نجح المسبار « برسيفرنس» في التحرك لبضعة أمتار على المريخ بواسطة عجلاته للمرة الأولى منذ هبوطه على سطحه قبل أسبوعين، على ما أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» الجمعة. فالروبوت الجوال المجهز بست عجلات تقدم أربعة أمتار بعد ظهر الخميس بهدف التحقق من أن أنظمة تشغيله تعمل بشكل صحيح، ثم دار على نفسه إلى اليسار، وبعدها تراجع نحو مترين ونصف متر. وتمكن «برسيفرنس» خلال تراجعه من التقاط صورة لآثار عجلاته الخاصة على سطح المريخ، نشرتها وكالة «ناسا». واجتازت العربة الجوالة ما مجموعه ستة أمتار ونصف متر في 33 دقيقة. وقالت المهندسة المسؤولة عن تنقل الروبوت في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة «ناسا» الذي صممت فيه العربة «أعتقد أنني لم أكن يوما سعيدة بقدر ما كنت عند رؤية آثار العجلات». ولاحظت في مؤتمر صحافي أن عملية التنقل الأولى للمسبار «جرت بشكل جيد جدا «، معتبرة أن مهمته أنجزت بذلك «مرحلة بالغة الأهمية». وستكون المركبة قادرة على التحرك لمسافة 200 متر في كل يوم من الأيام المريخية (وهي أطول بقليل من الأيام الأرضية). وتبلغ سرعة تنقلها خمسة أضعاف سرعة العربة الجوالة الأخرى «كوريوسيتي» التي لا تزال تعمل على المريخ. وكان الروبوت الجوال «برسيفرنس» هبط على سطح المريخ في 18 فبراير الفائت في فوهة جيزيرو التي يعتقد العلماء أنها كانت تحوي بحيرة عميقة قبل نحو 3,5 مليارات سنة، وسيسعى المسبار إلى جمع ما يصل إلى ثلاثين عينة صخرية من الكوكب خلال أقل من عامين، تعود بها مركبة أخرى إلى الأرض، سعيا إلى إيجاد آثار حياة قديمة على الكوكب الأحمر. ويلحظ العلماء في الوقت الراهن رحلتين للروبوت الجوال إلى الدلتا التي شكلها نهر قديم كان يصب في البحيرة، إذ أن الباحثين يعلقون أهمية كبيرة على استكشافها نظرا لاحتمال تكون كمية كبيرة من الرواسب فيها. وقبل ذلك، من المقرر إطلاق المروحية «إنجينوينيتي» الصغيرة التي لا تزال موجودة تحت العربة، فتكون بذلك أول مركبة تعمل بمحركات تطير في جو كوكب آخر. وتبحث فرق ناسا حاليا عن أفضل مكان لإجراء هذه التجربة التاريخية «قبل نهاية الربيع»، على ما وعد نائب رئيس البعثة روبرت هوغ الجمعة. وأرسل «برسيفرنس» إلى الأرض حتى الآن أكثر من سبعة آلاف صورة التقطتها كاميراته. ونشرت «ناسا» في 24 فبراير الفائت صورة بانورامية لافتة جمعت لقطات عدة التقطها الروبوت الجوال في المنطقة التي حط فيها، تظهر قمة فوهة جيزيرو. وتظهر إحدى صور المركبة صخرة بنية فاتحة اللون استخدمت في تحليلها الأداة العلمية «سوبر كام» للمرة الأولى، وهي كاميرا فائقة التطور بحجم علبة حذاء، من تصميم فرنسي، مزودة بجهاز ليزر يمكنه إطلاق أشعته على صخرة لمسافة تصل إلى سبعة أمتار بهدف تحليل تركيبتها. ومن المتوقع أن تعرض «ناسا» النتائج الأسبوع المقبل. كذلك أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية أنها أطلقت على موقع هبوط «برسيفرنس» اسم مؤلفة قصص الخيال العلمي الكاتبة الأمريكية الإفريقية أوكتافيا إي بتلر التي ولدت في باسادينا (ولاية كاليفورنيا)، حيث يقع مختبر الدفع النفاث. آثار حياة في كوكب خارجي لا يروي البحث عن آثار الحياة على المريخ، كما تفعل «ناسا» حاليا، عطش العلماء، إذ هم لا يكتفون بهذا القدر من المعرفة، بل يريدون المزيد، فهل يمكن أن يعثروا على مبتغاهم خارج نظامنا الشمسي؟ فقد كشفت دراسة نشرت في مجلة «ساينس» المرموقة عن اكتشاف كوكب خارجي جديد يبدو أنه مثالي للبحث فيه عن غلاف جوي وعن آثار حياة حول نجم غير شمسنا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أوضح خوسيه أ. كابابييرو، وهو أحد معدي الدراسة التي ساهم فيها باحثون من خمس قارات، أن «الهدف النهائي هو العثور على علامات بيولوجية، وبصمات حيوية، في الغلاف الجوي للكواكب الخارجية، أي علامات الحياة على كواكب صالحة للسكن تشبه كوكب الأرض». ويبلغ عدد الكواكب الخارجية التي اكتشفت خارج المجموعة الشمسية على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الأخيرة أربعة آلاف، ولكن حتى الآن لم يتبين أن ثمة غلافا جويا إلا لعدد قليل منها. وشرح كاباييرو أنها «كانت كواكب غازية أو جليدية كبيرة «، إلا أن ما من أبحاث أجريت بعد «على كواكب بحجم الأرض». وأتاح اكتشاف هذه الكواكب للباحثين إمكان إجراء دراسة عن كوكب خارج المجموعة الشمسية «ذي طبيعة صخرية ككوكب الأرض»، ويمكن أن يكون له غلاف جوي «يشبه غلافنا الجوي»، على قول كاباييرو. وأضاف «نعتقد أن لهذا الكوكب الخارجي غلافا جويا «. وأطلقت على هذا الكوكب الخارجي تسمية «غليس 486 ب»، وهو أكبر بنحو 30 في المئة من كوكب الأرض، لكنه أثقل بمقدار 2,8 مرة، ويقع في ما يسمى المنطقة الصالحة للسكن حول نجم. ويبعد الكوكب «فقط 26» سنة ضوئية، مما يجعله ثالث أقرب كوكب خارجي عابر بين الكواكب الخارجية التي يعرفها العلماء، وتعني صفة عابر أنه على مسار يرى فيه يمر أمام نجمه. واستخدم الباحثون طريقتين مختلفتين لاكتشافه، تتمثل الأولى في مراقبة التغير في الضوء المنبعث من النجم أثناء مرور الكوكب أمامه، أما الثانية فهي السرعة الشعاعية التي تقيس «اهتزازات» النجم تحتها بفعل تأثير جاذبية الكوكب. ونظرا إلى أن «غليس 486 ب» قريب جدا من نجمه، فإن دورانه حوله يستغرق أقل من يوم ونصف يوم. بالإضافة إلى ذلك، يتميز النجم (الذي يسمى «غليس 486») بأنه شديد السطوع. وأتاح هذان العاملان الحصول على الكثير من البيانات، وبالتالي دراستها بهذا القدر من الدقة. وقال المعد الرئيسي للدراسة الباحث في معهد ماكس بلانك للفلك تريفون تريفونوف «عمدنا إلى مراجعة 350 نجما قزما أحمر بحثا عن علامات على كواكب صغيرة». لكن قرب هذا الكوكب الخارجي من نجمه يجعله شديد الحرارة (430 درجة مئوية على الأقل). وهو «مليء بالبراكين وأنهار الحمم البركانية»، وهو تاليا «غير صالح للسكن»، على ما لاحظ تريفونوف. ومع ذلك، إذا كان لهذا الكوكب غلاف جوي، «فإن كل الكواكب البعيدة (من النجم) ذات الخصائص المتشابهة سيكون لها غلاف جوي»، ومن المرجح أن تكون صالحة للسكن، بحسب خوسيه أ. كاباييرو. أما إذا لم يكن له غلاف جوي، فسينطبق ذلك أيضا على الكواكب الأخرى في المدار. ويصعب رصد هذه الكواكب نظرا إلى أنها بعيدة من نجمها، وبالتالي تمر بمعدل أقل أمامه. ومن هنا تبرز الحاجة إلى «البدء من نقطة ما». ووصف تريفونوف «غليس 486 ب» بأنه «اكتشاف مميز يتوقع أن يصبح عنصرا أساسيا في أبحاث الغلاف الجوي للكواكب الخارجية الصخرية». وينتظر تريفونوف بفارغ الصبر إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي المقرر هذا العام. فبفضله، سيصبح في الإمكان في غضون ثلاث سنوات في أحسن الأحوال،، تحديد ما إذا كان هذا للكوكب الخارجي غلاف جوي أم لا، وتوفير معلومات عن تكوينه. وبعد ذلك، ربما «في غضون عقد أو عقدين»، سيتيح أحد مناظيره معرفة ما إذا كانت توجد آثار حياة، على ما يأمل خوسيه أ. كاباليرو.