أشاد الكيميائي سعد أبو المعاطي، الأمين العام للاتحاد العربي للأسمدة، بريادة المملكة المغربية من خلال مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في مجال إنتاج الفوسفاط الخام وتصنيع الأسمدة الفوسفاطية، مشددًا في الوقت ذاته على أهمية تبني سياسات على المستوى العربي والعالمي لتحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وتشجيع الابتكار في إنتاج الأسمدة الذكية والصديقة للبيئة، إلى جانب توسيع الأسواق الدولية والرهان على التعاون المشترك لتحقيق أمن غذائي مستدام وبناء صناعة قادرة على المنافسة عالميًا. وقال أبو المعاطي، في كلمة له بمناسبة افتتاح أشغال المؤتمر والمعرض الفني السنوي السابع والثلاثين لإنتاج الأسمدة، الذي نظمه الاتحاد سالف الذكر اليوم الثلاثاء بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة بن جرير: "إن هذا المؤتمر يعقد في المغرب للمرة الخامسة، ونحن سعداء وفخورون باستضافة المكتب الشريف للفوسفاط أشغال دورته الحالية، لأسباب عديدة منها أن المكتب شركة عريقة تأسست منذ أكثر من قرن من الزمن، بالضبط سنة 1920، وشغلت أول منجم في السنة التي تلتها". وأضاف المتحدث ذاته، الذي سبق أن شغل منصب ممثل صناعة الأسمدة عن قارة إفريقيا في "الاتحاد العالمي للأسمدة"، أن "هذا المجمع المغربي يملك نحو 50 مليار طن من احتياطي خام الفوسفاط، فيما تقدر الاحتياطات العالمية بنحو 75 مليار طن، كما أنه سينتج 20 مليون طن سنوياً من الأسمدة الفوسفاطية بحلول عام 2027′′، مبرزا أن "المجمع يمتلك خطاً لنقل الأسمدة الفوسفاطية من المناجم إلى المصانع بطول 250 كيلومتراً، وبطاقة تصل إلى 4400 متر مكعب في الساعة، إلى جانب خط لنقل المياه بطول 250 كيلومتراً وبطاقة تصل إلى 10 آلاف متر مكعب في الساعة". وزاد المسؤول ذاته: "المكتب الشريف للفوسفاط راكم العديد من الإنجازات، فإلى جانب ريادته في صناعة وإنتاج الأسمدة تمكن من زرع 4,5 ملايين شجرة مثمرة يذهب إنتاجها إلى الجمعيات والمؤسسات التابعة للشؤون الاجتماعية"، مضيفاً أن "الاستضافة داخل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية تعني وجود علاقة بين البحث العلمي والصناعة، خاصة صناعة الأسمدة". وتابع الأمين العام للاتحاد العربي للأسمدة بأن "هذا المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الأهمية، حيث تتزايد التحديات التي تواجه صناعة الأسمدة والزراعة، ويشتد الطلب على الغذاء، وتتداخل الأبعاد الاقتصادية والبيئية والسياسية في صياغة مستقبل هذه الصناعة الحيوية"، مشيراً إلى أن "هذا الحدث أصبح على مدار تاريخه منصة سنوية رائدة تجمع تحت سقفها صناع وخبراء صناعة الأسمدة والباحثين وأصحاب التقنيات والموردين لمناقشة أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا الإطار، ولتبادل الخبرات والمعلومات، وتعزيز التعاون بين الشركات حول العالم". وتابع أبو المعاطي شارحا: "من هنا يبرز الدور المحوري والحيوي للسياسات الرشيدة التي توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، إذ نحن بحاجة إلى تشريعات واضحة تنظم تجارة وصناعة الأسمدة، وتدعم توجيه المزارعين نحو الاستخدام الأمثل للأسمدة، وتصوغ رؤية متكاملة تضمن استدامة الموارد الطبيعية وتقلل من الهدر والتلوث". وذكر المتحدث أن "المسؤولية المشتركة الجسيمة في هذا الشأن تتطلب تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع لزيادة الطاقة الإنتاجية، وتحديث المصانع المتقدمة، وتنويع المنتجات لتشمل الأسمدة التقليدية والذكية والحيوية بما يتماشى مع التوجهات البيئية العالمية، إلى جانب فتح أسواق جديدة للتصدير، خصوصاً في إفريقيا وآسيا حيث تتزايد الحاجة إلى المنتجات الزراعية، ثم تشجيع البحث العلمي والتطوير في مجال الأسمدة الذكية والمخصبة، وتوطيد الشراكة الدولية مع المؤسسات والمنظمات لتبادل الخبرات وجذب الاستثمارات". وسطر المسؤول ذاته على أن "العالم يعيش اليوم مرحلة تغير تطبعها الأزمات الاقتصادية والحروب والتغيرات المناخية، وهي عوامل تؤثر جميعها في صناعة الأسمدة"، مردفا: "شهدنا جميعاً كيف أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادات غير مسبوقة في تكاليف الإنتاج، وكيف عطلت الأزمات العالمية سلاسل التوريد، وعليه أصبحت المرونة وتعزيز القدرة على التكيف ضرورة إستراتيجية لا غنى عنها". وأشار أبو المعاطي إلى أن "هذا المؤتمر هو منصة للتفكير الجماعي وإعادة صياغة مستقبل صناعة الأسمدة وتحويل التوصيات إلى خطط عمل واقعية تحدث أثراً ملموساً في حياتنا الاقتصادية والزراعية"، داعياً في الوقت ذاته إلى العمل على صياغة إستراتيجيات وسياسات فاعلة وحلول لوجستية متطورة لضمان مستقبل أكثر استقراراً واستدامة لصناعة الأسمدة في العالم العربي. وخلص المتحدث إلى أن "الاتحاد العربي للأسمدة يولي منذ تأسيسه أهمية بالغة لقضايا الاستدامة، وعمل على دعم الجهود الرامية إلى إنتاج أسمدة صديقة للبيئة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وتقليل الانبعاثات الكربونية"، خاتما: "ونحن نؤمن بأن التعاون العربي والدولي هو السبيل الأمثل لبناء صناعة قوية قادرة على المنافسة عالمياً والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العربي والعالمي".