بدء توزيع المساعدات المغربية على سكان غزة    الحارس البرازيلي فابيو هو الأكثر خوضا للمباريات الرسمية    مكناس.. توقيف شخصين بحوزتهما 1807 قرصا من "الإكستازي"، وكمية من "الحشيش" وسلاحين أبيضين    القبلية.. سرطان يفتك بالوطن    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    الصين: مدينة شنزن في الصدارة من حيث التجارة الخارجية    الصين تطلق أولمبياد الروبوتات الشبيهة بالبشر بمشاركة دولية واسعة    334 ألف شقة فارغة في شمال المغرب.. ومدينة طنجة في الواجهة    بلجيكا.. هجوم إلكتروني يستهدف بيانات 850 ألف زبون لشركة "أورانج"        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    إسبانيا: زوجة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز متورطة في قضية جنائية جديدة    تقرير: المغرب يعتبر ثاني أكبر مصدر للهجرة اليهودية العالمية نحو فلسطين المحتلة    بلال الخنوس قريب من الانتقال إلى كريستال بالاس في صفقة كبيرة    توقيف جانح قاصر حاول السرقة من محل تجاري تحت التهديد باستخدام طرد متفجر وهمي    إلغاء مباريات ولوج الماستر واعتماد انتقاء الملفات    ضربة قوية لتجار السموم.. أمن أكادير يحجز 7960 قرصا مهلوسا وكوكايين ويوقف شخصين    "أورار" يحتفي بالأعياد والجالية بالناظور    عفو ملكي على 591 شخصا بمناسبة "عيد الشباب"    دلالات عيد الشباب    محمد السادس.. ملك الإصلاحات الهادئة    إسرائيل تعلن اتخاذ الخطوات الأولى في العملية العسكرية بمدينة غزة    مدينة تمارة تحتضن أضخم حدث فني هذا الصيف    مطلوب من الأنتربول.. أجهزة الأمن المغربية تعتقل دنماركي من أصول فلسطينية    الأمم المتحدة تشيد ب"كرم" الملك محمد السادس على إثر المساعدات الإنسانية إلى غزة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    الخميس تحت الشمس والغيوم.. حرارة مرتفعة وأمطار متفرقة    تعيين سيدي معاد شيخًا للطريقة البودشيشية: إرادة مولوية سامية ورؤية ربانية    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار        الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض    مقاولات المغرب الصغرى والمتوسطة "تحت رحمة" الأزمة: 90% منها لا تجد تمويلا بنكيا        دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%    تقرير: ثلث شباب المغرب عاطلون والقطاع غير المهيكل يبتلع فرص الشغل            مدرب تنزانيا: مواجهة المغرب في الشان مهمة معقدة أمام خصم يملك خبرة كبيرة    إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد    إيزاك يخرج عن صمته: "فقدت الثقة بنيوكاسل ولا يمكن للعلاقة أن تستمر"    تخليق الحياة السياسية في المغرب: مطمح ملكي وحلم شعبي نحو مغرب جديد.    تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    مبابي يقود ريال مدريد لتحقيق أول انتصار في الموسم الجديد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمالية السّرد في رواية «أوانُ الحب.. أوانُ الحرب» للكاتب كريم بلاد

إن التجديد الروائي في بحث دائب ومستمر عن أدوات جديدة تسبغ عليه جمالية سردية، وغالبا ما تتجلى هذه الجمالية السردية في قدرة الرواية في التعبير عن علاقة الإنسان بواقعه المتغير باستمرار، وبهذا المعنى فإن التجديد في الرواية هو ذلك الأسلوب الرفيع الذي يضفي على النص جمالية تهز القارئ هزا وتمسك بتلابيب خلده. إن جمالية السرد هي جمالية اللغة وجمالية الوصف وجمالية الشخصيات وجمالية الزمان والمكان. ودراستنا النقدية هذه موزعة على ثلاث نقاط أساسية، وهي:
1 السرد والمخيال القروي.
2 التهجين السردي.
3 رمزية السرد بين الواقعي والخيالي.
