1. الرئيسية 2. تقارير بسبب حوار تلفزيوني بين جزائريين حول الأمازيغ.. الجزائر تُطلق نيرانها الإعلامية على الإمارات بعد شهر على مكالمة تبون وابن زايد الصحيفة من الرباط السبت 3 ماي 2025 - 14:37 بِلُغة مستمدة من تقارير الإذاعات العربية في زمن الحروب أو الانقلابات خلال الستينات والسبعينات، فاجأت الجزائر الجميع، أمس الجمعة، وهي تبث تقريرا عبر قناتها العمومية، يهاجم الإمارات العربية المتحدة ويتوعدها ب"قطع اليد وبتر القدم وقلع اللسان"، بعد أسابيع من بروز تقاربٍ تلا أشهرا طويلة من الجفاء بين الرئيس عبد المجيد تبون والشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ولعل من حِكمة القدر أن تكون الصحافية التي صاغت التقرير تحمل اسم "صونيا قاسي"، لأن ما جاء فيه كان بالفعل هجوما قاسيا، مُتجاوزا لكل الضوابط الدبلوماسية، على اعتبار أن الأمر يتعلق بقناة حكومية، بلغَ حد وصف حكام البلد الخليجي ب "الأقزام القائمين على دويلة الإمارات المصطنعة"، واستخدام عبارات غير أخلاقية على غرار "الشرف تاج على رؤوس الشرفاء لا يراه اللقطاء". حوار بين جزائريين ما يثير الغرابة أكثر في الموضوع، أن التقرير كان رد فعل على حوار تلفزيوني، بثته قناة "سكاي نيوز عربية" ضمن برنامج "السؤال الصعب" حول الأمازيغ في الجزائر، وفيه كانت المذيعة الجزائرية فضيلة سويسي تناقش مواطنها المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، وتجادله حول قناعاته بأن الهوية الأمازيغية غير موجودة وأنها "مجرد صنيعة استعمارية". المُتابع للبرنامج سيَلحظ أن الأمر كان عبارة عن نقاش لعبت فيه المذيعة سويسي دور الطرف الآخر في مواجهة بلغيث، فَحين كان يُصر على نفي وجودٍ أمازيغي في شمال إفريقيا ويعتبر الحركة الأمازيغية "صنيعة إيديولوجية تقف خلفها فرنسا لتحقيق التفرقة"، كانت هي تُواجهه بدراسات ومعطيات تاريخية تصنف الأمازيغ في خانة السكان الأصليين للمنطقة، وتدافع عن لغتهم وثقافتهم. والظاهر، أن هذا النقاش بين جزائريين حول شأن جزائري، في قناة "سكاي نيوز عربية"، التي تعد استثمارا مشركا بين الشركة الدولية للاستثمارات الإعلامية IMI في أبو ظبي، ومجموعة "سكاي" الإعلامية البريطانية، لم يرق لصناع القرار في الجزائر، الذين قرروا الدخول في صراع علني مع البلد الخليجي، يكون مسرحه القنوات التلفزيونية. هجوم بعبارات عنيفة الثابت أن الهجوم الإعلامي على الإمارات كان شاملا من لدن كل وسائل الإعلام الجزائرية العمومية أو المقربة من السلطة، بما يشمل قنوات مثل "النهار" وAL24 وصحف ومواقع مثل "الشروق" و"الخبر" و"أوراس"، لكن الأمر اتخذ طابعا رسميا حين بثت القناة العمومية تقريرها عبر نشراتها الإخبارية، انطلقا من أن ما بثته "سكاي نيوز" يمثل "تصعيدا إعلاميا خطير من دويلة الإمارات المصطنعة، يتجاوز كل الخطوط الحمراء تجاه وحدة وهوية الشعب الجزائري"، وفق تعبير التقرير. وفي الخطاب الذي كان أشبه برد رسمي مُمعِن في انتقاء العبارات القدحية، اعتبرت الجزائر أن ما حدث يُعتبر "استهدافا