ودعنا المناضل الكبير عبد الواحد الراضي، رجُل الدولة الذي ترك بصمات في الحياة السياسية والجمعوية، حيث كان من الرعيل الأول داخل مؤسسة البرلمان، الوحيد الذي انْتُخب وأُعيدَ انتخابُه منذ أول برلمان مُنْتَخَب سنة 1963 إلى اليوم. وهو أحد مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، الذي سيُصبح كاتبَه الأول سنة 2008. رافَقَ عدداً من زعماء الحركة الوطنية والديموقراطية بينهم بالخصوص المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد. كما لَعِبَ دوراً مؤثراً في صياغَةِ مشروع التناوب. وكفاعل ورَجُلِ دولةٍ، عُيِّنَ وزيراً أكثر من مرة في عَهْدَيْ الملِكَيْن الحسن الثاني ومحمد السادس. شَغَل منصب رئيس مجلس النواب لأكثر من عشر سنوات، وترأس عدداً من المنظمات والمؤسسات البرلمانية الأورومتوسطية والإسلامية والمغاربية، قبل أن يُنْتَخبَ سنة 2011 رئيساً للاتحاد البرلماني الدولي، وذلك في علاقاتٍ مواظِبَةٍ لم تَنْقَطِع مع نساء ورجال وشباب منطقته، سيدي سليمان، بصفته البرلمانية. نعيد بعضا من سيرته الذاتية التي أنجزها الزميل والكاتب حسن نجمي بعنوان " المغرب الذي عشته " عَبْرَ سَرْدِ رَجُلٍ ملتزم، يحكي هذا الكِتَابُ تَاريخَ المَغْربِ وتحولاته منذ ثلاثينيات القرن العشرين حتى المصادقة على دستور 2011 مروراً بالأحداث الكبرى والصراعات والتوترات التي عَرفَها المغرب المعاصر، والدور المتميز الخاص الذي لعِبَهُ الرَّجُل، خصوصاً على مستوى ترتيب العلاقة والحوار بين الملك الراحل الحسن الثاني واليسار المغربي بقيادة الراحل عبد الرحيم بوعبيد والأستاذ عبد الرحمن اليوسفي…
ستَمُرُّ خلافة سي عبد الرحيم، على رأس الاتحاد الاشتراكي، في أحسن الظروف، حيث سيتحمل سي عبد الرحمن المسؤولية الأولى بالإِجماع. جاء الاقتراح من سي محمد اليازغي، كما أشرتُ من قبل، والذي أصبح بدوره نائباً للكاتب الأول باقتراح منّي أثناء اجتماع المكتب السياسي. وهو اقتراح كان منسجماً مع اقتناع الجميع وتحصيل حاصل. وحين اختار اللهُ تعالى إِلى جانبه أَخانا سي عبد الرحيم بوعبيد (23 مارس 1922 – 8 يناير 1992)، وخَلَفَه سي عبد الرحمن اليوسفي في موقع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رأَيْتُ من واجبي السياسي والتنظيمي والأَخلاقي أن أتصل بسي عبد الرحمن لأَضَعه في صورة العلاقات بين الحزب والملك، وما كان موكولاً إِليَّ ضِمْنَها بتنسيقٍ كاملٍ ومسؤول مع القيادة الحزبية، وبالخصوص مع سي عبد الرحيم. طَلَبْتُ رَأْيَه في هذا الأمر، وما إِذا كان يرى من ضرورة لهذه الاتصالات الموازية أم ينبغي أنْ نُوقِفَهَا؟ وكان رأْيُ سي عبد الرحمن أَن عَلَيَّ أن أُبْقيَ على ما كان قائماً في حياة الأَخ عبد الرحيم، فما مِنْ ضرورةٍ لِتَغْيير نهج وأسلوب عبد الرحيم رحمه لله. وفعلاً، واصلتُ هذه المَهَمَّة بالرُّوح نَفْسِها، بالصدق والأَمانة نَفْسِهما، والمسؤُولية الأَخلاقية والتاريخية ذَاتِها. لم تَكُنْ خلافة بوعبيد مَهَمَّةً سهلة، لكن الخَلَف كان في مستوى التحديات. وكانت هذه التحديات تتمثل بالخصوص في: تقوية وحدة الحزب وانسجامه، تأسيس وتفعيل الكتلة الديموقراطية، الذهاب إلى الانتخابات التشريعية المباشرة بمرشح مشترك مع حزب الاستقلال، خوض سلسلة الاستحقاقات الانتخابية المتعددة التي كانت تقف على الأَبواب، وطبعاً السعي إِلى إِنجاح الإِصلاح الدستوري. وكان أولُ مُشْكِل سيُوَاجِهُه سي عبد الرحمن، شهرين أو ثلاثة بعد تَسلُّمه مَهَامَّهُ ككاتبٍ أول جديد للاتحاد الاشتراكي، هو اعتقال ومحاكمة نوبير الأموي بعد تصريحه للصحيفة الإسبانية (البَّاييسْ) الذي اعْتُبر «قَذْفاً» في حق أعضاء حكومة عز الدين العراقي. وقد خلقت هذه الوضعية توتراً داخل الحزب وفي علاقاته مع الحكم، في الوقت الذي كانت فيه البلاد على أَبواب الإِصلاح الدستوري والاستحقاقات الانتخابية، وهما أَمران كانا يحتاجان إِلى حَدٍّ أَدنى من التوافق، لكن العكس هو الذي وجدنا أنفسنا نَنْجَرُّ إِليه. سَيُعقِّد اعتقال ومحاكمة الأَموي، إذن، مهام الكاتب الأول وأَعضاء المكتب السياسي، فقد نُظِر إِلى ذلك الحدث من طرفنا كاعتداء على الحزب وقيادته. ومن جهة الحكم، نُظِر إِليه كتعبير عن إِرادة تصعيد من جانبنا. المشكل الثاني الذي اعترض سي عبد الرحمن هو الضمانات من أَجل خوض انتخابات نزيهة، حُرة وذات مصداقية. وفي هذا الإِطار، كان على الكاتب الأول الجديد أن يشارك في اجتماعات ماراطونية كنتُ أُصاحبُه خلالها. وكنا نحضرها مع ممثلي السلطات التنفيذية والقضائية التي كانت تَنِمُّ باستمرار عن انعدام إِرادة سياسية، لدى السلطات التنفيذيّة أساساً، في اعتماد حلول ومقترحات الإِصلاح التي كانت تتقدم بها المعارضة، خصوصاً الاتحاد الاشتراكي. وفي أَحيان كثيرة، كانت السلطات تواجه اقتراحاتنا مدعمةً ببعض ممثلي أَحزاب الأَغلبية ! كنتُ أَستشعر حَرَج سي عبد الرحمن وإِحساسه بغير قليل من المضاضة والامتعاض ظل يَسْتَبطِنُهُما كاتماً غيضه، وذلك أمام سلوك البعض. ودائماً كان يُعَبِّر لي، في نهايات الاجتماعات، عن صَبْرِه وتَحَمُّلِهِ مضطراً لتلك السلوكات، حريصاً بروح تضحية على المصلحة العليا للبلاد. وكان يرأس تلك الاجتماعات في البداية محمد ميكو، ثم خلَفَه إِدريس الضحاك، بحضور أحمد رضا اگديرة وإِدريس البصري ورؤساء الأَحزاب السياسية. كان المشكل الثالث هو سعي سي عبد الرحمن إِلى العمل المضني لإِنجاح مشروع المرشَّح المشترك بيننا وبين حزب الاستقلال لخوض الانتخابات التشريعية. وكم كانت النقاشات الداخلية عويصة والمفاوضات مضنية مع حلفائنا. ثم طَرَحَ تزويرُ الانتخابات رَابِعَ مُشْكِلٍ يُوَاجهُهُ الكاتبُ الأول للاتحاد. فرغم الوعود، والتزام السلطات العليا للبلاد، ورغم مئات الساعات المُرْهِقَة التي كُرِّست وبُدِّدت في النقاشات والاقتراحات والتوافقات، كان هناك تزوير. وقد استطاع الاتحاد الاشتراكي، فيما يَخُصُّ الانتخابات المباشرة، انتخابات ثُلُثَيْ أعضاء مجلس النواب، أن يكون على رأس الأَحزاب ب48 مقعداً متبوعاً بحزب الاستقلال بِ42 مقعداً، والحزبان معاً حَصَلاَ إِذن على 90 مقعداً. ولكنَّ حزباً مثل الاتحاد الدستوري احتل الرتبة الخامسة ب27 مقعداً، سيُصبح في الصدارة –بعد انتخاب الثلث غير المباشر- كحزب أول بِ60 مقعداً، ليُلْقَى بالاتحاد الاشتراكي إِلى الرُّتْبة الخامسة. بالنسبة للأخ عبد الرحمن الذي تَحمَّل تلك المتاعب كُلَّها، بِصَبْرٍ وطاقةِ تَحمُّلٍ وشعورٍ عالٍ بالمسؤولية الوطنية، في شروطٍ من السجال والنقاش لم تكن متلائمة مع طبيعته، وَجَدَ نَفْسَه أمام النقطة التي أفاضت الكأس. وكم كنتُ شخصياً أَشْعُر بأَنه كان يعيش حالةً قُصْوَى من الضجر والإِرهاق داخل الحزب، فضلاً عن إِحساس تراجيدي في علاقته مع السلطات وباقي الشركاء السياسيين. وسيلخّصُ لي ذلك كُلَّه، بعد إِعلانه الاستقالة من مسؤولية الكتابة الأولى للحزب بقوله: «لم أَعُد أَتحمل المسلكيات السياسية لهذه البلاد». أحسستُ لحظتئذٍ، ومرةً أخرى، باحترام كبير لانسجام الرَّجُلِ مع نفسه ونزاهته الفكرية وصدقه الأَخلاقي وهو يَفْعَلُ ما يَقُولُه ويَقُولُ ما يَفْعَلُه. كما انْتَابَني حُزْنٌ عميق، في الآنِ نَفْسِه، من حيث بَدَا لي أن الحزب والبلاد سيَدْخُلان في أزمة لمدة قد تطول، وذلك رغم المجهودات المبذولة منذ عدة سنواتٍ للخروج من الحالة المأْزقية التي كانت توجد فيها البلاد طوال عقودٍ من التردد. وأَذْكُرُ أنني كنتُ، خلال وجود سي عبد الرحمن في مدينة كانْ الفرنسية، من بين الذين قاموا بزيارته هناك ضمن وفد القيادة الحزبية الذي تَشكَّل من الإِخوة ولعلو، الأموي، جسوس، الشرقاوي وعبد ربه، الراضي. وكان الهدف من هذه الزيارة هو أَن نضع سي عبد الرحمن في صورة تطورات الأَحداث منذ مغادرته البلاد، ومحاولة إِقناعه بضرورة الاستجابة لإِلحاحات المناضلين والمناضلات وجزء كبير من الرأي العام الوطني بأَن يتراجع عن قراره، ويلتحق مُجَدَّداً بموقعه على رأس القيادة الحزبية. كنا نحدثُه، وكان يُنْصِتُ إِلينا بإِمعانٍ وهدوء. وفي النهاية، لم يُعَبِّر عن قرار. لكنَّنا شعرنا بكوننا نَجَحْنا في تبليغ الرسالة. وعدنا من فرنسا مُفْعَمِين بالتفاؤل. وفعلاً، فبعد بضعةِ أَشْهُر، وبعد أَن حققت خطوتُه الجَادَّة أهدافها، عاد سي عبد الرحمن إِلى بلاده وموقعه القيادي في ظِلِّ ارتياح الجميع. تسلَّم إِذن مهامه على رأس الاتحاد وصحافته. وصادَفَتْ عَوْدَتُه محاولة إِطلاق الحوار