أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    اتفاقية الصيد البحري..حجر ثقيل في حذاء علاقات إسبانيا والمغرب!    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    دراجي يهاجم "الكاف" بعد قراره الذي أنصف نهضة بركان    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    لا تيتي لا حب لملوك: اتحاد العاصمة دارو ريوسهم فالكابرانات وتقصاو حتى من كأس الجزائر    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    أخنوش يرد على خصومه: الدولة الاجتماعية ليست مشروعا ل"البوليميك" والحكومة أحسنت تنزيله    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    سانشيز: أفكر في إمكانية تقديم الاستقالة بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضد زوجتي بتهمة استغلال النفوذ والفساد    بالأرقام .. أخنوش يكشف تدابير حكومته لمساندة المقاولات المتضررة جراء الأزمة الصحية    مكافأة مليون سنتيم لمن يعثر عليه.. هذه معطيات جديدة عن حيوان غريب ظهر في غابة    هادي خبار زينة.. أسماء المدير مخرجة "كذب أبيض" فلجنة تحكيم مهرجان كان العالمي    قميصُ بركان    مطار مراكش المنارة الدولي: ارتفاع بنسبة 22 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق    المغرب ومنظمة "الفاو" يوقعان على وثيقة "مستقبل مرن للماء" بميزانية 31.5 مليون دولار    رئيس وزراء اسبانيا يفكر في الاستقالة بعد فتح تحقيق ضد زوجته في قضية فساد    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    الجامعة الملكية لكرة القدم تتوصل بقرار ال"كاف" بشأن مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



َظاهرة شيوع عدوى الدروس الخصوصية وخسائرها الاجتماعية والتربوية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 02 - 2020


سلوك الإدمان على الساعات الخصوصية الإضافية
تفشت ظاهرة الدروس الخصوصية في العقود والسنوات الأخيرة ،سواء في مراحل التعليم الأساسي أو ألتأهيلي أو التعليم الجامعي ووجدت لها سوقا رائجة ومدرة وهي في تزايد مستمر ومتواصل لا حدود لها حتى أنها أصبحت ظاهرة مقلقة ومحرقة للجيوب والعقول والأبدان و تحتاج إلى وقفة تأمل ومناقشة وتفكير.
لماذا عرف الإقبال على الساعات الخصوصية نجاحا كميا لا محدودا جعلتها تتجدر و تترسخ في نفوس وأذهان الآباء وأولياء أمور التلاميذ ويتحول الإقبال عليها إلى شبه إدمان؟
لماذا أتيح لهذه الدروس الخصوصية أن تنجح، في حين أن الإمكانيات التي تشتغل بها هذه المراكز غير ذي أهمية ؟
لقد أخذت المراكز والمقرات الخاصة بالدروس الخصوصية في تزايد مستمر إلى أن غدت في الوقت الحاضر تنبث مثل الفطريات و أصبحت في نظر بعض المسؤولين والأسر الأداة القادرة على تحقيق المبتغى لفائدة أبنائهم وبناتهم وان كانت هذه الأسر تضطر في هذه الظروف إلى صرف جزء مهم من ميزانيتها في تعليم أبنائها .
إنها ظاهرة لها أبعاد خطيرة بعضها مرتبط بالقضايا التربوية والتعليمية وأزمة المدرسة العمومية والبعض الآخر مرتبط بالمجتمع بشكل عام من حيث نشوء فئة جديدة من الأسر على علم تام بميكانيزمات المدرسة ولهم تصورات ومشاريع دراسية طموحة، يحفزون بها عمل أبنائهم ويساهمون بها في توجيههم الدراسي الملائم لهم ، ويوفرون لهم كل السبل الممكنة لتفوقهم ونجاحهم بما في ذلك اللجوء للساعات الخصوصية وهذا تقليد جديد وسوق جديدة وطبقة جديدة من المنتفعين من هذه الظاهرة.
