ترامب يعلن القبض على المشتبه به في اغتيال تشارلي كيرك        مانشستر يونايتد يفتح تحقيقا في قضية فقدان أحذية رياضية    الرميد يدعو للتحري في طرد جندي أمريكي سابق ل16 تلميذا من مدرسة تابعة لجامعة "الأخوين"    ساندية تاج الدين توضح الهدف من مشهد صادم في "التخرشيش"        هيئات مهنية صحفية تطالب أخنوش بسحب مشروع قانون "المجلس الوطني للصحافة"    أخنوش.. الفلاحة الموجهة للتصدير تستهلك سد واحد فقط.. وهذا موعد تشغيل محطة التحلية بالناظور    المغرب واليابان يوقعان اتفاقية ب5 ملايين دولار لمواجهة توحل السدود في حوض ملوية    إدارة السجون توضح بشأن نقل بعيوي إلى المستشفى    تدخل رسمي ينقذ حلم الطالبة صاحبة أعلى معدل من ضائقة السكن    أسرة حيطان تجدد العرفان لكل المعزين    البصل تحت قبضة المضاربين.. والمرصد المغربي يحذر من موجة غلاء جديدة    إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    مقتل 51 شخصا في احتجاجات النيبال وهروب 12 ألف سجين وانقسام حول اختيار رئيس الوزراء الجديد    استقبال حافل للفيلم السوداني ملكة القطن بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي        حزب الاستقلال يعبر علانية عن رغبته في رئاسة جماعتي عين لحصن والسوق القديم في الاستحقاقات المقبلة        الإمارات تستدعي نائب السفير الإسرائيلي    وهبي: قانون العقوبات البديلة مفتوح أمام المحكوم عليهم قبل صدوره    الرباط وباريس يبحثان تطوير الشراكة الأمنية ومواجهة التهديدات الإرهابية    الأخطبوط في فترة استراحة: تدابير صارمة لضمان الاستدامة البحرية    وزير الصحة يباشر جولات للمستشفيات    فضيحة عقارية تعصف بعامل إنزكان آيت ملول    فرنسا تعتزم رفع التحرك ضد إسرائيل    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع        "المونديال" يستقطب اهتماما عالميا مبكرا بأكثر من 1,5 مليون طلب تذكرة في يوم واحد    بداية العد العكسي.. 100 يوم يفصل المغرب عن استضافة كأس الأمم الإفريقية    تدشين المحطة السككية الجديدة بتازة وإطلاق خدمة الربط بالحافلات مع الحسيمة    سفيان بوفال يكذب إشاعة وفاة والدته: والدتي بخير    العدّ التنازلي لحفل الكرة الذهبية 2025: هذا موعد تتويج أفضل لاعب في العالم!    "يويفا" يقرر تأجيل البث في نقل مباريات الدوري الإسباني والإيطالي للخارج    يامال يتحدث عن صعوبة البدايات وجذوره المغربية: "جدتي تسلّلت في حافلة من المغرب لإسبانيا.. وكانت تعمل 3 مرات في اليوم"        بيت الشعر بالمغرب يحتفي ب"موسم الخطوبة" في إملشيل بفعاليات ثقافية وشعرية    الحكم على بولسونارو بالسجن 27 عاما.. وترامب يصفه بالرجل الصالح        دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    كيوسك الجمعة | مسطرة جديدة لتدبير وصرف المنح لفائدة متدربي التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح            معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة: اجمالي استثمارات متوقعة بأكثر من 90 مليار دولار    أخنوش يكسر صمت الحكومة... حصيلة بالأرقام ورسائل بين السطور    ضابط مخابرات عسكرية أمريكي سابق: أمريكا لا تملك حلفاء بل دول تابعة لها وخاضعة لهيمنتها (فيديو)    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده        دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظومة أصدقاء سورية أفلست.. و«جنيف 2»
نشر في المساء يوم 15 - 01 - 2014

نجزم بأن منظومة «أصدقاء» سورية، التي اختتمت اجتماعها الاثنين في باريس بحضور 11 وزير خارجية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ووزير خارجيتها جون كيري، قد أفلست ولم يعد لديها أي جديد يمكن أن تقوله أو تفعله غير التكرار الممل لمواقفها وبياناتها ومؤتمراتها الصحافية السابقة.
