من قلب العيون.. ولد الرشيد يرسم ملامح تحوّل الصحراء إلى نموذج تنموي ودعامة دبلوماسية للمغرب    الانتصارات الدبلوماسية وعمق الإصلاح.. الأحرار يؤكد مواصلة البناء على أساس الانسجام الحكومي    العجلاوي: المغرب لا يفاوض على مغربية الصحراء وقد يعتمد مجلس الأمن مبادرة الحكم الذاتي في أكتوبر    صحافي مكسيكي: الجماعة الانفصالية تنشر الكثير من الأكاذيب في الأقاليم الجنوبية    قرض أوروبي بقيمة 370 مليون يورو لدعم توسع "اتصالات المغرب" في إفريقيا: مالي وتشاد على موعد مع تغطية شاملة للجيل الرابع    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المؤتمر الدائم للغرف الإفريقية والفرنكوفونية    إسرائيل تعلن اغتيال مسؤول بالحرس الثوري الإيراني جنوب طهران    انطلاق الدورة 51 لاجتماع وزراء خارجية التعاون الإسلامي بمشاركة المغرب    يوسف لخديم يقترب من مغادرة ريال مدريد نحو ألافيس بعقد يمتد إلى 2029    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    اعتقال 10 متورطين في شبكة مخدرات بالناظور    الرباط تطلق مشروع تجهيز العاصمة بمراحيض ذكية بمعايير دولية    مراقبة مكثفة وصارمة بشفشاون لرصد الدراجات النارية المخالفة للقانون والمُشكِلة للخطر    حادثة مروعة بطنجة تخلف خمسة إصابات    موازين 2025.. الفنانة المصرية روبي تتألق بمنصة النهضة    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    بنهاشم : الهنوري خارج حسابات الوداد والسومة في كامل الجاهزية لمواجهة يوفنتوس    تدشين القنصلية العامة للمغرب بمونت لاجولي    نادية فتاح تتوَّج كأفضل وزيرة مالية في إفريقيا لعام 2025: المغرب يواصل ريادته في التنمية القارية    الترجي يسجل أول فوز عربي وتشيلسي ينحني أمام فلامينغو وبايرن يعبر بشق الأنفس    الوداد يعلن تعاقده رسميا مع السوري عمر السومة    بوشهر في مرمى النار.. هل يشهد العالم كارثة نووية؟    كيوسك السبت | ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بنسبة 55 بالمائة    صحافي من البيرو: في تندوف شاهدت القمع وفي الداخلة استنشقت هواء الحرية (صورة)    وكيل النجم البولندي ليفاندوفسكي: الانتقال ممكن للدوري السعودي    "ليفربول" يتعاقد مع الألماني "فلوريان فريتز"    محمد الشرقاوي يكتب: لحظة الحقيقة.. ما لا يريد أن يراه مناصرو التطبيع ووعّاظ الاتفاقات الإبراهيمية!    المغرب بالمرتبة 70 عالميا.. اختلال العدالة الطاقية وتأمين الإمدادات يعطلان مسار التحول الطاقي    البنك الأوروبي يقرض 25 مليون دولار لتطوير منجم بومدين جنوب المغرب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    تراجع أسعار الفائدة قصيرة المدى في سوق السندات الأولية وفق مركز أبحاث    الفيفا يعلن آخر التعديلات على قانون كرة القدم .. رسميا    هزة ارضية تضرب سواحل الريف    إعلان العيون... الأقاليم الجنوبية حلقة وصل بين شمال إفريقيا والعمق الإفريقي ومجالا واعدا للاستثمار    بين الركراكي والكان .. أسرار لا تُروى الآن    مقتل ضباط جزائريين في إيران يثير تساؤلات حول حدود التعاون العسكري بين الجزائر وطهران    حرب الماء آتية    فضيحة "وكالة الجنوب".. مؤسسة عمومية أم وكر مغلق لتبذير المال العام؟    محمد أشكور عضو المجلس الجماعي من فريق المعارضة يطالب رئيس جماعة مرتيل بتوضيح للرأي العام    توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسرار الكامنة وراء لقاء العلمي بوزير الخدمة المدنية في جنوب إفريقيا
نشر في المساء يوم 19 - 06 - 2010

حين كان العالم منشغلا بحفل افتتاح مونديال2010، كان وزيران من لمغرب وجنوب إفريقيا يبحثان في الرباط سبل تعزيز التعاون بين البلدين. ولسبب دبلوماسي، قد يكون وزير تحديث القطاعات العامة، محمد سعد العلمي، اختار الاجتماع مع وزير الخدمة المدنية والإدارة في جنوب إفريقيا ماسياني ريتشارد في مقر وزارة الخارجية، أو أن انعقاد مؤتمر المجلس الإداري
الإفريقي «كافراد» حتم ذلك.
لم تكن المباحثات لتثير الاهتمام لو أنها جرت بين دولتين ترتبطان بعلاقات طبيعية، خيالية من أسباب التوتر والقلق. لكنْ أن يحدث ذلك بين مسؤولين من المغرب وجنوب إفريقيا تحديدا، فالاجتماع تصبح له أكثر من أهمية، من جهة لأنه لا يمكن الحديث عن تعاون ثنائي بين بلدين تفرق بينهما مواقف سياسية شاسعة، ومن جهة ثانية، لأن جنوب إفريقيا عندما قررت الاعتراف بالكيان الوهمي لما يعرف ب«الجمهورية الصحراوية»حرمت نفسها من أي حوار مع المغرب، صاحب الحق المشروع في قضية الوحدة الترابية.