إنه في بداية كل موسم دراسي جديد، إلا و تجد الأسر المغربية نفسها أمام أعباء كثيرة إن على المستوى المادي أو الاجتماعي أو النفسي وذلك بحثا عن مؤسسة أو عش تربوي ملائم لتربية وتكوين أبنائهم مع تمتين وتوسيع معارفهم ومداركهم وصولا إلى تحقيق نتائج دراسية متميزة تسمح بولوج أرقى المؤسسات الجامعية والمدارس العليا، وتأتي الدروس الخصوصية على رأس قائمة الأولويات التي تشغل بال الأسر وتنهك مواردها المالية وتثير الحيرة والاضطراب حول كيفية الجمع بين الدروس النظامية والدروس الخصوصية وهذه الأخيرة تعتبرها الأسر ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك لأجل ضمان استيعاب كافة مكونات المقرر الدراسي لاجتياز الامتحانات أو المباريات والحصول على معدلات أعلى وولوج مدارس راقية اجتماعيا ووظائفيا تجدر الإشارة إلى أن الدروس الخصوصية (أو الساعات الإضافية كما يحلو للبعض أن ينعتها حتى يفرغ منها ذاك الطابع التجاري )، أصبحت عادة وسلوكا عاما ،بل ظاهرة اجتماعية منتشرة في الوسط التعليمي وميدان لترويج وتسليع الرأسمال التربوي ، ولقد أصبحت تتمدد وتتوسع في السوق السوداء منذ أكثر من ثلاث عقود ، وتجلب زبناء كثيرين إلى بورصتها ، فيقبل التلاميذ على هذه الحصص التعليمية بنهم وشغف لا حدود لهما ، لأنها حسب اعتقاد أوليائهم تدعم مكتسباتهم المعرفية وتعززها وترفع من مستوى تحصيلهم وتزيد من سرعة ووتيرة انجاز و إكمال البرامج والمقررات الدراسية و تعدهم لاجتياز الامتحانات بنجاح وتعينهم في الحصول على المعدلات والميزات العليا
ويختلف الكثير من المتتبعين في تقييم هذه الظاهرة، فيعتبرها البعض ظاهرة سلبية لا تعبر إلا عن جشع الممارسين لها وسعيهم إلى الكسب المادي على حساب الكسب المعنوي وضربا لمبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص .
أما البعض الآخر فيجد أنها ليست نتاج تقصير من قبل الممارسين والمدرسين بقدر ما هي نتاج لطبيعة النظام التعليمي الذي ظل يعاني من التسرب و الهدر والتكرار والاكتظاظ والنظام غير العادل للامتحانات و كذا حجم المنهاج الدراسي الذي لا يتناسب لا مع الزمن المدرسي ولا يتلاءم مع الوسائل والإمكانيات الموجودة في المؤسسات مما يدفع الآباء إلى اللجوء للخطط الاستعجالية والاضطرارية بالاستعانة بالساعات الإضافية الخاصة المدفوعة الأجر بالمراكز المبتوتة في كل الأحياء والشوارع و الأزقة أو المقدمة في البيوت و” الكارجات ” فثبت لدينا أن هذه الظاهرة ما هي إلا نتاج السمة الاستهلاكية المتصاعدة في المجتمع .
هل للدروس الخصوصية فوائد وايجابيات؟
يقول الأستاذ محمد بوبكري انه (منذ دخول الطفل إلى المدرسة يوجه إلى الامتحان أكثر من توجيهه إلى التعلم والعلم ، فهو يهيأ للامتحان أكثر مما يهيأ للحياة ، فليس المهم أن يستفيد التلميذ من الدرس ويتمتع به ، وإنما المهم أن يستعد للامتحان ليتفوق على أقرانه ويرضى عنه أبواه وهذا ما يجعل المدرسة فضاء يهيئ التلاميذ للامتحان فقط …)تأملات في نظام التعليم بالمغرب – ص 51.
إن الهوس بالامتحان كان سببا رئيسيا في بروز الدروس الخصوصية كمشروع منافس لأنماط الدعم التربوي التي تتم أصلا في إطار الأنشطة الموازية داخل القسم أو أنشطة الدعم الخارجي ، إذ تركز هذه الدروس الخصوصية أو الساعات الإضافية الخاصة على تهيئ التلاميذ تهييئا خاصا لأداء الامتحان من خلال التركيز على هذا الجزء من المقرر أو ذاك، أو نشر بعض الكراسات التي تحتوي على نماذج للأسئلة التي يمكن أن تطرح في الامتحان …وهذا يؤدي إلى تحويل التلميذ إلى أداة لأداء الامتحان لا غير …لذا تركز الدروس الخصوصية على إتقان المهارات في الامتحانات دون بقية الأهداف التربوية.
