خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركز إيواء يستقبل مشرّدي المحمدية    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    كأس إفريقيا 2025: بطاقة ب50 درهما وتخفيض 30% وبرنامج قطارات خاص للجماهير    سلطات الحوز ترفع حالة التأهب القصوى لمواجهة موجة البرد والثلوج    التساقطات الثلجية والأمطار تدفع وزارة التجهيز إلى استنفار فرقها لضمان سلامة حركة السير    موجة البرد القارس: مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية دعم لفائدة 73 ألف أسرة في 28 إقليما    تعبئة شاملة بشيشاوة لدعم القطاع الصحي    عوامل مناخية وراء التقلبات الجوية التي يعرفها المغرب: "لانينيا" تُضعف المرتفع الأزوري والاحتباس الحراري يُكثّف التساقطات    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    نقد مقولة "استنفاد التجربة": في تقييم حزب العدالة والتنمية ومنطق الإنهاء السياسي        بونو: "الأسود" متحمسون ل"الكان"    رصيف الصحافة: مباريات كأس إفريقيا تمدد أوقات إغلاق المقاهي والمطاعم    توقعات بأرقام قياسية في "الكان"    المغرب يفعّل لجان اليقظة لمواجهة التقلبات المناخية    تمديد تعليق الدراسة في شفشاون    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    "التجاري وفا بنك" يستحوذ على 45 في المائة من الاكتتابات في "SGTM"    بنك المغرب يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,25 في المائة    وزارة التجهيز والماء تعبئ إمكانياتها لإزالة الثلوج وضمان حركة السير بعد اضطرابات جوية    تماثل للشفاء    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى ملك مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    هيئات تطالب الحكومة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتعويض المتضررين وإنصاف الضحايا    بنكيران: تلقيت تعويضا بقيمة 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من تشكيل الحكومة    بنك المغرب: وقع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة سنة 2025    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال        بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إتحاف الخلان بأخبار طاغية نجدان .. ما جاء في باب الحسم

في أي عَصْر  عاش طاغية نجدان ؟ و أين كانت توجد دولته ؟ 
في الشرق أم في الغرب ؟
في الشمال أم في الجنوب؟ 
علْمُ ذلك عند علّام الغيوب.
كل ما تَذْكره كتبُ التاريخ هو أن المستبدّ  بالله - و هذا هو لقبه - كان ينتمي إلى سلالة من الطغاة الظالمين ، الذين حكموا بلادَ نجدان و مارَسوا فيها ضروبا من الطغيان ، واشتهروا  بأخبارهم العجيبة وألقابهم الغريبة.
ولعل أهمّ كتاب وصلَنا عن نزوات المستبد بالله هو كتاب « إتحاف الخلان بأخبار طاغية نجدان مع الشعراء و الوزراء و الأعيان « ، الذي نقدمه على حلقات ، خلال هذه الفسحة الصيفية .
وهو من تأليف  الشيخ أبي منصور البغدادي ، المشهور بلقب « رِيق الدنيا .» 
ويحكي الشيخ أبو منصور في كتابه هذا أمورا لا تُصَدق عن هذا الطاغية ، المولع بالشعر والأدب، والذي كان يَحدث له  أن يرتجل دستورا جديدا للبلاد،  إذا امتنعَ عنه الرقاد ! 
كما يسجل له التاريخ أنه أول مستبد يعين وزيرا للشمس والقمر،  ووزيرا للرعد و المطر، ووزيرا للألوان ووزيرا لنوائب الزمان و آخرَ للظلم و الطغيان .
أخبرنا سفيان بن أبي عتبة ، عن شيخنا أبي الفضل النجداني ، قال :
شهدتُ يوما مجلس الطاغية ، و فيه الوزراء و الأعيان و الشعراء و علماء اللغة ، فجرى ذكْرُ الكثيب و سجنائه ، فقال المستبد بالله :
- أمّا السجناء الذين خرجوا على إجماع الأمة ، فلا تخاطبوني فيهم أبداً .
فلما نطق المستبد بتلك العبارة، وقفَ وزير الطغيان ، الشيخ غامد بن عُمَير الجرمي ، الملقب بنطاق الجوزاء ، و طلب الإذن بالكلام ثم قال :
- تلك فئة من الضالين المضلين ، و الرأي هو أنْ يَحْسمَهم مولانا المستبد ، و ألا تأخذه فيهم رأفة .
