دعا امحند العنصر إلى تعيين وزير أول محايد، لأنه يرى أن «الحياد شرط في إجراء الإصلاحات الدستورية المطلوبة». في كلام الأمين العام لاتحاد الحركات الشعبية ما يفيد بأن هناك منطقا وراء هكذا مطلب. المعروف بأن في صلب المطالب الإصلاحية في المغرب اليوم، والتي جاءت بعد التطور الإصلاحي الكبير الذي راكمه العهد الجديد، يوجد مطلب الوزير الأول وتقوية دوره ووجوده. ومن قوة الوزير الأول، أن يكون من الأغلبية السياسية التي تسانده، والتي تكون مسنودة بأغلبية شعبية وسند شعبي واضحين. فقوته إذن ليست فردية، أو بدنية يحصل عليها من مساره الأكاديمي أو من تردده على قاعات الكمال الجسماني! الحياد الذي يدعو إليه العنصر تاكتيك سياسي لإضعاف الحكومة أو إسقاطها، بعد أن كان يريد المشاركة فيها، طبعا فتم «تحييده» منها. وهو بذلك لا يحمل مطلبا إصلاحيا إلا لكي يدكه بالسياق السياسي.. من آفة السياسة والحركة الإصلاحية في البلاد أنها ما زالت تعاني من وعكات الماضي، والذي يتم علاجها بوصفات قديمة تشبه محاولة علاج الشيزوفرينيا في منغوليا بأدوية فرعونية تعود الى رع الأول!! ما الفرق بين الدعوة إلى وزير أول محايد، قبيل الانتخابات القادمة ووزير أول تقنوقراطي بعد الانتخابات القادمة؟ لا فرق في الجوهر.. الفرق فقط في التوقيت. المثير أيضا.. أن العنصر، الذي يعد زعيم حزب في المعارضة يطرح أجندة أقل بكثير من الأغلبية الحكومية. هو حول تاريخي، أو معارضة تمشي على رأسها، وفي كلتا الحالتين علينا إما أن نطلب من الله تعالى أن يمن علينا ذات يوم بأن نرى ...واحدا! أو نرى رأسين عوض القدمين. هناك من يعتقد بأن علينا أن نفصل المطلب الدستوري على مقاس الذي تقدمه لنا السياسة اليوم، وبذلك تكون النتيجة أن الإصلاح لا يخلق وضعا جديدا لتجاوز القصور والتعثر ، بل يتعطل لكي تنزل الفكرة الإصلاحية إلى عطب الممارسة. لنتفق جيدا: الإصلاح، مهما كان نصه لا يمكنه أن يكون منشطا من المنشطات الرياضية،كما أن الدستور لا يمكنه أن يكون غطاء لأي وزير ضعيف. لا يحمي القانون الأسمى الجبن السياسي مهما كان.. الذي يجب أن يكون حاضرا هو أن وزيرا أول قوي ضرورة لتطور البلاد ولاستقرارها، ولكي يكون هناك معنى للممارسة السياسية، التي بانت ضرورتها بعد 40 سنة من تبخيسها ومحاولة قتلها... ونحن على سرير الإحتضار.. لقد كان الوزير الأول في صلب محنة النقل، وكان في صلب النقاش حول الإقتطاع، وكان في صلب الحديث عن تشكيل الحكومة، وكان في صلب النقاش حول التاريخ والذاكرة، ولا يمكن أن نغفل دوره وحاجته إلى القوة المؤسساتية ... ومن الغريب أن هذه الحاجة تبرز أكثر عندما يبدو رهينة لدى أشخاص من قبيل شباط الذي قال عنه «الوزير الأول عندو جريدتو يقول فيها ما يريد» كما لو أنه غير معني بقوته داخل حزبه وداخل حكومته. إن الاستراتيجيات الفردية الغريزية، سواء كانت باسم المعارضة أو باسم الأغراض الذاتية لا يمكن إلا أن تزعج (وهي كلمة مؤدبة) الوزير الأول..الآن وغدا.