الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    أخنوش يثمن متانة العلاقات مع إسبانيا    ريال مدريد يمطر شباك بلباو في الدوري الإسباني    أمن مراكش يعتقل شخصين تورطا في سرقة سائحة أجنبية    خبراء: المغرب يراهن على الجمع بين التحلية والتكنولوجيات المتقدمة لبناء مستقبله المائي    لقجع يعرض مستجدات تحضيرات "كان 2025" أمام السفراء الأفارقة بالرباط    بوانو: "وهبي قدم اعتذاره وما وقع لن يثنينا عن مواصلة مراقبة الحكومة"    فرنسا تطالب الجزائر بالإفراج عن صحافي    صراع الأندية والمنتخبات يعود.. بنعطية يوضح موقف مارسيليا من "كان 2025"    طلبة ENSIAS يدخلون في إضراب مفتوح    المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797        العراق يفتتح مشواره في كأس العرب بفوز مهم على البحرين    الجامعة الوطنية للصحة تصعّد... احتجاجات جديدة واتّهامات مباشرة للوزارة بتأزيم الوضع    أوجار: الوزراء يواجهون بيروقراطية الدولة العميقة الموروثة عن البصري والمنتخبون تحت رحمة الداخلية    ميداوي: الجميع يتطلع إلى "حلب الدولة".. والترقية ترتبط بالبحث العلمي    كأس العرب .. أسود الأطلس يستعرضون قوتهم بثلاثية في شباك جزر القمر    محكمة الجديدة تدين المتورطين في اغتصاب طفل بموسم مولاي عبد الله    ذوو الإعاقة يطالبون بحقوق دستورية    تعزيز التعاون السياحي محور مباحثات بين عمّور والسفيرة الصينية بالمغرب    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    كأس العالم 2026… أبرز تفاصيل نظام القرعة        "الكونفدرالية" تنتقد غياب الإرادة السياسية الحقيقية للدولة للبناء الديمقراطي ومباشرة الإصلاحات الكبرى    سجن العرجات: محمد زيان يشتري مواد غذائية بانتظام ولا يعاني أي تدهور صحي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    مراكش : العرض العالمي الأول لفيلم الست لمروان حامد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    انحراف قطار بضائع بين طنجة والدالية يتسبب في اضطراب مؤقت لحركة السير السككي    قراءة سياسية وإستشرافية للزيارة الملكية لدولتي الإمارات ومصر و هندسة جيوسياسية عربية جديدة    الدمناتي تدعو من منتدى دولي بمصر لتنسيق أعمق بين المؤسسات التشريعية لتقوية مسارات التعاون المتوسطي    الادعاء العام الأوروبي يوجه تهم الاحتيال والفساد لمسؤولة السياسة الخارجية السابقة    "تبّان كقناع".. ظهور غريب لعمر لطفي في مراكش يثير جدلا واسعا    المدينة الحمراء : من جامع الفنا إلى قصر المؤتمرات .. ألف عام من الفرجة!    شكري في ذكرىَ رحيله.. وعزلة بُول بَاولز في طنجة وآخرين    التعب أثناء السياقة يضاهي تأثير تناول الكحول    إسرائيل تعلن أن معبر رفح سيفتح "في الأيام المقبلة" لخروج سكان غزة إلى مصر        أسعار اللحوم الحمراء تواصل الارتفاع ومهنيون يوضحون..    يسرا : فخري الأكبر هو الرصيد الفني الذي ستتناقله الأجيال القادمة    استمرار ارتفاع أسعار المحروقات رغم التراجع الدولي يُعرض الحكومة للمساءلة البرلمانية    أمريكا تعلّق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل    مسؤولون يدعون إلى تعزيز الاستثمار وتسريع وتيرة تجديد الوحدات السياحية في سوس ماسة    الاتحاد الأوروبي يطوق الغاز الروسي    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    إسرائيل تتوصل برفات غير مطابق    سامسونغ تُفاجئ العالم بهاتف ثلاثي الطي .. والسعر يصدم الجميع!    بيليغريني: أمرابط لم يعد إلى التداريب    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ضْربة بْدمّها ولا كلمة بسْمّها»..
نشر في المساء يوم 21 - 03 - 2013

كانت بطلتي ل«نبضات» اليوم تجلس، بحُلتها الأنيقة، في الكرسيّ الأمامي لسيارة الأجرة، تُحرِّك بأصابعها خصلات شعرها المتناثرة قرب عينيها. رفعت ساقيها الواحدة فوق الأخرى وعادت بظهرها إلى الوراء، مُحْدثة حركة عنيفة في الكرسي الذي يوشك أن يتكسّر، حينما أحسّت بمراقبتي لها..
بدت حقيبتها في غاية الأناقة، من ماركة معروفة. سألها سائق الطاكسي، كما فعل معي، حول وجهتنا، رغبة منه في تهدئة الأجواء، رغم إخبارنا له بذلك قبل صعودنا.. ضغط بيده على المذياع لتشغيل الموسيقى، فاصطدم بأغنية لميادة الحناوي «كان يا ماكان».. عمّ الصّمت وشردت الأذهان..
