بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    اتحاد طنجة يفوز على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديوان المظالم يكشف البيروقراطية الإدارية المعطلة لمصالح المواطنين وغياب الالتزام بضوابط سيادة القانون

مبادرة إيجابية يقوم بها أطر ومستخدمو ديوان المظالم من خلال تجندهم لإصدار تقرير سنوي عن نشاط هذه المؤسسة الوسيطة بين الادارة والمواطنين الهادفة إلى تخفيف بعض العبء عن الطرفين والتدخل المنظم للمساعدة على وجود حلول لبعض المشاكل العالقة بين المواطن والمرفق العمومي بشكل يضمن حق الاول وحفظ ماء وجه الثاني.
التقرير التالي الذي سندرج منه بعض المعطيات جاء برسم سنتي 2006 - 2007 يؤكد أن الجماعات المنتخبة (قروية وحضرية) والادارة العمومية أولى المعتدين على حقوق وحريات المواطنين والموظفين.
وإذا كنا لا نعطي أهمية لما تنجزه وتنشره مختلف المنظمات الاجنبية عن وطننا من تقارير - سلبية كانت أم ايجابية - فإننا على العكس من ذلك نعتبر أن المنظمات المغربية، بما فيها تلك ذات التوجه السياسي أو الشبه الرسمية (لكون أجور العاملين بها تصرف من المال العام) يكون لدى مسؤوليها وأطرها حد أدنى من الروح الوطنية يجعلها تكشف عن جزء ولو قليل من مشاكلنا الاجتماعية، ومعاناتنا النفسية مع الادارة والدوس عن حقوقنا هنا وهناك.
التقرير سجل بعض النقائص في عمل الادارة المغربية نتمنى صادقين ان تلتفت له الجهات المعنية بالأمر
تطبيقا للتعليمات الملكية السامية، ومن أجل انخراط فعلي في مسلسل تخليق الحياة العامة التي شرعت فيه حكومة صاحب الجلالة، أعدت المؤسسة دراسة داخلية حول ظاهرة الارتشاء في القطاع العام، رفعت إثرها الى جلالة الملك حفظه الله تقريرا تركيبيا يتضمن مقترحاتها من أجل محاربة هذه الآفة.
وبالموازاة مع الانشطة التي همت معالجة الشكايات برسم سنتي 2007/2006، وجهت المؤسسة تقريرين الى السيد الوزير الاول يتعلق أحدهما بطلب تفعيل آلية تسوية الخلافات بين الادارة والمواطنين، والآخر بآلية تشكيل لجان ثنائية بين ممثلي بعض الادارات والمؤسسة من أجل معالجة مشتركة لبعض الشكايات وتتبع مآل تنفيذها.
كما أصدر السيد وزير الداخلية منشورا للسادة الولاة والعمال من أجل إيلاء الشكايات الواردة عليهم وعلي الجماعات المحلية الاهملية الخاصة التي تستحقها وتتبع مآلها، وذلك استجابة لطلب المؤسسة.
وفي الوقت نفسه، تم وضع آلية للتنسيق بين مصالح وزارة العدل والمؤسسة من أجل توجيه وإرشاد المشتكين الذين يتقدمون بشكايات أو تظلمات تهم قضايا من اختصاص قطاع العدل.
أولا: إسهام المؤسسة في مكافحة ظاهرة الارتشاء
في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة المغربية من أجل مكافحة آفة الارتشاء، والعمل على تخليق الحياة العامة، وتكريس ثقافة الشفافية في علاقة المواطن بأجزة الدولة، سعت مؤسسة ديوان المظالم الى الإسهام بفعالية في الانخراط في هذا الورش الاصلاحي الكبير، تطبيقا للتعليمات الملكية السامية، وتفعيلا للدور الذي تنهض به في مجال تنمية التواصل بين الادارة والمواطنين، وإشاعة ثقافة المواطنة والمصالحة، وتحسيس موظفي الادارة ومسؤوليها بالضرورة القصوى للالتزام بضوابط سيادة القانون، ومبادئ العدل والانصاف.
وفي هذا السياق رفعت المؤسسة تقريرا الى جلالة الملك يتضمن مقترحاتها لمكافحة ظاهرة الارتشاء، كما أصبح والي المظالم عضوا رسميا في الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة.
1 التقرير المرفوع الى جلالة الملك بشأن مقترحات المؤسسة لمكافحة ظاهرة الارتشاء في إطار اهتمام المؤسسة بدراسة المعيقات التي تحول دون قيام الادارة بالمهام الموكولة إليها في أحسن الظروف، والإكراهات التي تعاني منها الادارة على مستوى الاجراءات والمساطر، والوقوف عند العراقيل التي يلاقيها المواطن من أجل الحصول على الخدمات العمومية، إسهاما منها في مسلسل تخليق الحياة العامة، قامت المؤسسة بإعداد دراسة داخلية حول ظاهرة الارتشاء وبعض مظاهر الفساد في القطاع العمومي، تضمنت تشخيصا للوضعية، الراهنة، ومقترحات عملية لتفعيل الاجراءات والتدابير الرامية لمحاربة آفة الارتشاء بالادارات العمومية.
