على بُعد 33 كيلومتراً فقط من الدارالبيضاء، حيث الأضواء والاقتصاد والتنمية، تقع جماعة سيدي رحال الشاطئ التي أصبحت نموذجاً صارخاً لتناقضات "مغرب السرعتين". شاطئ بطول 9 كيلومترات يستقطب آلاف المصطافين صيفاً، لكن في المقابل يعيش السكان على وقع انقطاعات متكررة للماء، وعشوائية عمرانية، وعقار حبسي يعيق التنمية منذ عقود. هنا، حيث تلتقي جمالية الطبيعة بقسوة التهميش، يعيش السكان مفارقات يومية صادمة: أكبر محطة لتحلية مياه البحر في إفريقيا تُشيَّد على أراضيهم، لكنهم يعانون العطش. فيلات فاخرة تطل على البحر، بينما أحياء مثل حي الشرف ومول العلام ما زالت ناقصة التجهيز منذ 2003. شاطئ يُسوَّق كوجهة سياحية، لكن داخله أزقة غير معبدة ومياه عادمة تجري أمام البيوت. الشباب يواجهون بطالة خانقة وهجرة يومية نحو المدن المجاورة. النساء في وضعية هشاشة متفاقمة. الأطفال بين مدارس مكتظة وبيئة غير صحية. أما الساكنة ككل، فترى نفسها مجرد "أرقام موسمية" تُستحضر في الصيف وتُنسى شتاء. ورغم قتامة الصورة، يظل الأمل ممكناً. فالخطاب الملكي (يوليوز 2025) دعا صراحة إلى إنهاء ثنائية "المغرب النافع وغير النافع"، ورسالة وزير الداخلية (غشت 2025) تحدثت عن جيل جديد من التنمية الترابية، فيما جاءت زيارة عامل إقليمبرشيد لتؤكد أن الدولة تضع عينها على المنطقة. الفرص حقيقية: محطة التحلية يمكن أن تكون حلاً جذرياً لأزمة الماء. العقار الحبسي (491 هكتاراً) يمكن أن يتحول من عائق إلى رافعة للتنمية. القرب من الدارالبيضاء يمنح إمكانيات هائلة للاستثمار والتشغيل. يبقى السؤال الحاسم: هل ستتحول سيدي رحال الشاطئ من مرآة لمغرب السرعتين إلى نموذج للعدالة المجالية؟ أم ستظل شاهدة على الهوة بين الخطاب التنموي والواقع المعيش؟ استحقاقات 2026 ستكون الاختبار الحقيقي: للدولة في ترجمة خطابها إلى واقع، وللأحزاب في تقديم برامج واقعية، وللمجتمع المدني في فرض التغيير. فسيدي رحال الشاطئ ليست مجرد جماعة ساحلية، بل قضية وطنية تختبر إرادة الجميع في الانتقال من مغرب السرعتين إلى مغرب العدالة المجالية.