الحزب المغربي الحر يستنكر الغياب الملحوظ بجماعة تطوان ويطالب بالمساءلة القانونية        فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين قمع الاحتجاجات السلمية وتطالب بفتح الحوار المواطنين    بورصة الدار البيضاء تستهل تعاملات الأسبوع على وقع الارتفاع    التضخم يرتفع ب0,3% في غشت مدفوعا بزيادة أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية        حكيمي أبرز المرشحين في حفل توزيع جوائز ال "بالون دور".. من يحسم الكرة الذهبية هذه الليلة؟    هزة أرضية بقوة 3.5 درجاتتضرب سواحل مدينة الحسيمة    ‬المغرب ‬و ‬الصين ‬يرسيان ‬ببكين ‬آلية ‬الحوار ‬الاستراتيجي ‬و ‬يشيدان ‬بجودة ‬العلاقات ‬الثنائية    الذهب يقفز إلى مستوى غير مسبوق    إدماج ‬الموارد ‬البحرية ‬في ‬دينامية ‬التنمية ‬الاقتصادية ‬الاجتماعية        انقسام في فرنسا بشأن علم فلسطين    ترحيب عربي باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين    المغرب ‬والهند.. ‬شراكة ‬استراتيجية ‬تتعزز ‬بالدفاع ‬والصناعة    بتعليمات سامية.. أخنوش يترأس الوفد المشارك في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة    دي ‬ميستورا ‬بمخيمات ‬تندوف ‬بعد ‬مشاورات ‬بموسكو ‬    اكتشاف غير مسبوق: سمكة بالون سامة ترصد بسواحل الحسيمة    إحباط تهريب أزيد من 6100 قرص مخدر وتوقيف مشتبه به بمدخل وجدة    سلطات الداخلة تواصل البحث عن قارب اختفي وسط ظروف مناخية مفاجئة    مدينة يابانية توصي باستخدام الأجهزة الرقمية ساعتين فقط يوميا    كأس إفريقيا.. المغرب يفرض تأشيرة مؤقتة على مواطني ثماني دول بينها الجزائر وتونس    واشنطن تقلل من شأن اعتراف "حلفائها" بدولة فلسطين    كيم جونغ أون يشترط رفع مطلب نزع السلاح النووي لبدء الحوار مع الولايات المتحدة    غوارديولا يشكو من الإرهاق البدني بعد التعادل أمام أرسنال        طقس الإثنين.. أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    نهائي دوري (بوينوس إيريس) الدولي للفوتسال.. المنتخب المغربي ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني (2-0)    ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)        مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    حريق مهول يأتي على مطعم شهير بالجديدة    رزمات حشيش ملقاة على الجانب الطريق السيار بتراب جماعة سيدي إسماعيل    "عمر المختار" تنضم لأسطول الصمود    غوتيريش: إفريقيا بحاجة إلى شراكات    الدفاع الجديدي يوضح حادثة القميص    نقابيو "سامير": الإرادة السياسية المتماهية مع مصالح لوبيات المحروقات هي السبب في خسائر الشركة    أخنوش يترأس الوفد المغربي في الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    إنتاجات سينمائية عالمية تطرق أبواب القاعات المغربية في الموسم الجديد    "حين يزهر الخريف".. الكاتبة آسية بن الحسن تستعد لإصدار أول أعمالها الأدبية    تعادل مثير بين ا.تواركة وأ.الدشيرة    توضيحات بخصوص اعتماد المغرب مسطرة طلب ترخيص إلكتروني للدخول إلى التراب الوطني خلال كأس إفريقيا    الدوري الدولي لكرة القدم داخل القاعة بالأرجنتين..المنتخب المغربي يتفوق على نظيره للشيلي (5-3)        دور الفرانكفونية تجدد الثقة بالكراوي        الرجاء الرياضي يتوصل لاتفاق نهائي مع فادلو لتدريب الفريق بعد الانفصال مع الشابي بالتراضي    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    الرسالة الملكية في المولد النبوي        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آنا أوترتون: الموسيقى ستبقى جسرا للتواصل بين الحضارات المتنوعة والمختلفة
أبكت عيون العراقيين والأوربيين وعبرت عن إعجابها ب«الكناوي» و«ناس الغيوان»
نشر في المساء يوم 02 - 06 - 2010

لفتت المطربة السويدية الشابة آنا أوترتون انتباه الرأي العام في بلدها، بعد شروعها في أداء أغاني التراث الفني الخالد للعراق الشقيق، ولقيت ترحابا في كل مكان وطأته قدماها داخل بلدها
وخارجه. وقد قفزت المطربة الشابة على حاجز اللغة ونجحت في حفظ أكثر الأغاني العراقية والعربية شعبية، غالبها باللهجة المحلية حتى لََيُخيَّل لمن لا يعرفها أنها من أهل البلد. وإذا كان تأثير أغانيها على الأوربيين ملفتاً، فإن التأثير يتجاوز كل الحدود عندما يتعلق الأمر بالجاليات العربية الإسلامية في أوربا ...
