    أوناحي يسجل أول هدف في "الليغا"    صدور كتاب هاجسُ التحديثِ في الأدب: دراسةٌ في النُّصوصِ الأدبيَّة لعبد الله العروي        سلا.. إجهاض تهريب 7200 قرص مخدر على الطريق السيار    الجواهري: لا أرى مبررا لعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها في تدبير المالية لأننا في سنة انتخابية    أولى استعدادات أشبال الأطلس بالشيلي تأهبا لانطلاقة المونديال..        باراغواي تعتزم فتح قنصلية بالصحراء    رئيس البارصا: والد يامال متحمس جدا            وزير الدفاع الهندي: مصنع المركبات المدرعة ببرشيد يفتح فصلا جديدا في الشراكة الاستراتيجية بين الهند والمغرب            السعودية تعلن وفاة مفتي المملكة    بنك المغرب يتوقع استقرار التضخم عند 1% خلال 2025 قبل ارتفاعه إلى 1.9% سنة 2026    الهند تشيد بالشراكة الدفاعية مع المغرب بعد تدشين منشأة المدرعات ببرشيد        ضرب الكرة بالرأس في كرة القدم قد يغيّر بنية المخ ويؤثر على الذاكرة    منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب    الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    تشديد العقوبات في قضية اعتداء جنسي على قاصر بالحسيمة        غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى                    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة والأسلوب

عند بارث، كما عند سارتر، الرغبة ذاتها في التوفيق بين التاريخ والحرّيّة، والنفور نفسه من الإيمان الفاسد وسوء الطوية الذي ينطوي عليه الأدب البرجوازي الذي يستكين إلى »الخمول الثقافي«. لا عجب- إذاً- أن يعترف الأول بدَيْنه للثاني فيكتب: »لقد كان لقائي مع سارتر ذا أهمّيّة كبرى بالنسبة إليّ. كنت، لا أقول أعجب، إذ ليس لهذه الكلمة معنى، بل كنت أرتجّ، وأتحوّل، وأوخذ، بل إنني كنت أحترق بكتاباته ومحاولاته النقدية.«.
وعلى رغم ذلك، فلا ينبغي أن ننسى أن الكاتبين ينتميان ثقافياً إلى جيلين متعارضين: الأول إلى الجيل الوجودي الذي تغذى على الفينومينولوجيا والذي كان يعتقد أن الذات هي التي تعطي للأشياء معانيها، بينما ينتمي الثاني إلى الجيل البنيوي الذي يرى أن المعنى يحصل ويجيء إلى الذات، ويقتحمها. لذا، فرغم أن بارث كان يؤمن أن بإمكان السيميولوجيا أن تعمل على إنعاش النقد الاجتماعي »فتلتقي مع المشروع السارتري«، ورغم أنه كان يبدي إعجابه بمفهوم الالتزام، إلا أنه لم يكن قَط ليطيق لغة النضال التي لم يستطع سارتر أن يحيد عنها. ألم يذهب صاحب »ماهو الأدب؟« إلى حدّ اعتبار فلوبير، على سبيل المثال، »مسؤولاً عن القمع الذي أعقب الكمونة لأنه لم يكتب ولو سطراً واحداً للحيلولة دونه.«؟ وكلنا يعلم إلى أيّ مدى يذهب صاحب »الأيدي القذرة« بهذه المسؤولية، حيث لا يعتبر الإنسان مسؤولاً فقط عن التاريخ والسياسة والآخرين، وإنما مسؤولاً عن الوضع البشري برمّته. لم يكن بارث يقبل هذه المباشرة التي يضعها سارتر بين الأدب والواقع الاجتماعي، فكان يرى أن العلاقة بينهما لابُدَّ وأن تتوسَّطها اللغة. لذا فهو كان يميّز بين:
-اللغة التي هي منظومة من القواعد والعادات التي يشترك فيها جميع كُتّاب عصر بعينه.
- الأسلوب الذي هو الشكل، وما يشكِّل كلام الكاتب في بعده الشخصي والجسدي.
-الكتابة التي تتموضع بين اللغة والأسلوب، وعن طريقها يختار الكاتب ويلتزم. الكتابة هي مجال الحرية والالتزام.
اللغة والأسلوب قوى عمياء، أما الكتابة فهي فعل متفرِّد تاريخي. »اللغة والأسلوب موضوعان، أما الكتابة فهي وظيفة. إنها العلاقة بين الإبداع والمجتمع، وهي اللغة الأدبية وقد حوّلها التوجيه الاجتماعي، هي الشكل وقد أُدرِك في بعده الإنساني، وفي ارتباطه بالأزمات الكبرى للتاريخ«.
في بعض الأحيان يستعمل رولان بارث لفظ (الأدب) دلالة على الكتابة، إلا أنه ينبّه أنّه لا يعني به »جملة أعمال، ولا قطاعاً من قطاعات التبادل والتعليم، وإنما الخدش الذي تخلِّفه آثار ممارسة هي ممارسة الكتابة«، وهو يقصد أساساً النص، ويعني »نسيج الدلائل والعلامات التي تشكِّل العمل الأدبي«. ما يقوله سارتر- إذاً- عن الأدب يقوله بارث عن الكتابة والنصّ، أو عمّا يعنيه هو بالأدب. لكن بينما يربط الأول الأدب بالالتزام السياسي للكاتب والمحتوى المذهبي لعمله، فإن الثاني ينفصل عن معلِّمه معلناً »أن قدرات التحرير التي تنطوي عليها الكتابة لا تتوقَّف على الالتزام السياسي للكاتب الذي لا يعدو أن يكون إنساناً بين البشر، كما أنها لا تتوقَّف على المحتوى المذهبي لعمله، وإنما على ما يقوم به من خلخلة للغة.«.
خلخلة اللغة هي إقامتها على أرضية يطبعها الانفصال: وهذا الانفصال يكون، زمانياً، ضدّ الماضي الجاثم، وسيكولوجياً ضد التقليد والاجترار، واجتماعياً ضدّ الرتابة والروتين، وانطلوجياً ضدّ التطابق والوحدة، وأيديولوجياً ضد الدوكسا وبادئ الرأي.
نضال الشخص-الكاتب وعقيدته لا يسريان تلقائياً على كتابته، ولا علاقة آليّة تربطهما بالأدب وبالكتابة. ذلك أن الأدب لا يمكنه أن يعالج إلا اللغة، و»اللغة ينبغي أن تُحارب داخل اللغة«، وعبرها، يُعالج الأدب ما عداها، ما دامت اللغة جهازاً »يخترق المجتمع بكامله، ويرتبط بتاريخ البشرية في مجموعه، وليس بالتاريخ السياسي وحده«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.