جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    قادمة من أوروبا.. تنسيق أمني يحبط محاولة تهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    عاصفة "التبروري" تلحق خسائر جسيمة بمحاصيل الدلاح وترفع الأسعار    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    رئيس البرلمان الأنديني: المغرب عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية    "ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بن الشاوي يجأر في «بيت لا تفتح نوافذه»
نشر في المساء يوم 09 - 10 - 2008

تتمتع القصة القصيرة بخاصية تميزها عن باقي الأجناس الأدبية، وتتمثل في قابليتها المبهرة لاحتضان تعدد التجارب الإبداعية، مهما اختلفت وتنوعت.. فهذا الجنس الأدبي المخاتل مستعد لهضم كل الأفكار والتيمات والرؤى وطرائق الكتابة.. فبين تلابيبه تتجاور دون شنآن الأطروحة ونقيضها: الحزن والفرح ..الحب العذري والشبق.. البوح والخلق.. المذكرات والرسائل.. هموم الذات وأشجان الواقع...
ولعل المتلقي لنصوص «بيت لا تفتح نوافذه» للقاص هشام بن الشاوي، التي تتكون من واحد وتسعين صفحة من الحجم المتوسط، وتضم بين دفتيها اثنتي عشرة قصة، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك من هذه الخصيصة المميزة لفن القصة القصيرة، إذ يجد نفسه أمام نصوص قصصية حاولت المزج بين معطيات عدة، لا يمكن أن تأتلف إلا ضمن هذا الجنس الأدبي العجيب...
فمنذ الإطلالة الأولى على نصوص المجموعة، يستوقف القارئ هذا الغنى في التيمات وطرائق الكتابة.. فعلى مستوى التيمات، تطفر من ثنايا النصوص موضوعات عدة، أكثرها حضورا وتميزا تيمة المرأة، التي تتخذ في القصص أشكالا ووظائف كثيرة، فهناك المرأة الحبيبة والمرأة العاهرة والمرأة الأم والمرأة الأخت.. والمرأة الواقعية، تلك التي من لحم ودم، فترصدها عين السارد وهي تعاني وتكابد من شظف العيش، وتسلك جميع السبل المشروعة وغيرالمشروعة للحصول على ما يسد الرمق، وهناك المرأة الرمز، المرأة الحلم، التي هي بالتأكيد في مستوى من مستويات التأويل المعادل الموضوعي للكتابة عند بن الشاوي، خاصة وأن القاص غالبا ما يربط بين الاثنين، أعني المرأة والكتابة، في نوع من الحضور البهي، المحرض على اقتراف جريرة التأويل، والغوص بها عميقا في بحور الدلالة المتمنعة، فالمرأة في النصوص كثيرا ما يستهويها المكتوب أقصد مكتوب السارد- سواء كان أشعارا أو حكما أو «خربشات على جدار البوح»، على حد تعبير القاص،أو حتى أشعارا لغيره، زين بها غرفته حبا أو تنفيسا عن ذات مهمومة، قد تصل بالسارد إلى درجة قصوى من الغضب فيكرهها، يقول السارد: «وأقول في سري لهذا ال«أنا» الذي كرهته كما لم أكرهه من قبل».
ويسجل القارئ أن حضور المرأة في القصص كثيرا ما يقتضيه سياق المكتوب ليعمق الدلالة تارة، أو يطور الحكي تارة أخرى، ولكنه في بعض الأحيان يكتفي بوظيفته التزيينية الخارجية يقول السارد:
تخترق المشهد امرأة..
بملابس ديمقراطية «ضيقة جدااااا»
تضمن حرية التعبير لكل مفاتنها.
وتكبس الذات على مجريات الحكي، إذ غالبا ما تجد وسيلة لتتسرب إلى متن النصوص، فالسارد في نصوص المجموعة كثيرا ما يتوسل بضمير المتكلم في ممارسته لعملية الحكي.. وإن كان هذا الضمير حداثيا في عمقه وفلسفته، يمنح حضوره للقصص بعدا عصريا وحداثيا، إلا أنه في بعض الأحيان يميل بالنصوص نحو البوح، الذي- لا ريب- يحد من توهج النصوص ودراميتها. وبالإضافة إلى طغيان السارد بضمير المتكلم في قصص «بيت لا تفتح نوافذه» لهشام بن الشاوي، فإن القارئ يحس بدفقة حزن شفيفة تغلف أجواء النصوص، إذ لا يكاد نص ينفلت من هذا الميسم، يقول السارد في قصة «أسعدت حزنا أيها القلب» مؤكدا هذه الصفة التي تلزم النصوص: «الحزن معسكر أمام بوابة الحديقة الغناء».. والحزن هنا ليس وليد فراغ، بل هو نتيجة حتمية ومنطقية للواقع العدواني العنيف الذي يحاصر السارد، خلال تقلبه في فضاءات القصص وأزمنتها، فلا يملك – حينها – سوى الانسحاب نحو الذات باحثا بين أحضانها عن السلوى والسلوان، يقول السارد في قصة «نصوص ليست للنشر»: «أحتمي بهدوء الاشتعالات الجوانية وخيبات القلب التي لا تنسى». وبالإضافة إلى تنوع التيمات تحبل المجموعة القصصية «بيت لا تفتح نوافذه» بتنوع ملفت في طرائق الكتابة، هكذا نجد حضورا قويا لأنواع من السرد الجواني والموضوعي، استفاد القاص في توظيفه من تنوع المناظير السردية.. وتخترق النصوص الرسائل والأشعار والحكم والأمثال المضمرة، التي نشتم رائحتها من سياق القول، والحوار بنوعيه الداخلي والموضوعي أعني به الذي يدور بين طرفين منفصلين.
و إذا كانت اللغة في نصوص المجموعة سادرة في فصاحتها، مقدمة نفسها أنيقة وراقية، بعد أن نقعها القاص في بحيرة الشعر والمجاز، فإن النصوص تحفل بتعدد لغوي ملفت، حيث يتجاور الفصيح مع الدارج وتتلاقح اللغة العالمة المثقفة مع لغة العامة، التي تغترف من معين خاص، شعبي في عمومه، بل ومن عمق الخطاب المهمش، الذي يروج سوقه في أحياء الهامش، التي بلا شك تشكل لاوعي خطابنا المنمق.. لهذا لا غرابة أن تتجاور في المجموعة جملة من قبيل: «ألفيتني أغادر النادي مبتلعا مرارتي» مع جملة من قبيل»: الله يا حنيني الله.. سالت من بويا عمر»..
وإن كان هذا التنوع محبذا يمنح النصوص غنى هي في أمس الحاجة إليه، ويساهم – علاوة على ذلك – في تحقيق الصدق الفني للحكي، خاصة حينما تتحدث الشخوص بألسنتها الخاصة، فإن ذلك قد يؤدي في بعض الأحيان – خاصة إن لم يحسن القاص التعامل معه – إلى نوع من الشيزوفرينيا على مستوى الكتابة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.