في هذا الحوار مع «المساء» تعترف آنا أوترتون بأن فنها يحمل رسالة تحدَّث عنها الكثير من النقاد، وهي أن السلام وقيم العيش المشترك هي قيم يجب أن تسود بين البشرية على ظهر هذا الكوكب حيث لا يجب الاستسلام لدعاة الحرب وسفك الدماء، أيا كان مذهبهم أو هدفهم.
- أولاً، هل لنا أن نعرف من هي آنا أوترتون؟
(ضاحكة): هذا سؤال صعب جدا تستحيل الإجابة عنه.. لكن دعني أقلْ إنني سيدة تعشق الموسيقى، قضت عمرها في الغناء والاستماع إلى الفنون المختلفة. تعجز الكلمات عن وصف علاقتي بالموسيقى وعشقي لها، حيث أعتبرها حياتي كلَّها، وأن تعيش مثل هذا الإحساس هو السبيل الوحيد لمعرفة عمق ما يربطني شخصيا بهذا الفن الإنساني البديع. عشقي تبلور داخل مدرسة خاصة، حيث تلقيت دروسي الأولى في الموسيقى والعزف على آلة البيانو. ولم يمنعني عشقي للبيانو من العزف على عدة آلات موسيقية أخرى أجد فيها ذاتي. لكنْ هنا أود الإشارة إلى أن ما أعشقه أكثر هو الغناء، إذ أجد متعة لا مثيل لها وأنا أغني وأردد الأغاني التي أحب. إلى جانب عشقي للموسيقى، لست أدري عما يمكنني أن أتحدث حتى يأخذ قارئ «المساء» فكرة واضحة عني، لكنني أود الإشارة، في عجالة، إلى أنني أعيش في مدينة «غوتنبرغ» السويدية، وهي ثاني أكبر مدينة، حيث يقطن بها أكثر من 600 ألف مواطن. لدي ثلاثة أطفال وأعمل كعازفة ومطربة ومدرِّسة موسيقى في الوقت نفسه.
