عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    بعد ثلاث سنوات على إطلاقه.. نظام التأشيرة الإلكترونية المغربية يسجل نجاحًا لافتًا وتعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    تشيلسي يحصد 125 مليون دولار بعد التتويج في كأس العالم للأندية    لويس انريكي بعد خسارة نهائي كأس العالم … !    هزة أرضية بقوة 5.5 درجات تثير المخاوف ضربت جنوب إسبانيا    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    اتصالات المغرب تعلن تاريخ انطلاق الدورة 21 لمهرجان الشواطئ    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    الملك لماكرون: المغرب حريص على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع فرنسا    أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش                مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب    لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر        من أكادير.. انطلاق دينامية شبابية جديدة لترسيخ ثقافة القرب والتواصل السياسي    فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة        منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد «الاستقلال».. هل هو في 2 مارس أم في 18 نونبر؟
نشر في المساء يوم 04 - 03 - 2012

في 30 مارس 1912 بمدينة فاس، وقّع السلطان العلوي المغربي عبد الحفيظ معاهدة الحماية المشؤومة مع ممثل للدولة الإمبريالية الاستعمارية الفرنسية.
وبموجب هذه الاتفاقية الخيانية، التي تخلى من خلالها السلطان عبد الحفيظ عن كافة التزاماته بالدفاع عن سيادة واستقلال الوطن، أصبح المغرب وإلى أجل غير مسمى محمية للدولة الفرنسية في معظم ترابه الوطني وللدولة الإسبانية في جزئه الشمالي، بينما أصبحت مدينة طنجة وضواحيها منطقة دولية خاضعة لنفوذ دولي مشترك.
إن الشعب المغربي الذي قاوم، بشجاعة كبيرة وبتضحية نادرة، التغلغل الاستعماري في بلادنا منذ النصف الأول من القرن ال19، وخاصة بعد استعمار الجزائر في 1830، ظل يقاوم نظام الحماية الاستعماري بالسلاح وبالعمل السياسي الجماهيري، مسجلا في ذلك ملاحم كبرى، أبرزها ملحمة الريف من 1920 إلى 1926 بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي ثم المقاومة المسلحة في المدن من 1953 إلى 1955 وحرب الريف الثانية التي انطلقت في مطلع أكتوبر 1955. وإذا كان النظام المخزني، وعلى رأسه السلطان عبد الحفيظ ثم السلطان يوسف، قد تواطأ بشكل سافر مع نظام الحماية وساهم في التصدي للمقاومة الشعبية بمختلف المناطق الجبلية وإلى حدود منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، فإن الوضعية ستتغير نسبيا مع الملك محمد الخامس الذي انحاز في فترة معينة إلى جانب الجناح المعتدل داخل الحركة الوطنية المناهضة لنظام الحماية، وهذا ما أدى بالسلطة الاستعمارية إلى نفيه مع عائلته في 20 غشت 1953 إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر. وقد أدى هذا الاعتداء على ملك المغرب الشرعي، كرمز للسيادة المغربية آنذاك، إلى تأجيج المقاومة في المدن والبوادي ضد الاستعمار، مما اضطر السلطات الفرنسية إلى الدخول في مفاوضات مع المغرب وإلى اتفاقية «إكس ليبان» الغامضة والملتبسة التي أسفرت عن رجوع الملك محمد الخامس إلى عرشه في 16 نونبر 1955 يومين قبل إحياء عيد العرش الذي كان يتم في 18 نونبر من كل سنة منذ مطلع الثلاثينيات.
وفي 18 نونبر 1956، ألقى محمد الخامس خطابا تاريخيا أعلن فيه العزم على إنهاء نظام الحماية وبزوغ عهد الاستقلال. وفي نفس الوقت، تم تشكيل الحكومة المغربية الأولى، حكومة ائتلافية برئاسة امبارك البكاي، معظم وزرائها من حزب الاستقلال.
وقد دخلت هذه الحكومة في مفاوضات مباشرة مع الدولة الفرنسية لإلغاء معاهدة الحماية للإعلان القانوني عن استقلال المغرب. وفي 2 مارس، سيتم رسميا، وبموجب اتفاق بين الدولتين الفرنسية والمغربية، إلغاء معاهدة الحماية؛ كما سيتم، بموجب اتفاقية مع الدولة الإسبانية وقعت يوم 7 أبريل، إلغاء نظام الحماية بالمنطقة الشمالية. وفي أواخر أكتوبر 1956، سيتم إلغاء الطابع الدولي لمنطقة طنجة وإخضاعها للسيادة الوطنية المغربية.
