في هذا الحوار يكشف عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، عن الأسباب التي دفعت صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية السابق، إلى أن يعتبره رئيسا غير قانوني، كما يتحدث عن بعض الأشخاص الذين قال إنهم يؤلبون عليه وزير التشغيل، عبد الواحد سهيل. ويقول إنه ستكون له كلمة أخرى بعد صدور الحكم النهائي في الملف الذي يتابع فيه امحماد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية، بتهمة اختلاس وتبذير 117 مليار. - أنت متهم بانتحال صفة رئيس المكتب الإداري للتعاضدية العامة للإدارة العمومية؟ أولا، كيف يمكنني انتحال صفة رئيس؟ كان يمكن ذلك لو لم أمر في الجمع العام. صعوبة التعاضدية هي أننا جئنا بعد تطبيق الفصل 26 بناء على تقارير المفتشية العامة للمالية ولجان المراقبة، التي أثبتت اختلالات واهتزازا في التوازنات المالية داخل المؤسسة. بعد ذلك أجريت الانتخابات وجاء الجهاز الذي أتحمل فيه المسؤولية، وكان أول شيء قمنا به هو تشخيص دواليب المؤسسة، والذي كان مطالبا بالقيام بهذا هو الإدارة الموجودة، كما أننا كنا مطالبين بالتصالح مع محيطنا المشكل من "الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي" (CNOPS)، ومن الوزارات الوصية التي دخل معها المكتب السابق في علاقة شاذة ومتشنجة. وقد ساعدتنا على ذلك الوزارتان الوصيتان: المالية والتشغيل. اتفقنا على القيام بالتشخيص والافتحاص وأيضا القيام بدراسة للتوقعات. وعندما بدأ المكلفون بالافتحاص المالي بحثهم في رصد مكامن الخلل لم يعد بإمكاني تنظيم جمع عام. - ولكن الوزارات الوصية هي التي راسلتك، مشيرة إلى أن شرعية المكتب انتهت منذ غشت 2011؟ بعد ظهور نتائج الافتحاص المالي، كاتبنا الوزارات الوصية بخصوص نيتنا في تنظيم الجمع العام، وما أخر تنظيم الجمع العام هو حرصنا على تنظيمه في أحد الأندية لترشيد النفقات، لكن تعذر علينا الحصول على أي ناد. وفي25 يوليوز 2011 نظمنا الجمع العام، ولو كنت أريد أن أماطل وأن تظل قراراتي هي التي تسود لما كنت وافقت على تنظيم الجمع العام في ذلك التاريخ. - تم تنظيم الجمع العام في فندق فخم وكلف قرابة 100 مليون سنتيم. أليس هذا تبذيرا لمالية التعاضدية، علما أنه كان بإمكانكم تنظيم الجمع العام في المقر الاجتماعي للتعاضدية بالرباط، الذي يتوفر على قاعة كبيرة تسمح بذلك؟ هناك 377 مشاركا، وأنا أتحدى؛ إذا استطاع أحدهم تنظيم جمع عام بذلك القدر من المشاركين وبنفس الجودة والثمن "أجي علقني في شارع محمد الخامس". حوالي 400 شخص شاركوا في الجمع العام قضوا من الثلاثاء إلى الأحد في جناح خاص كانت كاميراته مشغلة لكي لا يتهمنا أحد بتهريب الأعضاء للضغط عليهم. نظمنا الجمع العام في 25 يونيو، وقد طالبنا بتنظيم جمع عام استثنائي، ليس استثنائيا في ذاته، بل في الظرفية التي صاحبته، بعد تطبيق الفصل 26، إثر ظهور نتائج الافتحاص المالي والقيام بالدراسة الاكتوارية (وهي دراسة تأخذ بعين الاعتبار المسائل المالية والإحصائية، والاحتمالات، والتمويل والاستثمار، والتأمين، والاقتصاد، وإدارة الخطر، بغرض قياس المخاطر المستقبلية، من أجل التخطيط للمستقبل) ولم يكن تقرير لجنة المراقبة قد انتهى العمل منه، وخشينا أن ننظم الجمع العام فيقال إن هؤلاء يخفون أشياء. لماذا إذن لم تنه لجنة المراقبة تقريرها؟ لأن هؤلاء الذين ينتقدوننا الآن كانوا يحتلون مقر التعاضدية العامة وكلفوا التعاضدية العامة 4 مليارات ونصف مليار من الخسائر بعدما احتلوا مقر التعاضدية العامة في شارع ابن سينا، الذي اقتناه الرئيس السابق امحماد الفراع ب4 مليارات ونصف مليار، وتركه باسم مالكه السابق. كم المجموع؟ كم صرفت أنا؟ 100 مليون؟ لو أن هؤلاء المنتقدين عملوا على استرجاع كل تلك المبالغ لوفروا لنا مبالغ مالية تكفينا للاشتغال مدة 20 سنة. - ولكنك ارتكبت خطأ قانونيا عندما أعلنت عن تنظيم جمع عام استثنائي، مع أن القانون يقول إن الجمع العام الاستثنائي لا ينعقد إلا في حالة حل التعاضدية أو إدماجها في تعاضدية أخرى؟ كان خطأ في الصياغة فقط، إذ أن جدول أعماله كان عاديا. ولكن قلنا إن الجمع العام يجب أن يكون طارئا فيما يتعلق بمراجعة الاشتراكات. من جهة أخرى، نحن لم ننتظر حتى يصدر التقرير، لأن نتيجة الافتحاص المالي كانت قد صدرت، والدراسة الاكتوارية اكتملت وتقول إن وضعية التعاضية في خطر وأن العجز بنيوي. ولعلمك فإن التعاضدية لا يمكنها اقتراض أموال لتغطية مصاريفها، بل مداخيلها الوحيدة هي فقط من اشتراكات المنخرطين. لذلك فكرت في تنظيم جمع عام ليس استثنائيا، ولكن الظروف التي انعقد فيها كانت استثنائية، من أجل الخروج من العجز، لكي نعيد الاعتبار للقانون ونرفع من تعويضات المتقاعدين، التي ظلت نفسها منذ 30 سنة. ملفات المرض التي يحتج عليها المنخرطون أردنا رفعها إلى 90 في المائة. هذا كتبناه في جدول الأعمال وبعثنا به إلى وزارتي المالية والتشغيل لأول مرة في تاريخ التعاضد، لكنهم كاتبونا وفسروا لنا النقط التي يجب إدراجها في جمع عام عادي، والأخرى التي يجب إدراجها في جمع عام استثنائي. آنذاك لم يتبق أمامنا إلا أمرين اثنين: إما أن أقوم بما قام به سلفي وضرب بقرار الوزارة عرض الحائط، وإما أنضبط للقرار الوزاري، فطلبت من المستشارين القانونيين أن يكيفوا الجمع العام مع القانون، وأن يحرصوا على أن يكون كما أرادت الوزارة. - هناك خرق قانوني آخر وقفت عليه الوزارتان الوصيتان، ويتعلق الأمر بأنك عوض أن تلجأ إلى مسطرة القرعة لتجديد 11 عضوا، اعتمدت مسطرة الاقتراع، وهي مسطرة قال خصومك إنك لجأت إليها لإقصائهم؟ هناك الظهير والقانون الأساسي والنظام الداخلي. الظهير لا يتحدث في البندين 5 و11 عن القرعة، بل عن الانتخاب. القانون الأساسي بالعربية ينص على الاقتراع وبالفرنسية يتحدث عن القرعة، والقاعدة القانونية تتحدث عن اعتماد الأصل الذي هو الظهير وهو اللغة العربية، التي هي اللغة الرسمية، ولذلك اعتمدنا نظام الاقتراع. - ولكن، إذا كان الأمر قانونيا، فلماذا راسلتك الوزارتان الوصيتان؟ الوزارة راسلتنا بناء على مراسلة أحدهم لها. من ناحية أخرى، هؤلاء المعترضون ذهبوا إلى القضاء، ليس في الجمع العام الأول الذي تتحدث عنه، بل في جمع عام لاحق. لكن، لنتفق، فالجمع العام يتحكم فيه المنتخبون والمنخرطون، وهؤلاء لم يتقدموا بأي شكاية. الآن هؤلاء طالبوا باستصدار حكم استعجالي، لكن المحكمة رفضت طلبهم وأمرت بأن نستمر في أشغال الجمع العام. من ناحية أخرى، أليس الاقتراع شكلا ديمقراطيا طالما هو شفاف ومراقب. لكن المعترضين يقولون إن اللجوء إلى الاقتراع لم يكن من أجل عيون الديمقراطية، بل للاستقواء بالأغلبية التي هي إلى جانبك. أغلبية التعاضدية فيها 6 نقابات. هل عبد المولى يقوى على الاستقواء باطلا بكل النقابات؟ - مسألة النقابات الست فيها نقاش، لأن الاتحاد المغربي للشغل لم تعد له تمثيلية، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل لم تعد لها علاقة بممثليها، أمين المال المامون والركراكي؟ بالعكس من يقولون هذا هم الذين لم تعد لهم تمثيلية، أما الاتحاد المغربي للشغل فمازال ممثلا، والمامون ترشح مؤخرا للبرلمان باسم حزب المؤتمر الوطني للاتحادي. - أين وصلت قضية اختلاس مبلغ 117 مليارا، التي يتهم فيها الرئيس السابق للتعاضدية امحماد الفراع؟ القضية أمام محكمة الاستئناف، والملف في آخر مراحل التقاضي. - هل التهم الموجهة إلى الفراع، في نظرك، ثابتة في حقه؟ لست أنا من يقول هذا. وإذا أردت أن أتحدث سأخرج الملفات، وهي التي ستتحدث، أما أنا فستكون لي كلمة بعد الحكم النهائي. - أعطنا مثالا على ذلك؟ مؤخرا فوجئنا بأننا علينا أن نؤدي مليار و200 مليون أخذها الفراع من القطاع المشترك وصرفها في الاقتناءات، الآن بالإضافة إلى الخسائر المتراكمة علينا انضاف هذا المبلغ. - وزير التشغيل سبق أن راسلك لتنبيهك إلى أن جمع عام التعاضدية غير قانوني. أين وصل هذا الأمر؟ لم يراسلنا أي وزير. هذه كانت مراسلة من وزارة المالية على عهد الوزير السابق صلاح الدين مزوار. وهي حسابات سياسية الغرض منها وأد هذه التجربة التي جاءت لمحاربة الفساد. الدستور الجديد يؤكد على حماية فاضحي ناهبي المال العام، بينما هم يريدون وأد هذه التجربة لكي لا نفضح ناهبي المال العام. وقد كانوا يقولون إن هذه التجربة لن تستمر أزيد من 10 سنوات. نحن فتحنا 14 نقطة في المغرب بصفر درهم، هل من يريد أن يختلس أموالا يضع ثقله من أجل فتح فروع بصفر درهم، ويتفق مع تعاضدية البريد لكي تؤدي نيابة عنا 3 ملايين ونصف مليون في الشهر ل "الأمانة" لجمع ملفات المرضى في كل أنحاء المغرب لكي يتلقوا تعويضاتهم في أقل من 15 يوما، وانتقلت ملفات المرض من 653 ألفا إلى مليون و200 ملف. هذا يعني أننا كنا نؤدي 3 ملايين في ملف المرض وأصبحنا نؤدي 6 مليارات. - أين تكمن الحسابات السياسية في مراسلة وزارة المالية لوزارة التشغيل، في موضوع لاقانونية جمع العام التعاضدية؟ الحسابات السياسية واضحة لأن وزير المالية كان سيقضي علي لو أنه بعث إلي بالمفتشية العامة للمالية، ثم كتب مراسلة يتحدث فيها عن سوء التدبير المؤدي إلى تبذير أموال عمومية، أو شيء من هذا القبيل. لكن أن يكتب مزوار، وهو وزير للمالية بقيمتها وثقلها، مراسلة يتحدث فيها عن الجمع العام، فهذا هو عين الحسابات السياسية التي لها غاية وحيدة هي وأد هذه التجربة واختلاف المشاكل لها. هل تعرف أن وزير المالية مزوار كان يكاتبني دون أن يشير إلى صفتي، بل يقول إلى عبد المولى عبد المومني، لكنه بالمقابل يحدثني عن صفتي كرئيس للتعاضدية وكمجلس إداري. لو أنه كان يريد أن يكاتبني شخصيا فلماذا كان يراسلني على عنوان الإدارة. هل أسكن في الإدارة؟ إذا كان يريد أن يراسلني بصفتي الشخصية فليراسلني على عنوان منزلي؟ هذا يبين شرارة الحقد الذي كان مزوار يكنه لي. لقد كاتبت الوزير الأول عباس الفاسي وأخبرته بأنه عندنا عمارة مقفلة وينتج عن عدم اشتغالها ضياع 4 مليارات سنتيم، فكاتب الوزير الأول وزيره في الداخلية وأمره بحل مشكل البناية، بينما صلاح الدين مزوار، وزير المالية، كتب إلي "ماشي شغلك"، ثم عاد وكاتبني بشأن الجمع العام، الذي هو من اختصاص القضاء، ليؤكد لي بأنه غير قانوني وبأنني لم أعد رئيسا وعلي تطبيق الفصل 26، رغم أن هذا الفصل لا يطبق إلا في حالة سوء التدبير والاختلال المالي. - لكن عبد الواحد سهيل، وزير التشغيل الحالي، راسلك بدوره في موضوع لا قانونية أجهزتك؟ سهيل عندما جاء للوزارة، كان عليه أن يتريث حتى يعرف حقيقة الأمور. أنا أظن أن البعض في الوزارة وشوش له بالقول إن عبد المولى هو صديق لجمال أغماني، الوزير السابق، وقد تركا لك هذه القنبلة لكي يحلا صراعاتهما داخل الحزب، ولكي لا يقوم عبد الواحد الراضي بكذا... لكن هذا كله عار من الصحة. أنا وضعت كل الأمور أمام الوزارتين الوصيتين وقلت لهما، بهذه الجرأة التي أتحدث معك بها، إنني غير الرئيس السابق، بل أنا رجل يحترم القانون ويوثق كل الإجراءات والمحطات والحسابات. أنا أقول لهم نحن أسسنا الاتحاد التعاضدي المغربي من أجل المساهمة في التنمية البشرية. أسسنا الاتحاد الإفريقي من أجل تصدير التعاضد المغربي إلى إفريقيا، وكي نصبح نموذجا في أفريقيا ونصبح قنطرة مع أوروبا. دخلنا إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للنهوض بالقطاع، وذهبنا إلى المنظمة العالمية للتعاضد، وخلقنا منصبا وغيرنا القانون لكي نرسخ التعاضد المغربي إلى جانب الفرنسي وغيره... كل هذا وهم يطعنوننا في الخلف، وعندما أواجههم يصمتون ويمدحون التجربة. - وما الذي قمت به لضمان عدم تكرار مثل سوء التدبير الكبير الذي كان في التجربة السابقة وأفقد التعاضدية عشرات المليارات؟ هو الفصل بين الإداري والسياسي، حيث لم يعد المنتخبون يشرفون على التسيير الإداري. لذلك لن أحاسب إلا على قراراتي السياسية، لأنني عندما أطالب بفتح فرع في منطقة معينة يجب فتحه، وإذا كانت هناك صعوبات على الإدارة أن تكاتبني وتحدد نوعية الصعوبات. أما إذا تم فتح فرع وكان غير قانوني، أو تم القيام بعملية مالية فيها اختلالات، فالذي يتحمل المسؤولية هو الإدارة وليس نحن المنتخبين لأنه لم تعد لأي منتخب علاقة بالمشتريات. سابقا كان الرئيس هو الذي يترأس لجنة المشتريات، والقانون مازال يعطيني هذا الحق، لكنني لا أترأسها. انتهينا. نحن نقوم بالسياسة فقط، وعلينا تنمية التعاضد المغربي وإعادة بنائه بما يخدم المنخرطين والبلاد، وليس ما أراده البعض الذين ساندوني بداية ظنا منهم بأني سأتركهم يتحكمون في "المارشيات"، ولذلك هم يستهدفونني، وأنا مستعد لمواجهتهم من أجل إنجاح هذه التجربة، التي تحولنا بها من الإفلاس المبين إلى النجاح والامتداد في عدد من الفروع وتوسيع قاعدة المستفيدين.
وجدت 180 شخصا تم توظيفهم بطريقة غير قانونية - يتهمك معارضوك أيضا بتشريد عشرات العمال والنقابيين؟ أنا لم أشرد أي أحد. عندما ترأست التعاضدية وجدت 180 شخصا تم توظيفهم بطرق غير قانونية، وقد كنت أمام خيارين: إما أن أتركهم في الوضعية التي كانوا عليها، وأبدأ بتهديدهم في كل مناسبة أو استغلالهم كأصوات، وحينها ما كان أحد ليقوى على الحديث مثلما هو الأمر عليه الآن، ولا تحدث أحدهم عن الفصل 26، لكن أنا قبل كل شيء مواطن مغربي وجئت إلى التعاضدية بتصور وبرنامج، لذلك فكرت في جعل هؤلاء في وضعية قانونية، وقد أخذنا اقتراح أن يجتازوا امتحانا تحت إشراف "أنابيك" ومكتب التشغيل، وقد حملت هذا المشروع إلى النقابات، ثم إلى الفرق البرلمانية التي حبذته باستثناء نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التي ترددت بداية قبل أن تقتنع بأهميته لاحقا. وقد نجح كل من اجتاز الامتحان باستثناء أولئك الذين ظلوا يدعون إلى التوظيف المباشر وقاطعوا المباراة.