من الصعب أن تعود من الصين كما ذهبت إليها، ومن الصعب أن يقتصر الذهاب إليها، على حالة فرح مصاحبة لسفر كالأسفار الأخرى. الصين بقعة من العالم القادم، ولغة سميكة، قادمة من التاريخ أيضا. بلاد تستمر من التاريخ العريق إلى الغد المذهل. في الجريدة الإلكترونية يومية شيامن، كانت الغلبة الساحقة للصحافيات الصينيات الشابات الجميلات، إذ كان عدد الذكور من العاملين اثنين فقط من أصل عشرين، كما عددناهم/هن. وتربعت الجريدة الإلكترونية، كما شرح مديرها ذلك، في المرتبة الأربعين على مستوى الصين كلها، لكنها في المرتبة الأولى في ولاية فوجيان، التي تضم شيامن، والثانية في شيامن نفسها. ما تم حوله الإجماع بيننا، هو أن دخولنا، بالرغم من العدد، لم يغير ولو قليلا من تركيز العاملات، فلم تلتفت أية واحدة إلى من دخلوا، بالرغم من غرابة مظهرهم!! كان التركيز مطلقا، حتى والمدير يتحدث ويشرح ويقدم المعطيات. والمدير يشرح، على جدارية كبيرة ما يقدمه الموقع وكيفية اشتغاله، ظهرت صورتنا معه، عند استقبالنا أمام الباب… في مدخل الجريدة، آلة للاستملاح: تحدد عمر من يقف أمامها ونسبة شبهه بنجم من نجوم العالم.. بعض الذين دخلوا التجربة، وجدوا أنهم يملكون نسبة 94 % جمالا ، كما تحدده الآلة العجيبة…. يوسف شميرو، عند الوقوف أمامها وجدته كثير الشبه بنجمه الكروي المفضل، ميسي…. المدينة التي تعتبر أكبر قاعدة لصناعة النظارات الشمسية في العالم، إذ تصدّر نحو 120 مليون نظارة شمسية في العام، كما تقول معطيات رسمية منشورة، يمكنها أن تكون بها آلات إلكترونية قادرة على التقاط الشبه في صفوف ملايين النجوم العالميين…. نتساءل في ما بيننا: أليست مثل هذه مناسبة جيدة لتشغيل الشباب في المغرب، في الأعياد وفي نهايات الأسبوع وفي المناطق السياحية…؟ نفكر ونأمل ونحن بعيدين عن البلد السعيد النائم في الأعماق. تركيز الزميلات الصينيات على عملهن، لم يمنعنا من التلصص قليلا عليهن، وعلى أناقتهن، تذكرت الجميلات النائمات للياباني ياسوناري كاواباطا، لست أدري السبب لكن يبدو أن بياضهن الفاره وملامح وجوههن الدقيقة، هي ما ارتسم في مخيلتي عن رواية كاواباطا …وبطل روايته العجوز إيجوشي الذي يدخل إلى منزل الجميلات النائمات، حيث يتمكن المسنون من قضاء ليلة إلى جانب مراهقة جميلة نائمة تحت تأثير مخدر…. في الرواية يتعمد كاواباطا مواجهتنا بكل المخاوف الخفية، الخوف من العجز، من الفقد، ومن النهايات غير المتوقعة أبدا. عدنا إلى الحافلة، وغلب النقاش حول »خرجات« وكالة فرانس بريس ضد المغرب، من خلال حوار مثير مع أميناتو حيدر والتقديم الذي يطبل للحرب. وكان موضوع الأسئلة هو سبب الخرجة اللامسؤولة لوكالة قريبة من صناعة القرار الرسمي في فرنسا… بعضنا ذهب إلى القول إن فرنسا تصاب بحالة غيرة موروثة كلما نوع المغرب شراكاته، أو تبين أنه ينوي ذلك، سواء شرقا مع الصين أو غربا مع أمريكا. آخرون رأوا في الانتخابات التي تقترب مواعيدها الداخلية عند الفرنسيس سببا وجيها لكل هذا الهجوم، وإن كان ذلك غير منطقي من ناحية التصور العقلاني للشراكات الاستراتيجية، لاسيما وأن اللجنة العليا المشتركة كانت على الأبواب. الشيء الذي بدا منطقيا هو أن يكون هناك فائض في المشاريع أوفي الخزينة وتسعى فرنسا إلى حصتها منه، كما وقع أيام ساركوزي، وما