طبع الشغب منافسات البطولة الوطنية لكرة القدم، بقسميها الأول والثاني، ففي مباراة الديربي 111 بين الوداد والرجاء، استعمل بعض المحسوبين خطأ على جمهور الكرة، أسلحة بيضاء، روعوا بها الجمهور الحاضر في المدرجات. في خارج الملعب، بدت شوارع مدينة الدارالبيضاء وكأنها خارجة للتو من أتون «حرب أهلية»، وليس من مباراة كروية، من المفروض أن تكون محطة للاحتفال ولتسويق صورة جميلة عن الكرة المغربية ومدينة الدارالبيضاء. بالجديدة، احتج عدد من أفراد الجمهور بطريقة حضارية على المكتب المسير للدفاع الجديدي، بعد أن ظهر الفريق بوجه باهت في مباراته أمام حسنية أكادير التي جرت بملعب العبدي (0-1)، فقد غادروا المدرجات وتحولوا إلى حيث يتواجد أعضاء المكتب المسير وبدؤوا في الاحتجاج، لكن «الاحتجاج» الحضاري، تحول إلى سب وشتم، وإلى استعمال كلمات نابية، ثم تخريب للممتلكات العمومية. بمدينة طنجة، فجرت هزيمة الاتحاد المحلي أمام نهضة بركان(0-3) غضب فئات من جمهور اتحاد طنجة، فعاث بعض المحسوبين عليه فسادا في المدينة، يحطمون السيارات ويخربون الممتلكات العمومية، وكأنها «نهاية العالم». هذا الكم الهائل من الشغب، أصبح يثير القلق، ويفرض على كل المتدخلين معالجة هذه الظاهرة من مختلف جوانبها، علما أن هناك قانونا يجرم الشغب، صادق عليه البرلمان، وخرج إلى حيز الوجود، دون أن يتم إعمال بنوده، ما فائدة هذا القانون إذا لم يتم استعماله في ردع مثيري الشغب، وفي معاقبتهم وفق بنوده إن اقتضى الحال؟ في الدوري الإنجليزي خسر الأرسنال بحصة ثقيلة (2-8) أمام مانشستر يونايتد، كما خسر الأخير أمام مانشستر سيتي بخماسية، ومع ذلك استمرت الحياة، علما أن هزيمة الأرسنال كانت «فضيحة» بكل المقاييس لأن الفريق لم يسبق له الخسارة بهذه الطريقة المذلة، كما أن هزيمة مانشستر يونايتد لم تكن مستساغة بالنسبة لجمهوره. أما في إسبانيا فإن برشلونة هزم الريال بخماسية، ثم بثلاثية وبقلب ملعب سانتياغو بيرنابيو. ومع ذلك، فإن الجمهور لم يخرب شوارع لندن أو مدريد، بل إنه احتج بطريقة حضارية، وكتم غضبه في دواخله. في إنكلترا، كان جمهور الكرة يثير الشغب، بل إن الفرق الإنجليزية منعت من المشاركة في المنافسات الأوروبية لخمس سنوات. لكن عندما تدخل الاتحاد الأوروبي بصرامة، واستنفدت الفرق الإنجليزية مدة معاقبتها، شاهدنا كيف عاد الانضباط إلى الملاعب الإنجليزية. لدينا نحن كل المباريات، هي «حياة أو موت»، سواء لدى اللاعب أو المسير أو المدرب، والمشجع، وحينما تأتي النتيجة مخالفة للتطلعات يشتعل الغضب، والخوف أن يحرق الجميع، ويفوت آوان إخماده، ويصبح القانون بلامعنى.