مشاركة منتدى الصحراء للحوار والثقافات في المؤتمر الدولي بمدينة الصويرة    أخنوش يستقبل بنعليلو لبحث سبل إعطاء نفس جديد لورش مكافحة الفساد بالمغرب    الملك محمد السادس يستقبل أبطال العالم بالقصر الملكي بالرباط    مشروع قانون مالية 2026 .. إحداث أزيد من 36 ألف منصب شغل بالادارات    الممثل عبد القادر مطاع يودع الدنيا عن 85 سنة    تقرير برلماني: ربع المغاربة ما زالوا أميين رغم تعدد البرامج الحكومية لمحاربة الأمية    المغرب: عجز ميزانية متوقع في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2026 (تقرير)    رحيل قامة فنية مغربية: عبد القادر مطاع في ذمة الله    المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة يتعادل ودّيا مع نظيره الاسباني (3-3 )    الصحراء المغربية.. بولونيا تعتبر مخطط الحكم الذاتي بمثابة "الأساس الجاد والواقعي والبراغماتي من أجل تسوية دائمة"    35 قتيلا و3444 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    الملحمة الأوروبية تعود من جديد : ريال مدريد ويوفنتوس يشعلان المنافسة الأسطورية لعشّاق الكرة في المغرب    ريال مدريد "منبهر" بعثمان معما.. ويواصل متابعة موسمه مع واتفورد    إدريس لشكر… قائد التجديد وواضع أسس المستقبل الاتحادي    عبد اللطيف لوديي ومحمد بريظ يستقبلان قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا «أفريكوم»    أي اتحاد نريد…. وأي اتحاد يريدون؟    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالصويرة    ارتفاع حرارة الأرض يعيد تشكيل خريطة الأمطار في إفريقيا خلال العقود القادمة    أكد أنه سيواصل الكشف عن التحامل ضده .. نيكولا ساركوزي يدخل السجن في سابقة بفرنسا    أشادت بولونيا ب"الإصلاحات العديدة، الطموحة"، التي يتم تنفيذها في المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    بعد تسجيل مستويات قياسية.. الذهب يشهد أسرع تراجع منذ سنوات    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    رئيس المخابرات المصرية يلتقي نتانياهو في القدس وبرنامج الأغذية العالمي يدعو إلى فتح كل المعابر ل"إنقاذ أرواح"    مشروع المالية يراهن على الاستثمار المنتج وفرص الشغل في الصحة والتعليم    بين الأعلام والمطالب.. الجيل الذي انتصر في الملعب واتُّهم في الشارع    رابطة ترفض "إقصاء الفيلم الأمازيغي"    بين "أوتيستو" و"طريق السلامة" .. المهرجان الوطني للفيلم يستقبل الهامش    أبطال الجاليات العربية يخوضون نهائيات الدورة التاسعة من "تحدي القراءة"    ترويج الكوكايين يطيح بشخصين في تطوان    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    المغرب يرفع "ميزانية الدفاع" إلى 157 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عن أي سلام يتحدثون؟    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ الديني للجنوب المغربي سبيل لكتابة التاريخ المغربي من أسفل 22- الكرامة الخارقة للعادة، الرأسمال الرمزي للحاج علي الدرقاوي الإلغي 2
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 05 - 2020

تسعى هذه المقالات التاريخية إلى تقريب القارئ من بعض قضايا التاريخ الجهوي لسوس التي ظلت مهمشة في تاريخنا الشمولي، وهي مواضيع لم تلفت عناية الباحثين فقفزوا عليها إما لندرة الوثائق أو لحساسياتها أو لصعوبة الخوض فيها. ومن جهة أخرى فإن اختيارنا لموضوع التاريخ الديني للجنوب المغربي راجع بالأساس إلى أهميته في إعادة كتابة تاريخ المغرب من أسفل وهو مطلب من مطالب التاريخ الجديد الذي قطع أشواطا كبيرة في فرنسا.
