تفاصيل الإتفاق بين رئيس الحكومة والمركزيات النقابية    التنسيق الميداني للتعليم يؤجل احتجاجه    وزير خارجية غامبيا يؤكد على أهمية المبادرة الملكية من أجل الأطلسي    نيروبي.. وزيرة الاقتصاد والمالية تمثل جلالة الملك في قمة رؤساء دول إفريقيا للمؤسسة الدولية للتنمية    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    الحبس النافذ لصاحبي أغنية "شر كبي أتاي"    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    بتنسيق مع "ديستي".. الحرس المدني يحجز زهاء طنين من الحشيش بسواحل إسبانيا (صور)    الدرك يوقف مشتبها فيه بقتل تلميذة    مجلس النواب.. انطلاق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية برسم سنة 2024    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    الاتفاق رسميا على زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام بمبلغ 1000 درهم شهريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    يوم دراسي حول مكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي    الحوار الاجتماعي..الحكومة ترجئ الحسم في ملفي التقاعد والإضراب إلى حين التوافق مع النقابات        الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    ارتفاع أسعار الأضاحي يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    التنسيق النقابي لقطاع الصحة…يقرر مواصلته للبرنامج النضالي    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    عقوبات ثقيلة تنتظر اتحاد العاصمة بعد انسحابه أمام نهضة بركان    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    الروائي الأسير باسم خندقجي يهزم السجان الإسرائيلي بجائزة "بوكر العربية"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    طلاب مغاربة يتضامنون مع نظرائهم الغربيين الداعمين لغزة    تزگل باعجوبة. مقرب من العائلة ل"كود": زكريا ولد الناصري ما عندو رالو وها كيفاش وقعات لكسيدة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    للمنافسة عالميا.. جهود مغربية لتطوير صناعة الألعاب الإلكترونية    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    جماهير اتحاد العاصمة معلقة على الإقصاء: تم التضحية بنا في سبيل قضية لا تعنينا    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألمانيا على إيقاع 2009 .. سنة التحديات الكبرى: 60 سنة على ألمانيا الحديثة، 20 سنة على الوحدة، 15اقتراعا، ركود اقتصادي و رهان السياسة الخارجية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 17 - 01 - 2009

سنة التحديات الكبرى، هذا هو الشعار الأساسي لألمانيا 2009 حيث مرور 60 سنة على تأسيس ألمانيا الحديثة و 20 سنة على توحيد شطريها. كيف ستعيش ألمانيا هذين الحدثين على ضوء عدد من التحديات و الرهانات؟ أولاها كثرة الاقتراعات التي ستستدعي الألمان من خلال 15 اقتراعا للادلاء بأصواتهم بين الانتخابات المحلية و الجهوية و انتخابات الرئاسة الألمانية و الانتخابات الأوروبية دون أن ننسى انتخابات البندستاغ في سبتمبر القادم، إلى جانب أزمة اقتصادية تخنق الاقتصاد الألماني فرضت على حكومة برلين اقتراض 50 مليار يورو ليكون بذلك
أكبر قرض في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. هكذا ستجد ألمانيا نفسها أمام تحديات كبيرة سترخي بظلالها على السياسة الداخلية بالاضافة إلى السياسة الخارجية، حيث أزمة الشرق الأوسط و صراع جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا الذي يفرض على ألمانيا بصفتها الجار الأقرب للمنطقة سياسة خارجية
تجعلها بين سندان مصالحها الاستراتيجية و مطرقة مصالح الاتحاد الأوروبي. سنحاول هنا
ومن خلال هذه الرسالة
بسط هذه التحديات.
انتخابات هيسن: تيرموميتر
الايقاع السياسي
تجمع كل استطلاعات الرأي ووسائل الاعلام و مختلف الفاعلين السياسيين في ألمانيا على أن انتخابات الأحد في ولاية هيسن ستكرس رولاند كوخ المنتصر الجديد الذي سيعود كرئيس للوزراء بهذه الولاية بعدما فقدها قبل سنة. و لقد أقرت الأحزاب السياسية في الولاية بضرورة اعادة الانتخابات نظرا للوضعية المعقدة التي خلفها الاقتراع السابق، حيث لم تنجح مساعي الأحزاب في تشكيل أغلبية مريحة تقودها للظفر بقيادة هذه الولاية و بالتالي وضع حد للتسيير المنفرد لرولان كوخ أحد الوجوه البارزة في الحزب المسيحي الديموقراطي.
