في عالم تتصارع فيه الدول على التنمية، وتحشد فيه الحكومات إمكانياتها لبناء مستقبل شعوبها، اختارت السلطة في الجزائر طريقًا معكوسًا: صرفت ما يفوق 500 مليار دولار — نعم، نصف تريليون — فقط لمجابهة المغرب، لا لرفاهية المواطن، ولا لتطوير التعليم أو الرعاية الصحية، بل لشراء الذمم، وتغذية الانفصال، وتمويل ماكينة إعلامية تُتقن صناعة العدو. هذا الرقم الصادم لم يأتِ من معارض هاوٍ أو مزاعم عابرة، بل من أنور مالك، ضابط سابق في الجيش الجزائري وحقوقي مطلع من قلب المنظومة الجزائرية. ففي خرجة غير مسبوقة، فجّر أنور مالك، تصريحات نارية كشفت عن كواليس السياسة العدائية التي ينتهجها النظام الجزائري تجاه المملكة المغربية، كاشفًا عن أرقام صادمة تتعلق بالهدر المالي، ومتهمًا السلطات بتغذية صراع مفتعل على حساب مصلحة الشعب الجزائري. فخلال مشاركته في فعاليات "العيون عاصمة المجتمع المدني المغربي"، التي احتضنتها مدينة العيون، تحدث مالك بصراحة غير معهودة عن ما وصفه ب"الوجه الخفي" للعقيدة السياسية في الجزائر، والتي وضعت عرقلة المغرب في صدارة أولوياتها، ولو على حساب تنمية الداخل. وقال مالك إن النظام الجزائري أنفق ما يفوق 500 مليار دولار منذ عقود، ليس على الاستثمار أو التعليم أو البنية التحتية، بل على تمويل دعاية إعلامية، ودعم حركات انفصالية، وشراء الولاءات الدولية، وكل ذلك بهدف واحد: إبقاء المغرب بعيدًا عن التقدم. وأكد المتحدث أن هذا النهج لا يعكس إرادة الشعب الجزائري، بل هو نتاج ما وصفه ب"الحكم الاستبدادي" الذي يُقمع فيه الرأي الحر، ويُغيب فيه الوعي السياسي الحقيقي، مشيرًا إلى أن الكثير من الجزائريين، مثله، تربّوا على صورة نمطية ومضللة حول الصحراء المغربية، قبل أن يصطدموا بالواقع. وتابع قائلاً: "زرت الأقاليم الجنوبية للمغرب عدة مرات، واطلعت على واقع مختلف كليًا عمّا يُروج له الإعلام الرسمي الجزائري. وجدت مدنًا مستقرة، ومواطنين مرتبطين بهويتهم المغربية، وفخورين بانتمائهم إلى الدولة المغربية". وفي شهادة شخصية مؤثرة، تحدث أنور مالك عن معاناة سكان مخيمات تندوف، الذين يعيشون منذ عقود في ظروف مأساوية، دون أمل أو أفق. وأكد أنه عاين هذه الأوضاع بنفسه حين خدم كضابط في المنطقة، موضحًا أن المأساة الإنسانية في المخيمات لا يمكن تبريرها بأي خطاب سياسي. وروى مالك تفاصيل محادثة جمعته بجنرال جزائري سابق في باريس، سأله فيها عن الغاية من استمرار التصعيد ضد المغرب، فجاء الرد صادمًا: واعتبر المعارض الجزائري أن هذا المنطق العبثي كلّف الجزائر ثرواتها، وعلاقاتها الإقليمية، وصورتها الدولية، في حين أن الشعب يعاني من أزمات متفاقمة في الصحة والتعليم والسكن. وفي ختام مداخلته، دعا أنور مالك إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات المغاربية، مؤكّدًا أن الشعب الجزائري بطبيعته وحدوي ومسالم، لكنه مكبّل بالقيود الداخلية، معبّرا عن أمله في أن تصبح مدينة العيون رمزًا للوحدة والتلاقي، لا الانقسام والصراع.