فكيف يمكن أن نفسر الفقرة التي وردت في بيانها الختامي وتؤكد «على ضرورة مشاركة المعارضة السورية في مؤتمر «جنيف 2» الذي سيعقد في الثاني والعشرين من الشهر الحالي»؟ فأي معارضة هذه التي يتحدثون عنها، ومن أي فصائل تتكون، ومن هو رئيسها، ومن تمثل على الأرض؟
ولعل أبرز التناقضات التي وردت في هذا الاجتماع وبيانه الختامي أن السيد أحمد الجربا، رئيس الائتلاف الوطني، «يتدلل» ويملي شروطه، ودون أن يقرر ما إذا كان ائتلافه «المهلهل» سيشارك في مؤتمر جنيف أم لا، وكأن الائتلاف دولة عظمى مستقلة في قراراتها وتحظى بتمثيل جميع فصائل المعارضة وتحمل تفويضا مفتوحا منها ومن الشعب السوري بحيث تكون مؤهلة وقادرة على إملاء شروطها وفرضها على الآخرين.
تناقض آخر لا يقل استعصاء على الفهم من الأول، وهو اقتراح أمريكي لقي استحسانا روسيا جرت مناقشته في اللقاء الأهم بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش مؤتمر «الأصدقاء» وينص على وقف لإطلاق النار في سورية وتبادل السجناء بين حكومة الرئيس بشار الأسد والمعارضة، على أن تكون البداية في منطقة حلب.
حكومة الرئيس بشار الأسد يمكن أن تلتزم، وتلزم، مقاتليها بوقف إطلاق النار، ولكن هل يستطيع كيري ووزراء الخارجية العرب الذين ينضوون تحت عباءته أن يفعلوا الشيء نفسه، أي أن يلزموا فصائل المعارضة المسلحة بهدنة وتبادل الأسرى؟
الإجابة قطعا بالنفي، فهل تقبل كتائب النصرة، مثلا، وقف إطلاق النار نتيجة اتفاق توصلت إليه الإدارة الأمريكية «المشركة» مع الحكومة الروسية «الملحدة»؟ وإذا افترضنا أن «النصرة»، التي باتت «أكثر اعتدالا» في نظر العرب، قبلت الاتفاق، وهو ما نشك فيه، فهل تقبله الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وأميرها أبو بكر البغدادي؟
نحن لم نتحدث عن الجماعات المسلحة الأخرى، مثل الجبهة الإسلامية وثوار الشام وجيش المجاهدين والجيش الحر، على افتراض أن الدولتين العربيتين اللتين توفران المال والسلاح لدعمها، أي المملكة العربية السعودية وقطر، قادرتان على فرض أي اتفاق يتم التوافق عليه بين أمريكا وروسيا، وإلزام هذه الجبهات فيه أيضا.
الدولة الإسلامية «داعش» -التي تفاءل الكثيرون، ونحن لسنا من بينهم، بقرب نهايتها بعد نجاح الهجوم الموحد لجبهات المعارضة المدعومة سعوديا وقطريا في الاستيلاء على معظم مواقعها في حلب وأدلب والرقة- قلبت الموازين كلها، واستطاعت استعادة معظم ما خسرته من مواقع في هذه المدن في أقل من ثلاثة أيام وألحقت هزائم كبيرة بجيوش خصومها، وهي بالتالي مستعدة لتخريب أي اتفاق لوقف إطلاق النار لأنها غير ملزمة به ومن وقعه، وستستمر في مقاتلة النظام ومن يريدون اجتثاثها معا.