ومعلوم أن هذه الانتخابات هي بداية لسلسلة من الانتخابات التي ستعرفها ألمانيا سنة 2009 و تصل إلى 15 اقتراعا بين انتخابات محلية و أخرى جهوية و انتخابات الرئاسة الألمانية و انتخابات البندستاغ، بالاضافة إلى الانتخابات الأوروبية مما حذا بوسائل الاعلام الألمانية أن تطلق على هذه السنة سنة الانتخابات. و تجدر الاشارة إلى انتخابات هيسن تشكل حلقة أساسية في المشهد السياسي الألمانية حيث يعتبرها عدد من المراقبين بانها تيرمومتر المشهد السياسي في ألمانيا، وهي الانتخابات المعادة على ضوء النقاش الذي تفجر بسبب اصرار أندريا ابسيلنتي على التحالف مع حزب اليسار إلى جانب الخضر للظفر بمنصب رئيس الوزراء. ففي الوقت الذي كانت تسير الأمور في هذا الاتجاه حيث و لأول مرة و حتى يتم تفادي مفاجآت منح الثقة داخل البرلمان الجهوي نظم اقتراع سري داخل الفرق البرلمانية لكل من الحزب الاشتراكي الألماني بجهة هيسن و حزب الخضر و حزب اليسار و حصلت هذا التحالف على ثقة الفرق البرلمانية، غير أنه عشية الاجتماع التأسيسي للتحالف من أجل انتخاب حكومة جديدة فاجأ أربعة برلمانيين من الحزب الاشتراكي في ندوة صحفية الرأي العام السياسي ومع أندريا ابسيلانتي التي كانت تستعد لتقلد منصب رئيس الوزراء بالاعلان عن عدم تصويتهم لصالح هذا السيناريو، مما جعل أحلام ابسيلانتي تذهب أدراج الرياح لتقر الاحزاب السياسية بضرورة اعادة الانتخابات.
ولقد خلفت هذه الوضعية استياء عام لدى الرأي العام في ولاية هيسن بسبب عدم وضوح رؤية الحزب الاشتراكي الألماني تجاه التعامل و التنسيق مع حزب اليسار الذي يبدو أنه أربك الخريطة السياسية الألمانية حيث فرض عليها التمطط للقبول بخمسة أحزاب بدل أربعة مما يعقد من وضعية التحالفات و ان كان حزب اليسار قد حصل على الشرعية الانتخابية، فإنه لم يحصل بعد على الشرعية السياسية التي يبدو أنها لا تزال بعيدة المنال عنه لكون مختلف مكونات المشهد السياسي في ألمانيا ترفض التعامل معه، إما لمواقفه الشعبوية التي يدغدغ بها عواطف الناخبين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعرفها البلاد منذ الاصلاحات الاقتصادية التي أقرها غيهارد شرويدر المستشار السابق أو بسبب ماضيه السياسي المرتبط ببعض الشيوعيين السابقين في جمهورية ألمانيا الديموقراطية.
وللتذكير، فإن هذه المعطيات تكتسي أهميتها الخاصة على ضوء الاستعداد للانتخابات العامة للبندستاغ الألماني خريف 2009 الذي من المفروض أن يشهد تنافسا كبيرا بين ميركل المستشارة الحالية عن الحزب المسيحي الديموقراطي و نائبها ورئيس الديبلوماسية الألمانية فالتر فرانك شتاينماير مرشح الحزب الاشتراكي الديموقراطي للتنافس على منصب المستشار، والذي جاء ترشيحه في ظل الأزمة التي تفجرت داخل حزبه على اثر استقالة الرئيس السابق كورت بيك وتراجع الحزب في الخريطة الانتخابية العامة.