وقد رفعت في هذا الاطار وفي ضوء الدراسة المنجزة تقريرا تركيبيا الى جلالة الملك حفظه الله، تضمن عناصر التشخيص المذكورة، والمقترحات التي تراها المؤسسة كفيلة بإصلاح الوضع ومحاربة هذه الآفة.
وفي هذا السياق، تبين للمؤسسة من خلال المعطيات المتوفرة لديها أن آفة الارتشاء ليست ظاهرة خاصة، أو ممارسة معزولة، بقدر ما أصبحت في بعض القطاعات الادارية والمرافق العامة سلوكا متواترا وعادة سلبية مستفحلة، تشكل مظهرا من أخطر مظاهر الفساد الاداري الذي يسيء لسمعة الدولة وأجهزتها العمومية، وتكلف الاقتصاد الوطني أموالا طائلة، وتعوق مسيرة الاصلاحات في عدة قطاعات حيوية، وتمثل سلوكا نشازا في عمل السلطات العمومية، يحول دون ترسيخ قيم المواطنة الحقة، والحكامة الرشيدة، والعلاقة المتوازنة والشفافة بين المواطن وأجهزة الدولة.
وإذا كانت ثمة أسباب اجتماعية واقتصادية قد تدفع بعض المواطنين الى سلوك سبل الارتشاء قصد قضاء مصالحهم، والحصول على الخدمات التي تقدمها المرافق العامة التي يفترض فتحها في وجه المرتفقين على قدم المساواة، فإن دراسة هذه الظاهرة تؤكد أزمة أسبابا أخرى من أهمها:
أولا: البيروقراطية الادارية المعطلة لمصالح المواطنين، ولاسيما ما يتعلق منها بالتعقيدات التي تشوب بعض المساطر والاجراءات الادارية المعمول بها في بعض الادارات والمرافق التي تقدم خدمات عمومية للمواطنين.
ثانيا: غياب الالتزام بضوابط سيادة القانون لدى بعض العاملين بالمرافق العامة.
ثالثا: عدم فعالية الاجهزة الرقابية، الداخلية بالإدارات، وعدم قيامها بالواجب في معاينة المخالفات للقانون، ولاسيما في علاقة الادارات المركزية بمصالحها الخارجية، وعدم مساءلة المخالفين من الموظفين والاعوان عن أفعالهم وممارساتهم المشينة والمنافية لأخلاقيات المرفق العمومي ومقتضيات المصلحة العامة.
رابعا: الغياب شبه التام لثقافة التقويم لعمل بعض الاجهزة الادارية من أجل تحسين أدائها، وتجاوز ثغراتها، وتصحيح نقائصها، وترشيد نفقاتها، وهو ما يكرس عدة ممارسات تضر بمصالح المواطنين، وبحسن سير الإدارة. ويؤثر على مردوديتها مما ينعكس سلبا على وتيرة الاصلاحات في البلاد، وتنفيذ مشاريع التنمية المنشود بسبب اتباع الاساليب نفسها دون مراجعة أو تمحيص لمدى نجاعتها وفعاليتها في مواكبة التطورات المتلاحقة التي تعرفها مختلف القطاعات.
خامسا: عدم اعتناء بعض المسؤولين الاداريين بالمصالح الادارية المكلفة بالتواصل مع المواطنين على صعيد أجهزة الادارة المحلية، ولاسيما المصالح التي يشرف عليها المنتخبون، وغياب سياسة إعلامية شفافة على مستوى هذه الاجهزة القريبة من المواطن من حيث مقرها، والبعيدة عنه من حيث التواصل والإخبار وتقديم الخدمات العمومية التي يطلبها.
سادسا: عدم تحديد آجال تقديم بعض الخدمات الادارية، مما يترك للإدارة سلطة تقديرية يتم استغلال من قبل بعض الفئات من المواطنين، والمصلحة العامة.
سابعا: عدم تفعيل مبدأ التصريح بممتلكات المسؤولين العموميين والمسؤولين المنتخبي، وعدم تتبع ذمتهم المالية من أجل التأكد من سلامة وضعيتهم المالية، ومعاقبة مظاهر الثراء غير المشروع الذي يتم عن طريق الارتشاء والابتزاز وبيع الخدمة العمومية واستغلال النفوذ، والتصرف في الاموال العامة خارج دائرة القانون والضوابط التنظيمية المرعية.