اقترحه من مشتريات على المغرب، منها الرافال والتي جي في والمركب النووي السلمي ….. كان غذاؤنا عادة، عندما تكون الزيارات متواصلة بين الورقي والإلكتروني، يتم في مقر المنابر التي تستضيفنا، وتكون المناسبة للحديث عن المغرب وعن القارة الإفريقية. اعترف الكثير من المسؤولين الصينيين أنهم كانوا يخلطون في اسم المغرب بين موروكو وموناكو، وكثيرا ما ظنوا أنه بلد واحد… وقال بعضهم إن الأمر ليس مثل ذلك في حالة كازابلانكا، بسبب الفيلم الشهير. قلنا إن الدارالبيضاء تدين للسينما بشهرتها، وعاش همفري بوغارت وانغريد برغمان ! دخلنا إلى قاعة ضيافة المكتب المحلي للصحافة، وتبين لنا أن أحد المسؤولين في الجريدة هو أيضا صحافي بمنصب مهم. في لقاء جمعنا بصحيفة شيامين، التي تصدر صباحا وفي منتصف النهار وفي المساء، لاحظنا الحضور القوي للمرأة في كل الإدارات الإعلامية، بنسبة تفوق ثلاثة أرباع، وحصلنا على تفسير في أدبيات الحزب الشيوعي وفي الكفاءة التي فرضتها المرأة…. في عشاء جمعنا بمسؤولي المدينة، وعلى تدبيرها صحافيا وترابيا، دار الحديث عن شيامين، وعرفنا أن الرئيس الحالي سبق له أن كان مستشارا في مجلس المدينة لثلاث مرات ..المدينة كما قدمها مسؤولوها، فيها بحيرة وجزيرتان، شبهها البعض منا بسياتل الأمريكية، تدر السياحة فيها 20 مليار ودلار أمريكي في السنة… يكفي أن مدينة عدد سكانها أربعة ملايين، تجلب لوحدها ميزانيات دول بكاملها في منطقتنا. يقول مسؤول من الحاضرين أيضا إن شيامن هي قاعدة هامة في مقاطعة فوجيان لصناعة سفن الحاويات متوسطة وكبيرة الحجم واليخوت، وهو ما يجرنا إلى مقارنات جديدة مع ميناء طنجة .. الأول إفريقيا. في سيرة مدينة شيامن، التي تعرف عليها أكثرنا أول مرة، تقرأ ما يلي:» في هذه المدينة الجميلة كثير من الحدائق، ويعيش في بحيرة يوندانغ التي تتوسط المدينة آلاف من طائر البلشون الأبيض. إضافة إلى ذلك، الأشجار الخضراء ذات خصائص المناطق شبه الاستوائية، ومنها النارجيل وأشجار كوثل الكاشو والمانجو والأثاب، تشكل مناظر رائعة في شوارع شيامن على مدار العام. بيد أن شجرة بونسيانا ذات الأوراق التي تشبه ريش الطيور وزهورها الحمراء التي تتفتح في الصيف والخريف، هي أجمل أشجار شيامن. الجهنمية الجرداء هي زهرة شيامن بلا منازع، فأشجارها لا تكسو المناطق العامة بالمدينة فحسب، وإنما أيضا تزين شرفات البيوت. تتفتح هذه الزهرة في الشتاء، ما يجعل شيامن تتمتع بالزهور المتنوعة في فصول السنة الأربعة«. وترى بأم عينيك ما يلي: في هذه المدينة الجميلة كثير من الحدائق، ويعيش في بحيرة يوندانغ التي تتوسط المدينة آلاف من طائر البلشون الأبيض. إضافة إلى ذلك، الأشجار الخضراء ذات خصائص المناطق شبه الاستوائية، ومنها النارجيل وأشجار كوثل الكاشو والمانجو والأثاب، تشكل مناظر رائعة في شوارع شيامن على مدار العام، بيد أن شجرة بونسيانا ذات الأوراق التي تشبه ريش الطيور وزهورها الحمراء التي تتفتح في الصيف والخريف، هي أجمل أشجار شيامن. الجهنمية الجرداء هي زهرة شيامن بلا منازع، فأشجارها لا تكسو المناطق العامة بالمدينة فحسب، وإنما أيضا تزين شرفات البيوت. تتفتح هذه الزهرة في الشتاء، ما يجعل شيامن تتمتع بالزهور المتنوعة في فصول السنة الأربعة«. لا فرق بتاتا بين ما تقرأه وما تراه عيناك……