الركود الاقتصادي قد يزيح ألمانيا على عرش لائحة المصدرين
تسلمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نهاية السنة المنصرمة التقرير السنوي الذي يصدره مجلس «حكماء الاقتصاد الخمسة الكبار». وأشار التقرير الذي يقيم الوضع الاقتصادي في البلاد إلى أن ألمانيا قد تواجه ركودا تاما. ويرى الحكماء أن هذا التراجع في معدل النمو الاقتصادي في ألمانيا يجعل من الممكن وصف حالة الاقتصاد بالركود. واستهل الخبراء الاقتصاديون تقريريهم بأن "الصدمات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية ضربت بشدة الاقتصاد الألماني" وذلك "بعد بداية موفقة في الربع الأول من عام 2008، غير أن الأمور تدهورت لتضع ألمانيا على حافة كساد اقتصادي". وكانت ألمانيا قد شهدت تراجع النمو الاقتصادي في الربع الثاني من 2008 وانكماشاً في الربع الثالث، نتيجة الأزمة المالية. ومن ناحية أخرى تطرق التقرير إلى ملف البطالة، وأشار المستشارون الاقتصاديون إلى أن الاقتصاد الألماني سيعرف انكماشا سنة 2009 مما سيؤدي إلى تلاشي الازدهار الذي تشهده سوق العمل في البلاد، متوقعين أن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
وللخروج من تلك الأزمة، نصح الخبراء الاقتصاديون الحكومة الاتحادية بزيادة التنمية في ألمانيا، وذلك عن طريق زيادة الاستثمارات، حتى وإن جلبت معها ديونا جديدة مؤقتة. وقال رئيس المجلس، البروفسور برت روروب: "علينا إيجاد إجابات بشأن الضعف الواضح في الاقتصاد". وأوصى روروب الدولة بزيادة الاستثمار في مجال البنية التحتية والتعليم من أجل إنعاش الاقتصاد.
وافق التحالف الحكومي المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و شقيقه المسيحي الاجتماعي والحزب الاشتراكي الديمقراطي على سلسلة جديدة من الحوافز الاقتصادية لدعم الاقتصاد الألماني بقيمة 50 مليار يورو الرامية إلى تجنيب أكبر اقتصاديات أوروبا أسوأ تداعيات الركود. وتعتمد الخطة الجديدة على تقديم التمويل اللازم لإنقاذ الصناعات المتعثرة من خلال القروض وخفض الضرائب على الأرباح، علاوة على ذلك سيتم تأسيس صندوق حكومي لدعم الصناعات المتعثرة من خلال منح القروض والضمانات. كما تردد أن قيمة التمويل الموجه "لصندوق الائتمان والضمان" ستصل إلى 100 مليار يورو. ويركز البرنامج الحكومي على ضخ استثمارات إضافية في مشاريع البنية التحتية والتعليم يتقاسم أعباء تمويلها كل من الاتحاد والولايات والبلديات، إذ سيتم رصد ما بين 17 و18 مليار يورو لهذه المشاريع حسب ما نقلته وسائل الاعلام الألمانية. كما يتضمن البرنامج الثاني لإنعاش الاقتصاد الألماني تخفيضات وإعفاءات ضريبية بالنسبة للمواطنين والشركات بحجم تسعة مليار يورو وذلك ابتداء من 1 يوليو القادم.