بعد هنيهة، رمقتُ والسائق دمعاً ينزل من أعين السيدة الأنيقة، التي توحي لك أناقتها المُفرطة بقوتها وثقتها التّامّة في نفسها.
بادرتُ إلى سؤالها، فتجاهلتْ فضولي. كفكفتْ دموعها بحرص حتى لا تمسح الكحل من عينيها الواسعتين. أصدرت تنهيدة عميقة وتفضّلت، من دون استئذان، بإزاحة الستارة عن دواخلها المكلومة في رجل، ذنبها أنها أحبّته.. أسْمت كل الرجال باسمه.. نسيت فيه أباها وأخاها، وحتى أمها، التي ترقّبتْ مجيئها تسعة أشهر في رحمها... وفي الأخير، تركها على «الرّصيف» وأطفالها الصغار من دون تأنيب للضمير، والحجّة أنه غيرُ مستعد، لا نفسيا ولا جسديا، لمواصلة الحياة الزّوجية معها...
ركزت السيدة الأنيقة نظرها على الزّجاجة الأمامية لسيارة الأجرة، وهي تحكي قصتها من دون توقف ولا احترام لإشارات المرور ولا اكتراث بمنبّهات السيارات المتعالية ولا للحركات الفجائية لسيارة الأجرة، بعد مرور إحدى عجلاتها قرب إحدى الحُفر.
تحكي.. وتحكي، من دون أن تسأل حتى مُستمعَيها إن كانا قد استوعبا حكايتها وحديثها المتناثر، وفي كل مرة حينما تتذكر إهاناته القاسية تستدرك: «اللهمّ ضْربة بْدمّها ولا كْلمة بْسمّها»!..
تفاجأتُ والسائق، على طول الطريق، بحكاية المرأة الجميلة، الأنيقة، ذاتِ الشعر شديد السواد، المنسدل على ظهرها، بكونها تعاني القسوة في معاملة زوجها، الذي لا يتأخر صباحا في منحها نصيبها من الإهانة ومساء عبْر مكالماته الهاتفية القصيرة في النيل من صبرها وغيابه غير الإضطراريّ، بل الاختياري...
لم أستفسر عن التفاصيل وفضّلت تضميد الجرح بكلمات تُهدّئ من روعها. مسحت دموعها وشرعت في محاورتها عن حكايتها، التي جعلت منها رسالة لكلّ رجل لا يتوانى لحظة في النيل من امرأته والحجة: الحب التملكيّ والغيرة..
عذراً، سادتي الرجال.. للحروف طاقة وللكلمة الطيبة معنى يُحرّك النواقل العصبية في الدماغ، فهي مهمة، مهمة أكثرَ مما تتصورون، وخاصة في حياة المرأة والأطفال، رغم أنها كلمات، وهل خلقت لحناجرنا أصواتٌ عبثا!؟ خاصة حينما يكون جرح الواحدة منا غائرا، شأن «بطلة» حكايتي اليوم، التي ختمت حديثها بعدما باغتها أنها وصلت إلى مكان مغادرة سيارة الأجرة.. رغبة منها في إعادة ارتداء القناع، مرة أخرى، ومواجهة زملاء العمل بالابتسامة الصّباحية المعهودة..
لن أبيعك دمعي.. لن أبيعك صوتي على الهاتف مرة أخرى.. أنا صاحبة البيت، أنا سيدته... زرعتُ قلبك حبا وزرعتَ حياتي ألما.. مرضتُ ف«رميتَني»، تريد أن تجعل مني خادمة باللقمة و»الهدمة».. لستُ أنا تلك المرأة... أنا امرأة لها كبرياء ولا تنحني للإهانة.. ارمني بكلماتك «المسمومة».. تعودتُ عليها، ببساطة لأنك لستَ إنساناً!..
لا تنس أنك لهيبُ نار أحرقت الشباب في ريعانه... والحب في قمّة هيجانه... ودعني أنبّهك إلى أنّ الحب ليس نفاقا يجمع بين قلبين، وعندما قلتَ «أحبك» كان نفاقا.. وصعب على المرأة أن تعرف أنها تزوجت رجلا أحبّها نفاقا... لذلك، كان بيتُك لي سجنا وكلامك صفعات، ونظراتك تقذفني كالجمرات...
سلّمتِ السّائق أجرته وغادرتِ السيارة.. لكنّ حكايتها لم تغادر ذهني، خاصة حين اختتامها معاناتها مع رجلها وأب أبنائها: «أنت لم تمنحني حريتي.. فحريتي في داخلي، تأبى أن تموت، لكوني امرأة، عصفورة لا تحبّ الأقفاص، وكلماتك سموم.. جرحها عميق.. أكثر من آلام الصّفعة، اللهمّ ضْربة بدْمّها ولا كلْمة بسْمّها»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.