من أَجل تحقيق التناوب. فقد كان الملك أعلن في خطاب 20 غشت 1995، في ذكرى ثورة الملك والشعب، عن قراره بتجديد الدستور وإِجراء انتخابات سابقة لأَوانها. ورغم الخَيْبَاتِ السابقة، استأنف سي عبد الرحمن حيويته وطاقاته ممسكاً بالزمام من جديد. فشارك في الأَعمال التحضيرية لمراجعة الدستور والإِعداد للانتخابات. كما انخرط في المناقشات حول مضمون الدستور والقوانين الانتخابية مع السلطات والحلفاء والأَحزاب الأخرى. عاد إِلى حَمْلِ الصخرة مرةً أُخْرى متطلعاً إِلى سلوك سياسي مختلف. وقد تَمَّ الأَخذُ بالاعتبار جزءاً لا بأس به من مطالبنا. ولأول مرة في تاريخ الاتحاد الاشتراكي، منذ تأسيس الحركة الاتحادية في سنة 1959، صَوَّتْنا إِيجابيّاً على دستور 1996. لم نتمكن من أن نُجدِّد العمل بصيغة المرشح المشترك مع حزب الاستقلال، خلال الانتخابات التشريعية السابقة لأَوانها في سنة 1997 كما حدَثَ في انتخابات 1993. فقد دافَعَ كلُّ حزب عن لونه واختياراته، واستطاع حزبنا أَن يحصل على الرتبة الأولى ب57 مقعداً في حين أُرْجعَ حزب الاستقلال إلى الرتبة الخامسة عَقِبَ ما تَعَرَّضَ له في الانتخابات من تلاعب واضح بنتائجه في عَدَدٍ من الدوائر. * عَلَيَّ أَنْ أُشيرَ إِلى أَنني، خلال المسلسل الانتخابي لسنة 1997، تمكَّنْتُ من أَنْ يُعَادَ انتخابي رئيساً للمجلس الجماعي لجماعة القصيبية، رئيساً للمجلس الإقليمي للقنيطرة، ورئيساً لمجلس جهة الغَرْب الشراردة بْني احْسَن، ثم رئيساً لمجلس النواب.. لأول مرة في مساري البرلماني الذي بَدأْتُه منذ سنة 1963. وما زلت أسمع إلى الآن صوت صديقنا أندري أزولاي وهو يهنؤني من أَعماق قلبه، بقَدْر من الاندهاش والارتياح، لكوني فُزْتُ بما سَمَّاهُ « Le grand chelem » مستعملاً هذا التعبير لإيلاء القيمة لانتخابي تباعاً في تلك الفترة الانتخابية، رئيساً لأربع مؤسسات تمثيلية من المحلي إلى الوطني مروراً بالإِقليمي والجهوي. وبخصوص رئاسة مجلس النواب هذه، وخلافاً لما جرَتْ به العادة حيث كان إِسم المرشَّح للرئاسة يَرُوج عدة أسابيع أو أَشْهُر من قبل، كان الصمتُ مُطْبِقاً تلك المرة (صمتُ الراديو silence radio، كما يُقَال). بَدَا الوضْعُ مُسْتَجَدّاً ومُلْغِزاً إِلى حدٍّ كبير، وحاولت فعاليات أَحزاب الأَغلبية السابقة أن تَسْتَخْبِرَ جرياً على عادتها، لكنها لم تحصل على أَيِّ معلومة أو توجيه. ولُوحِظَ أَن الجمع العام لمجلس النواب، والذي أَعْقَبَ الافتتاح الرسمي للولاية الجديدة الذي ترأس مراسيمه جلالة الملك الحسن الثاني، لم يَصْدُرْ عنه أَيُّ قرار ما عَدَا انتخاب مكتبه المؤقت (الأكبر سنّاً والأَصغر سِنّاً). أَما انتخاب الرئيس والمكتب الدائم فقد أُجِّلَ ب48 ساعة. وخلال تلك الفسحة الفاصلة من الوقت، اجتمعت فرُقُ الكتلة الديموقراطية