و تعتمد الخطة الجديدة على تقليل رسوم التأمين الصحي للعمال وهو ما يعني استفادة كل أسرة تقريبا في ألمانيا من الخطة، إذ سيتم تخفيض نسبة القسط المحدد للتأمين الصحي الذي يقتطع من رواتب الموظفين. بالإضافة إلى ذلك اتفقت الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الموسع على دفع 100 يورو لمرة واحدة لكل طفل في ألمانيا وهو نصف المبلغ الذي طالب به الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وتعد هذه الخطة إنعاش الاقتصاد هي الثانية من نوعها بعد تلك التي أقرتها الحكومة الألمانية في نهاية العام الماضي التي تعتبر أضخم حزمة إنعاش اقتصادي خلال 64 عاما، أي منذ خروج ألمانيا من الحرب العالمية الثانية. ولم يشعر كثيرون من الألمان العام الماضي بتأثير الركود الاقتصادي نظرا لاستقرار الأسعار الأساسية. لكن مع تراجع أسواق التصدير وتدهور الثقة في الاقتصاد تتزايد المخاوف من فقدان المزيد من الوظائف في مجال صناعة السيارات والآلات. تعتزم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل توزيع حزمة المساعدات المالية التي خُصصت لإنعاش الاقتصاد على شقّي ألمانيا الشرقي والغربي بصفة متساوية. جاء ذلك عقب جدل حاد في الأوساط السياسية حول تصريح للمستشارة أعلنت فيه عزمها تقديم مساعدة مالية أكبر لولايات غرب ألمانيا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن شرق ألمانيا، الذي كان يُشكّل الجمهورية الديمقراطية الألمانية الإشتراكية قبل سقوط جدار برلين عام 1989، كان قد استفاد من عدة مساعدات مالية كثيرة طوال العشرين عاما الماضية. وكانت هذه التصريحات أثارت انتقادات حادة، حيث وصف نائب البرلمان الألماني التابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي كارستين شنايدر المُستشارة الألمانية بأنها تسعى من خلال ذلك إلى الفوز بأصوات سكان الشقّ الغربي في ألمانيا والذين يناهز عددهم سكان الشقّ الشرقي من البلاد. كما صرح وزير المواصلات الألماني فولفغانغ تيفينزيه أنه لم يتم من قبل تجاهل غرب ألمانيا، وأن المساعدات المالية لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا. وفي تصريح نسب لرئيس ولاية سكسونيا السفلى كريستيان فولف أحد الوجوه الأساسية في حزب ميركل قال فيه:إنه يجدر أن يكون الهدف من وراء المساعدات المالية "دفع كل البلاد إلى الأمام". وطالب باستثمار المساعدات في البُنية التحتية وليس في جهة معينة من البلاد على حساب أخرى. من جهته نوه يورغين روتغه رئيس ولاية شمال الراين واستفاليا الواقعة في الغرب الألماني، حسب نفس المصدر باقتراح ميركل تقديم دعم أكبر لولايات غرب ألمانيا وشدّد على صوابه، مشيرا إلى تداعيات الأزمة المالية على البلاد.
رهان السياسة الخارجية
خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط التي زار خلالها كل من إسرائيل ومصر، أجرى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير محادثات مع مسؤولين إسرائيليين ومصريين وفلسطينيين تركزت على البحث عن طريقة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. لكن ما هي فرص نجاح هذه الجهود، لاسيما بعد رفض طرفي النزاع الالتزام بقرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار؟ وفي هذا الإطار يقول رولف موتسينيش العضو في البرلمان الألماني: "إن لدينا قرارا أمميا ملزما، رفضه كلا طرفي النزاع". وفي السياق ذاته أعرب موتسينيش عن أسفه لعدم اغتنام الجانبين الهدنة التي استمرت لبضع ساعات وتحوليها إلى وقف دائم لإطلاق النار.وحول هذه المشاركة قال موتسينيش: "إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار يستدعي إرسال بعثة من المراقبين الدوليين وتم الطلب من ألمانيا المشاركة ضمنها، عندها سيقوم البرلمان الألماني بتقييم هذه المشاركة والدور الذي يجب على ألمانيا أن تقوم به في هذا الإطار". كما اعتبر السياسي الألماني أن إعلان وزير الخارجية الألماني خلال زيارته الأخيرة للقاهرة استعداد ألمانيا للوصول إلى حل مبادرة في الاتجاه الصحيح. بيد أنه اعتبر أن الأمر سيطرح علامات استفهام كثيرة إذا ما تعدت المشاركة الألمانية ذلك ليشمل المشاركة في وحدات قبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة التي يمكن نشرها في منطقة النزاع.
وحول ما إذا كانت زيارة شتاينماير الأخيرة للشرق الأوسط تعكس غياب تحرك أوروبي موحد للعب دور الوساطة بين أطراف النزاع، اعتبر موتسينيش أنه ليس من الضروري دائما مناشدة الأطراف الدولية، بقدر ما يجب أولا مناشدة أطراف النزاع نفسها لإبداء استعدادها للتوصل إلى حل وسط. وحول ما إذا كان يُنظر إلى ألمانيا كوسيط محايد وصادق، يرى البرلماني الألماني موتسينيش أنه ينبغي على أطراف النزاع نفسها تحديد ذلك. لكنه عموما يرى أنه من خلال المحادثات والزيارات إلى المنطقة يتضح أن ألمانيا تحظى بقبول مختلف هذه الأطراف.