ثامنا: غياب الشفافية فيما يتم إبرامه من صفقات عمومية من قبل عدة إدارات عمومية، وعلى رأسها الجماعات الجماعات المحلية، وعدم الالتزام بأحكام القانون، وسلوك ممارسات غير مشروعة في الاعلان عن هذه الصفقات وإسنادها، وعدم مراقبة تنفيذها وإنجازها، بل وإبرام صفقات بأضعاف أثمانها الحقيقية بسبب الاداء المتأخر لمستحقات أصحاب هذه الصفقات.
وثم عوامل أخرى لا تقل أهمية عن الأسباب سالفة الذكر، تمثل عوامل مساعدة بدرجة متفاوتة على انتشار ظاهرة الارتشاء، في مقدمتها طبيعة الاعراف الاجتماعية التي أصبحت سائدة لدى شرائح واسعة من المواطنين، واولتي تكرس ثقافة التواطؤ واليأس واللمبالاة والمشاركة في ارتكاب جريمة الارتشاء دون أي إحساس بالذنب أو المسؤولية الملقاة على عاتق كل مواطن. وهو أمر يعكس الخلل العميق الذي يشوب فعالية نظامها التربوي في شقة المتعلق بالتربية على قيم المواطنة ومنظومة الحقوق المدنية وثقافة الشأن العام.
وقد سجلت المؤسسة العمل الرائد الذي بذلت حكومة جلالة الملك جهدا حثيثا من أجل إعداده وتحضيره، لاسيما التدابير المتخذة من أجل مراجعة المنظومة القانونية التي تؤطر حماية المال العام، سواٍء تعلق الامر بإقرار إجبارية التصريح بالممتلكات من لدن المسؤولين عن تدبير المرافق العامة، أم تعلق الامر بالمسؤولين عن تدبير المرافق العامة، أم تعلق الامر بالمسؤولين الاداريين أو المنتخبين أو غيرها من أعضاء هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة بمختلف مستوياتها، أو إعادة النظر في الإطار القانوني المرجعي لنظام الصفقات العمومية، أو إحداث هيئة مركزية لمحاربة آفة الارتشاء، أو تبسيط بعض المساطر الادارية ببعض الادارات العمومية، أو مراجعة منظومة الرقابة على المالية العمومية، وغيرها من الاجراءات والتدابير التي سيكون لها وقعها الخاص، وتأثيرها العميق في منهجية عمل أجهزة الدولة وأسلوب تدبير الشأن العام. وكلها إجراءات تندرج في إطار التفعيل الامثل للمفهوم الجديد للسلطة، الذي أبدعه جلالة الملك.
وفي إطار هذا المنحى، وسيرا على نفس النهج، ومن أجل إسهام مؤسسة ديوان المظام باعتبارها قوة اقتراحية فاعلة في مجال الاصلاح الاداري والتشريعي والقضائي وسعيا لتحسين أداء أجهزة إداة الدولة، ومحاربة كل مظاهر التجاوز والفساد، تضمن التقرير الذي رفعته المؤسسة الى جلالة الملك حفظه الله الى جانب عناصر التشخيص المشار إليها، مقترحات من أجل تفعيل التدابير المتخذة لمحاربة آفة الارتشاء بالإدارات العمومية وسائر المرافق العامة، وهي مقترحات ذات طابع عملي وميداني تهم جوانب التفعيل والتتبع والممارسة، وتشكل إجراءات مواكبة للمنظومة القنونية التي سيتم اعتمادها من قبل البرلمان، والتدابير التي تسعى الحكومة لتطبيقها.
ويتعلق الأمر بالمقترحات التالية:
أولا: أن يفضل سيدنا المنصور بالله بتعيين مندوب لدى والي المظالم مكلف بقضايا الرشوة، تطبيقا لأحكام المادة الثانية من الظهير الشريف المحدث لمؤسسة ديوان المظالم، يتولى تلقي الشكايات والتظلمات المتعلقة بقضايا الرشوة وتتبعها مع المصالح المعنية بوزارة العدل، والتنسيق مع مصالح النيابة العامة فيما يخص إجراء الابحاث والتحريات، وتحريك مسطرة المتابعة القضائية عند عند الاقتضاء.
ثانيا: تمكين مؤسس ديوان المظالم من العضوية في الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، حتى تتمكن من تتبع أشغال هذه الهيئة، والتنسيق معها، وتقديم الاقتراحات الإجرائية التي تعدها المؤسسة بين الفينة والاخرى فيما يخص محاربة الارتشاء ودراستها من قبل هذه الهيئة وتتبع تنفيذها عند اعتمادها، في نطاق عمل متكامل وتنسيق محكم بين الهيئة والمؤسسة.
