قبل أيام طفت على السطح فضيحة جديدة بمجلس المستشارين، والسبب هذه المرة حديث عن توظيف خمسة موظفين جدد دون سلك المساطر القانونية، والمرشحون المعنيون بالتشغيل ليسوا سوى أبناء وأقرباء لمستشارين بالمجلس ذاته. الفضيحة، التي تناقلت وسائل الإعلام بعض تفاصيلها، تعيد إلى الواجهة واقعا تعرفه جل المؤسسات العمومية في المملكة، حيث يعوض منطق العائلة والنفوذ منطق الكفاءة والاستحقاق في التشغيل. وللأسف الشديد، هذا واقع معروف ومسكوت عنه، وتحركه مصالح متبادلة بين أطراف لا يثنيها خطاب الشفافية والإصلاح عن تحقيق مآربها الشخصية، وهي جهات لا ترى في كرسي المسؤولية إلا فرصة لا تعوض لتحقيق الثراء والحصول على الامتيازات وتشغيل المقربين. ما حدث اليوم في مجلس المستشارين، في حال ثبوته بالفعل، مفروض أن يحرك أكثر من جهة تتحمل مسؤولية كشف المفسدين والمتلاعبين في مؤسسة يفترض أن تعطي المثال في التصدي لجميع أوجه الفساد المستشري في دواليب المؤسسات العمومية، وهي فرصة لنعيد التأكيد على أننا ما نزال نعيش واقعا بئيسا ناتجا عن غياب المؤسسة بمفهومها الحقيقي، مؤسسة يتحلى من ينتسبون إليها بضمير مهني، ويحرص القائمون عليها على تفعيل وسائل الرقابة الكفيلة بتحقيق أقصى درجات الشفافية المطلوبة للتسيير، وربما هذا ما يفسر عدم تفاعل المواطنين مع أخبار من هذا القبيل، وكأن تطبيق القانون والحرص على تنفيذ المساطر وضمان تكافؤ الفرص صار استثناء في الكثير من مؤسسات الدولة، التي يفترض أن يتساوى أمامها جميع المغاربة.