النيابة العامة تفتح تحقيقا حول شبهات تضارب المصالح في صفقات الأدوية        غامبيا تجدد تأكيد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء وتأييدها لمخطط الحكم الذاتي وتنوه بالقرار 2797    أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بملاوي، الدكتور جورج شابوندا، اليوم الأربعاء بالرباط، بالمبادرات الملكية من أجل المحيط الأطلسي، الرامية إلى جعل إفريقيا قارة مزدهرة ومستقرة، وكذا تلك المتعلقة بفك العزلة عن بلدان الساحل    وكالة الأدوية عن تضارب المصالح: "عمليات الإستيراد شفافة"            إيطاليا بين هجرة شبابها واستقبال المهاجرين: وطنٌ يبحث عن معادلة الاستمرار    برادة يواجه تصعيدا جديدا يقوده المتطرفون التربويون    لقجع: كان المغرب انطلاقة نحو التظاهرات العالمية والإنجازات بالمغرب لن تتوقف في 2030        لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    بوعياش تدعو إلى استثمار الخصوصيات المجالية في التنمية وحقوق الإنسان    هيئات مغربية ترفض الوصاية على غزة وتطالب بوقف جرائم الاحتلال وإعادة إعمار القطاع    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    هذا هو موعد مباراة المغرب والبرازيل في ربع نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    أزيد من 10 ملايين درهم لدعم 303 مشروعا لإدماج اقتصادي للسجناء السابقين    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    طاقات متجددة : التحول الطاقي شهد طفرة استثمارية عالمية في 2024    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    الصين توقف استيراد المأكولات البحرية اليابانية    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    بعد الإطاحة بمالي.. باها يؤكد أن المغرب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    الرئيس ترامب يعلن السعودية "حليفا رئيسيا" من خارج حلف شمال الأطلسي    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    طنجة.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الأوغندي وديا بأربعة أهداف لصفر    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حفر الآبار».. حرفة قضت عليها الآلات العصرية
تتطلب بنية جسمانية ولياقة بدنية وعتادا بسيطا
نشر في المساء يوم 22 - 08 - 2012

تتحدث «المساء» في ركن «مهن وحرف في طريقها إلى الانقراض» عن مهن وحرف لم تعد تؤمن رزق أصحابها، بفعل التطور التكنولوجي والتغيرات السلوكية والحضارية للإنسان.
كانت بالأمس الأسلوب الوحيد لتغطية مصاريف الحياة لدى العديد من الأسر المغربية بالمدن والقرى، علمها الأجداد للآباء والأمهات، وتوارثها الأبناء والأحفاد، الذين تشبعوا قرونا مضت بالمثل المغربي «تبع حرفة بوك يلا يغلبوك». مهن وحرف رأسمالها مواهب وذكاء وعتاد بسيط، كلفت الإنسان المغربي شيئا من الصبر والعزيمة، وربما بعضا من النصب والاحتيال، ومنحته بديلا غير مكلف، للحصول على المال والاحترام. وأغنت البعض عن التجارة والفلاحة والأعمال الوظيفية. لكن تلك المهن والحرف لم تعد لها زبائن الأمس. جولة قصيرة بالوسط المغربي، وخصوصا القروي منه، تجعلنا نلمس عن قرب واقع تلك المهن وحياة ممتهنيها، ونعيش معهم مرارة الاحتضار الذي تعيشه وسط مجتمع منشغل بالبحث عن الجديد والمستجد.
انقرضت حرفة (حفر الآبار) التقليدية، التي تعتمد في عملية الحفر على عتاد يدوي (البالة والفأس والحبال والدلاء)، التي تتطلب سواعد قوية لتشغيلها، أو على عتاد شبه عصري بطيء، يعمل بمحركات تستهلك الوقود أو الكهرباء. وهي أدوات تفرض على (الحفار) ومن معه، العمل لعدة أسابيع من أجل الوصول إلى المياه الجوفية. حيث يقضي النهار في الحفر وجمع الأتربة والأحجار من قعر البئر، ووضعها داخل سطل أو دلو مشدود بحبل، يمسك بطرفه الثاني رفيقه الذي يوجد خارج البئر، والذي يعمد بدوره إلى إفراغ الدلو، وإعادته إلى الحفار. وربما قد لا يفلح، في حالة ما إذا كانت نتائج عملية التنقيب غير صحيحة. بحكم أنها كانت تعتمد بدورها على وسائل بدائية. كما أن (الحفار) لا يمكنه أن يغامر بحياته، في حال ما إذا زاد العمق كثيرا، خوفا من الاختناق أو سقوط بعض شظايا الأحجار أو الطوب على جسده. ولهذا كانت معظم الآبار القديمة غير عميقة. فبعد أن تم اختراع آليات عصرية جد متطورة، تمكن أصحابها من الحفر بطرق غير شاقة ودقيقة، وتمكن الأسر من مياه جوفية، ولو كانت على عمق مئات الأمتار. قل التعامل مع