فشرع الطاغية يحدق عندئذ في وجوه الحاضرين ، ثم خاطبهم بقوله :
- أجل ، ينبغي أن نَحْسمَهمْ دون شفقة . و غيْرُ خاف على علمائنا الأجلاء أنّ العربَ تقول : « حسمَ فلان القومَ « بمعنى أفناهم و لم يُبْق منهم أحدا. أليس كذلك يا شيخنا أبا إسحاق ؟
قال الشيخ أبو إسحاق الطعّان التميمي :
- صدقَ مولانا الهمام ، فالحَسْمُ في اللغة هو القَطْعُ بالاستئصال، و منه سُمي السيفُ حُساماً.و قد قال الله تعالى في سورة الحاقة ( سَخَّرَها عليهمْ سبْعَ ليال و ثمانية َ أيامٍ حُسوماً )، و المعنى أن الريح الصرصر العاتية التي سلطها الله على قوم عاد قد حسَمتهم فلم تُبق منهم أحدا...
قال الطاغية :
- أما ابن مسعود فَيرى أنّ « حُسوماً « - في سورة الحاقة - تعني متتابعات . و أما عكرمة فيرى أن معناها هو « مَشائيم «، و لعل هذا هو المعنى الذي رمى إليه الشاعر عبدالعزيز بن زرارة الكلابي حين قال ( ففَرّقَ بينَ بينهمُ زمانٌ / تتابعَ فيه أعوام حُسومُ )
إثر ذلك ، التفت الطاغية إلى وزير الأسقام ،الشيخ فيروز بن ربيعة اليربوعي، الملقب بحَدّ السنان وسأله قائلاً:
- ماذا يَقول النطاسيون في معنى الحسم ، أيها الشيخ ؟
فأجابه الوزير :
- الحسْمُ يا مولانا الطاغية هو القطْع ، و العرب تَقول : حسمَ الطبيبُ العِرْق إذا قطعَه ثم كواه .
بعدها جاء دورُ وزير الشعر ،أبي عثمان بن يزيد الجهمي ، الملقب بنسيم الصبا ، في الكلام فقال :
- أيها الطاغية ، رحم الله المتنبي الذي قال :
حسمَ الصلحُ ما اشتهتْهُ الأعادي
و أذاعَتْهُ ألسنُ الحُسادِ
فقاطعه صاحبُ نجدان بقوله :
- و قد مرّ المتنبي ، لمّا كان في طريقه إلى الكوفة ، هاربا من الفسطاط ، بأرض تُسمى حِسْمى و ذكرها في مقصورته المشهورة ، التي يحكي فيها عن هروبه ذاك .
ثم إن الطاغية أشار إلى الشيخ الفقيه العالم مالك بن حَبْناء الفزاري ، الملقب بمُنْفد الزاد ، و قال له :
- أنتَ صاحبُ مصنف معروف عن الأماكن و المواضع المذكورة في الشعر العربي ، فهات ما لديك في هذا الباب، أيها الحَيْسُمان .
قال شيخنا أبو الفضل :
و الحَيْسُمان هو الرجل الضخم ، و لم يكن فينا أضخمَ جثة من مُنْفد الزاد ، الشيخ مالك بن حبناء الفزاري، بيد أنه كان خفيف الحركة . فما إنْ سمع المستبد يأمره بالكلام حتى نهض واقفا و قال :
- لا يَخفى على مولانا الطاغية أن ياقوت الحموي قد ذكرَ حِسْمى في معجم البلدان و قال عنها :» هي أرض فيها جبال شواهق، لا يكاد يفارقها القتام . « و حسمى، هذه - يا مولانا المستبد - ذكرَها كُثيّر في شعره فقال ( سيأتي أميرُ المؤمنين و دونَهُ / جماهيرُ حسْمى ، قورها و حزونها ) .
قال الطاغية :
- و هناك أيضا موضع معروف بذي حُسُم ، ذكره مهلهل بن ربيعة في رائيته الأصمعية ، التي يقول فيها ( ألَيْلتَنا بذي حُسُمٍ أنيري / إذا أنْت انقضيت فلا تَحُوري)
قال الشيخ أبو الفضل :
فلما طال الحديث عن تلك الأماكن و المواضع ، خشيتُ و الله أن يأمرنا الطاغية بأن نحفظ معجمَ الشيخ مالك بن حبناء الفزاري ، في أقرب الأوقات . و لم أصدق أننا نجونا إلا حين سمعته يأمرنا بالانصراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.