وهكذا، فقد ظل المغرب رسميا طيلة نهاية الخمسينيات وإلى حدود وفاة محمد الخامس في نهاية فبراير 1961 يحتفل، من جهة، بما سمي بالأيام المجيدة الثلاثة: 16 نونبر (عيد العودة، أي عودة محمد الخامس من المنفى) و17 ن ونبر (عيد الانبعاث) و18 نونبر عيد العرش (الذي كان يخلد ذكرى جلوس محمد الخامس على العرش في 18 نونبر 1927)؛ كما ظل المغرب طيلة نفس الفترة يحتفل، من جهة أخرى، بعيد الاستقلال في 2 مارس من كل سنة.
إننا نحيي هذه السنة الذكرى المائوية لمعاهدة الحماية المشؤومة المبرمة في 30 مارس 1912. وعلى الشعب المغربي وقواه الديمقراطية والحية، ومن ضمنها حركة 20 فبراير، التساؤل عن الظروف والمسؤوليات بشأن إبرام هذه المعاهدة ومخلفات هذه المرحلة المشؤومة ونتائجها الكارثية. هل قمنا، بالفعل، بحصيلة لهذه المرحلة؟ هل تم تشخيص الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها ومعرفة الحقيقة بشأنها؟ هل تم جبر الأضرار التي ترتبت عن معاهدة الحماية وعن فترة الاستعمار المباشر للمغرب؟ هل تم تحديد الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار ما جرى في الماضي وبعدم استمرار الاستعمار والسيطرة الإمبريالية بأساليب جديدة، من ضمنها تلك التي أدت إلى مشروع القطار السريع (TGV)؟
إن إحياء الذكرى المائوية لمعاهدة الحماية يجب أن تكون، في نظري، مناسبة لطرح هذه الأسئلة، ومناسبة كذلك لمطالبة الدولتين الفرنسية والإسبانية بالاعتذار عما اقترفتاه من جرائم ضد الشعب المغربي وبجبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة عنها؛ إنها فرصة بالنسبة إلى القوى الوطنية الديمقراطية للعمل على التصدي للنفوذ الإمبريالي وللتغلغل الاستعماري بصيغته الجديدة؛ إنها مناسبة للتأكيد على أن النضال الديمقراطي من أجل القضاء على العلاقات المخزنية العتيقة لا بد أن يقترن بالنضال ضد الهيمنة الإمبريالية على بلادنا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
إننا، ونحن نحيي الذكرى المائوية الأولى لمعاهدة الحماية، لا بد أن نتساءل كذلك كيف تم التلاعب بالتاريخ؟ لماذا كان الشعب المغربي يحتفل بعيد «الاستقلال» (بغض النظر عن موضوع جدي آخر يتعلق بطبيعة هذا «الاستقلال»، هل كان فعليا أم شكليا؟) يوم 2 مارس من كل سنة خلال سنوات 1957 و1958 و1959 و1960 وكان يحتفل بعيد عرش محمد الخامس في 18 نونبر، فإذا بنا نجد أنفسنا، منذ اعتلاء الحسن الثاني العرش في 3 مارس 1961، نفقد الذاكرة الجماعية ونقطع رسميا مع الاحتفال بعيد الاستقلال في 2 مارس ليصبح عيد الاستقلال الرسمي هو 18 نونبر، يوم عيد عرش الملك محمد الخامس؟
على المؤرخين والمحللين أن يشرحوا لنا كيف تم ذلك؟ ولماذا الصمت المطبق حول هذا الموضوع؟
أعتقد شخصيا أن هذا الانزلاق يجد تفسيره في مصادفة التقاء عيد عرش الحسن الثاني (3 مارس) مع عيد الاستقلال (2 مارس)، مما دفعه إلى الإلغاء العملي للاحتفال بعيد الاستقلال يوم 2 مارس وإلى إحياء عيد الاستقلال يوم 18 نونبر تاريخ عيد العرش القديم؛ وبهذا يكون الحسن الثاني قد ضرب عصفورين بحجر واحد، حيث تمكن، من جهة، من إبعاد عيد الاستقلال كعنصر تشويش على عيد عرشه الذي كان يحب أن يظل بارزا «كحدث تاريخي جديد»، وتمكن، من جهة أخرى، من الحفاظ على الاحتفال بعيد عرش محمد الخامس وما له من رمزية وترسيخ للمشروعية ولو بمضمون جديد هو عيد الاستقلال.
إن هذا التصرف التسلطي في تاريخ البلاد، وإن كان قد أصبح أمرا واقعا ومقبولا من طرف جل القوى السياسية والفكرية، فإنه لم يتم بدون مقاومة، حيث إن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، على الأقل في فرنسا التي عايشت فيها التجربة، ظل طيلة الستينيات يخلد عيد الاستقلال في 2 مارس ويرفض تخليده في 18 نونبر.
ألم يحن الوقت لتصحيح التاريخ على الأقل في هذه النقطة؟


عبد الحميد أمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.