التأكيد على تعزيز شراكة استراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات أشاد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية البرتغالي، باولو رانجيل، الثلاثاء بلشبونة، بالعلاقات الثنائية الممتازة بين المملكة المغربية وجمهورية البرتغال، معربا عن إرادة البلدين الراسخة في مواصلة تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. وأوضح رئيس الدبلوماسية البرتغالية، خلال ندوة صحافية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن الحكومة البرتغالية حريصة على إعادة تنشيط وتوطيد العلاقات مع المملكة، مؤكدا أن هذه العلاقات العريقة تكتسي طابعا استراتيجيا وأولوية خاصة في السياسة الخارجية البرتغالية، بالنظر إلى عمقها التاريخي وأبعادها الجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأشار المسؤول البرتغالي إلى أنه تم الاتفاق مع الجانب المغربي على إعطاء الأولوية لقضايا ذات طابع اجتماعي واقتصادي، لاسيما في ما يتعلق بتكثيف التبادل الأكاديمي، وتعزيز التعاون في مجالات الزراعة والاقتصاد الأزرق، خاصة المحيطات، بالإضافة إلى التنسيق الثنائي في إطار الأجندة الإفريقية، بالنظر إلى الروابط القوية التي تجمع كلا البلدين بعدد من الدول الإفريقية. كما أبرز الوزير أن المغرب والبرتغال مرشحان لعضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة -المغرب للفترة 2029-2030، والبرتغال للفترة 2027-2028- وهو ما يفتح المجال أمام دعم متبادل وتنسيق وثيق على مستوى الرؤية المشتركة حول دينامية المجتمع الدولي. وشدد في هذا السياق على أن التقارب الجيوسياسي بين البلدين من شأنه أن يشكل قيمة مضافة ليس فقط للعلاقات الثنائية، بل أيضا للتعاون بين إفريقيا وأوروبا، وبين دول ضفتي المحيط الأطلسي، مذكرا بأن المغرب والبرتغال يعتبران بوابتين استراتيجيتين على الأطلسي، ما يجعل من تعزيز التعاون في هذا المجال أولوية مشتركة. وخلص الوزير إلى التأكيد على أن البرتغال تعتبر نفسها "حليفا مهما للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي"، مشيرا إلى وجود إمكانيات واسعة للتعاون بين الجانبين على هذا المستوى. من جهة أخرى، أشادت البرتغال، باعتبارها بلدا أطلسيا، بالمبادرات الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، لصالح القارة الإفريقية. وتم التعبير عن هذا الموقف من قبل وزير الخارجية البرتغالي، في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده عقب لقائه، الثلاثاء بلشبونة، مع ناصر بوريطة. وجاء في الإعلان المشترك أن البرتغال، باعتبارها بلدا أطلسيا، نوهت بالمبادرات الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، لفائدة القارة الإفريقية، لاسيما مبادرة "مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية" و"المبادرة الملكية الدولية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي" ومشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي نيجيريا-المغرب". كما أشاد رانجيل بدور المملكة المغربية بوصفها رافدا للتنمية وداعما للاستقرار في المنطقة وفي إفريقيا. وفي هذا الإطار، نوه بالإصلاحات التي قامت بها المملكة المغربية تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك محمد السادس. وشددت المملكة المغربية وجمهورية البرتغال، في الإعلان المشترك، على دورهما الإيجابي والبناء في الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلام في منطقتيهما، مع تأكيد تشبثهما بهذه المبادئ، وكذا بالحل السلمي للنزاعات واحترام الوحدة الترابية وسيادة الدول. من جهته، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن المغرب والبرتغال تحذوهما إرادة مشتركة لتوظيف العمق التاريخي والقرب الجغرافي بين البلدين من أجل إرساء "شراكة استراتيجية ذات مضمون نوعي". وأوضح الوزير، خلال الندوة الصحافية، أن مباحثاته مع نظيره البرتغالي أفضت إلى وضع برنامج عمل لتفعيل هذا التوجه عبر تدابير عملية وملموسة، لاسيما من خلال تعميق الحوار السياسي بين البلدين، لافتا إلى تقارب المواقف بين الرباطولشبونة بشأن مختلف القضايا، وإلى الاحترام الكبير الذي يكنه المغرب للمواقف الرصينة للبرتغال تجاه القضايا الإفريقية والدولية. ولفت بوريطة إلى أن جلالة الملك محمد السادس يولي أولوية خاصة لتعزيز الشراكة بين المغرب والبرتغال، مبرزا طموح جلالته إلى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستويات أعلى، "بما يتجاوز بكثير ما تم تحقيقه حتى الآن". وأوضح بوريطة، أن زيارته إلى لشبونة تندرج في إطار تجسيد هذه الرؤية الملكية، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية – البرتغالية مطبوعة "بعمق تاريخي فريد وقرب جغرافي يجعل من البلدين جارين متميزين". وفي الشق الاقتصادي، أشار بوريطة إلى أنه جرى، بالمناسبة، تبادل الرؤى حول سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية، وذلك سعيا إلى تموقع البرتغال ضمن الشركاء الاقتصاديين العشرة الأوائل للمغرب. وشدد، في هذا الصدد، على ضرورة الانخراط القوي للقطاع الخاص في هذه الدينامية من أجل استثمار الفرص المتاحة في سياق العلاقات الثنائية. من جانب آخر، تطرق الجانبان، يضيف الوزير، إلى سبل تعميق التعاون في المجالات الثقافية والأكاديمية وتلك المرتبطة بالبحث العلمي، وذلك من أجل ترسيخ الروابط الإنسانية التي تجمع بين الشعبين المغربي والبرتغالي. وبخصوص قضية الصحراء المغربية، سجل بوريطة أن الموقف الذي عبرت عنه البرتغال في الإعلان المشترك، الذي تم اعتماده عقب لقائه بلشبونة مع نظيره البرتغالي، يندرج في إطار الدينامية الإيجابية التي أطلقها جلالة الملك من أجل التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية. وخلص الوزير إلى أن هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة من تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، بما يشمل الاستحقاقات الثنائية المقبلة، لا سيما لجنة المتابعة، واللجنة المشتركة، والزيارات الوزارية، والزيارات على أعلى مستوى. وفي إطار الدينامية الدولية التي أطلقت بقيادة جلالة الملك محمد السادس، الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، عبرت الجمهورية البرتغالية، الثلاثاء، عن "دعمها الكامل لمبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الأساس البناء والأكثر جدية ومصداقية من أجل تسوية هذا النزاع". وتم التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي اعتمده ناصر بوريطة، ونظيره البرتغالي، باولو رانجيل، عقب لقائهما بلشبونة. وجاء في الإعلان المشترك أن البرتغال تدرك أهمية هذه القضية بالنسبة للمغرب، وكذا الجهود الجادة وذات المصداقية التي تبذلها المملكة في إطار الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل، ودائم، ومقبول من لدن الأطراف.