أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس            تراجع استخدام اليافعين الألمان لمنصات التواصل الاجتماعي خلال 2025    الناظور.. شرطي يطلق رصاصة لتعطيل سيارة سائق متهور حاول صدمه أثناء مطاردة خطيرة    55 نزيلا بسجن عكاشة يتخرجون بشهادة "الطالب المقاول" استعدادا للاندماج        الدار البيضاء.. إطلاق مخطط تسريع التكوين المهني الخاص    أمريكا تطلق تأشيرة "ترامب الذهبية" لجلب أموال الأثرياء الراغبين في بطاقة الإقامة    نادي بيراميدز يطلب استعادة وليد الكرتي قبل مباراة سوريا    غزة.. تنظيم حملة "شتاء دافئ" لفائدة نازحين فلسطينيين بتمويل مغربي    كيوسك الخميس | النقل الذكي: الرباط نحو مرحلة جديدة بمشروع كوري مبتكر    مارسيل خليفة يوجه رسالة شكر إلى المغرب والمغاربة    وفاة طفل إثر سقوطه في مسبح فيلا بطنجة    الثلوج تغطي الطريق في "آيت تمليل"    "ميتا" تمنح مستخدمي "إنستغرام" أدوات تحكم جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الخليع: رؤية الملك محمد السادس محرك أساسي لتحولات القطاع السككي    تقرير: عجز الخزينة يرتقب أن يبلغ 58.2 مليار درهم ومديونية المغرب تصل إلى 1.1 تريليون درهم في 2025    حماس المغاربة يرتفع في كأس العرب    دوري الأبطال .. مانشستر سيتي يهزم ريال مدريد في عقر داره    "فاجعة فاس" تحيي المطالبة بمحاسبة صارمة وإجراءات وقائية عاجلة    مدرب "ليل" يحيط إيغامان بالغموض    بلاوي: الشراكة المتميزة لأطراف الاتفاق الرباعي لمكافحة الإرهاب تجسيد مثالي للأسس التي أرستها الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب    اليونيسكو يصادق على تسجيل القفطان تراث مغربي على قائمته التمثيلية    اليوم العالمي لحقوق الإنسان يعيد جيل زد إلى شوارع الدار البيضاء    ما تم تداوله بشأن اعتقال أفراد من عائلات "ضحايا أحداث القليعة" غير صحيح (النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط)    المغرب يسجل ارتفاعا قياسيا في واردات الغاز    الكاف يوقع اتفاقا مع ONCF لنقل الجماهير ورعاية الكان    مركز يقارب حقوق الإنسان بالمغرب    اليونسكو تُتوّج المغرب: إدراج "القفطان المغربي" تراثاً إنسانياً عالمياً اعترافاً برؤية جلالة الملك وحفظ الهوية    ادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو    أخرباش: التمثيل الإعلامي العادل للنساء قضية شأن عام وشرط للتقدم الاجتماعي    مشعل يرفض نزع سلاح "حماس" وسلطة غير فلسطينية.. ويتمسك بالانسحاب الكامل    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشيد عاليا بالدعم الثابت لجلالة الملك للقضية الفلسطينية    فرنسا توشح بريظ ب"فيلق الشرف"    انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني للحزب يوم السبت 13 دجنبر 2025    كأس إفريقيا للأمم .. سجل المنتخبات الفائزة باللقب منذ أول نسخة 1957    السكيتيوي: "مواجهة سوريا لن تكون سهلة.. ونطمح للفوز لمواصلة المشوار في البطولة العربية"    الدار البيضاء .. إفتتاح معرض طفولة الفن للفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني    الشعر يكتب تاريخ الملوك.. قراءة نقدية في كتاب "ملك القلوب-الحسن الثاني" للدكتور مانع سعيد العتيبة    السدراتي يخرج عن صمته ويوضح حقيقة "تمثيل" النشيد الوطني بكأس العرب    برنامج "Art's Factory" يعود لدعم الإبداع الرقمي    لافروف يتهم الدول الأوروبية بالعرقلة    تقرير: 65% من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات في الفصل الرابع من 2025    في خطوة رائدة.. أستراليا أول دولة تحظر استخدام الأطفال دون 16 عاما منصات التواصل الاجتماعي    مجلس المستشارين يوافق بالأغلبية على تعديلات المنظومة الانتخابية    شراكة تجمع "سطاد" ولاس بالماس    مسابقة اختيار أفضل زيت زيتون بطنجة تدخل مرحلة التقييم الحسي    حوار مع شاب مصاب بالهيموفيليا: رحلة معاناة لا تعترف بها القوانين    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ضْربة بْدمّها ولا كلمة بسْمّها»..
نشر في المساء يوم 21 - 03 - 2013

كانت بطلتي ل«نبضات» اليوم تجلس، بحُلتها الأنيقة، في الكرسيّ الأمامي لسيارة الأجرة، تُحرِّك بأصابعها خصلات شعرها المتناثرة قرب عينيها. رفعت ساقيها الواحدة فوق الأخرى وعادت بظهرها إلى الوراء، مُحْدثة حركة عنيفة في الكرسي الذي يوشك أن يتكسّر، حينما أحسّت بمراقبتي لها..
