برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    أخنوش يطلق كتاب مسار الإنجازات من طنجة ويؤكد مشاركة المواطنين في التحولات الكبرى    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية        مقاييس التساقطات الثلجية المسجلة بالمملكة    منيب تتقدم بمقترح للعفو العام عن المعتقلين على خلفية حراك "جيل زيد"    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    "الأحرار" يثمن مضامين قانون مالية 2026 ويستعرض استعداداته لعقد مجلسه الوطني    عشية انطلاق كأس إفريقيا.. أكادير تضع اللمسات الأخيرة لاستقبال ضيوفها    ‬المغاربة يتطلعون إلى انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم بمعنويات مرتفعة    قيمة أشرف حكيمي الأغلى في "الكان"    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    إيداع نزهة مجدي سجن العرجات بسلا    الانهيارات الصخرية والاضطرابات المناخية تجدد مطالب إحداث نفق "تيشكا" بين مراكش وورزازات    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لكأس إفريقيا للأمم    بريد المغرب يصدر طابعاً بريدياً تذكارياً احتفاء بمئوية مهنة التوثيق بالمغرب    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    مروحية الدرك الملكي تنقذ سيدة في حالة صحية حرجة    كأس السوبر الإيطالية: بولونيا يضرب موعدا مع نابولي في النهائي بعد فوزه على إنتر    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    افتتاح كأس إفريقيا للأمم 2025.. فتح أبواب ملعب مولاي عبد الله من الثانية ظهرًا وإحداث مكاتب قضائية بالملاعب    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    هل تنجح فرنسا في تقنين وصول القاصرين إلى شبكات التواصل الاجتماعي؟    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    هاتوا الكأس للمغرب    8 ملايين دولار القيمة الإجمالية لمشاريع وكالة بيت مال القدس الشريف برسم سنة 2025    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم الجمعة إلى الاثنين المقبل بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة        وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    أسماء لمنور تضيء نهائي كأس العرب بأداء النشيد الوطني المغربي    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    كالحوت لا يجتمعون إلا في طاجين !    البورصة تبدأ التداولات على وقع الأخضر    الشرطة الأمريكية تعثر على جثة المشتبه به في تنفيذ عملية إطلاق النار بجامعة براون    "الصحة العالمية": أكثر من ألف مريض توفوا وهم ينتظرون إجلاءهم من غزة منذ منتصف 2024    استمرار تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    هياكل علمية جديدة بأكاديمية المملكة    انخفاض الذهب والفضة بعد بيانات التضخم في الولايات المتحدة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كريستوفر روس يفقد بكارته السياسية في الصحراء
نشر في المساء يوم 31 - 05 - 2012

قبل توضيح الغاية التي نرجوها من كتابتنا لهذه السطور، علينا أن نؤكد، مع الفقيه ميشال ماي، أنه في ميدان العلوم السياسية ليست هناك ضمانات ضد الأخطاء، فقد نقع في الخطأ،
إلا أنه يكون غير مجاني لأننا لا نستطيع بلورة معلومات جديدة إلا انطلاقا من نقدنا للمعلومات التي قبلناها في فترة معينة. وتأسيسا عليه، تبقى غايتنا الأساسية هي إعادة التفكير والتأمل إزاء السياسة العمومية للقضايا الوطنية الكبرى في ظل الملكية الثانية، وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، متمسكين بما يفيد بأنه يمكن تأهيل بيئة القرار في ظل المفهوم الجديد للسلطة عن طريق خطط أو تصورات تقريبية متوالية قابلة للإنجاز، علما بأنها ليست مجرد عملية روتينية يتم ضبطها بشكل تقليدي متتابع، بل تقتضي خطوات حداثية وجريئة بغية إزالة الحجاب عن الواقع وتوضيحه أكثر مما كانت عليه الحال خلال حقبة المفهوم التقليدي للسلطة. وإذا كنا لا نشك في القيمة العلمية لما سنطرحه من أفكار بصرف النظر عن كونه عملا سوف ينال أو لا ينال إعجاب القارئ، فإننا وبموضوعية مواطنة سنتفق مع من لا يتفق حول مقاربتنا الفكرية، وسنطرح جدلا مفاده أن الوضعية السياسية في ظل الملكية الثانية تختلف جذريا عن الوضعية نفسها إبان حكم الملكية الأولى على مستوى تدبير السياسة العمومية عامة وقضية الصحراء بشكل خاص. وانطلاقا من هذا التصور الشامل لأفق العمل السياسي الذي وضعه أمير المؤمنين، نستطيع القول إن تأهيل المجتمع المغربي والانتقال به من حالة حضرية معينة إلى وضعية جديدة يسود فيها السلم السياسي والاجتماعي أكثر، يقتضي تجسيد مختلف الفرضيات إجرائيا على أرض الواقع، بدءا بإيجاد حل سياسي ونهائي لقضية الصحراء التي تجسد وجوديا كينونة الدولة المغربية الشريفة التي لا ينبغي ولن يجوز أن تبقى مبتورة الأجزاء، على اعتبار أنه لا الخصم ولا غيره قادر على تغيير الجغرافيا وطمس