أكد ابن خلدون في أكثر من مقام أن النسب أمر وهمي لا حقيقة له ، بمعنى أن فعاليته الوحيدة تكمن في تحريكه لعجلة التاريخ وتوليده للأحداث. وقد ظهرت فئات مجتمعية متطفلة تدعي انتماءها للأسرة النبوية عن طريق فاطمة الزهراء (ض) من أجل الحصول على امتياز من شأنه أن يقربهم من الدوائر المخزنية ويجعلهم محط اعتبار وتقدير من طرف المخزن. ولهاذا فقد أصبح من الضروري أن يكون لكل شيخ مشروعه الصوفي وبرنامجه الروحي الذي ينال بواسطته منحة الولاية والتي تجعل العامة والخاصة تقبل هذه الأخيرة دون منازعة لمضمونها أو جوهرها وذلك في حالة استحالة الانتساب إلى آل البيت النبوي. فالولاية كانت هي النقطة المحورية في مشروع الإلغي، إن أهميتها كما يحددها صاحب “السلوة” تكمن في كون: “التعريف بهم(الولاة) والوقوف على حقائقهم فيه فوائد كثيرة، وأن التأدب بآدابهم هو طريق إلتماس الفضل منهم”. (الكتاني أبي عبد لله محمد بن جعفر بن إدريس، سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، تحقيق، عبد لله الكامل الكتاني وحمزة بن الطيب الكتاني ومحمد حمزة بن علي الكتاني، الطبعة الأولى،1425- 2004، دار الثقافة، الدار البيضاء، ص:7). وهي نفس الأهمية التي أشار إليها سابقا صاحب “التشوف” الذي ألح على زيارتهم ومجالستهم ، أما المختار السوسي وهو المدافع الأول عن ثبوت كرامات والده الشيخ فيبادر بالقول على أنه وقف على استبحار الوالد في كراماته، وأن ما وصلنا منها نزر قليل، وأنه لو تصدى لها شخص وجمعها لبلغت مئات المجلدات، مع التأكيد على أن والده لم يكن يبالي لهذه الكرامات. (للإطلاع على هذه الكرامات نحيل القارئ إلى كتاب، الترياق المداوي….م.س. حيث خصص في مؤلفه لهذا الغرض فصلا خاصا عنونه ب “كرامات الشيخ الباهرة “من ص: 149 إلى ص: 166).
إن تاريخ الشيخ بهذا المعنى هو تاريخ كرامات وخوارق العادة وهذا ما يستشف من قول السوسي: “فما من فقير كنت أحادثه حول الشيخ إلا وجدته يحكي فيما رأى منه الكرامات وكشف الشيء الكثير، وقد تتبعت تقييد ذلك عن بعضهم في كتابي “من افواه الرجال” فكنت أجمع عن كل واحد منهم كثيرا، وحين كان أصحاب الشيخ الذين يصاحبونه دائما أو في بعض الأحوال زهاء عشرين ألفا، وكان كل واحد منهم يعرف له ولو كرامة واحدة.. .تبلغ آلافا مؤلفة…”. (نفسه،ص149) بهذا تكون الكرامة قد موقعة الشيخ في القبيلة من جهة، والمجتمع من جهة أخرى، وجعلته يراكم رأسماله الرمزي ويوظفه كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وهو ما يدفعنا إلى القول بأن مراكمة الرأسمال الرمزي للشيخ لم يأت عبثا، وإنما يستمد مشروعيته من ثلاثة ركائز هي: شيخه المعدري الذي نجح في توطيد الدرقاوية في سوس، وأصول قبيلته الركراكية (العدناني الجيلالي، مرجع سابق)، وأخيرا من كراماته الخارقة للعادة. أما فيما يخص علاقته مع المخزن، فلا يجب أن نتكلم عنها إلا باستحضار صهره “محمد بن عبد لله” التجاني الذي وظف ما جناه من هذه العلاقة لصالح “علي الدرقاوي” بشكل يحفظ تقاسم السلطة بين الطرفين (العدناني الجيلالي، مرجع سابق)، ويكون ذلك لصالح قبيلتهم المرابطة. ومن باب تجاوز التكرار سوف نتحدث في هذه الفقرة عن النقطة الثالثة المتعلقة بالكرامة ودورها في بناء الولاية، يمكن القول أن اتصال الشيخ بالنسب الشريف تم بواسطة سنده الصوفي مع شيخه المعدري ومن خلال تعدد رؤيته للرسول (ص)، وليس من الضروري إثبات كرامات “علي الدرقاوي الإلغي”، (لا يجادل اثنان في كون نص الكرامة هو من يؤسس ذاته على أساس قاعدة المفارقة Paradoxe المبنية على أساس الخيال، لكن الإمعان القوي للكرامة وسرعة البديهة تشعرنا بأن النص يوافق السياق التاريخي الذي حدثت فيه، فخلال فترات المسغبة لبى الإلغي متطلبات حاجيات قرية إلغ دوكادير من الحبوب التي كانت تخزن بالزاوية حتى وقع الاكتفاء الذاتي فظنت القبيلة أنها كرامة، بهذا المعنى يمكن القول أن الكرامة تأتي خلال أزمة الجوع والفقر والأوبئة ل ” تجسيد العلم الجماعي في إبراء العلل وتوفير الطعام ، وفي تحقيق القدرة الخارقة في تناوله”. زيدان يوسف، المتواليات: دراسات في التصوف، الدار المصرية اللبنانية، بيروت، 1998، ص:61.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.