إسرائيل تعلن سقوط قتلى.. وتوجه تحذيرات إخلاء للسكان في طهران بالقرب من منشآت إنتاج الأسلحة    4 قتلى و195 مصابا بموجة قصف إيراني جديدة على وسط إسرائيل    ضابط أمن يطلق رصاصات تحذيرية بالجديدة لتوقيف قاصر وشريكيه هاجموا مواطنين بالسلاح الأبيض    توقيف شخص بحوزته أزيد من 5400 قرص "ريفوتريل" بضواحي سلا بعد قدومه من شمال المملكة    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    تحطم طائرة مروحية تقل 6 أشخاص شمال الهند    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا مع هبوب رياح قوية    ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟    إيران تعلن مقتل 3 علماء نوويين جدد    الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    كأس العرش: أولمبيك آسفي يتجاوز فخ الاتحاد الإسلامي الوجدي    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. برنامج مباريات الأحد    العمراني: مشاركة الوداد في كأس العالم للأندية مؤشر قوي على تقدم الرياضة الوطنية    الأميرة للا أسماء تترأس حفل نهاية السنة الدراسية 2024-2025 لمؤسسة للا أسماء    الملك يعزي الهند بضحايا تحطم الطائرة    نشرة انذارية والحرارة تصل 45 بالمغرب    نتائج البكالوريا 2025: الإعلان عن عدد الناجحين والمستدركين والإناث يتفوقن بجهة الدار البيضاء سطات    الرصاص يلعلع بالجديدة    الجزائر تتهم المغرب بسرقة الكسكس    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    الأهلي يتعادل في افتتاح الموندياليتو    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    تبادل للقصف بين إسرائيل وإيران    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    30 من نجوم كرة القدم المغاربة يشاركون في كأس العالم للأندية لكرة القدم بأمريكا    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    تفكيك شبكة إجرامية تستغل نساء راغبات في الهجرة للاستيلاء على عشرات السيارات    أوزين ينتقد "جفاف الرؤى الحكومية" .. ويؤكد وحدة صف الحركة الشعبية    عمر الحريري وهبة بناني يتصدران نتائج الدورة العادية للبكالوريا    تكريم الفنانين أحمد حلمي ويونس ميكري في حفل افتتاح مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي    غوغل تُحوّل نتائج البحث إلى بودكاست صوتي باستخدام الذكاء الاصطناعي    تخصيص ميزانية 113 مليون درهم لتحديث وتأهيل مطار العروي    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    جيلان تتألق في "ها وليدي": ملحمة فنية مغربية تنبض بالحب والولاء للوطن.. المغرب لا يُغنى عنه، بل يُغنّى له    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهل المملكة المتحدة بمناسبة عيد ميلاده    تامر حسني يكشف تطورات الحالة الصحية لنجله    "صفعة للاستثمار وضربة لصورة المغرب".. نخرجو ليها ديريكت يكشف كواليس توقيف مشروع فندقي ضخم في قلب الدار البيضاء    مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة تحفز اندماج القطاع غير المهيكل بالاقتصاد الرسمي        اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    الطالبي العلمي يستقبل وفد المنتدى البرلماني الإفريقي لبحث قضايا الدفاع والخارجية    ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    









شريفي: المعاناة تتواصل.. عائلة بيتي أقنعتها بإجهاض ابني دون استشارتي
الأسرة أصبحت أكثر قسوة معي وحاولت إفشال جميع المساعي الرامية إلى تسوية وضعيتي
نشر في المساء يوم 22 - 08 - 2012

إبراهيم شريفي، شاب مغربي، اختار الهجرة إلى الديار الفرنسية على غرار الآلاف من مواطنيه. في الضفة الأخرى اكتشف هذا الشاب الأمازيغي
صورة أخرى لدولة حقوق الإنسان غير تلك الصورة التي كانت ملتصقة بذهنه.
من مطعم للبيتزا إلى حارس عمارة، مرورا بتجربة فاشلة في الثكنة العسكرية للفيلق الأجنبي، وعدة تجارب كمساعد في محلات للبقالة، جرب إبراهيم شريفي حظه في عدة أعمال لم يكن يعتقد أنه سيزاولها عندما تطأ قدماه فرنسا، هو الذي درس التجارة بالمغرب.
