حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    ترامب يثير الاهتمام بشأن الاجتماع مع بوتين .. "حظ سعيد وزلة لسان"    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    إسبانيا: إجلاء أزيد من ألف شخص بسبب حرائق الغابات    إذاعة فرنسية: عملية "مرحبا 2025" بالمغرب تشهد إقبالا "غير مسبوق"        حصد الأرواح مستمر.. وفاة مسن بهجوم كلاب ضالة    حكومة سانشيز تطعن في قرار بلدية خوميا بمنع صلاة العيد.. والقضاء الإداري يترقب        التمويل التشاركي لقطاع الإسكان يواصل نموه متجاوزا 27 مليار درهم مقابل 23 مليارا العام الماضي    بنك المغرب: أسعار الفائدة على القروض تسجل انخفاضات جديدة خلال الفصل الثاني من 2025    موجة حر خانقة تضرب المغرب غداً الثلاثاء    مطارات المغرب تجسد قيم الانتماء والوفاء لمغاربة العالم    ترامب يفرض السيطرة الفيدرالية المباشرة على شرطة واشنطن وينشر الحرس الوطني    المغرب يشارك في معرض بنما الدولي للكتاب    تنظيمات مغربية تدين محاولة استهداف الحقيقة باغتيال الصحافيين في غزة    بورصة البيضاء تنتعش بنتائج إيجابية    أطفال من القدس في جولة بالمغرب    نادي الفتح الرباطي يتعاقد مع أمحيح    "لبؤات كرة المضرب" يتألقن بناميبيا    "الشان".. أوغندا تفوز على النيجر    الملك محمد السادس يهنئ رئيس تشاد    مبادرة مغربية تطالب العالم بتصنيف البوليساريو ضمن المنظمات الإرهابية    كرة القدم.. أتلتيكو مدريد الإسباني يتعاقد مع مهاجم نابولي الإيطالي جاكومو راسبادوري    "ويبنز" يتصدر تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    كريستال بالاس يخسر استئناف قرار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاده من الدوري الأوروبي    كرة القدم.. النصر السعودي يتوصل إلى اتفاق مع بايرن ميونيخ لضم الدولي الفرنسي كينغسلي كومان (إعلام)    الدولة والطفولة والمستقبل    "مراسلون بلا حدود" تدين اغتيال 5 صحفيين فلسطينيين وتتهم إسرائيل باستهداف الصحفيين في غزة    "واتساب" تختبر ميزة جديدة تتيح إرسال الصور المتحركة    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    توقيف "داعشي" كان يحضر لعمليات ارهابية    محمد رمضان يتعرض لموجة سخرية جديدة بعد ادعائه تلقي دعوة من لارا ترامب ليتضح أنه دفع 3500 دولار للحضور    عمالة الحسيمة تحتفل باليوم الوطني للمهاجر    العاشر من غشت يوم الوفاء للجالية المغربية وهموم الإقامة في تونس        "البيجيدي" ينبه لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لفئة واسعة من المغاربة    الوصية .. في رثاء أنس الشريف ومحمد قريقع    الخطوط المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا    أستراليا تؤكد أنها ستعترف بدولة فلسطين    الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر"    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أحلام» شباب المخيمات تصطدم ب«انتهازية» القادة
بعض الشباب المهجرين من تيندوف كانت تحذوهم آمال في أن يصبحوا كوادر متخصصة
نشر في المساء يوم 24 - 08 - 2012

في غفلة من كل المنظمات الدولية، الإنسانية منها والحقوقية، كانت أفواج من الأطفال الصحراويين تنقل نحو كوبا ليواصلوا دراستهم فيها، كان الهدف من هذه الرحلة
هو تكوين الطلبة الصحراويين على الفكر الثوري وتأهيلهم ليكونوا قيادات في جبهة البوليساريو. كان الأطفال يفصلون عن آبائهم في سن مبكرة وعند بلوغهم سن الدراسة الإعدادية، وبحكم أن مخيمات تيندوف لم تكن تتوفر ولا تزال على بنيات للتعليم الإعدادي والثانوي، فقد كانت كوبا الشيوعية قبلة لعدد كبير من الجنسيات من الدول التي تتبنى الفكر الشيوعي حيث اجتمع في مدارسها أطفال وشباب من كل الأعراق كان من بينهم أطفال صحراويون، حيث بدأت كوبا باستقبال أول الأفواج سنة 1985 السنة التي تأسست فيها أولى المدارس التي احتضنت الصحراويين بجزيرة الشباب بمدينة كماغواي التي تبعد عن العاصمة الكوبية هافانا بما يقارب 571 كيلومترا. في هذه الحلقات سنكشف اللثام عن قصة معاناة المئات من الأطفال والشباب الذين رحلوا إلى كوبا، في رحلة قاسية ظاهرها الثورة وطلب العلم وباطنها التحريض على الانفصال، من خلال قصة شاب صحراوي يحمل اليوم اسم موسى الموساوي المتحدر من أسرة صحراوية قاوم جده الاستعمار الفرنسي والإسباني بالصحراء المغربية.
واحدة من عشرات القصص لشباب حملتهم رياح الطموحات إلى كوبا قصة أحمد بابا ولد بابا حمو، شقيق موسى الموساوي، الذي كان حلمه كبيرا في أن يصبح طبيبا لما رآه من تدهور في القطاع الصحي وحاجة الناس داخل المخيم للرعاية الطبية الملحة، فالبعثات الأجنبية هي التي كانت تقدم الخدمات الطبية وتقوم بفحوصات ودورات حقن الأطفال والتوعية مع شح وندرة في الأجهزة والوسائل، والأطر المختصة كانت شبه معدومة في تلك المرحلة. أراد أحمد بابا جبر ذلك الخصاص ففكر في أن يدرس الطب حتى يساهم بما سيكتسبه من خبرات في مساعدة المرضى وتقديم الخدمات اللازمة إلى بني عمومته.