لكن لقاء مثل هذا لا يمكن أن يلتئم عن طريق الصدفة، ولا شك أن الوزير القادم من جوهانسبورغ يدرك جيدا أن موقف المغرب إزاء هذه القضية، يكتسي طابعا مبدئيا غير قابل للتساهل أو التأويل. فهل يكون حمل رسالة سياسية خاصة، أم أنه التقى بنظيره المغربي للإيهام بأن العلاقات بين بلدي الشمال الإفريقي والجنوب الإفريقي عادية وطبيعية؟
على أي حال، فإن الوزير سعد العلمي يملك بعض الجواب، لأنه بدوره، وهو المنتمي إلى حزب الاستقلال، يعرف جيدا حدود المواقف المبدئية ومجالات تصريفها، وإن كان الراجح أن التوجه العام الذي يسلكه المغرب في الانفتاح على البلدان الإفريقية التي تعززت علاقاته أكثر معها، بالرغم من انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية في عام 1984، يشكل خيارا سياسيا لتلافي سياسة المقاعد الشاغرة، كما كان يحدث في السابق.
بين المغرب وجنوب إفريقيا علاقات تاريخية، تمتد جذورها أبعد، وحين استضاف المغرب أول مؤتمر قمة إفريقي في الدار البيضاء، بحضور زعامات إفريقية، أمثال الملك الراحل محمد الخامس والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس الغيني السابق أحمد سيكوتوري وغيرهم، كان هاجس تحرير جنوب إفريقيا يهيمن على الأجواء. ولم يفت الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا أثناء زيارته المغرب في تلك الفترة أن يطلب مده بالمال والسلاح، واقترح على محاوريه المغاربة أن يبعثوا بشحنات الأسلحة إلى دار السلام في تنزانيا. غير أن صراعات بين مجموعتي الدار البيضاء ومنروفيا ستلقي بظلالها على أوضاع منظمة الوحدة الإفريقية. إلا أن المغرب حافظ في غضون ذلك على التزاماته، ولم تحل بعض الارتباطات السياسية خلال مرحلة الحرب الباردة دون الإبقاء على التزاماتها الإفريقية، دفاعا عن وحدة وسيادة وانعتاق البلدان الإفريقية.
حدث أن جنوب إفريقيا بعد تخلصها من الأبارتايد أخطأت عناوين الرسائل التي دأبت على توجيهها، ومن بين تلك الأخطاء أنها انساقت وراء ما كان يعرف بالمحور الثلاثي الذي يجمع بين جنوب إفريقيا ونيجيريا والجزائر، بالرغم من أن سياسة المحاور، إفريقيا أو عربيا، أثبتت إفلاسها وعدم نجاعتها، وكان يتوقع من الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا أن يبادل المغرب نفس التقدير، لولا أن بعض الأيادي الخفية تحركت لتعكير أجواء أي تقارب محتمل، ولعبت الإغراءات الاقتصادية التي همت فتح أبواب الجزائر أمام استثمارات ذات خلفية سياسية دورا مقنعا في الحيلولة دون حدوث التفاهم المطلوب.
الأكيد وجنوب إفريقيا تستضيف مونديال 2010 أن لا علاقة للخلافات السياسية بين المغربي وذلك البلد الإفريقي، لأن المنافسة على احتضان مباريات كأس العام تحدث في أجواء رياضية، ولو أن كل بلد «تعارك» مع الآخر بسبب رسو المنافسة على هذا الطرف أو ذاك، لما حدث أي تقارب في العلاقات بين الدول.نعم هناك خلفيات وأبعاد اقتصادية وتجارية تكيف مسار المنافسة، لكنها تبقى في لإطار الرياضي المحض. ولا يجب أن تتجاوزه، لأن التظاهرات الرياضية تنتهي في زمانها ومكانها المحدد، فيما العلاقات بين الدول تبقى وتستمر، وهي ترتقي إيجابا كلما خلصت النوايا وصدقت الإرادات، لكنها تنحدر كلما تدخلت فيها عناصر غير مبدئية وشابتها ردود أفعال غير موضوعية.
لم يكن من حق جنوب إفريقيا، وهي تقدم نموذجا لتضحيات من أجل الدفاع عن المبادئ الإنسانية المثلى وعن المضامين الكبرى لتحرر الإنسان والأوطان أن تسقط في هفوات حيكت ضدها بعناية. كان عليها أن تتريث وتقلب صفحات الملف جيدا وتغوص في أعماق التوتر المفتعل، لتدرك أنها هي المستهدفة من وراء جرها إلى الاعتراف بكيان وهمي لا يتوفر على شروط الاعتراف التي هي السيادة والأرض والشعب. وقد يأتي وقت تتبين فيه حقيقة الموقف السلبي الذي انجذبت إليه.
الآن، لا يبدو أن كل شيء قد انتهى، فقد حافظ البلدان على خيط رفيع من الارتباطات، لا هو انقطع نهائيا ولا هو جسر قابل لعبور أكثر مما يحتمله، ففي العلاقات بين الدول تصمد الحقائق التي تتوفر لها شروط الحياة.
والمغرب لا يمكنه أبدا أن ينفصل عن جذوره الإفريقية. فقط يتطلب الأمر أكثر من مبادرة تصدر من الجهة التي أخطأت في الرسالة والعنوان معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.