قال عبد الله ساعف، مدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، إن «الدستور الجديد لا يقر فصلا تاما للسلط»، غير أن وزير التربية الوطنية السابق أكد على أن «الوثيقة الدستورية الجديدة لا تخلو مع ذلك من نوع معين من فصل السلط». ودافع ساعف، في ندوة عقدتها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، بعد زوال أول أمس الأربعاء، بالرباط، حول موضوع «الدستور الجديد: أية إضافات للنظام الوطني للنزاهة»، عن ملامح التغيير التي يحفل بها الدستور الجديد، ولكنه نبه إلى إمكانية أن يتم التقليص من دائرة هذا التغيير عبر آلية القوانين التنظيمية والنصوص التشريعية التي يتم عبرها تنزيل مضامين الدستور. وأكد ساعف على أن الحكومة الحالية «مختلفة تماما من حيث الصلاحيات المنوحة لها عن الحكومة السابقة»، واعتبر أيضا أن «البرلمان الحالي مغاير لسابقيه بعد «رفع الحصانة» عن أعضائه ومنحه صلاحيات جديدة»، ذكر منها «سلطة إعداد التقطيع الترابي»، الذي كان في وقت سابق من اختصاصات وزارة الداخلية. ورغم أن الدستور الجديد أخرج إلى الوجود، وفق ساعف، حكومة تتمتع بسلطات أكبر وبرلمانا بصلاحيات واسعة مع دسترة مؤسسات الرقابة، فإنه أكد على أن «تحديد المقصود بالقضايا الاستراتيجية والملفات غير الاستراتيجية أبرز رهان حكومي في الولاية التشريعية الحالية». وتتجلى أهمية رفع هذا الرهان، حسب ساعف، في كون العهد الدستوري الجديد يجعل القضايا الاستراتيجية مثل الهوية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة من صميم صلاحيات المجلس الوزاري، في حين يتولى مجلس الحكومة الحسم في قضايا غير استراتيجية. وإذا كان ساعف أوضح أن القضايا غير الاستراتيجية تتألف بالأساس من السياسات العمومية، فإنه تساءل عن استمرار تصنيف مخططات تدخل في إطار هذه السياسات ضمن قائمة الملفات الاستراتيجية. وقال إن هناك 16 مخططا ضمنها مخطط المغرب الأخضر والمخطط الأزرق تدخل في إطار السياسات العمومية ولكنها تحمل صفة مخططات استراتيجية، قبل أن يتساءل عما إذا كانت الحكومة الحالية ستضع يدها على مخطط المغرب الأخضر والمخطط الأزرق والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وعلى ضوء هذه المستجدات، طالب مدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة بتحيين توصيات النظام الوطني للنزاهة الذي تصدره الجمعية، خصوصا في شقه المتعلق بالحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية. وقال ساعف إن «هناك توصيات في النظام الوطني للنزاهة يتوجب إلغاؤها على ضوء الدستور الجديد»، ودعا الجمعية إلى تخصيص محور برمته في التقرير المقبل لمؤسسات الرقابة التي تحدث عنها الدستور الجديد في باب «الحكامة الجيدة»، وأكد أن هذه المؤسسات تعتبر «أبرز جديد في الدستور الجديد».