وهكذا يمكننا القول أن من بين الفوائد الآنية للدروس الخصوصية:
التحصيل الأساسي والتعلم السريع.
تحسين المهارات الخاصة بالتحضير للامتحانات الاشهادية، وخصوصا امتحانات البكالوريا .
عمليات التعلم تكون مستمرة بعد الحصص الرسمية وفي أيام العطل الأسبوعية والمدرسية وتحدث طوال الوقت ليلا ونهارا وخارج المؤسسة.
الانضباط الذاتي، حيث التلميذ ينضبط لهذه الدروس في غياب مراقبة إدارية تربوية، والاكتفاء بمراقبة الأسرة.
التنظيم الجيد للوقت من خلال التوزيع الزمني الرسمي والحر.
حل المشكلات بأكثر استقلالية بعيدا عن مراقبة وتقويم المدرسين، مما يكسبهم الثقة والاستقلال والتوجه الذاتي .
الأبعاد السلبية لظاهرة الدروس الخصوصية وخطورتها
إن ظاهرة الدروس الخصوصية نلمسها عندنا عكس ما هو الأمر في الدول المتقدمة،لكون المدرس في تلك الدول مسؤول على تتبع الوضعية الدراسية للتلميذ ، ورصد مواطن الضعف وتحديد أسبابها وتشخيص المجالات التي ينبغي أن يستهدفها بالتدخل العلاجي مع استعمال الوسائل والطرق المناسبة لذلك …. وكل هذه التدخلات تتم من طرف المدرسين داخل الفصل أو خارجه.. فمثلا إذا كان التلميذ قد تغيب مدة طويلة أو قصيرة،فانه يخضع لإعادة “الترميم” وتعويض ما فات عليه عبر دروس خصوصية ملائمة لحالته ومدة غيابه وتغطي هذه الدروس تلك الفترة ويكون ذلك بتنسيق بين المدرسة والأسرة وممثلي الوزارة الوصية في ذاك الإقليم أوتلك المنطقة . وبالتالي فالدروس الخصوصية عندهم ليست كما هي عندنا ،نظرا لحداثة الموضوع على المستوى التعليمي المغربي ، ولهذا فإننا نفتقر لدراسات وبحوث علمية هادفة كافية تكشف عن الظاهرة ومواقف الآباء والأولياء والمدرسين تجاهها .
لكن من السلبيات التي تمثلت لنا حول هذه الظاهرة:
نسبة التلاميذ المستفيدين من هذه الدروس الخصوصية يتكاثر سنة بعد أخرى، وتؤثر بشكل سلبي على العمل داخل الفصل الدراسي ، حين يتعود هؤلاء التلاميذ على إعادة عرض وتقديم هذه الدروس بطريقة تهيئهم للامتحانات في حين يبقى الآخرون مكتفين بما يقدم لهم في الفصل الدراسي وهذا ما يؤدي إلى غياب تكافؤ للفرص بين الجميع.
لجوء بعض المدرسين إلى أتباع أساليب الدراسة المألوفة في الدروس الخصوصية ، وتحويل التلميذ إلى أداة لأداء الامتحان وليس إلى فرد أو إنسان حر يبحث ويستكشف ويستنبط ويكون لنفسه رأيا .
يتم التركيز في هذه الدروس والاختبارات على المعلومات لا على المهارات ،على الكم لا على الكيف ، على الفهم لا على التركيب والاستنباط والاستدلال والتقويم ، فهل القصيدة الشعرية عمارة فنية ومضمون وجداني أم عمارة شكلية – لغوية ومضمون تاريخي؟
إن الدروس الخصوصية تستحضر الامتحان أكثر ما يستحضر التعلم والعلم.