من ناحية أخرى لفت موتسينيش الانتباه إلى أن ألمانيا لديها علاقات خاصة مع إسرائيل لأسباب تاريخية، لكن اذا لم تكن هذه العلاقة تثير حساسية باقي أطراف النزاع، "أعتقد أنه بإمكان ألمانيا، إذا كانت تلك رغبة أطراف النزاع، أن تساهم في التوصل إلى حل للصراع في الشرق الأوسط أو على الأقل المساهمة في الحفاظ على استقرار المنطقة".
وفي السياق نفسه سبق للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن أجرت محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس من أجل وقف إطلاق النار. ولقد تم الاعلان من خلال المؤتمر الصحفي أن ألمانيا وفرنسا على استعداد "للقيام بمُبادرة مشتركة" وذلك من أجل المساعدة على تحقيق السلام في الشرق الأوسط وحلّ الأزمة في غزة، دون تحديد طبيعة هذه المبادرة. على صعيد آخر، أشادت المستشارة الألمانية بالموقف المصري إزاء الأزمة في غزّة وقالت "نحن نشكر رغبة الرئيس المصري حسني مبارك في تحمّل المسؤولية". وأضافت ميركل أن ألمانيا وفرنسا ستبذلان سويّا كافّة الجهود المُمكنة لإنجاح مُبادرة الرّئيس المصري حسني مبارك. على صعيد آخر، رفض متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الانتقادات التي وجهّها إليها بعض السياسيين الألمان على خلفية تصريحاتها التي تُحمّل حركة حماس وحدها المسؤولية الكاملة عن تصعيد التوتّر في قطاع غزة. وأوضح المتحدث أن وجهة نظر ميركل، التي أعلنت عنها أثناء خطابها بمناسبة العام الجديد، تتوافق مع وجهة نظر وزراء الخارجية الأوروبيين. وأضاف أن ميركل قد أعربت أيضا في خطابها عن رغبتها الشديدة في التوصّل إلى هدنة بين الطرفين في أقرب وقت ممكن. وفي سياق متّصل أوردت العديد من وسائل الاعلام الألمانية تصريحات رولف موتسينيش، نائب عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان الألماني (البوندستاغ) وخبير في شؤون الشرق الأوسط، والذي كان انتقد المستشارة الألمانية بالقول: "في الوقت الراهن لا يتعلق الأمر بمناقشة مسؤولية طرف ما" عن اندلاع الأزمة. ولفت عضو البرلمان الألماني، الذي شدّد في الوقت نفسه على أنه من حقّ إسرائيل حماية نفسها من صواريخ حركة (حماس)، إلى أن هناك حاجة ماسّة للتوصّل إلى هُدنة، مؤكّدا على أن ذلك يستوجب تفعيل الجهود السّياسية من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار. و طالب فولفغانغ غيركه، خبير الشؤون الخارجية في الجناح البرلماني لحزب اليسار الألماني المعارض، المُستشارة ميركل ووزير خارجيتها بممارسة "النقد الصريح مع الأصدقاء"، في إشارة منه إلى إسرائيل، وذلك بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. في حين أعرب فيرنه هويا، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر المعارض الشؤون الخارجية وسكرتير دولة سابق في وزارة الخارجية الألمانية، عن مساندته المبدئية لموقف المستشارة، مشيرا إلى مسؤولية (حماس) في كسر الهدنة، غير أنه قال في الوقت نفسه: "أعتقد أن الحديث عن مسؤولية طرف ما في اندلاع الأزمة لا يخدم المساعي الضرورية للتوصّل إلى هدنة"، وذلك بحسب الموقع الالكتروني "شبيغل أولاين". وأشار هويا إلى أن ألمانيا تؤيّد حقّ إسرائيل في ضمان أمنها، لكنها في الوقت نفسه تتمتّع بسمعة طيّبة في العالم العربي، ولهذا يتعيّن على الحكومة الألمانية التفكير في ماهية المساهمة التي تريد تقديمها لانجاح مساعي السّلام في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.