عاد موزعو الغاز ليشعلوا من جديد فتيل مواجهاتهم مع الحكومة، فقد هدد هؤلاء، خلال اجتماع عقد أول أمس السبت بمدينة فاس، بوقف تزويد السوق بقنينات البوطاغاز خلال شهر رمضان، و ذلك بعدما لم تلتزم الحكومة بالاستجابة لمطالبهم. وقال محمد بن جلون، رئيس جمعية موزعي الغاز بالمغرب ل«المساء»، إن شركات التوزيع ستضطر إلى وقف تزويد السوق بالغاز خلال شهر رمضان، الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام معدودة، موضحا أن المسؤولين الحكوميين وعدوا بالاستجابة لمطالب الموزعين في إطار إصلاح شامل يعيد النظر في منظومة تعبئة وتوزيع الغاز ويشكل جزءا من عملية إصلاح نظام المقاصة ككل، وهو الأمر الذي لم يتم إلى الآن رغم مرور حوالي سنة على الاجتماع الذي تم بين الجمعية ووزارتي الطاقة والمعادن والشؤون العامة والحكامة. وأضاف بن جلون أن الموزعين لم يعودوا قادرين على الاستمرار في مقاومة الإفلاس وانتظار تدخل الحكومة التي يبدو أنها لا تأخذ على محمل الجد وضعية القطاع، مشيرا إلى أن الجمعية راسلت وزير الشؤون العامة والحكومة نجيب بوليف في مرات عديدة لتذكره بضرورة تنفيذ الحكومة لالتزاماتها، إلا أن الرد كان دائما سلبيا، وهو ما لم تستسغه شركات التوزيع التي تتشبث بقرار وقف تزويد السوق بقنينات الغاز إذا لم تتم الاستجابة لمطالبها خلال الأيام القليلة المقبلة. وذكر رئيس جمعية موزعي الغاز بأن القطاع يعاني مشاكل متراكمة منذ عدة سنوات أثرت على الشركات ودفعت العديد منها إلى الإفلاس، مؤكدا أنه حان الوقت لهيكلة القطاع وتأهيله بانخراط من الشركات وكل الجهات المتدخلة فيه، وعلى رأسها وزارات الطاقة والمعادن والداخلية والنقل والتجهيز، التي وعدت بحل مشاكل القطاع. واستشهد بن جلون بالدراسة التي أنجزتها الجمعية، والتي أكدت أنه من خلال تجميع خسائر جميع الشركات، والتي تقدر بملايير السنتيمات، يبدو أن القطاع على حافة الإفلاس، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من الجهات الوصية على القطاع لضمان استمرارية موزعي الغاز في تزويد الأسواق الوطنية بهذه المادة الحيوية. وأضاف أن من بين المشاكل الجذرية التي يعيشها القطاع، هامش الربح الضئيل الذي لم يتغير منذ سنة 1998، رغم الزيادة في جميع مستلزمات القطاع من وقود وحد أدنى للأجور وتغطية صحية وتأمين على الشاحنات وقطع غيار وارتفاع السومة الكرائية لاستغلال المستودعات والعديد من الضرائب. واستطرد ابن جلون قائلا: «بالإضافة إلى ذلك، فإن عددا كبيرا من الموزعين لا يتوفرون على مستودعات خاصة، كما أن عددا منهم لا يتوفر على التراخيص الضرورية، وذلك راجع إلى القوانين المجحفة التي تعود إلى سنوات خلت، حيث لم تواكب تطور وصيرورة المهنة». وكانت وزارة الطاقة والمعادن قد أكدت أنها تتجه إلى إصلاح شامل لقطاع تعبئة وتوزيع الغاز بشكل يضمن تزويد السوق عبر دعم شركات التوزيع الكبرى وتقليص دور الموزعين الصغار، الذين هددوا مرارا بوقف تزويد السوق بقنينات الغاز. بالمقابل، فإن الشركات الكبرى المنضوية تحت لواء تجمع البتروليين في المغرب، أعلنت للحكومة استعدادها ضمان تزويد السوق من خلال التكفل بجميع عمليات التوزيع عبر مختلف المدن والمناطق المغربية، مشيرة إلى أن هذا التوجه ناتج بالأساس عنصرين أساسيين، الأول يتعلق بضمان تزويد السوق بمادة الغاز الحيوية، والثاني يتعلق بتقليص عدد المتدخلين في القطاع، والذين يتقاسمون هامش ربح يقدر بحوالي 17 درهما بالنسبة لكل قنينة غاز من الحجم الكبير، وهو ما يعادل نصف سعر القنينة تقريبا.