نقطة أخرى لا نستطيع إلا التوقف عندها وردت في المؤتمر الصحافي الذي عقده السيد الجربا في باريس الاثنين، وأكد فيه أنه لا مكان للرئيس بشار الأسد وعائلته في مستقبل سورية ولا دور له في المرحلة الانتقالية، فإذا كان الحال كذلك، فهذا يعني أن نتائج مؤتمر جنيف باتت محسومة مسبقا قبل أن يعقد، فلماذا يشارك فيه وفد السلطة برئاسة السيد وليد المعلم وزير الخارجية، من أجل تسليم السلطة على طبق من الخزف السويسري للسيد الجربا وائتلافه؟ ولماذا ينعقد المؤتمر في الأساس؟
مؤتمر جنيف الأول انعقد بدون حضور أي ممثل للنظام السوري ولا للسلطات الإيرانية الداعمة له، وأصدر قرارات أكد فيها على نفي أي دور للنظام في المرحلة الانتقالية، فماذا تغير؟ وأي من هذه القرارات حظي بالتطبيق العملي؟ ثم كيف يفرضون هذه القرارات أحادية الجانب على أطراف لم تصادق عليها ولم تحضر المؤتمر الأول كشرط لمشاركتها في المؤتمر الثاني، أي إيران؟
النظام السوري لم يسقط مثلما كان يأمل المشاركون في مؤتمر جنيف الأول، وبالسرعة التي تمنوها؛ كما أن الفصائل الجهادية «التهمت» الجيش الحر أو معظمه، الذي كانت تعول عليه أمريكا وتركيا وحلفاؤها العرب، وباتت القوة الأخطر؛ والمجلس الوطني السوري، الذي كان بمثابة الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، تحول إلى فريق هامشي في الائتلاف الوطني بعد تراجع دور قطر، وتقدم الدور السعودي في الأزمة السورية المتغيرة.
اتفاق وقف إطلاق النار الذي توافق عليه وزيرا خارجية أمريكا وروسيا هو «التطور» الأهم في نظرنا، والمؤشر على مرحلة جديدة لطبيعة الحلول السياسية المنتظرة للأزمة السورية، أي الاعتراف الضمني ببقاء النظام لفترة متفق عليها، وتحويل طبيعة الأزمة من عسكرية إلى قضية إنسانية بحته، أي توفير مواد الإغاثة الأساسية للشعب السوري وتبادل المعتقلين، بحيث تظل سورية مجزأة ومفتتة في ظل حكومة مركزية لا تسيطر على أطرافها، أي تثبيت الوضع الحالي، وفرص فشل هذا التوجه الجديد أكبر من فرص نجاحه.
أصدقاء سورية اتفقوا على عقد مؤتمر «جنيف 2» في موعده وعدم تأجيله، ولكنه من المرجح أن يأتي حضورا هزيلا، ومن الدول نفسها التي حضرت المؤتمر الأول، ومن أجل ذر الرماد في العيون، انتظارا أو تمهيدا لعقد مؤتمر «جنيفو»جنيف 4» وهكذا دواليك.
باختصار شديد، نقولها بكل ثقة، لن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية إلا بعد وصول جميع الأطراف المتقاتلة إلى مرحلة الإنهاك التام، والشعب السوري في معظمه وصل إلى مرحلة اليأس والرغبة في الخلاص من الحرب والقتل والتشرد والجوع وجميع من أوصلوه إلى هذا المستنقع الدموي دون استثناء، ونجاح مخطط القضاء على جميع الجماعات الإسلامية الجهادية، معتدلة كانت أو متطرفة.
حتى الآن لم تتوفر أي من هذه العناصر، ولذلك ستستمر الحلقة الدموية وتتصاعد، قد تتغير بعض الوجوه وتظهر قوى جديدة بأسماء جديدة وتحالفات جديدة، فالسيد الجربا سيواجه حتما مصير من سبقوه وانتهى دورهم مثل السادة معاذ الخطيب والدكتور برهان غليون وسليم إدريس وجورج صبرا ورياض الأسعد والقائمة تطول، ومثلما أخذت الجبهة الإسلامية مكان الجيش الحر وجيش الإسلام سيأتي من يزيحها من الطريق ليحل محلها، فبالأمس النصرة واليوم داعش، ولا نعلم من يأتي غدا. إنها لعبة كراسٍ دموية مرشحة للاستمرار لسنوات وربما لعقود
قادمة.
ومرة أخرى نقول إن الشعب السوري هو الضحية، فأرقام الشهداء لم تعد مهمة، وصور الضحايا المؤلمة لم تعد تحرك إلا القلة للأسف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.