في كتابه «إبراهيم في دولة حقوق الإنسان»، يحكي شريفي قصة حب جمعته بشابة فرنسية، ويسلط الضوء على العنصرية التي عاناها من قبل عائلة رفيقته، مما حال دون زواجه منها، كما يسرد أقوى اللحظات والمواقف التي مر منها بفرنسا، التي دخل إليها لمدة محددة كسائح، وبقي فيها بعد انتهاء صلاحية تأشيرته... كمهاجر مغاربي بدون أوراق.
المولود المنتظر أثار جدلا واسعا والموضوع أخذ أبعادا أخرى. أصبحت عرضة للهجومات وموجات التهكم. فبعد والدة بيتي، التي حملتني بصريح العبارة مسؤولية حمل ابنتها، جاء الدور هذه المرة على أختها سيلين، التي كانت تستغل أي فرصة للنيل مني. لم تكن تجد حرجا في إطلاق عبارات من قبيل: «إبراهيم سيبيع دمه لتوفير المال لبيته».
فجأة أصبح الإجهاض خيارا واردا. عائلة بيتي، التي تعارض بقوة زواجي من ابنتها، تفعل الآن كل شيء لإقناعها بضرورة إجهاض جنينها.
وجدت نفسي وحيدا في مواجهة أشخاص لا يرغبون في أن تكون بيتي أما لطفل مغربي. نجحوا في إقناعها بذلك، مستغلين هشاشتها وضعفها، متجاهلين تماما رأيي في موضوع يهمني بالدرجة الأولى.
كانت بيتي منهارة ومريضة بسبب ضغوط محيطها المتواصلة. وعندما استوعبت جيدا بأنها وضعت حدا لحياة جنينها بيدها كان الأوان قد فات. بسبب كل هذا لم تعد بيتي قادرة على الحفاظ على عملها وأصبحت عاطلة مثلي.
استمرت الحرب ضدي، وأصبحت والدة بيتي أكثر قسوة. إذ كلما التقت أحدا في الحي أخبرته بأنني بلا أوراق وعاطل عن العمل. أخبرت الجميع، بما في ذلك مادو، صاحبة المخبزة التي تبيع للناس أخبارا أكثر سخونة من خبزها.
في إحدى المرات وبينما دخلت إلى المخبزة لشراء بعض الكعك قالت لي: «صعبة جدا الحياة الزوجية. أليس كذلك؟». كانت المرأة تعلم كل شيء عني، بفضل والدة بيتي.
ازدادت الأمور سوءا، وبدأت أقف على بعض السلوكات الغريبة لأفراد عائلة بيتي، لدرجة أنني رأيت والدتها تبحث في أغراضي الشخصية، كما شاهدت أشياء أخرى تغاضيت عنها.
سيلين، شقيقة بيتي، تعيش منذ فترة في بيت صديقتها جاني. أنا وبيتي كنا على علم بتفاصيل الموضوع، لكن ليس والديها.
جاني أم لطفل انفصلت عن صديقها واحتفظت بمولودها. أما سيلين، فعاشت صدمة عاطفية أثرت عليها كثيرا. نفور الاثنتين من الذكور جعلهما تؤسسان علاقة شاذة. لكن كيف ستخبر سيلين والديها بالموضوع؟ وكيف سيكون رد فعل المزعجتين شارلي وشارلين؟
قررت سيلين دعوة جاني إلى البيت مساء يوم الأحد، وألحت على حضوري رفقة بيتي للتخفيف من وطء الصدمة التي قد تبدو على أبويها عند إخبارهما بحقيقة علاقتها مع صديقتها.
قمت بإعداد الكسكس ثم الشاي بالنعناع كما في السابق. كانت علامات القلق والاضطراب بادية على سيلين وجاني، التي كانت تنهض في كل مناسبة لتدخين سيجارتها في الحديقة. أنهت جاني تكوينها في مجال التدريس بمدينة أميان، وسيلين تخطط للالتحاق بها هناك.
الحوار تركز في البداية حول المناهج التعليمية وصعوبات التدريس في المؤسسات التعليمية الموجودة في الضواحي، والمواجهات مع التلاميذ المشاغبين. حكت لنا عن حادث أخافها كثيرا في ختام فترة تدريبها، إذ اعتدى تلميذ على زميله بواسطة بركار شوه وجهه.
والدا بيتي وسيلين تحدثا بدورهما عن حادث مؤلم هز العائلة قبل سنوات. ابن خالة بيتي كان شاذا جنسيا وأصيب بداء السيدا فلم ينجح في مواجهة الأمر وانتحر.
