قال الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية والتنمية الدولية لوران فابيوس، خلال حفل أقيم بمناسبة إعطاء إشارة انطلاق هذا الحدث، إن الموسم الثقافي الفرنسي في المغرب سيكون "استثنائيا" خاصة وأن 12 مدينة من مدن المملكة ستشهد وعلى امتداد 300 يوم برمجة العديد من التظاهرات الكبرى من بينها الجولة، التي طال انتظارها، لفرقة "الكوميديا الفرنسية". وأكد الوزير الفرنسي أن برنامج الموسم الثقافي "فرنسا-المغرب 2015"، الذي ينظم في أكبر شبكة ثقافية فرنسية في الخارج، يتضمن العديد من "اللحظات القوية"، معلنا، لأول مرة، عن إطلاق مهرجان الفيلم الفرنسي بالمغرب، والذي سيخصص مكانة متميزة للمواهب الفرنسية والمغربية في مجال الفن السابع. وأوضح الوزير أن فن الطبخ الفرنسي سيجد له مكانا في برنامج الموسم الثقافي، لاسيما يوم 19 من الشهر الجاري من خلال عملية "ذوق فرنسا" حيث سيحتفى بفن الطبخ الفرنسي في 1500 مطعم عبر العالم. وقال "خلال محادثاتي أمس بالرباط تم التطرق إلى الثقافة في العديد من المناسبات، أولا لنلاحظ أنه في الأشهر الأخيرة لم ينقطع التبادل الفكري بين فناني ومثقفي البلدين، وهو دليل، إذا كان لابد من تقديم دليل، على متانة الروابط التي تجمع الشعبين". وأضاف أن "الثقافة المغربية كانت في الآونة الأخيرة ضيف شرف سواء في متحف اللوفر ومعهد العالم العربي، والمتحف الجديد لحضارات أوروبا والبحر الأبيض المتوسط بمرسيليا، وقد تمكن الجمهور الفرنسي من اكتشاف، وهو الأمر الذي قلما حدث في السابق، غنى تراثكم وإبداع الجيل الجديد من الفنانين"، معربا عن سعادته لتلبية الفرنسيين، بشكل مكثف، لهذه الدعوة. وأضاف أنه في "المغرب فإن العديد من الفعاليات الثقافية الهامة جمعت بلدينا من بينها مهرجان الأدب، المسافرون المذهلون، الذي التأم فيه كتاب مرموقون من ضفتي البحر الأبيض المتوسط. وفي نونبر الماضي، نظمت بالرباط والدار البيضاء، ليلة الفلاسفة، بمبادرة مدرسة الأساتذة العليا بباريس والتي خلقت المفاجأة بعد أن شارك فيها 10 آلاف من الشباب المغاربة الحريص على النقاش ومنذ الأسبوع الماضي، يحتضن متحف محمد السادس للفن المعاصر معرض اللوفر المخصص للمغرب في العصور الوسطى". وفي هذا السياق، أكد فابيوس أن الزيارة التي يقوم بها إلى المغرب هامة بالنسبة للروابط بين البلدين، مشيرا إلى أنه "في الآونة الأخيرة، شهدت العلاقات بين المغرب وفرنسا صعوبات. تغلبنا عليها الآن وتم إزالة سوء الفهم. وتم التوصل إلى حلول". وقال إنه خلال استقباله صباح أمس من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، "قدمت لجلالته المشاريع التي تريد فرنسا تحقيقها مع المغرب ومنها إعداد اتفاق طموح حول المناخ، وتنفيذ مشاريع اقتصادية مبتكرة، وتطوير شراكات جديدة بخصوص إفريقيا جنوب الصحراء"، مشيرا إلى أن "المغرب يمثل بالنسبة لفرنسا شريكا أساسيا. وبالنظر إلى التحديات المشتركة، فصداقتنا تعتبر رصيدا قيما. ولدينا الكثير مما يتعين تحقيقه معا". وفي ما يتعلق بالتغير المناخي، ذكر فابيوس بأن المغرب وفرنسا سيستقبلان على التوالي في سنتي 2015 و2016 المؤتمرين الواحد والعشرين و الثاني والعشرين لأطراف اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية حول التغير المناخي، مؤكدا على ضرورة التنسيق بين رئاستي المؤتمرين. ولاحظ فابيوس، من جهة أخرى، أن المغرب يعد مختبرا للجغرافيا الجامعية الجديدة للعالم ويتوفر على القدرة على أن يصبح أرضية للابتكار وحاضنة تكوين جامعي جيدة على صعيد المنطقة والقارة الإفريقية. وقال إنه يتعين على المؤسسات الفرنسية للتعليم العالي التعاون مع نظيرتها المغربية من أجل تقديم أصناف واعدة من التكوين، معربا عن أمله في أن تساهم الجامعات والمدارس العليا الفرنسية في تكوين طلبة مغاربة بالمغرب في إطار ديبلومات فرنسية مغربية مزدوجة. وفي سياق تعليقه على النهب الذي طال مؤخرا الأعمال الفنية في العراق وسوريا، اعتبر الوزير الفرنسي أن "حماية الثقافة أصبحت اليوم أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى وأن مرتكبي هذه الأفعال يريدون ليس فقط قتل الحاضر وإنما أيضا اجتثاث جذوره". إنها، يضيف المسؤول الفرنسي، "إيديولوجيتهم الاستبدادية الخاصة، إنها ثقافة الحقد التي تتجلى عندهم في الحقد على الثقافة". وبالمناسبة أعرب فابيوس عن امتنانه وشكره لجلالة الملك ولسلطات وشعب المغرب على التعبير عن مشاعر الصداقة والتضامن تجاه فرنسا على إثر الاعتداء الذي استهدف، في يناير الماضي، أسبوعية "شارلي إيبدو". وقال "إن ذلك يذكرنا بأن لبلدينا دور خاص يضطلعان به سويا في المكافحة الصارمة للإرهاب والتطرف في ضفتي المتوسط". ومن جهته، اعتبر وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العلاقات الثقافية بين المغرب وفرنسا لم تشهد أي اختلال خلال السنة المنصرمة نظرا لارتكازها على الاحترام المتبادل لثقافتي البلدين. وقال "إن الموسم الثقافي الفرنسي بالمغرب سيقدم ولا شك قيمة مضافة للعرض الثقافي المغربي، واعتبارا لذلك فإننا نعمل يدا في يد مع السلطات الفرنسية حتى يكون لهذا الموسم انعكاس فعلي على صعيد مجتمعينا وأن يمس جمهورا عريضا". وحضر هذا الحفل كل من أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك، ورشيد بن المختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ولحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وسفير فرنسابالرباط، شارل فريس، وشخصيات من عوالم السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع المدني. وتجدر الإشارة إلى أن فابيوس بدأ أمس الإثنين زيارة للمغرب تستغرق يومين بدعوة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون.