مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يختتم تحضيراته استعدادا لمواجهة سيراليون    رفع تسعيرة استغلال الملك العام من 280 إلى 2400 درهم للمتر يغضب المقاهي ويدفعها للإضراب    مدرب برشلونة يحث لاعبيه على فرض هيمنتهم أمام الريال في الكلاسيكو    فرنسا تعتزم تمويل مشاريع مهمة في الصحراء المغربية    سحابة سامة تُجبر آلاف السكان على إغلاق منازلهم جنوب غرب برشلونة    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق لوقف إطلاق النار    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    أجواء احتفالية تختتم "أسبوع القفطان"    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    طقس الأحد: زخات رعدية بعدد من المناطق    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    الاتحاد الاشتراكي بطنجة يعقد لقاءً تنظيمياً ويُفرز مكاتب فرعي المدينة وبني مكادة    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    دروس من الصراع الهندي - الباكستاني..    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    البطولة.. الكوكب المراكشي على بعد نقطة من العودة إلى القسم الأول بتعادله مع رجاء بني ملال    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    بعد واقعة انهيار عمارة بفاس..التامني تسائل الداخلية عن نجاعة مشاريع تأهيل المباني الآيلة للسقوط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    سحابة كلور سامة في إسبانيا ترغم 160 ألف شخص على ملازمة منازلهم    إسبانيا تُطلق دراسة جديدة لمشروع النفق مع طنجة بميزانية 1.6 مليون أورو    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    بالقرعة وطوابير الانتظار.. الجزائريون يتسابقون للحصول على الخراف المستوردة في ظل أزمة اقتصادية خانقة بالبلاد (فيديوهات)    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد بيداغوجيا الفقر والهشاشة -منطلقات الإصلاح-
نشر في المساء يوم 14 - 03 - 2012

في إطار مواكبتها النقاش الوطني الذي يهم المسألة التعليمية في المغرب، تفتح «المساء» هذا الركن لكل الكفاءات الوطنية الغيورة على قطاع التربية والتكوين في بلادنا، من باحثين
ومختصين وفاعلين اجتماعيين ورجال تربية، للإسهام -كل حسب قناعاته- في دينامية هذا النقاش. وقد رأينا، في الملحق التربوي، أن تكون مسألة بيداغوجيا الإدماج أول الموضوعات التي نقاربها، لما أثارته من تجاذب ونقاش، تربوي، نقابي، إداري وإعلامي، خصوصا النقاش الذي ظهر على هامش قرار الوزارة القاضي بإلغاء العمل بهذه البيداغوجيا المثيرة للجدل..
كنا قد كتبنا، ضمن سلسلة نشرتها إحدى الجرائد الوطنية المغربية، في غشت من سنة 2008 -حيث بداية علاقة المغرب مع بيداغوجيا (الإدماج) الفقراء- ما يلي:
«نريد المساهمة في نقاش علني حول مصير المغرب وهو يتبنى بيداغوجيا الإدماج، وهو نقاش يهُمُّنا في جوانب كثيرة، منها أنه لدينا إحساس بمواطنة مغربية ممتلئة ومطمئنة لهذا الانتماء الهوياتي متعدد الثقافات والمنفتح على العالمية.. ولذلك فإن طرح خلفيات هذا الموضوع للنقاش بكل وضوح وأمام الملأ هو مساهمة مواطن في طرح مصير مواطنته ومواطنة المغاربة، كبارا وصغارا، للنقاش».
لن نقبل، من جهة أولى، أن يُصادَر حقنا في تناول ما سنكون عليه كمواطنين، لأي سبب من الأسباب. ويتمثل ثاني الأسباب في ممارسة حقنا كباحثين ومن باب مساهمتنا في إماطة اللثام عن بعض القضايا التي لا يجب أن تُقبَل ببداهة أو سذاجة. لقد علمتنا دروس العلوم الإنسانية والإبستيمولوجية التسلح بالحذر والمسافة.
كما تعلمنا من الفلسفة الشك ولعبة المنظورات وصراع السلط حول السيادة والحقيقة، ولهذه الأسباب كلها لا نتلقى دعوة الانخراط في بيداغوجيا الإدماج دون بحث وتمحيص، وإنما نجد أنفسنا مرغمين على التساؤل عن ماهيتها وحدودها وخلفياتها، حتى نبني معها علاقة جديدة تهُمّنا كمواطنين وباحثين ومدرّسين. وثالث الأسباب يتمثل في دفاعنا الدائم عن الحرية البيداغوجية للمُدرّسين والمُدرّسات، إيمانا منا بأن فكر التعدد البيداغوجي في المدرسة المغربية هو سبيلنا نحو المسؤولية البيداغوجية لمدرسينا ومدرساتنا، ما يتنافي كليا مع التنميط والتحنيط والتوحيد «العسكراتي» للممارسة اليومية لمدرسينا ومدرساتنا. ورابع الأسباب هو أننا لم نأت إلى هذا النقاش من جزيرة تقع في أقاصي الأرض، بل إننا تحملنا ونتحمل مسؤوليات فكرية وعلمية وتدبيرية تمخَّضَ عنها «الكتاب الأبيض»، الخاص بالبرامج والمناهج، وشاركنا في كثير من الملفات والأوراش الخاصة بالتربية والتكوين والتعليم، وذلك أمر معروف للبعيد قبل القريب. وبينما كنا ننتظر أن تتم المساءلة الفكرية والعلمية والوطنية بخصوص ما تحصّلَ وما تراكم، إذا بنا نجد أنفسا نقلب الصفحات بدون تبريرات علمية ولا تشخيصات وطنية ولا مساءلات فكرية ولا اجتراح أسباب سياسية وفكرية وتربوية كافية. فحينما يقال إن الكفايات المُستعرَضة غير صالحة لنا في المغرب، هكذا بانطباع وتسرع ودون بحث ولا دراسة وتشخيصات.. يدفعنا الأمر إلى أن نتساءل قائلين: عمّن مِن المغاربة يصدر هذا الحكم؟ ومَن مِن المغاربة أنجز بحثا في هذا المجال واقترح تعديلات أو تطويرا للمنهاج المغربي بناء على نقد للكفايات المُستعرَضة؟..