- فاجأتِ جمهورَك السويدي بتخصصك في أداء الأغاني باللغة العربية، وخاصة من الفلكلور العراقي، كيف جاء ارتباطك بالأغنية الشعبية العراقية، بشكل خاص؟
كما سبق وأخبرتك، فقد بدأتْ علاقتي بالموسيقى والغناء، بشكل عام، وعمري تسع سنوات، وكانت بداية علاقتي بالأغاني العربية وعمري 14 سنة، عندما استضفنا في قسمنا الدراسي في «غوتنبرغ» أول لاجئة سياسية عراقية متخصصة في الموسيقى، ويتعلق الأمر بالسيدة برشين أحمد. وأعترف أن غناء السيدة برشين، وخاصة أداءَها لأغاني المطربة الشهيرة فيروز أثار اهتمامي البالغ بل وإعجابي الكبير بهذه الثقافة الفنية المختلفة التي كنت أستمع إليها لأول مرة. والأغنية التي كانت ترددها بكثرة هي أغنية «يا أنا» لفيروز التي حفظتها وبدأت بدوري أرددها في مناسبات مختلفة. إعجابي بهذه الثقافة الجديدة تبلور وتطور، سنوات بعد ذلك، وبالضبط عام 1994، عندما التقيت الأستاذ طلال إسماعيل، الذي قَدِم من العراق إلى السويد، في بداية سنوات التسعينيات من القرن الماضي. وحدث، ذات يوم، أن سمعني طلال إسماعيل وأنا أردد «يا أنا» فأُعجب بصوتي وأسلوب تعاملي مع الكلمات العربية، بشكل عام، فاقترح علي تدريسي الأغاني العربية، فبدأنا المشوار معا... وبالنظر إلى أنه من أصل عراقي، فقد كان طبيعيا أن تكون أغلب الأغاني التي نشتغل عليها هي أغاني بلاد الرافدين، وأقول أغلب الأغاني، لأننا نشتغل على أغان من بلدان عربية أخرى، منها اليمن ومصر ولبنان والمملكة العربية السعودية والسودان... إلخ. ودعني أعترفْ هنا بأنني مدينة للأستاذ الفنان طلال إسماعيل، لأنه فتح لي هذه النافذة الجديدة، حيث عرفت أن الحضارات الإنسانية شيء عظيم، ومن شأن التفاهم بين أبناء الكوكب الواحد تحقيق السلام الحقيقي المبني على قيم العدل والتسامح والتعاون المشترَك، بعيدا عن الحروب والدماء وأنواع الصراع المتعددة.
- وكيف هي علاقتك بالموسيقى المغربية والفن في المغرب العربي، بشكل عام؟
(ضاحكة).. لقد أخجلتني بهذا السؤال، لكنْ، بكل صراحة، أقول إنني لا أعرف الشيء الكثير عن الموسيقى المغربية، والأغنية الوحيدة التي أحفظها وأؤديها هي أغنية «الله يا مولانا»، التي أدتها مجموعة «ناس الغيوان»، وهي أغنية من التراث الصوفي المغربي الجميل. أحب كذلك موسيقى «كناوة» وأعشق إيقاعَها الرائع، وأتمنى أن أحظى بفرصة اللقاء مع الجمهور المغربي والانفتاح على الفن المغربي الأصيل، الآتي من عبق الحضارة الثقافية والفنية المغربية. ومن يدري، ربما تسمح الظروف بأن أزور المغرب، يوما، وأدرس الأغنية المغربية.
- فوجئ الجمهور السويدي بالفن الذي تقدمونه في فرقة «سومر» وارتباطه أساسا بالأغنية العراقية، هل يرجع هذا إلى كونك من أوائل الفنانات السويديات اللواتي شرعن في أداء الأغنية العربية؟
أود أن أوضح، في هذه النقطة بالضبط، أن عدد المطربين الذين يؤدون أغاني عربية قليل، وبالنسبة إلينا في فرقتنا الغنائية «سومر» هناك مطربة نرويجية تؤدي أيضا الأغاني العربية.
- لدى مشاهدة أدائك للكثير من الأغاني العراقية، ومنها أغنيتا «من دل دلوني» و«حرقت الروح»، يلاحظ تأثرك البالغ وانسجامك مع مضمون الأغنيتين، وفي كثير من اللحظات تغرورق عيناك بالدموع، فهل ذلك راجع إلى لحن الحزين أم لمضمون الأغاني؟
أود أن أشرح نقطة في غاية الأهمية للقراء الأعزاء، فأنا لا أتقن اللغة العربية، لا كتابة ولا حديثا، وكل ما أعرفه عن هذه اللغة الجميلة هو بعض الكلمات المعروفة ك«العين» و«الروح» و«الدموع» و«النور» و«الظلام»... إلخ. الانسجام مع اللحن والمضمون الذي تحدثت عنه صحيح، حيث تتم ترجمة كلمات الأغاني لي فأطَّلع على مضمونها بهذا الشكل، وأثناء حفظ الأغنية ومع استحضار مضمونها، الذي يتحدث إما عن الحب أوالفراق أوالأهل أوالذكريات الجميلة، ومع إحساسي بتلك المشاعر الفياضة التي تعبر عنها الكلمات الرقيقة، تحدُث عملية التفاعل الكيميائي بين الكلمة واللحن والمضمون والإيقاع، فتنتج عنها أغنية آمل أن تكون جميلة وتُسعدَ المستمع.