بدأ هذا الحلم ينمو حتى صار مشروعه المستقبلي، فعزم على تحقيقه حيث التحق بفرع العلوم في المرحلة الثانوية بعد أن اجتاز الشهادة الأهلية بامتياز. رسم برنامجا خاصا للدراسة فلا نوم أكثر من خمس ساعات في اليوم والليلة، أخذت المطالعة من وقته أكثر مما أخذت الدراسة.. كان دائما رفقة كتابه في الطوابير... في المطعم... في الساحة.. وفي الغرفة.. يشاركه النوم في السرير، عرفه زملاؤه بالجد والمثابرة منذ اللحظة الأولى التي التحق فيها بالصف، كان دائم النصح بالحرص على المصلحة العامة وما تمثله رسالة الطالب كسفير للقضية «الصحراوية».. كذلك علاماته المشجعة التي حصل عليها خلال سنوات الدراسة بعثت فيه روح التنافس والاجتهاد بين الطلبة.. مرت سنوات الدراسة مثل سرعة البرق، تذوق خلالها صعوبة الغربة بحلوها ومرها وقاسم الزملاء أصعب الأوقات وأجمل الساعات ودون الكثير من الذكريات.
تعرضت والدته لحالة مرضية دخلت على إثرها المستشفى مدة خمسة شهور، عندما علم بالخبر كان يفتح الكتاب للمطالعة وكان لسانه يقرأ الحروف لكن عقله يظل شاردا في كل الاتجاهات، أثر ذلك على محصوله الدراسي وتراجعت نتائجه، رغم أن أمامه أصعب اختبار في اجتياز امتحان شهادة الباكالوريا. بعد ثلاث سنوات من العمل الدؤوب والاجتهاد المتواصل انتهى الفصل الدراسي ولم ينته الحلم بعد... لكن الذي لم يكن في توقعه ولا حسبانه هو المفاجأة التي كادت تقتل حلمه الذي كرس لتحقيقه الغالي والنفيس، إذ غاب اسمه عن قائمة الناجحين في نتائج الباكالوريا، صدم بالرسوب الذي لم يتوقعه أحد وجرت الرياح بما لا تشتهي السفن.. تأثر وتألم له جميع من عرفه، تلك الأيام كانت أسوأ أيام حياته، لكنه كعادته لم يستسلم للأمر الواقع وقرر أن يكمل الطريق الذي رسمه وأن يعيد السنة حتى يحقق طموحه.
تراكمت الهموم في الصيف الحارق ولم ير من العطلة سوى التعب والجري ليحصل على حق إعادة السنة في نفس الاختصاص... وبعد انقضاء عطلة الصيف جاءت رسالة إلى العائلة «ابنكم له فرصة التعلم في كوبا..» لم يتقبلوا الأمر في البداية وقالوا: لن تذهب للدراسة في بلد بعيد، صدمته والدته بكلمة مؤثرة أبكته كثيرا وكان قلبه يعتصر من الألم كلما تذكرها : «ستمضي في كوبا ما بقي من عمري» اصطدم الحلم بالواقع حاول إقناع العائلة بالأمر وبأنه سيبقى على اتصال لأن السفر للدراسة كان بالنسبة إليه فرصة العمر التي لا يمكن أن تضيع. تحت ضغط إلحاحه المتواصل وافقت العائلة أخيرا وتجدد حلمه الكبير في أن يكون طبيبا، فبدأ في ترتيب أغراضه، أحضر ملابسه واقتنى متطلبات السفر وودع الأهل والأصدقاء، وكانوا جميعا يقولون إن من يذهب يقضي أكثر من عقد من الزمن حتى يكمل التعليم. في الصباح الباكر طلبت منه الوالدة اصطحاب كل الوثائق الشخصية، اختلط فرح السفر لتحقيق الحلم بدموع الوداع المنهمرة من أعين الجميع.. اتجه نحو المطار ...
وبدأت رحلة الحلم تسطر من جديد، أقلته الطائرة إلى كوبا حيث يصنع الحلم الكبير، كانت المسافة طويلة أخذته غفوة استعاد فيها شريط ذكرياته في كل مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة وغربة الثانوية والأنشطة الثقافية والمسرحيات والذكريات.. إلى أن انتبه إلى نزول الطائرة في مطار هافانا بكوبا، اتجه نحو المحطة وركب الحافلة المتجهة إلى الجزيرة التي تحتضن الطلبة الصحراويين، لمح من بين الركاب شخصا ذا ملامح عربية سلم عليه ورد بالعربية، جلس بجانبه وأمضيا حوالي نصف ساعة دون أن يبادر أحدهما بالحديث إلى الآخر إلى أن كسر جدار الصمت بينهما بقوله: من أي البلاد أنت ؟ قال : من مصر ... فأجابه: وأنا من الصحراء.
بعد كل تلك السنوات التي قضاها يدرس الطب في كوبا تعرف خلالها على أصدقاء جدد أثروا في حياته وأصبحوا جزءا من واقعه، كانوا يودعون كل عام دفعة أو أكثر من الخريجين، منتظرا أن يتحقق الحلم القديم الذي لم يفارقه طيلة السنوات التي قضاها من أجله في الدراسة ليكون طبيبا ومن أجل أن تستقبله يوما ما الحشود بدموع الفرح والزغاريد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.