مغربية الصحراء. وسنتأكد من حقيقة هذا الطرح عبر فحص القيمة السياسية للتطورات التي عرفتها قضية الصحراء في عهد الملكية الثانية والتي تجسدت بالخصوص في الإنتاج الدبلوماسي جهويا في إطار العلاقات الثنائية ودوليا عبر اللقاءات متعددة الأطراف، مما دفع الجزائر في سابقة هي الأولى في تاريخ العلاقات المتوسطية إلى المطالبة صراحة بتسوية للنزاع عبر تقسيم الصحراء المغربية كحل لا غالب فيه ولا مغلوب. وعلى دعوة الجزائر هذه، كان رد الشعب المغربي واضحا لأنه يؤمن بأن الوحدة آتية كما كان الشأن في الماضي بالنسبة إلى الشعب الألماني وكما سيكون عليه الأمر غدا للشعب الكوري والشعب القبرصي... لأن الوحدة حق لكل الشعوب. وإذا كان الملك قد أبان محليا عن قدرة فائقة في تدبير ملف الصحراء الذي جعله ورشا وطنيا مفتوحا لتعبئة الجميع، فإنه تمكن على المستوى الدولي من تحقيق ثلاثة أهداف: أولا، التنبيه إلى خطورة بلقنة الكيانات الوطنية ودعم الحركات الانفصالية والكيانات الوهمية على سيادة الدول؛ ثانيا، إقناع الكثير من الدول بضرورة سحب اعترافها بجبهة البوليساريو؛ ثالثا، استقطاب دعم الدول الفاعلة دوليا وجهويا لتسوية سياسية للنزاع المفتعل حول الصحراء ضمن السيادة المغربية. وفي الوقت الذي قرر فيه المغرب الاستغناء عن مخطط التسوية التقليدي نظرا إلى استحالة تطبيقه في الميدان، وهي الحقيقة التي أكدها جيمس بيكر عندما طرح مخططا كان مآله الفشل، التزم طبقا لتصورات الأمم المتحدة بالبحث عن حل سياسي يتمثل في حكم ذاتي ضمن السيادة المغربية، وهو التوجه الذي أكده المبعوث الشخصي السابق للأمم المتحدة بيترفان والسوم بقوله «إن أفضل حل للنزاع هو الحكم الذاتي وإن الاستقلال خيار غير واقعي»، هاهو اليوم يطل علينا المبعوث الأممي الجديد كريستوفر روس، بعد ثلاث سنوات من قيادة مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، ليجد نفسه غارقا في رمال صحراء متحركة، معلنا مواقفه السلبية واللاحيادية المنحازة وغير المسؤولة تجاه قضية الصحراء. لقد ارتكب روس مجموعة من الأخطاء طيلة إشرافه على ملف النزاع، حيث كانت الصحافة الإسبانية قد سربت في غشت من سنة 2011 وثيقة سرية بعث بها إلى دول مجموعة أصدقاء الصحراء، هي رسالة ضمّنها اتهامات للمغرب بعرقلة المفاوضات غير الرسمية حين رفض القبول بمناقشة مقترح جبهة البوليساريو. وفي السنة الماضية دلت الكثير من القرائن على أن روس كان هو من سرب نسخة من تقرير بان كيمون بشأن الصحراء، وذلك من أجل إثارة اهتمام الرأي العام الدولي بشأن الوضع الحقوقي في الصحراء المفترى عليه. وتواصل تحامل روس على قضية الصحراء المغربية في التقرير الأخير لأبريل 2012 بأن ضمّنه إساءات معيبة إلى الطرف المغربي لم يكن لها أي وجود في التقارير السابقة، وحتى في التقرير ما قبل الأخير، على الرغم من تداعيات بعض الأحداث كأزمة أميناتو حيدر ومخيم أكديم إزيك. إن استقراء للدلالات التي صيغ بها تقرير بان كيمون الأخير حول الصحراء يبين أنها تبقى مسيئة جدا إلى الموقف التفاوضي المغربي، حيث أشارت الفقرة 91 إلى إمكانية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو بدل أن تبقى وفق التعليمات السابقة لمجلس الأمن بشأن مراقبة وقف إطلاق النار، وبهذا تكون الورقة الحقوقية أحد أهم العناوين البارزة التي سيشتد الجدل والصراع حولها بعدما أراد روس أن تكون محور جولات المفاوضات غير الرسمية. لقد أفسد روس رؤية المفاوضات التي أسس لها سلفه بأن أعادها إلى نقطة الصفر، حيث عاكس استنتاجات سلفه فان والسوم الذي خلص إلى أن استقلال الصحراء خيار غير واقعي، وهي ذات القناعة التي عبر عنها سابقه «إريك جونسن» حين اعتبر أن الحكم الذاتي في الصحراء يشكل خطوة مهمة لحل النزاع، أما بخصوص تجديد الأمين العام للأمم المتحدة ثقته في مبعوثه كريستوفر روس -إذا صح هذا الخبر- بعد أن سحب المغرب رسميا ثقته فيه، فهذا يتناقض مع منهجية الأمم المتحدة في التوسط لحل القضايا الدولية والتي تتطلب وسيطا يرضى عنه الجميع؛ وحتى لو كان ذلك صحيحا فإنه لن يكون إلا لأسابيع ريثما يتم إيجاد وسيط أممي جديد يتفق عليه الطرفان استنادا إلى قضية المبعوث الأممي السابق السيد بيتر فان والسوم الذي رفضته الجزائر على خلفية يقينه بعدم إمكانية خلق دويلة في الصحراء.
وأمام هذا الوضع والمأزق الذي وضعت فيه قضية الصحراء بسبب المواقف المنحازة للمبعوث الأممي كريستوفر روس الذي فقد بكارته السياسية والقانونية بعد أن وطأته المخابرات الجزائرية ولطخت يده بزيوت ومحروقات شركة صوناطراك الجزائرية مثلم فعلته مع بيكر سابقا، ينبغي على الدبلوماسية المغربية أن تتحرك على أكثر من صعيد وأن تبادر إلى توجيه ضربات استباقية وهجومية لإعادة الأمور إلى نصابها، فالشعوب إذا أخطأت تعلمت، وخير لها أن تتعلم عن طريق الخطأ من أن تبقى جاهلة ودون خطأ.
باحث ومختص في شؤون وقضايا الصحراء


عز الدين خمريش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.