في الوقت الذي لاتزال أعداد المصابين بفيروس كورونا تتزايد وتحصد المزيد من الأرواح بالعالم، تتنامى في الوقت نفسه وبصورة ملحوظة تداعيات هذه الجائحة في الأوساط الفكرية والثقافية. فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت العديد من الترجمات لمفكرين وكتاب؛ من الفرنسي آلان تورين عالم الاجتماع الشهير، والفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبن، إلى الروائية الهندية أرونداتي روي، والتي تستشرف أفكارهم في معظمها دلالة الوباء وتصرف الحكومات تجاهه والقضايا الإنسانية التي يثيرها وشكل الحياة بعده. الفيلسوف المثير للجدل سلافوي جيجيك لم يتوان في الإسهام في هذا الجدل الدائر عبر كتابه «الوباء.. كوفيد 19 يهز العالم». وهو الكتاب الصادر أخيرا الذي ، وفق بعض المتابعين، يتكون من مقالات كان سلافوي جيجيك قد نشرها في موقع «روسيا اليوم». بالإضافة للالتفاتات الإنسانية التي تفصح عن أثر الوباء في مشاعر الوحدة والعزلة، واضطراب الحياة الشخصية ومفاهيم جديدة مثل التباعد الاجتماعي، فإن جيجيك يربط أيضاً بين هذه الجائحة وأزمة ومستقبل النظام الرأسمالي نفسه. جيجيك لن يحصل على عائد من نشر الكتاب الصغير، حيث سيتوجه عائد بيعه إلى مؤسسة «أطباء بلا حدود». أفكار وتأملات يجمع المؤلف كعادته بين خلفيته الماركسية وثقافة «البوب»، والتحليلات السريعة المتجاورة للمشاهد السينمائية والقضايا المطروحة مثل «الصوابية السياسية». ويحاول المفكر الإشكالي في كتابه أن يلفت النظر إلى اضطرار النظام الرأسمالي إلى كسر تقاليده من خلال التدخل الواسع للدولة والرعاية الصحية المجانية، وتقديم خدمات مجانية بعيدا عن قانون السوق، وتفعيل حزم الاجراءات المتوقعة دوليا وحكوميا تخوفا من الانهيار الاقتصادي. حجة جيجيك المركزية بسبب الفيروس التاجي هي أن الأنظمة الرأسمالية في العالم ستحتاج بالضرورة إلى استبدالها. ويكتب «يجب النظر إلى الإجراءات التي تبدو لمعظمنا اليوم على أنها «شيوعية» على المستوى العالمي: يجب أن يتم تنسيق الإنتاج والتوزيع خارج إحداثيات السوق».