للتشاور فيما بينها وقررت تعيين مرشَّحٍ مُوَحَّدٍ يمثِّلُها في شَخْصِ عَبْدِ رَبِّه، عبد الواحد الراضي، بدون دخول في مفاوضات مع أَحزاب الأغلبية السابقة. وجرى التصويت، كما سَبقَ لي القول في الفصل السابق، على مرشحَيْن، عبد الواحد الراضي عن فرق المعارضة ومحمد العنْصَر عن حزب الحركة الشعبية. فَانتُخِبتُ في الدور الأَول. ومن أول الذين بادروا إِلى تهنئتي، وبحرارة ومودة، كان أخونا عبد الرحمن اليوسفي الذي قال لي: «بعد عدة عقود، تَسَلَّمتَ المشْعَل من المهدي وها أَنْتَ تربط الحاضر بالماضي». فأسعدني رد فعْلِهِ الكريم، وبالخصوص هذه النظرة الثاقبة إِلى العمق التاريخي والرمزي لتراكم الأَفعال والخطوات في الأفق نَفْسِه. والواقع أنها كانت وضعية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، فَقَدَتْ فيها الطبقة السياسية المَعَالِمَ السابقة التي كانت متَّبَعَة من قبل. وتَاهَ عدد منهم في التخمينات إلى أَن مَرَّ شَهْرٌ على انتخاب رئيس مجلس النواب، فكلَّفَ جلالة الملك سي عبد الرحمن بتشكيل الحكومة الجديدة التي ستدخل تاريخنا السياسي تحت اسم (حكومة التناوب). وسأَلتقي على الفور الوزير الأول المعَيَّن، فقال لي: «سأَختار أَعضاء الحكومة من الأَحزاب التي شَكَّلَت الأَغلبية التي تكوَّنَت حول إِسْمِكَ. وإِذن، سَهَّلْتَ عليَّ المأمورية». نعني هنا بالأَغلبية الجديدة أحزاب: الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، التقدم والاشتراكية، منظمة العمل الديموقراطي الشعبي (الكتلة الديموقراطية)، فضلاً عن التجمع الوطني للأَحرار والحركة الوطنية الشعبية. بدأ سي عبد الرحمن اليوسفي أولى مشاوراته مع الأَحزاب الوطنية قصد تشكيل الحكومة الجديدة. وبعد انصرام أسبوعين، ذَهَب إِلى لقاء الملك الحسن الثاني ليضَعَه في صورة هذه المشاورات وأين وصلتِ الأَشياء. استقبله في يومِ خميس، وفي اليوم الموالي –وكان يوم جمعة، فيما أَذكر- استقبلني الملك. وكنتُ في حاجةٍ ماسة إِلى دعمه الشخصي حتى أستطيع –كرئيس جديد لمجلس النواب- القيامَ بعدد من الإصلاحات واتخاذ جملة من المبادرات. وكان قد بَدَا واضحاً أَمامي أنني بدون هذا الدعم لن أقوم بما كان ينبغي لي أن أقوم به. وبعد أن بسطتُ أمام الملك ما كان لديَّ من أَفكار ومقترحات حول عملنا البرلماني، سألني عن سي عبد الرحمن وكيف تتقدم الاتصالات التي يُجريها؟ أجبتُه: «سيدنا أَعْلَمُ منّي، فقد استقبلتُمُوه جلالتكم يوم أمس- حسب علمي». فقال لي: «أجل، هذا صحيح. استقبلتُه فعلاً». وأضفتُ: «بدون شك، سي عبد الرحمن في حاجة إِلى دعم سيدنا». قال جلالة الملك: «-معلوم، سأَدْعَمُه وأساعدُه. كأنه الآن يَسُوقُ السيارة التي أركبها إِلى جانبه. فهل سأريد أن يُصَابَ المُحَرِّك بعَطَب؟ على العكس، من المصلحة أَن أساعده».