ليسمح لنا جميع الباحثين والمهتمين بالقول إن من روج ويروج لهذا الكلام منذ البدء كانوا هم «الغزافياويون» أو المستعدون لذلك، وإنني أجدد الدعوة لهم ولغيرهم ممن انتقدوا «الكتاب الأبيض» أن يقدّموا اجتهاداتهم الفكرية والمعرفية إغناء للمكتبة التربوية المغربية وتطويرا للمنهاج الدراسي المغربي، مستحضرين رهانات وطننا ومستقبله.
إذن، لهذه الاعتبارات كان لا بد من تدشين نقاش في العلن، كي تتحدد المسؤوليات، الفكرية والسياسية والإيديولوجية، وبالتالي تتضح الصورة الغامضة ونخرج من النقاشات الدائرة في السير إلى النقاش المسؤول، الذي يحمل توقيع صاحبه: ميلاد المواطن.
وأول ما يثار في هذا النقاش: هل بيداغوجيا الإدماج هي من اختيار مسؤول محدد؟ من هو؟ وما هي دواعي اختيارها؟ وكم سيكلفنا تبنيها الآن وفي الآتي؟.. وهل كان تبنيها مرتبطا بتقرير المجلس الأعلى للتعليم، الصادر في سنة 2008؟ وما هي الخلفيات المعرفية والسياسية والإيديولوجية لهذا التقرير؟ وما هي قيمة الدراسات التشخيصية التي انبنى عليها ليخلص إلى تبني التعلمات الأساسية؟ ومن هي الشخصيات الفكرية والثقافية ذات المصداقية العلمية والفكرية والسلطة العلمية التي كانت وراءه... إلخ؟ وهل درس التقرير حال المغرب دراسة علمية أم دراسة تبرر ما سيأتي؟ ولماذا تزامن تقرير المجلس الأعلى مع تلويح كثير من المسؤولين بنهاية عهد الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو إرادة إعادة كتابته -إن توفرت الظروف- بشكل آخر؟..
كما يهُمُّنا الوقوف عند الحدود البيداغوجية عند غزافيي رويجرس، منطلقين من أسئلة من قبيل: هل بيداغوجيا الإدماج بيداغوجيا؟ هل هي بيداغوجيا أم ديداكتيك عام؟ هل هي ديداكتيك أم هندسة في التخطيط؟ ما الأسس التي تقوم عليها؟ وكيف تتصور المتعلم والمدرس والمعرفة المدرسية؟... إلخ. ستتيح لنا هذه الأسئلة الفرصة للدفع بهذه القضايا البيداغوجية والتربوية إلى حدودها القصوى، حتى نميز في هذه البيداغوجيا بين ما ينتمي إلى التربية والتعليم والتكوين والبيداغوجيا وبين ما ينتمي إلى مجالات أخرى، كالمجالات الإيديولوجية، الثاوية التلقائية، أو المقنعة، قصدا أو لاشعوريا، أو المجالات المقاولاتية والتكوين المهني.
إن المتتبع لعلاقتنا نحن المغاربة ببيداغوجيا الإدماج سيلاحظ أن المنظمة الدولية للفرانكفونية نشرت مؤلفا تحت عنوان «التكوين من أجل تغيير المدرسة»، وهو كتاب جماعي نجد من بين مؤلفيه غرافيي رويجرس، لكنه عُرِض، في الوقت ذاته، كمخطوط قبل طبعه على من يسميهم الكتاب الخبراء في علوم التربية، التابعين ل«OIF» والأشخاص الموارد لنفس المؤسسة.
يوضح هذا المؤلف الروابط بين غزافيي والفرانكفونية، حيث تمت الإشارة منذ بداية الكتاب إلى الإعلان عن المشروع العام للفرانكفونية، فهو يرى أنه «منذ خمس سنوات والمنظمة (يعني المنطمة الدولية للفرانكفونية) تطور قطبا في علوم التربية لدعم الدول الأعضاء في المنظمة، من خلال مشروع التربية للجميع والمساهمة في تقويم سياساتها التربوية، فتقرر في رأي الدول الأعضاء في المنظمة الفرانكفونية أن يركز هذا القطب المختص في علوم التربية على تحسين المقررات المدرسية وفق المقاربة بالكفايات».
أستاذ باحث في علوم التربية
د. الحسن اللحية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.