بداية لا بد منها:
جمالية السرد في رواية «أوان الحب.. أوان الحرب»:
يضطلع السرد بمهمة أساسية ومركزية في العمل الروائي، فهو الخيط الناظم بين عضوية النص، وبمعنى آخر فالسرد يؤدي «بوصفه وسيلة تشكيل المادة الحكائية، وظيفة تمثيلية شديدة الأهمية في الرواية، فهو يركب المادة التخيلية، وينظم العلاقات بينها وبين المرجعيات الثقافية والوقائعية»[1]. ولهذا سنحاول أن نستجلي هذه الجمالية في رواية «أوان الحب.. أوان الحرب»، باعتبارها نموذجا روائيا حديثا صدر مؤخرا عن منشورات منتدى الأدب لمبدعي الجنوب.
v 1 السرد والمخيال القروي:
إن قارئ رواية «أوان الحب أوان الحرب» سيكتشف لامحالة مدى حضور المخيال القروي في متن هذا العمل، كيف لا، والسارد يفصح عن ذلك منذ البداية «تلة مرتفعة من الأرض تستنبت الظلال من أشجار زيتون خضراء»[2].فالسرد ها هنا يستمد جماليته من خلال ارتباطه الوثيق بالقرية، إذ يضفي السرد لغة واصفة على المكان، سرد يعج بلغة هادئة كهدوء المكان، ويكمن ذلك في قول السارد «هدوء الليل في أيت حلوان ممتد، طويل، سديمي، عميق، يشبه هدوء البحيرة في الجوار، لا يقطع هدأته وسكونه غير نباح كلاب تعوي في العراء»[3].
إنها لغة عميقة، يدمج فيها السرد نبذا من الأخبار والوقائع والمأثورات الشفوية والقبلية، فهذا العالم التخيلي القروي خلق «مكونات جديدة طبقا لمقتضيات الحاجة التي يستدعيها ذلك العالم في الوقت نفسه، ومن ثنايا ذلك العالم تنبثق الشخصيات من آفاق ضبابية، كأنها بلا ماض، فتنخرط في حركة صراع حول المفاهيم، والقيم، والتطلعات، والانتماءات، والتملك والهوية، والرغبات، والمتع الذاتية»[4].
هكذا يزيح السرد اللثام عن واقع قروي مهمش، وعن شخصيات أثخنتها الجراح، شخصيات حاربت المستعمر، قاتلت من أجل الأرض، من أجل الماء، من أجل شجر الزيتون.. شخصيات أحبت الأرض الوطن أكثر مما يحب العاشق معشوقته، شخصيات لم تتنازل عن حبة رمل أو ذرة تراب، شخصيات تؤمن بأن قطران بلادها أحلى من أن يدوس ترابها المقدس المستعمر.
v 2 – التهجين السردي:
لا يحضر التهجين السردي بشكل كبير في هذا العمل الروائي، ورغم قلته إلا أنه أضفى جمالية قل نظيرها في كثير من الأعمال الأدبية الحديثة، فبين الفينة والأخرى نجد جملا قصيرة من قبيل «آمين أعمي ابراهيم.. همم.. زيدي..ربي يخليك.. تعالي شاركينا الشاي.. تلغنجى نومن سربي وادا ديكان أمان نونزار..». فالسارد يتلاعب باللغة، يعرف متى يدخل التهجين في هذا المتن الروائي، إنه «يروي ما حدث وما سيحدث، وهو يعرف ما دار وما سيدور، وهو يلخص ويكثف وينشئ ويشعر ويسترسل ويتلاعب بالكلمات والضمائر»[5].
من خلال ما تقدم لا يشعر القارئ بنوع من المفارقة اللغوية، بل يندمج مع العمل – وليس كليا – تاركا مسافة له ليتأمل الأحداث ويناقشها كي تتبدى له بعض من معالم المعنى. إن التهجين هنا مفارقة لغوية وتقنية حداثية تجعل لغة الرواية تنضح بجمالية السرد.
