"مفتشية المالية" تفتحص قرارات تراجع عن فسخ صفقات عمومية    الملك يبعث رسالة تهنئة إلى زيلينسكي    السدود المغربية تفقد 792 مليون متر مكعب بسبب الحرارة وتزايد الطلب    حتى لا نُبتلى باستعمار رقمي..    قتيلان بغارات إسرائيلية على اليمن    "كورفاتشي" ترفض رفع تذاكر الجيش    الحفر العشوائي للآبار يثير تحذيرات    الدار البيضاء.. إختتام مهرجان نجوم كناوة على إيقاع عروض فنية ساحرة            امطار رعدية مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    طنجة.. توقيف شخص في حالة سكر اعتدى على شرطية وعنصرين من الوقاية المدنية                أزمة القمح العالمية تدق ناقوس الخطر والمغرب أمام تحديات صعبة لتأمين خبزه اليومي    ارتفاع ضحايا المجاعة في غزة إلى 289 شخصا بينهم 115 طفلا    المملكة المتحدة تتعهد تسريع النظر في طلبات اللجوء مع امتداد التظاهرات أمام فنادق الإيواء    المغرب ضيف شرف الدورة ال19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين    بن صديق يسقط أمام الهولندي ريغترز في نزال الغلوري المثير    كرة القدم: ندوة صحفية للناخب الوطني يوم الخميس المقبل بسلا    المغرب: فاتح شهر ربيع الأول لعام 1447ه غدا الاثنين وعيد المولد النبوي يوم 05 شتنبر المقبل    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    جاكوب زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه هو استهداف لوحدة إفريقيا وزمن البلقنة انتهى    سفيان أمرابط على رادار إنتر ميلان الإيطالي    غوتيريش يرصد خروقات البوليساريو    ناشطات FEMEN يقفن عاريات أمام سفارة المغرب في برلين تضامنا مع ابتسام لشكر    الصحافة الكويتية تسلط الضوء على المبادرة الإنسانية السامية للملك محمد السادس لإغاثة سكان غزة    الموهبة المغربية تياغو بيتارش يواصل ظهوره مع الفريق الأول لريال مدريد    الجزائريون يبحثون عن تبون: غياب الرئيس الجزائر يثير القلق في ظل قبضة الجيش والإعلام المقيد    موجة غلاء جديدة.. لحم العجل خارج متناول فئات واسعة        كبار رواد كناوة يتألقون في ثاني سهرات مهرجان نجوم كناوة بالدار البيضاء    المكسيك تعلن تراجع تدفقات الهجرة نحو الولايات المتحدة بنسبة 91 في المائة    طنجة.. سكير من ذوي السوابق يهين شرطية ويثير الفوضى قرب محطة وقود    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    "خذينا جوج بطولات ودبا مهددين بالفورفي".. دموع أبرون تجذب تعاطفا وطنيا مع المغرب التطواني        أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    تحذير من العلاجات المعجزة    قانون العقوبات البديلة يفتح الباب لمراجعة الأحكام بالحبس وتحويلها إلى عقوبات بديلة بشروط    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنية الميزانية والحاجة إلى الإصلاح
نشر في المساء يوم 15 - 08 - 2012

إن الرؤية الجديدة للإصلاح تستحضر الاختلال الواضح في توزيع النفقات العمومية بالتركيز على تدعيم النفقات المخصصة للاستثمارات العمومية باعتبارها أداة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، وذلك عبر تعزيز أولوية الاستثمارات العمومية بمنع ترحيل اعتمادات ميزانية الاستثمار من سنة إلى أخرى كما هو معمول به في القانون التنظيمي الحالي لقانون المالية،
إضافة إلى حصر استعمال الديون العمومية في تمويل نفقات الاستثمار عوضا عن تخصيصها للنفقات ذات الطابع الاستهلاكي المفترض فيها غياب أي بعد تنموي لها، وهذا الاستعمال الحصري للديون العمومية آلية أساسية لترشيدها، هذا فضلا عن منع إدراج نفقات التسيير في ميزانية الاستثمار.
ولاعتماد مزيد من الشفافية في تدبير النفقات العمومية، التي تعتبر سببا مباشرا للاختلال في توزيع هذه النفقات والتحسيس بمخاطرها وضرورة مراجعتها وإتاحة المجال للتقييم السليم لحجمها وانعكاساتها، يرتقب أن يتم إعداد تقارير جديدة مرفقة بمشروع قانون المالية على غرار العديد من التقارير التي يتم إعدادها حاليا رغم أن القانون لا يلزم الحكومة بإرفاقها، من قبيل التقارير المتعلقة بالنفقات الجبائية والتقرير المتعلق بالنوع الاجتماعي، وتهم الوثائق الجديدة المرتقبة، خاصة التقارير السنوية المتعلقة بكل من المساعدات المالية والمقاصة والدين العمومي وكتلة الأجور.
إن إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي لميزانية الدولة، بغرض الحد من اختلالاتها والتركيز على أبعادها الوظيفية، يتطلب أيضا مراجعة لأنظمة الرقابة على ميزانية الدولة وعملياتها وعلى المالية العمومية ككل، وذلك بتخفيف الرقابة القبلية وتنسيق تدخلات الرقابات المتعددة، وبالمقابل تعزيز رقابة الفعالية التي تستحضر إلى جانب الشرعية مبادئ الحكامة الجيدة وكذا الرقابة الذاتية، ويتم ذلك خصوصا بإنجاز افتحاصات سنوية للأداء بشكل مشترك بين كل من المفتشية العامة للمالية والمفتشيات العامة للوزارات وإحالتها على البرلمان قصد مناقشتها.
إن نجاح الإصلاح المرتقب لميزانية الدولة وللمالية العمومية ككل رهين بعنصرين أساسيين، هما العنصر القانوني التنظيمي بمراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية، واعتماد المناهج والتجارب الناجحة في أنظمة مقارنة؛ غير أنه يصعب التخلي الكلي عن البنية القانونية الحالية لميزانية الدولة المعتمدة للتقسيم الإداري، حيث يحتاج الأمر إلى فترة انتقالية يتم فيها اعتماد تقسيمين متوازيين: التقسيم الإداري التقليدي وبالموازاة معه إدماج التقسيم الوظيفي للميزانية حسب الأهداف والبرامج. أما العنصر الثاني اللازم للإصلاح فيتمثل في ترشيد التدبير المالي للنفقات العمومية حتى يتم الحد من التجاوزات المحتملة في بعض المخصصات التي تؤدي إلى اختلال بنية الميزانية، ويهم الترشيد أساسا كتلة الأجور والمقاصة والديون العمومية.
إن إصلاح بنية الميزانية الحالية يمكن أن يتحقق من الناحية القانونية بتعديل تقسيمات وتبويبات الميزانية في اتجاه اعتماد البعد الوظيفي للميزانية، وذلك عبر تعديل الإطار القانوني المنظم لميزانية الدولة والمتمثل في القانون التنظيمي لقانون المالية والنصوص التنظيمية المرتبطة به، غير أن توزيع النفقات العمومية داخل بنية الميزانية تعترضه مجموعة من الإكراهات، لعل من أبرزها المنحى الحالي المتميز بعودة اللجوء المكثف إلى الاقتراض، مما يزيد من كلفتها الحالية والمستقبلية على الميزانية، ويستدعي بالتالي وقفة تأملية في المديونية وانعكاساتها وطرق تدبيرها بهدف تجاوز مساوئها، وبالمقابل التركيز على عناصر القوة فيها، ومن الإكراهات أيضا الارتفاع المتواصل لكتلة الأجور والمحتمل ألا يعرف تراجعا بالنظر، من جهة، إلى الضغوطات الاجتماعية المتواصلة على الدولة للاستجابة لمطالب التشغيل؛ ومن جهة أخرى، إلى تداعيات الحوارات الاجتماعية للحكومة مع ممثلي موظفي وأعوان الدولة، بالرغم من الالتزام الحكومي الأخير المصر على القطع مع منطق التوظيف المباشر واعتماد المساطر العادية في التشغيل؛ ويعتبر نظام المقاصة والكلفة الناجمة عنه من ضمن الإكراهات التي تحد من سبل الإصلاح، خاصة وأن الأمر يتعلق بعناصر خارجة عن إرادة المقرر العمومي ما دامت كلفة المقاصة مرتبطة بأسعار مواد في السوق الدولية، حيث بالرغم من الاتجاه الحالي لمعالجة اختلالات نظام المقاصة فإنه من غير المرتقب أن تتقلص كلفته بشكل كبير على ميزانية الدولة.
أستاذ جامعي


امحمد قزيبر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.