هؤلاء الحرفيين، إلا في حالات نادرة بالعالم القروي، حيث لازال القرويون يرغبون في الحصول على آبار ذات فتحة واسعة، تمكن مجموعة من الأشخاص من جلب المياه باستعمال الدلاء والحبال أو ما يعرف ب(الطورني)، وهي آلة تقليدية يتم تدويرها يدويا من جلب الماء باستعمال دلو وحبل. أما في الوقت الحاضر فقد اخترع الإنسان مضخات المياه التي مكنته من رفع كميات كبيرة من الماء من داخل البئر إلى السطح في فترة زمنية قصيرة ومن طبقات عميقة بطريقة سهلة وميسرة وهذا ما سبب زيادة استهلاك المياه الجوفية. لكن هذه الحرفة الشاقة وغير ذات مردود مالي كبير، قل روادها، وتعذر عليهم توريثها للأبناء والأحفاد. نظرا لما تتطلبه من بنيات جسمانية ولياقة بدنية وصبر. وهي حرفة لا يمكن بأي حال أن تكون موردا دائما لأصحابها. الذين يفقدون تدريجيا قوتهم وصلابتهم، ويصبحون عاجزين عن أدائها. علما أن حفار الآبار، يتقاضى إما أجورا يومية، أو أسبوعية أو نصف شهرية من صاحب البئر. أو يتقاضى مقابل كل متر مكعب، يتم حفره، بعد اتفاق مسبق مع صاحب البئر. وهي أجور بالكاد تسد حاجة أسرته الصغيرة. ومعظم هذه الفئة تعمل بدون تأمين على الحياة ولا ضمانات، ولا تعويضات عن الأمراض أو بعض المضاعفات التي قد تصيب الحفار، بعد مدة من العمل. فالحفار كان يتعرض لعدة مخاطر أثناء بلوغه الطبقات المائية أو اختراقه بعض الأودية الباطنية. فطريقة الحفر التي تتطلب إنجاز ثقب أنبوبي الشكل يخترق الطبقات الحاملة للماء حيث يتم داخله تجميع المياه ومن ثم جلبها إلى السطح للاستفادة منها في الشرب والسقي والتنظيف والتغذية...وكم واحد منهم لقي حتفه داخل البئر أو أصيب بكسور... بدون أن يتم إنصافهم أو إنصاف أسرهم الفقيرة. فمن أجل التعامل مع صخور ذات صلابة متفاوتة، تم تطوير العديد من طرق حفر آبار المياه الجوفية لتتناسب مع نوع الطبقات التي يتم حفرها وصلابتها وعمق البئر. فمثلاً نجد أن الطرق المستخدمة في حفر الصخور الصلبة جدا مثل (الجرانيت والدلومايت...) كثيف البنية تختلف عن الطرق المستخدمة في حفر الصخور الهشة المفككة من رواسب مجاري الأنهار الرملية والحصوية. لذلك فقد أصبح اختيار طريقة حفر الآبار يرتبط ارتباطاً وثيقا بمنطقة إنشاء البئر وطبيعة صخورها وأصبحت بعض طرق حفر الآبار أكثر شيوعا ونجاحا في بعض المناطق عنها في مناطق أخرى. وعلى الرغم من ذلك فمن الضروري أحيانا تحوير عملية الحفر لتتناسب مع عمق البئر وقطرة وطبيعة الخزان الجوفي وأخيرا مع الغرض الرئيسي من إنشاء البئر. تتم عملية حفر الآبار الآن بطرق ميكانيكية مختلفة تناسب نوعية الصخور المكونة لطبقات الباطنية، نذكر منها (الحفر بالآلة السلكية (الدقاق)، الحفر بالدوران الرحوي، الحفر بالدوران الرحوي العكسي. وهو زاد من انتشار الآبار حتى داخل المدن، حيث يتم الحصول على المياه الجوفية، دون حفر بئر بفتحة كبيرة. والاكتفاء بحفر بئر، شعاعها لا يتعدى بضع سنتمترات. فيما عمقها قد يصل إلى مئات الأمتار. ويتم الحصول على المياه بواسطة مضخات ذات محركات تعمل بالوقود أو الكهرباء. وإذا كانت هذه النوعية من الآبار التي تعتمد في حفرها على أجهزة متطورة يكون الإنسان فيها مجرد متحكم في أزرارها، تلقى إقبالا كبيرا بسبب سرعة الإنجاز، وقدرتها على بلوغ مياه جد عميقة. فإنها كذلك مفضلة بسبب مساوئ الآبار المحفورة بالطرق التقليدية وذات فوهات واسعة. والتي تتعرض بسهولة للتلوث، وسقوط بعض الأجسام أو الحيوانات داخلها. إضافة إلى أنها تهدد الإنسان بخطر السقوط في قعرها. وعلى العموم فإن المغاربة، أصبحوا يعتمدون على الشاحنات المحملة بأجهزة حفر الآبار، وهي شاحنات نادرا ما تتوفر على محلات ومقرات خاصة بها، كما أنها تعمل بطرق غير مقننة، وبعض أصحابها يستغلون بعض الجدران العمومية أو الخاصة بضواحي المدن أو القرى، ليكتبوا أرقام هواتفهم، على شكل لوحات إشهارية مجانية. وهي عملية تمكنهم من التواصل مع زبناء جدد. وتجعلهم أقرب إلى كل الراغبين في حفر الآبار. إضافة إلى أن عملية حفر الآبار التي تتطلب ترخيصا مسبقا من طرف عدة مرافق عمومية، لازالت في حاجة إلى مراقبة وتقنين، ولازالت الدولة تجهل العدد الحقيقي للآبار المحفورة وخصوصا بالعالم الحضري. والذي وجدوا في الوسائل الحديثة بديلا سهلا وسريعا. وجعلهم يعزفون عن اللجوء إلى حفار الآبار التقليدي الذي يتطلب عمله أسابيع وربما أشهر. مما جعل ممتهني هذه الحرفة يحولون بوصلاتهم نحو حرف ومهن أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.