سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي يرسم صورة سوداء للتدبير المفوض اختلالات بالجملة من خرق دفاتر التحملات إلى التحايل في النفقات
توصية بالتعويض وإنجاز دراسة قبلية حول شكل التدبير الأنسب للمرفق العمومي
أكد المجلس في مشروع التقرير حول "التدبير المفوض للمرافق العمومية في خدمة المرتفق"، الذي ناقشه في دورته العادية 56، أمس الخميس بالرباط، أن الدولة هي التي تضمن الحق في الولوج إلى المرافق العمومية، التي يجب أن تستجيب لمعيارين أساسيين، هما "معيار الشمولية المعمم، ومعيار مراعاة القدرة الشرائية للمواطن"، وأن إعادة النظر في نموذج التدبير المفوض ينبغي أن يرتكز على مقاربة متعددة المستويات. كما أكد على ضرورة البدء بإنجاز دراسة قبلية حول شكل التدبير الأنسب للمرفق العمومي، عبر اللجوء إلى تدبير مباشر، أو الاعتماد على وكالة مباشرة تتولى التدبير بكيفية مستقلة، أو إبرام عقد للتدبير المفوض، أو اللجوء إلى عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص، مبرزا أنه في حالة الاتفاق على الاحتفاظ بالتدبير المفوض كصيغة من صيغ تدبير المرفق العمومي، "يتعين القيام بتحليل لتحديد الشكل الأنسب للتدبير المفوض، كعقد الامتياز، أو عقد الإيجار أو عقود التدبير أو الخدمة". وأضاف التقرير أنه، بعد شكل التدبير الذي سيجري اعتماده، "يتعين تسليط الضوء على معايير نجاحه، ما يتطلب توضيح استكمال الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بتفويض المرافق العمومية، لتمكين الجماعات المفوضة والشركات المفوض إليها من الاستفادة من أداة تشريعية واضحة وآمنة، وتحسين طرق إبرام وتدبير عقود التدبير المفوض، ثم وضع تدابير للمصاحبة تتصل بالشفافية والحكامة بالنسبة إلى هذا النوع من المشاريع". وأبرز التقرير، الذي تجنب تناول الجوانب الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والتقنية الخاصة بكل قطاع، وركز على دراسة تنفيذ الخدمات داخل المرافق العمومية المحلية ذات الطابع الصناعي والتجاري، أنه "رغم أن تفويض المرفق العمومي مكن من إضفاء الطابع المهني على القطاعات، وصعود قطاع خاص أكثر دينامية، وأكثر فعالية، ويجذب الفاعلين الدوليين، إلا أنه يعاني اختلالات ونقائص من طرف الشركات المفوض إليها في تنفيذ العقود، لا سيما بسبب عدم احترام دفتر التحملات"، موضحا أن "المفوض إليهم لا يحترمون التزاماتهم بكيفية التقائية في مجال إنجاز الاستثمارات، ولا يحترمون تماما واجباتهم المتمثلة في توفير مرفق عمومي جيد للمرتفقين، كما تنص عليه منذ البداية العقود المبرمة". وكشف التقرير عن وجود اختلالات ذات صلة بتدبير صناديق الأشغال في مجال التوزيع، "تتجلى في استعمال هذه الصناديق لأغراض لا تتناسب مع الهدف منها"، مشيرا إلى أن من بين هذه الاختلالات أن المساهمات التي تحصلها الشركات المفوض إليها لا تودع كلها في صندوق الأشغال "دائما"، علاوة على أن إيداع الأموال غالبا ما يحصل بنوع من التأخير مقارنة مع الآجال التعاقدية. وأضاف أن المفوض إليهم لا يودعون في صندوق الأشغال بعض المداخيل المستحقة للسلطة المفوضة، "وبالتالي، يقع الإنقاص من التعويض المالي للمفوض، عن طريق الدفع المتقطع من طرف المفوض إليه لمنتجات الاستثمار النقدية الفائضة المنصوص عليها في العقود"، مبرزا أن هذه الصناديق كانت توظف في بعض الأحيان لأداء متأخرات أنظمة المعاشات أو لتغطية تكاليف المصلحة الدائمة للمراقبة. وأكد التقرير أن المفوض إليه يقتطع نفقات أو اقتطاعات من هذه الحسابات دون الحصول على الموافقة القبلية من السلطة المفوضة، "خلافا لما تنص عليه بنود التعاقد"، مشيرا إلى العديد من العوائق على مستوى آليات التنظيم والمراقبة وتتبع التدبير المفوض للمرافق العمومية المحلية. كما كشف التقرير عن عدد لا يستهان به من تنازع المصالح، المتصلة بانتشار ظاهرة الشركات التابعة، والإدماج العمودي لبعض الأنشطة من طرف الشركات المفوض إليها، التي تلجأ إلى خدمات التعاقد من الباطن تقدمها شركات تنتسب إليها، مفيدا أن لجنة التتبع، التي أنشئت للسهر على تتبع عقود التدبير المفوض، وكذا العلاقة بين المفوض إليه والمفوض، المرتبطة بتنفيذ هذه العقود، تحولت إلى "لجنة ضعيفة، لأنها لم تمارس بعض الصلاحيات المخولة لها على الوجه الأكمل، لاسيما ما يتعلق بفحص مشاريع الصفقات والعقود والاتفاقيات التي يتعين توقيعها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مع المجموعة التي تراقب الشركة المفوض إليها، كما أن القرارات المتخذة تستند إلى المعطيات التي تقدمها الشركات المفوض إليها، دون أن تتجشم عناء التأكد من صحتها، سواء تعلق الأمر بالاستثمارات أو بالميزانيات أو بالمراجعات أو التعديلات التعريفية". وأعلن التقرير أن نموذج التدبير المفوض يعاني قصورا كبيرا على صعيد التخطيط والتعبير عن الحاجيات من طرف السلطات المفوضة، كما يعاني غياب إطار قانوني موحد وواضح، وموجه نحو الحاجيات الأساسية للمغرب، يسمح بالإعداد للمستقبل، وضمان قيادة وحكامة تفويض المرفق العمومي، مبرزا أن هذا القصور على مستوى التخطيط يوجد خلال مرحلة إعداد العقد، ويؤدي إلى انعدام الفعالية في تتبع ومراقبة العقود، خاصة بسبب غياب هيئة مستقلة مكلفة بمهام الخبرة والتنسيق والتتبع والتنفيذ. كما يعاني التدبير المفوض، حسب التقرير، مظاهر قصور في التماسك والإدماج الجهوي، مبرزا أن تدخل السلطات الوصية ذات الصلة ليس موحدا، إذ يجري التعامل مع كل حالة على حدة، مطالبا بتحديد دور السلطات الوصية بكيفية أفضل، كما هو الشأن بالنسبة لدور المصلحة الدائمة للمراقبة ولجنة التتبع. وأكد التقرير أن المحدودية التي تطبع هذا النموذج التدبيري تشكل عائقا في ممارسة للتدبير المفوض، باعتباره شكلا متواصلا ومستداما، قادرا على الاستجابة للانتظارات المشروع للموطنين/ المرتفقين من حيث الرفاه والتضامن والإنصاف والعدالة الاجتماعية.