احتضن مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة بالرباط، استشارة وطنية مع الأطفال توجت مسارا انطلق في فبراير 2023 واستمر على مدار سنة كاملة، بمشاركة مئات الأطفال عبر مختلف جهات المملكة. وتندرج هذه المبادرة في إطار مشروع يشرف عليه المجلس، بدعم من منظمة الأممالمتحدة للطفولة في المغرب (اليونيسيف)، يهدف إلى تعزيز مأسسة مبدأ مشاركة الأطفال، لكونه من المبادئ الأساسية للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي يعد المغرب من الأطراف المصادقة عليها. وتخصص الاستشارة الوطنية، التي تمتد على مدى يومين، والتي سيسير الأطفال جلساتها، للتفاعل حول إعمال اتفاقية حقوق الطفل وعمل اللجنة الأممية المعنية بحقوق الطفل وأسئلتها والتقارير الموازية التي ترفع إليها، فضلا عن انتخاب ممثلي الأطفال الذين سيقدمون التقرير الموازي للجنة الأممية في شتنبر المقبل. وفي كلمة بالمناسبة، قالت رئيسة المجلس، آمنة بوعياش، إن فكرة هذه الاستشارات الجهوية جاءت في سياق إعمال مقاربة مبتكرة لتعزيز مشاركة الأطفال في القضايا التي تهمهم، مشيرة إلى أن قرار تنظيم هذه الاستشارات، بشراكة مع القطاعات الحكومية المعنية، يجسد الإرادة في تمكين الأطفال من التعبير والمشاركة. وأوضحت أن هذه الاستشارات عكست مدى وعي الأطفال واهتمامهم بتقييم السياسات العمومية الموجهة إليهم، وحرصهم على مناقشة القوانين المرتبطة بحقوقهم الأساسية، وقدرتهم على صياغة توصيات عملية قابلة للتنفيذ، داعية في ذات الصدد إلى التنصيص على مأسسة مبدأ المشاركة في مدونة الطفل المقبلة. وسجلت أن هذه التجربة تعد الأطفال لتحد جديد، يتجسد في تمثيل صوتهم وتقديم تقرير باسمهم أمام لجنة الأممالمتحدة لحقوق الطفل، انطلاقا من خلاصات الاستشارات الجهوية، "وهو ما يشكل إحدى اللحظات البارزة في برنامج هذه الاستشارة الوطنية". وأبرزت السيدة بوعياش أن الأطفال سيؤكدون من خلال "نداء الرباط"، أنهم فاعلون حقيقيون في منظومة الحماية وفي صياغة السياسات العمومية، معتبرة أن هذا النداء هو توثيق لمنهجية عمل تستند إلى مبدأ كوني هو مبدأ المشاركة. من جانبها، أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بن يحيى، أن المغرب بذل جهودا حثيثة في حماية الطفولة وتوفير الظروف الملائمة لنموها وتطورها، من خلال إقرار التشريعات الوطنية، وإطلاق برامج ودعم المنظمات غير الحكومية التي تعمل في هذا المجال. وأضافت أن هذه المبادرة تترجم تجاوب المملكة المغربية مع التوصيات الأممية، لاسيما الملاحظات الختامية التي أصدرتها لجنة حقوق الطفل، على إثر مناقشة تقرير المملكة المغربية الجامع للتقريرين الثالث والرابع لسنة 2024، حول تنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. وشددت السيدة بن يحيى على التزام الوزارة بمبدأ تكريس وترسيخ حق الأطفال في المشاركة، وحرصها على بلورة مؤشرات وأدوات ومقاربات حول مشاركة الأطفال، والتعرف على التجارب الناجحة في مجال النهوض بحق الأطفال في المشاركة، لاستكمال الممارسات الخاصة باتفاقية حقوق الطفل وملاءمة بعض جوانب التشريعات مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. من جهتها، اعتبرت ممثلة اليونيسيف بالمغرب، لورا بيل، أن التعاون العميق بين منظمتها والمجلس يجسد مثالا على الشراكة القوية والمثمرة، مما ساعد في إنشاء آلية مهمة تتيح للأطفال تقديم شكاوى حين تنتهك حقوقهم، مشيرة إلى أن هذه المبادرة معترف بها في المنطقة العربية، لكونها تعبر عن التزام حقيقي بحماية حقوق الطفل. وقالت إن الأطفال يعيشون "لحظة تاريخية مهمة" لأنهم سيشاركون بتقرير خاص بهم لأول مرة يقدم إلى لجنة حقوق الطفل، مبرزة أنهم سيتمكنون من انتخاب ممثليهم الذين سيشاركون في هذا الحوار مع اللجنة، لتمثيلهم وضمان حضور صوتهم في كل المراحل. وتميز هذا الحدث بتوقيع اتفاقية شراكة بين المجلس الوطني لحقوق الانسان واليونيسف لتعزيز أوجه التعاون بين الجانبين في مجال الطفولة. يذكر أن هذه الاستشارة ستتوج غدا السبت أشغالها، بإطلاق نداء أطفال، يجسد رؤيتهم وأولوياتهم الحقوقية.