خطيرا لثوابت الشعب الجزائري العريقة ومحاولة التشكيك في أصول الجزائر وتاريخها العميق"، وتابعت "تهجم دويلة الإمارات المصطنعة على الجزائر ذات التاريخ المقاوم ليس سوى محاولة يائسة من كيانات هجينة تفتقر إلى الجذور والسيادة الحقيقية". ولجأ التلفزيون العمومي الجزائري إلى لغة التهديد والوعيد، موردا أن "التحريض الإعلامي الذي يمس هوية الشعب الجزائري لن يمر دون محاسبة أخلاقية وشعبية"، وتابع "الطعن في وحدة الشعب الجزائري ليس مجرد إساءة إعلامية بل عدوان يطال القيم والسيادة والمصير المشترك"، مضيفا أن هذا "الطعن يأتي فقط من أجل حصد المزيد من الولاء لمن يقض مضاجعهم استقرار الجزائر وتقدمها"، وفق تعبير القناة. انتهاء شهر العسل يأتي الهجوم الجزائري على أبو ظبي بعد شهر من بروز تقاربٍ بين عبد المجيد تبون ومحمد بن زايد، إذ أعلنت الرئاسة الجزائرية في 31 مارس 2025، أن رئيس الجمهورية تلقى اتصالا هاتفيا من "أخيه" رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، هنأه فيه بعيد الفطر المبارك معبرا له عن تمنياته بموفور الرخاء والتقدم للشعب الجزائري، وتابعت "من جانبه بادل السيد رئيس الجمهورية، الرئيس الإماراتي تهاني العيد متمنيا للشعب الإماراتي الشقيق، كل الخير، كما اتفق الرئيسان على لقاء يجمعهما في أقرب الآجال". ولجوء التلفزيون العمومي الجزائري إلى تلك النبرة الحادة في الهجوم على الإمارات، يتجاوز حتى الصيغ التي استعملها تبون نفسه في عز الأزمة شهر أبريل 2024، خلال لقاء مع وسائل إعلام محلية، إذ اتهمها بتوظيف أموالها في بؤر التوتر عبر العالم، دون تسميتها بشكل صريح، موردا أن "من أوقد نار الفتنة حلت به اللعنة"، في إشارة إلى رئيس الدولة محمد بن زايد. وحينها، ربط تبون بشكل ضمني بين الإمارات وبين حالة عدم الاستقرار والنزاعات المسلحة التي تشهدها دول مثل ليبيا والسودان، وعندما سُئل تبون إذا ما كان امتناعه عن ذكر اسم البلد يمثل فرصة أخيرة أمامه حتى يراجع مواقفه، أجاب أن بلاده "تكتم غيظها عن التصريح بأي كلام عنيف تجاه تلك الدولة"، وأورد أنه "يدعو كثيرا لتلك الدولة أن يهديها الله إلى سواء السبيل"، مضيفا أن تصرفاتها "غير منطقية"، وأن مسؤوليها "أخذتهم العزة بالإثم، عندما لم تتم الاستجابة لمطالبهم"، وتابع أن "الجزائر لن تركع، وبأن تلك الدولة عليها أن تأخذ العبرة من دول عظمى أخرى". وكان الرئيس الجزائري استعمل لغة التهديد خلال حديثه الضمني عن الإمارات، موردا أن بلاده التي "قدمت 5 ملايين و630 ألف شهيد" لن تقبل من أي دولة أن "تفرض عليها تصرفاتها"، محذرا إياها من "الاقتراب من الجزائر" رغم حديثه عن أنه لا يكن لها أي عداوة، خاتما بالقول "من تجرأ على التحرش بالجزائر نقول له للصبر حدود"، كان ذلك في ظل اتهام الجزائر للإمارات بأنها تدعم المغرب و"تُسلحه" لمواجهة جبهة "البوليساريو" الانفصالية، بسبب قرارها فتح تمثيلية دبلوماسية لها في الصحراء، كما اتهمها أنها كانت السبب في رفض طلب بلاده الانضمام إلى مجموعة "البريكس".