عيوب وقصور النظام التعليمي يؤدي بلا شك إلى انتشار الدروس الخصوصية ومن بين هذه العيوب:
القصور في المناهج وطرق التدريس وطغيان الجانب النظري على حساب الجانب التطبيقي
تغليب الكم على الكيف، مما جعل حجم المواد لا يلائم الغلاف الزمني المخصص لها مما يفرض على المدرس السير مع المقررات الطويلة بوتيرة متسارعة حتى يستطيع إكمال أجزاء المقرر في الوقت المحدد وهذا ما يسبب في حدوث شقوق وثغرات بين درس وأخر ، ويدفع بالتالي التلميذ والأسر إلى البحث عن الدروس والساعات الإضافية لتعويض ” الضرر” الحاصل في انجاز المقررات
في وجود كتاب مدرسي غير مثير وغير مشهي يدفع التلميذ والمدرس للجوء إلى وسائل ونصوص بديلة ، غير انه لا نجد إلا ثقافة الكراسات التي تحتوي على نماذج للأسئلة التي يمكن أن تطرح في الامتحان … فتلهي التلميذ على حساب المهارات والكفايات المطلوب تنميتها وتعزيزها(ونجد بعض المراكز تقوم ببيعها ونشرها لتحل محل النصوص والدروس أو الكتب المدرسية)
الاكتظاظ في القاعات، حيث لا وجود لنص تنظيمي يحدد العدد المسموح به داخل قاعة الدرس، وهذا يعد من اكبر العناصر السلبية في هذا النظام التربوي الموازي .
عدم الاهتمام بباقي المواد غير الممتحن فيها – المواد الثانوية – مما يسبب في نزوع ثقافة الحضور في المواد الرئيسية والغياب في المواد الثانوية وهذا ما يتعارض مع الأهداف الخاصة والعامة للتعليم والتعلم.
التعب النفسي والبدني والحرمان من الحصول على أوقات للراحة والأنشطة المجتمعية ،وغالبا ما يؤدي التلميذ الذي يصارع المقرر والامتحان في المؤسسة وفي المركز ثمنا باهظا بعد أن يتعرض لانهيار نفسي وبدني ….وتشير التقارير العلمية إلى عدم جدوى الدروس الإضافية للتلاميذ الذين يدرسون بالتعليم الابتدائي … لكن يمكن الاستفادة من دروس الدعم في التعليم الثانوي شريطة أن يتم اختيار المحتوى والتركيز على حل المشكلات.
اللجوء إلى الاتكالية على الغير، وخصوصا حين يتم استغلال الدروس الخصوصية في انجاز الواجبات المنزلية.
فتح بعض المراكز الخاصة بالدروس الخصوصية مهمة التدريس لكل من هب ودب ليلج المجال من مهندسين بطاليين أو دكاترة أو محامين أو من الطلبة الجامعيين …صاروا كلهم أو غيرهم يمارسون هذه المهنة الممنوعة في ظاهرها والمباحة من طرف الجميع، إذ التربية والتعليم لا يمكن أن يقوم بها إلا المدرس والمربي فهو إمام البيداغوجيا وصانع الديداكتيك ومبدع الطرق والوسائل وهو القادر على أن يطور البيداغوجيا وينميها ليساعد التلاميذ في تكوينهم .
لا احد يقدر على القيام بمهمة التاطير والتكوين والتربية والتعليم غير المدرس ولا احد غيره.
عدم تحسين الوضعية المادية للمدرسين وتبخيس عملهم .
عدم الاعتراف وتقدير نساء ورجال التعليم المخلصين في عملهم .
الحلول المقترحة: مذكرات وزارية يتيمة
فشلت الوزارة الوصية في تنظيم هذه الظاهرة ،وفي هيكلة هذا القطاع التربوي العشوائي ، كما فشلت في جعله أن يكون سندا تربويا للدروس النظامية ، بل إن هذه المراكز الخاصة تحولت إلى شبه مدارس موازية قائمة الذات تتحكم في مصير التلميذ في كل الأطوار وفي كل المواد وخصوصا في السنوات الاشهادية .
ومن المذكرات الوزارية التي صدرت في هذا الشأن:
المذكرة الوزارية رقم 237 بتاريخ 13 جمادى الثانية 1412 الموافق ل 19 دجنبر1991.
المذكرة الوزارية رقم 9 الصادرة بتاريخ 5 ربيع الاول 1401 الموافق ل 12يناير 1981.
وجاء صدور هاتين المذكرتين بعد تلقي الوزارة لعدد من الشكايات الواردة عليها من آباء التلاميذ وأولياء أمورهم يعبرون فيها عن استيائهم من التصرفات التي تحيط بالمنظمين للدروس الخصوصية في المنازل أو غيرها من الأماكن الخاصة مقابل أجرة معينة .