كأننا بالكاتب يقول لنا «أتكلم الدارجة، أقرأ بالفصحى»[6]. فاستعمال التهجين السردي رغم قلته في الرواية دلالة واضحة على أنه لا يمكن أن نتحرر من لغتنا التي تربينا عليها أو اعتدنا عليها، كما أنه دلالة على قدرة الكاتب في جعل شخصياته تتقمص أدوارا مختلفة، وتتحدث بلغات معينة، كل شخصية بحسب مستواها العلمي والثقافي والرمزي.
v 3 – رمزية السرد
بين الواقعي والخيالي:
ما أن نقتحم عالم الرواية «أوان الحب.. أوان الحرب»، حتى نجد أنفسنا في مفارقة أخرى، أو «نشعر بلعبة فنية تتمثل في تماهي المتخيل والواقعي»[7].فالسارد يتحدث عن قرية «أيت حلوان» باعتبارها واقعا حقيقيا، غير أنه استخدم لغة رمزية سواء على مستوى الشخصيات التي يندمج فيها الخيال بالواقع مثل (تتريت، واحليم،أدغار نسوق..)، فالقارئ إذن، يجد نفسه في حيرة واقعية الشخصيات أو أنها مستمدة من عالم تخييلي، ثم رمزية هذه الشخصيات التي تحيل على دلالات مختلفة تخدم النص الروائي.
كما تحضر في النص أحداث تتماهى بين الواقعي والمتخيل، نستحضر هنا قول السارد: «مادت الأرض تحت قدمي بناصر، التفت الجبال التي تحيط بالقرية، وكأنها تسير مشكلة دوائر هلامية الخطوط، تحركت معها تلك الأشجار..»[8]. ويضيف قائلا: «لم تكن تلك التلال آهلة بالسكان، بضعة بيوت تنبت هنا وهناك»[9].
إن رواية «أوان الحب.. أوان الحرب» عمل فني بديع، يتداخل فيه الحلم بالواقع، عمل يجسد قيمة انعدام المسافة بين الواقع والخيال. وهذا ما يجعل الرواية تحفل بجمالية السرد. جمالية تعيد للنص نبضه، ونبض يأسر المتلقي، ومتلقي يشارك في إنتاج المعنى.
خاتمة:
يثير هذا العمل الروائي للكاتب المغربي كريم بلاد تمردا على قيم الرواية التقليدية من خلال اعتماده على السرد والمخيال القروي، راصدا بذلك واقع مكان مهمش، وكذا توظيف التهجين السردي ليشارك العمل مع أكبر قدر من القراء، ناهيك عن استعمال رمزية السرد بين الواقعي والخيالي أو المتخيل، بغية كسر المسافة الفاصلة بينهما وخلق وحدة عضوية، أي خلق تناسق تناصي وانسجام لدى القارئ.
إن رواية «أوان الحب.. أوان الحرب» رواية جديرة بالقراءة، إنها رواية تغيرك للأبد، والرواية التي لا تغير فيك شيئا صدقوني هي غير جديرة بالقراءة.
مراجع
[1] الرواية العربية «ممكنات السرد»، أعمال الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الحادي عشر، 2004، الجزء الثاني، سلسلة عالم المعرفة، الصفحة 11.
2 كريم بلاد: أوان الحب أوان الحرب، منشورات منتدى الأدب لمبدعي الجنوب، مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، سنة 2014. ص 5.
3 مرجع سابق، أوان الحب أوان الحرب، ص 26.
4- مرجع سابق، الرواية العربية ممكنات السرد، ص 23.
5 أنماط الرواية العربية الجديدة: شكري عزيز الماضي، عالم المعرفة، سنة 2008. ص 45.
6 عبد الفتاح كيليطو: أتكلم جميع اللغات، لكن بالعربية، ترجمة عبد السلام بنعبد العالي، دار توبقال للنشر، ط 1، سنة 2013، ص 11.
مرجع سابق: أنماط الرواية العربية الجديدة. ص 188.7
8 مرجع سابق: أوان الحب.. أوان الحرب، ص 9.
9 المرجع نفسه، ص 21.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.