ثالثا: وضع برنامج وطني للتحسيس والتواصل من أجل محاربة آفة الرشوة ومظاهر الفساد في تدبير الشأن العام. ويكون هذا البرنامج موجها لفئات المواطنين بمختلف شرائحهم، وسائر المسؤولين والعاملين بالإدارات والمرافق العامة بمختلف درجاتهم، وهو برنامج يمكن إنجازه على المدى المتوسط خلال مدة خمس سنوات، تحت عنوان خماسية مكافحة الرشوة تتعبأ من أجل إعداده والسهر على إنجازه، وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الاتصال ومؤسسة ديوان المظالم، ووسائل الاعلام السمعية والبصرية. حتى تترسخ رسالة البرنامج لدى عموم المواطنين وسائر العاملين بالادارة، وتتحقق الاهداف المرجوة.
رابعا: أن يتفضل سيدنا المنصور بالله بإصدار تعليماته السامية الى الوزير الاول في حكومة جلالته، من أجل إعداد إعلان وطني لمحاربة آفة الرشوة يكون بمثابة وثيقة ذات قيمة مرجعية وتوجيهية تتضمن تذكير جميع العاملين بالادارات العمومية وسائر المرافق العامة بالالتزامات القانونية في معاقبة كل سلوك مخالف للقانون أو مناف للشرعية وأخلاقيات المرفق العمومية.
خامسا: أن تقوم كل إدارة لها صلة بجمهور المرتفقين بإصدار »ميثاق الادارة والمواطن« ليشكل الوثيقة المرجعية لتعريف المواطن بحقوق والتزاماته فيما يخص الخدمات العمومية التي تقدمها هذه الادارة، توخيا للشفافية في التعامل بينها وبين المرتفقين، وتحقيقا لمفهوم الادارة االمواطنة.
سادسا: أن يصدر ضمن المنظومة القانونية الجديدة الخاصة بالصفقات العمومية إطار قانوني مرجعي خاص بالنسبة للصفقات التي تبرمها الجماعات المحلية من جهة، وإطار قانوني مرجعي نموذجي آخر بالنسبة للصفقات التي تبرمها المؤسسات العامة مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه المؤسسات ومجالات نشاطها.
سابعا: إقرار نص خاص مبدأ مساءلة الاجهزة المكلفة بالرقابة بموجب نصوص قانونية، في حالة عدم اتخاذها الاجراءات والتدابير المنصوص عليها في النصوص التشريعية أو التنظيمية، عند معاينتها أو اطلاعها أو علمها بوجود عمل أو تصرف صادر من أي كان يندرج ضمن مفهوم الرشوة كما حدده القانون.
ثامنا: إصدار نص قانوني خاص من أجل إقرار مبدأ تحديد ستين يوما كآجال قانونية للتوصل بجواب الادارة على طلبات المواطنين المتعلقة بالاستفادة من بعض الخدمات العمومية، عندما يتعلق الامر بإنجاز مشاريع اقتصادية أو مهنية أو اجتماعية، واوعتبار عدم جواب الادارة داخل هذه الآجال قبول وموافقة ضمنية.
وحتى تحفظ حقوق الادارة في حماية المصلحة العامة والنظام العام واستقرار الاوضاع القانونية، يستحسن أن يتم تحديد الانشطة الاقتصادية والمهنية والاجتماعية التي يمكنها الاستفادة من تطبيق هذا المبدأ بنص قانوني إقرار للتوازن بين مصالح الافراد والمصلحة العامة.
تاسعا: مراجعة المقتضيات المطبقة في النظام القانوني المغربية التي تخول للإدارة صلاحية إجراء تخفيض أو مراجعة للمبالغ المفروضة على المرتفقين الملزمين بدفعها، كما هو الحال في مجال الجمارك والضرائب، وإقرار ضوابط مرجعية يتعين مراعاتها من قبل العاملين بهذه الادارات، وحصر سلطة اتخاذ قرارات التخفيض أو المراجعة في يد هيئات جماعية بدل سلطة المسؤولين الأفراد.
إقرار مبدأ التصريح بالممتلكات في حق مساعدي القضاء ومراقبتهم، وتحديد تسعيرة أتعابهم تجنبا للتجاوزات التي يعاني منها المواطنين من جراء سلوك بعضهم.
حادي عشر: مراجعة أحكام المادتين 248 و256/1 من القانون الجنائي الخاصة بجريمة الرشوة من أجل إدخال تعديلات عليها، حتى يتسنى رفع الغرامة المحكوم بها عشر مرات (المادة 248)، والاقتصار على تمتيع الشخص الراشي بالعذر المخفف فقط في الحالة التي يبلغ المعني بالامر السلطة القضائية بفعل الارتشاء قبل تنفيذه (المادة 256/1).
وقد تفضل جلالة الملك حفظه الله، بإبداء موافقته السامية على هذه المقترحات التي تشكل إجراءات عملية من شأن العمل بها الإسهام في محاربة فعلية لكثير من مظاهر الارتشاء في علاقة المواطنين بالإدارات العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.