- جمهورك، في الغالب، من الأوربيين الذين لا يتقنون اللغة العربية، فكيف يتفاعلون مع الأغاني التي تؤدُّونها في فرقة «سومر»؟
هذه هي المفاجأة والمفارقة في الآن نفسه.. فردود الفعل في غالبيتها إيجابية وقوية، لكنها سلبية أحياناً أخرى، وأستطيع القول إنها قد تصل إلى حد العدائية. وهنا لا بد من أن أشرح الوضع فأقول: إن الإعلام يقوم بدور سلبي في شحن المشاعر وخلق صراعات بين الشعوب واستغلال النقاط الساخنة في العالم، لترسيخ فكرة وجود «الحرب» بين الغرب والشرق أو بين العالم الغربي المسيحي والعالم الإسلامي، وهذه طبعا فكرة غير صحيحة بالمرة، وأمر محزن، حقيقة، إذ كما قلت سابقا، فالتعارف السليم بين الحضارات لا يمكن إلا أن يخلق مشاعر إيجابية، فتتوارى بذلك المشاعر السلبية والأفكار الخاطئة. العراقيون من جهتهم والمواطنون المتحدرون من الدول التي أؤدي بعض أغانيها الشهيرة، التي عُرِفت في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، يتفاعلون، بقوة، مع فرقتنا، إذ إن تلك الأغاني تذكرهم بأيام الزمن الجميل وبطفولتهم وأسرهم وأحبابهم وتُشعِرهم بمرارة الغربة والتغرب عن الوطن. إلى جانب ذلك، فأن ترى مطربا يؤدي ما هو جميل في ثقافتك المحلية شيء يُشعرك بالحب وبالسعادة والغبطة...
- لو عدنا إلى الأغاني العراقية والعربية، بشكل عام، ما الذي شدَّكِ إليها وجعلك ترتبطين بها؟
كون أستاذي في الموسيقى من أصل عراقي سهَّل عليّ مأموريةَ حفظ الأغاني وتدبُّر معانيها، لكن أود أن أؤكد أن كلمات الأغاني قوية إلى درجة تثير الإعجاب الشديد بها وتربطك معها في قصة عشق تبدأ لكي لا تنتهي.. تتحدث الأغاني عن الحب ولوعة الهجر والفراق وتكشف حقيقة المشاعر الإنسانية الراقية، في لحظات صعودها وتأزمها، ولا أخفي حقيقة تأثري الشديد بهذا النمط من الموسيقى الذي لم أجد له مثيلا، بكل صراحة. أغانٍ راقية وموسيقى حزينة جميلة لا يمكن إلا أن تشُدَّكَ إليها... وأنا، كمطربة سويدية، أعتزُّ بأدائي هذه الأغاني الجميلة المنبثقة عن حضارة إنسانية فذة.
- هل ترين للموسيقى من دور إيجابي في هذا العالم المليء بالحروب والنزاعات والذي يضطلع فيه الكثيرون بترسيخ فكرة الصراع بين الحضارات والثقافات المختلفة؟
ستبقى الموسيقى والفنون والثقافة جسرا للتواصل بين الحضارات المتنوعة والمختلفة. نحن، كبشر وشعوب، لا يهُمُّنا الخلاف السياسي الذي يقوم بين هذا الطرف أو ذاك والذي يغذيه البعض، عن قصد وتعمد، لكنْ يهمنا التفاهم والتعارف واللقاء حول القيم الإنسانية المشترَكة التي تحكمنا كبشر. الحب والسلام رسالة الفنون والموسيقى، وستبقى رغم جميع هذه العوامل، ذلك الشيء الجميل الذي يحول حياتنا إلى بهجة، والذي يقاوم عناصر الصراع التي يحاول البعض تقويتها وترسيخها، لتحقيق أهدافه المبهمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.