بعد تردد قررت سيلين أن تكشف للحضور عن علاقتها بجاني. وفور خروج الكلمات من فمها، ظهرت علامة الصدمة على وجه والدتها، رغم محاولتها إخفاء ذلك، غير أن تعابير وجهها أظهرت حجم مفاجأتها وصدمتها. ظلت صامتة وشاردة، فيما حاول الأب إنقاذ الموقف وتلطيف الأجواء عندما قال: «لا مشكلة! يجب أن نتأقلم مع العصر الذي نعيش فيه، وعلى كل حال نحن منفتحون».
في نفس الأمسية، وجهت سيلين وجاني الدعوة إلى بيتي لحضور حفل موسيقي. لم أكن مدعوا رغم الكسكس الشهي الذي أعددته للجميع. صحيح أن الموسيقى التي ذهبوا للرقص على إيقاعاتها تروقني أقل بكثير من موسيقى كناوة، لكنني شعرت بالامتعاض من غياب الحد الأدنى من الاحترام لي ومن عدم مراعاة مشاعري.
ذهب الجميع للاحتفال بينما بقيت وحيدا. وعند عودتها حكت لي بيتي أن شقيقتها وجاني تسللتا إلى خشبة العرض ولم تجدا حرجا في تبادل القبلات أمام الجميع!
سيلين ذهبت للعيش في أميان، وأخبرتنا ذات يوم بأنها ستنتقل رفقة جاني إلى مسكن جديد، بسبب الرطوبة. رحلنا إلى هناك لمساعدتها في نقل أغراضها، وفي ساعة الغداء بدأت سيلين تتهكم كعادتها: «هل حصلت على رخصة سياقة؟ آه، نسيت، لا تستطيع القيام بذلك الآن».
سيلين التي تحاول القيام بدور المحامية في العائلة سلمتنا، أنا وبيتي، كتابين حول القانون المدني الفرنسي وفصول المتابعات القضائية. تحول حديثنا إلى عقد «الباكس»، الذي وقعته مجبرا أنا وبيتي، فتدخلت الأم بحزم لتذكر جميع الحاضرين بأن إبراهيم لن يحصل على الأوراق إلا بعد مرور عشر سنوات. كان يبدو من كلامها أنها لا تتمنى نجاح أي إجراءات إدارية أباشرها لتسوية وضعيتي.
كان كلام الأم وسيلين جارحا ومزعجا. وفور وصولي أنا وبيتي إلى البيت، لامتني بسبب معاملتي السيئة لشقيقتها، متناسية أن الأخيرة هي التي ظلت تهاجمني باستمرار، بل أبلغت والدها بأنني أزعجت سيلين الليلة!
شرعت في قراءة القانون المدني لمعرفة الطرقات التي يتوجب علي سلكها، لكنني قررت في نهاية الأمر الاتصال بمحامية محترفة.
بالنسبة إلى العمل، لم أبق مكتوف الأيدي، إذ بقيت أبحث في كل مكان، لكنني نجحت فقط في الحصول على وظائف موسمية ومناسباتية. في فرنسا يسمونها «عمل صغير» (petit boulot)، لكنها صغيرة فقط من حيث الاسم! عملت في صباغة البنايات وفي محلات البقالة في الساعات الإضافية، كما اشتغلت في البناء وغيرها من الأعمال الشاقة.
بعد أعياد الميلاد وجدت عملا قارا نوعا ما، وبدأت أساهم في مصاريف البيت، مما أخرس والدة بيتي. كنت أجلب لها الشامبو وأحضر قنينات النبيذ والويسكي أو الشامبانيا للأب.
محاميتي طلبت مني إعداد شهادة للارتباط الحر (concubinage)، وهي العلاقة التي تربط بين شخصين مستقلين، يعيشان نفس حياة الأزواج، لكنهما غير متزوجين.
سلمتني الشهادة، وكان علي أن أعطيها لوالد بيتي ليوقعها، مما كان سيساعدني في الحصول على أوراقي، لكنه لم يفعل. ظل يتماطل بداعي أنه يحتاج لعرضها أمام أنظار زوجته ومن معها!
وكالعادة لامتني بيتي. قالت إني قمت بهذه الخطوة دون علمها، لكنها تعرف جيدا وضعيتي ومدى رغبتي في تسويتها في أقرب وقت ممكن.


إعداد وترجمة - رضى زروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.