لم يكن صعود سفيان البقالي إلى منصة التتويج في بطولة العالم لألعاب القوى بطوكيو حدثا عاديا، بل حمل في طياته صورة مكثفة عن واقع الرياضة المغربية: بطل وحيد يقاتل بصبر ومثابرة لانتزاع ميدالية فضية، في مقابل فراغ واسع يحيط به بعد أن غابت بقية الأسماء الوطنية عن دائرة المنافسة. هكذا بدا المشهد، فضية يتيمة بفضل جهد فردي، ووراءها منظومة مترهلة يقودها نفس الرئيس منذ عقدين من الزمن دون حصيلة توازي حجم التطلعات ولا رصيد الماضي الذهبي. في سباق 3000 متر موانع، كان البقالي على بعد جزء من الثانية من كتابة صفحة خالدة في تاريخ أم الألعاب، غير أن النيوزيلاندي جوردي بياميتش خطف الذهب بزمن (8.33.88) متقدما بفارق ضئيل على البطل المغربي (8.33.95)، فيما حل الكيني إدموند سيروم ثالثا (8.34.56). وبرغم ذلك، فإن النتيجة لا يمكن أن تحجب مرارة الخسارة، بعدما ضاع حلم التتويج الثالث تواليا، ليكتفي المغرب بإنجاز فردي معزول سرعان ما كشف عن خواء المشاركة الوطنية بمجملها. هذه البطولة أعادت إلى الواجهة سؤال التراجع والانتكاس المتواصل الذي يلاحق ألعاب القوى المغربية منذ سنوات. فبعدما كان المغرب يحجز مقاعد ثابتة في منصات التتويج بفضل أسماء لامعة مثل سعيد عويطة، هشام الكروج، صلاح حيسو، نوال المتوكل وحسناء بنحسي، فاطمة عوام، إبراهيم بولامي… صار الحضور اليوم محصورا في عداء واحد يحمل العبء بمفرده، بينما بقية العدائين يسقطون تباعا في الأدوار الأولى أو يختارون حمل قمصان أجنبية تضمن لهم دعما أوفر وظروفا أفضل. المسؤولية هنا لا تنفصل عن الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، التي يقودها عبد السلام أحيزون منذ ما يقارب عقدين، من دون أن يواكب طول مقامه نتائج تليق بتاريخ المغرب الرياضي. فقد تحولت هذه المؤسسة إلى جهاز إداري يفتقر إلى رؤية واضحة أو سياسة تكوين فعالة، تاركا المجال مفتوحا أمام نزيف المواهب. ولعل بطولة طوكيو خير دليل على ذلك، حيث يشارك عداؤون من أصول مغربية بألوان أجنبية، مثل محمد كتير الذي اختار إسبانيا، وياسين حتو الذي حمل قميص البحرين، ومهدي غرداد الذي برز مع إيطاليا، ما يطرح سؤالا مقلقا: كيف لبلد صنع أساطير في ألعاب القوى أن يعجز عن الحفاظ على أبنائه؟ فضية البقالي، على أهميتها، لا يمكن أن تحجب العجز البنيوي ولا أن تستغل كما العادة، لتزيين حصيلة فقيرة وإنجازات فردية، بل تستوجب أكثر من أي وقت مضى مساءلة الجامعة ورئيسها حول جدوى الاستمرار في نفس النهج رغم تراكم الإخفاقات. ولعل طول المدة دون نتائج وازنة يكشف حدود القيادة الحالية، ويجعل مطلب التجديد وإعادة البناء أكثر من ضرورة، بل شرطا أساسيا لإنقاذ ما تبقى من إشعاع المغرب في هذه الرياضة.