- ما حقيقة أن المهدي بنبركة هو الذي قتل خالك احمد الشرايبي، أحد مؤسسي منظمة «الهلال الأسود» المقاومة؟ هذا ما تقوله عائلة والدتي. - ما الذي تقوله بالتحديد؟ قبل أسبوع من اغتيال «حبيبي» احمد الشرايبي، تم قذف بيته في الدارالبيضاء بقنبلة انفجرت داخله دون أن تودي بحياة أحد. وحسب ما تحكيه عائلة والدتي أيضا، فإن الفقيه البصري عندما فرّ من سجن القنيطرة سنة 1955، قصد بيت خالي وقضى فيه أسبوعا كاملا هو وستة من مرافقيه؛ ومن بيت خالي ذهب إلى بيت بوشعيب الزموري. وبعد ذلك بمدة قصيرة سيتم اغتيال خالي. إذن، فالفقيه البصري، الذي يتهم بدوره بالتورط في دم الشرايبي، قد حل ضيفا على الأخير في بيته قبل أن يتم اغتياله بأيام، لذلك فإن أسباب قتل احمد الشرايبي ورفاقه في «الهلال الأسود» لم ينفض عنها كثير من الغبار. - لماذا تقحم عائلة ُوالدتك المهدي بنبركة في قتل احمد الشرايبي، إذن؟ لأن الشرايبي تم استقباله من طرف المهدي بنبركة في الرباط، قبل أقل من 15 يوما على اغتياله، وقد طلب منه بنبركة في هذا اللقاء العمل على جعل منظمة «الهلال الأسود» تنضوي تحت راية المقاومة التي كان يتزعمها الفقيه البصري، فرفض الشرايبي ذلك، ليجيبه بنبركة: «إيلا مبغيتوش تدخلو تحملو مسؤولياتكم». وقد حكى الشرايبي ذلك لعائلته ومقربيه، وأكد لهم أن مجموعة بنبركة لن يهدأ لها بال إلا بعد قتله هو ومن معه في «الهلال الأسود». وبالفعل، فقد تم اغتيال عبد الله الحداوي، زعيم المنظمة، وعدد من القياديين داخلها، ثم جاء الدور على خالي الذي تمت تصفيته في اليوم الذي قام فيه محمد الخامس بأول زيارة للدار البيضاء، وقد نفذت عملية الاغتيال عناصرُ كان يقودها المسمى احمد الطويل الذي تحكي عائلة والدتي أنه كان يعمل تحت إمرة المهدي بنبركة. وفي الليلة التي اغتيل فيها خالي، تمت تصفية 60 رئيس خلية من «الهلال الأسود». - كيف تم اغتيال خالك احمد الشرايبي؟ حسب ما حكته لي والدتي، فقد طلبت منه أن يشتري لي قميصا، فذهب إلى محل لبيع الملابس قرب سينما الملكية في درب السلطان بالدارالبيضاء، وعندما دخل إلى المحل داهمه القتلة و»هبّطو الريدو» وشنقوه بحبل من «القنب» الرقيق، ثم حملوه في علبة كرتونية ورموه في مزبلة بحي القريعة، وما زال مشهد احمد الشرايبي ميتا ماثلا نصب عيني، فقد رافقت العائلة، وأنا ابن الثانية عشرة، إلى القريعة حيث عثرنا على جثته داخل «كرتونة». - والدك بوشتى الجامعي تم تهديده بدوره بالقتل؛ ما قصة ذلك؟ عندما كان والدي في سجن اغبيلة، بين سنتي 1953 و1954، عرف أن هناك تيارا داخل حزب الاستقلال يعتبر العلماء السلفيين داخل الحزب رجعيين، ويسعى إلى التخلص منهم بأي شكل من الأشكال. ولكي يجد هؤلاء سببا كافيا لاغتيال والدي فقد اعتبروا أنه مقرب من منظمة «الهلال الأسود»، وهكذا تم تكليف المقاوم سعيد بونعيلات، بعد اغتيال خالي احمد الشرايبي بمدة، باغتيال والدي، فجاء بونعيلات، ليلا، إلى والدتي وقال لها: «غدا قولي للفقيه يخوي راني جاي نقتلو». - لماذا فعل بونعيلات ذلك؟ لأنه سبق أن كان ضمن خلية لحزب الاستقلال يشرف عليها والدي. ولاحقا حكى لي بونعيلات، الذي كان معروفا حينها باسم «محماد»، عن متانة علاقته بوالدي وكيف أنه كان ينقلني معه، وأنا طفل صغير، في شاحنته. ثم إن بونعيلات لم ينس أن والدي كان أول من اعتقل في بداية الثلاثينيات في صفوف الحركة الوطنية، وأول مغربي اعتقل في مساندة القضية الفلسطينية في نهاية الأربعينيات، وأنه كان مقربا من الفقراء، نظَّم «الزرزاية» (حمالي البضائع) في نقابة عندما كان في فاس.. وبونعيلات لم يكن يملك أن يرفض الأوامر التي أعطيت له بقتل أبي، لكنه تفادى ذلك بطريقته، حينما جاء إلى والدتي وطلب منها أن تحث والدي على الهرب حتى إذا ما جاء لقتله لم يجده. - ما حكاية أن والدك توسل إلى الله أن يأخذ روحه لكي لا يلتقي بالحسن الثاني، فتوفي أياما فقط قبل لقائه؟ حدث ذلك عندما كان امحمد بوستة وعلي يعتة رفقة الحسن الثاني في زيارة للجزائر، سنة 1990 على متن الباخرة «مراكش»؛ فأثناء السفر تحدث الاثنان للحسن الثاني عن الفقيه بوشتى الجامعي، فطلب الملك لقاء والدي. وبعد العودة من الجزائر، اتصل بي امحمد بوستة وأخبرني بذلك، ثم قابلت علي يعتة فقال لي نفس الكلام، فأبلغت والدي بأن الحسن الثاني يريد استقباله، وللحظة تدخلت والدتي قائلة: «أ الفقيه خصك تشري جلابة وبلغة جديدة»، فأجابها والدي: «سيري تلعبي مع قرانك.. بقات لي غير الجلابة والبلغة»، وأضاف: ماذا عساني أقول للحسن الثاني؟ هل أقول له إنه «خْرج على هاذ لبلاد؟». وتوجه إلي يقول: إذا قلت له ذلك فسوف يمحي أولاد الجامعي من على وجه الأرض، ثم رفع أكف الضراعة إلى الله وقال: هناك حل واحد.. «يا ربي تدّيني قبل ما نشوفو»، وفعلا فبعد أقل من أسبوعين على ذلك، استجاب الله لدعائه وقبضه إليه دون أن يلتقي بالحسن الثاني.