لذا دعت المذكرة إلى تجنب تنظيم الدروس الخصوصية لفائدة التلاميذ حماية لسمعة نساء ورجال لتعليم وصونا لها من الادعاءات والأقاويل الباطلة ، ومطالبة من نساء ورجال التعليم بدل قصارى جهودهم في إطار الدروس الرسمية ، كما طالبت المذكرة إلى الاعتناء بالتلاميذ الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم والتقوية ، ويجب أن تنظم لهم دروسا إضافية داخل المؤسسة يتكلف بها المدرسون الاحتياطيون أو الذين لا يستوفون الحصص الواجبة عليهم .
ومن المقترحات التي يمكنها أن تساعد في إزالة المشاكل المسيئة إلى العلاقة بين أطراف العملية التربوية وأولياء أمورهم :
إشراف الوزارة على تدبير هذا النمط من الدراسة عبر توفير جميع الشروط الضرورية لممارسة التدريس في هذه المراكز من خلال تأهيل أكاديمي وتربوي لكل المدرسين ، ولو كانوا من القطاع التعليمي العمومي ، لأنهم يساهمون حقا في محاربة الهدر والتسرب ويحفزون التلاميذ إلى أن تكون عمليات التعلم مستمرة ولو بعد الحصص الرسمية .
السماح بشكل قانوني للمدرسين في القطاع العمومي للعمل في هذا الصنف من التعليم (كما هو مسموح له للقيام بساعات أضافية بمؤسسات التعليم الخصوصي بقوة القانون – المذكرة 01/2002- ومنشور الوزير الأول رقم 99/ 30)ولكن مع تحديد شروط ذلك حتى يطمئن المدرس وتطمئن نفوس الآباء وأولياء الأمور على فلذات أكبادهم بأنهم في أيدي أمينة وتحت رعاية و تاطير مدرسون مؤطرون أكاديميا وتربويا ومنهجيا وقادرون على إحداث تغيير ايجابي لذي التلميذ المتعثر . لا النظر إليهم أنهم يشكلون سوقا مربحة ويتحولون إلى زبائن للمراكز .
إقامة شراكات بين هذه المراكز من جهة وبين الوزارة الوصية أو مؤسساتها من جهة أخرى ، قصد تحمل قسط من التعبئة الوطنية لفائدة أبناء وبنات الفئة الهشة اجتماعيا لدعمها ومساعدتها في التعلم وفي التحصيل الدراسي مادام أن هذه المراكز موجودة بقوة القانون ( مرخصة )
القيام بدراسات تقويمية لبرامج حصص التقوية التي تقدمها المدارس العمومية والمراكز المتخصصة في الساعات الإضافية الخصوصية بهدف التعرف على فعاليتها ونواقصها .
التشجيع على الاعتماد على النفس وطرق المذاكرة الصحيحة وكيفية تنظيم الوقت وحب العلم وليس التربية من اجل الامتحان
الاهتمام بالأنشطة داخل المؤسسة لأنها تنشط العقول والنمو العقلي كما انه لابد لها أن تكون مصحوبة بالنمو الانفعالي .
توعية أفراد الأسرة بدورهم الهام في مستقبل أبنائهم ، وان المدرسة وحدها لا تكون قادرة على تحقيق الغايات والأهداف المرجوة وليس توفير حصص إضافية بعد ساعات المدرسة كفيل برفع المستوى المعرفي لأبنائهم .
ممارسة مراقبة مكثفة على المراكز من حيث التجهيز المادي والتسيير الإداري والعمل التربوي .
إقامة نظام تعاقدي يضبط العلاقة بين كافة الأطراف .
السهر على الحماية الأخلاقية التجارية لهذه المراكز.
إن كل ما أنجز من دراسات وتقارير لا يمكنها أن تحيط بالظاهرة، لأن هذه الأخيرة حديثة الوجود في محيطنا التربوي والتعليمي ، وما تزال في حاجة إلى دراسات وبحوث علمية واجتماعية وتربوية ,,, لذا يجب على الوزارة الوصية النبش والحفر في أعماق هذا المحيط التربوي بجرأة سياسية وعلمية ….
الدشيرة -الجهادية
العداؤون العائدون من تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.