بدت حقيبتها في غاية الأناقة، من ماركة معروفة. سألها سائق الطاكسي، كما فعل معي، حول وجهتنا، رغبة منه في تهدئة الأجواء، رغم إخبارنا له بذلك قبل صعودنا.. ضغط بيده على المذياع لتشغيل الموسيقى، فاصطدم بأغنية لميادة الحناوي «كان يا ماكان».. عمّ الصّمت وشردت الأذهان..
بعد هنيهة، رمقتُ والسائق دمعاً ينزل من أعين السيدة الأنيقة، التي توحي لك أناقتها المُفرطة بقوتها وثقتها التّامّة في نفسها.
بادرتُ إلى سؤالها، فتجاهلتْ فضولي. كفكفتْ دموعها بحرص حتى لا تمسح الكحل من عينيها الواسعتين. أصدرت تنهيدة عميقة وتفضّلت، من دون استئذان، بإزاحة الستارة عن دواخلها المكلومة في رجل، ذنبها أنها أحبّته.. أسْمت كل الرجال باسمه.. نسيت فيه أباها وأخاها، وحتى أمها، التي ترقّبتْ مجيئها تسعة أشهر في رحمها... وفي الأخير، تركها على «الرّصيف» وأطفالها الصغار من دون تأنيب للضمير، والحجّة أنه غيرُ مستعد، لا نفسيا ولا جسديا، لمواصلة الحياة الزّوجية معها...
ركزت السيدة الأنيقة نظرها على الزّجاجة الأمامية لسيارة الأجرة، وهي تحكي قصتها من دون توقف ولا احترام لإشارات المرور ولا اكتراث بمنبّهات السيارات المتعالية ولا للحركات الفجائية لسيارة الأجرة، بعد مرور إحدى عجلاتها قرب إحدى الحُفر.
تحكي.. وتحكي، من دون أن تسأل حتى مُستمعَيها إن كانا قد استوعبا حكايتها وحديثها المتناثر، وفي كل مرة حينما تتذكر إهاناته القاسية تستدرك: «اللهمّ ضْربة بْدمّها ولا كْلمة بْسمّها»!..
تفاجأتُ والسائق، على طول الطريق، بحكاية المرأة الجميلة، الأنيقة، ذاتِ الشعر شديد السواد، المنسدل على ظهرها، بكونها تعاني القسوة في معاملة زوجها، الذي لا يتأخر صباحا في منحها نصيبها من الإهانة ومساء عبْر مكالماته الهاتفية القصيرة في النيل من صبرها وغيابه غير الإضطراريّ، بل الاختياري...
لم أستفسر عن التفاصيل وفضّلت تضميد الجرح بكلمات تُهدّئ من روعها. مسحت دموعها وشرعت في محاورتها عن حكايتها، التي جعلت منها رسالة لكلّ رجل لا يتوانى لحظة في النيل من امرأته والحجة: الحب التملكيّ والغيرة..
عذراً، سادتي الرجال.. للحروف طاقة وللكلمة الطيبة معنى يُحرّك النواقل العصبية في الدماغ، فهي مهمة، مهمة أكثرَ مما تتصورون، وخاصة في حياة المرأة والأطفال، رغم أنها كلمات، وهل خلقت لحناجرنا أصواتٌ عبثا!؟ خاصة حينما يكون جرح الواحدة منا غائرا، شأن «بطلة» حكايتي اليوم، التي ختمت حديثها بعدما باغتها أنها وصلت إلى مكان مغادرة سيارة الأجرة.. رغبة منها في إعادة ارتداء القناع، مرة أخرى، ومواجهة زملاء العمل بالابتسامة الصّباحية المعهودة..
لن أبيعك دمعي.. لن أبيعك صوتي على الهاتف مرة أخرى.. أنا صاحبة البيت، أنا سيدته... زرعتُ قلبك حبا وزرعتَ حياتي ألما.. مرضتُ ف«رميتَني»، تريد أن تجعل مني خادمة باللقمة و»الهدمة».. لستُ أنا تلك المرأة... أنا امرأة لها كبرياء ولا تنحني للإهانة.. ارمني بكلماتك «المسمومة».. تعودتُ عليها، ببساطة لأنك لستَ إنساناً!..
لا تنس أنك لهيبُ نار أحرقت الشباب في ريعانه... والحب في قمّة هيجانه... ودعني أنبّهك إلى أنّ الحب ليس نفاقا يجمع بين قلبين، وعندما قلتَ «أحبك» كان نفاقا.. وصعب على المرأة أن تعرف أنها تزوجت رجلا أحبّها نفاقا... لذلك، كان بيتُك لي سجنا وكلامك صفعات، ونظراتك تقذفني كالجمرات...
سلّمتِ السّائق أجرته وغادرتِ السيارة.. لكنّ حكايتها لم تغادر ذهني، خاصة حين اختتامها معاناتها مع رجلها وأب أبنائها: «أنت لم تمنحني حريتي.. فحريتي في داخلي، تأبى أن تموت، لكوني امرأة، عصفورة لا تحبّ الأقفاص، وكلماتك سموم.. جرحها عميق.. أكثر من آلام الصّفعة، اللهمّ ضْربة بدْمّها ولا كلْمة بسْمّها»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.