المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برمجة رمضان.. ولايزال مسلسل الرداءة مستمرا
القنوات تلجأ إلى إشهار ورقة نسب المشاهدة في وجه منتقديها
نشر في المساء يوم 15 - 07 - 2014

«مازالت دار لقمان على حالها»، عبارة تلخص واقع البرمجة الرمضانية الوطنية الحالية التي يقدمها القطب العمومي طيلة الشهر الكريم. إذ لم تستطع هذه البرمجة خلق أي إجماع حولها بعد دخولها أسبوعها الثاني مع استثناءات قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة. ولم تتخلص جل الأعمال المعروضة من النسبة العالية من الرداءة والسطحية والحموضة، حتى مع صفقات الإنتاج عبر طلب العروض وأيضا الصيغة الجديدة لدفاتر التحملات الخاصة بمتعهدي الإعلام السمعي البصري العمومي. والملاحظ أن نفس شركات الإنتاج لاتزال تستحوذ على الكعكة الرمضانية بكلفة إجمالية تقدر ب 25 مليارا و333 مليون سنتيم من أجل إنجاز 10 أعمال «فنية» لجأت معها إلى خدمات نفس الوجوه ذات الشعبية الجماهيرية، وللأسف تتحقق المفارقة بين مستوى فني متواضع ونسب مشاهدة عالية، حسب أرقام ماروك ميتري، تشهرها قنوات القطب العمومي في وجه كل من يجلد برمجتها الرمضانية.
[[{"type":"media","view_mode":"media_original","fid":"9046","attributes":{"alt":"","class":"media-image","height":"342","typeof":"foaf:Image","width":"765"}}]]
كالعادة، يحضر «السيتكوم» و«الكاميرا الخفية» كطبق درامي رئيسي تعتمده القناتان الأولى والثانية، كما دأبتا على ذلك منذ سنوات، وقت الإفطار كي تتمكن من جذب الجمهور المغربي الذي يكون مجتمعا حول مائدة الإفطار بعد يوم صوم شاق وطويل. فهل حققت هذه البرمجة المتعة للمشاهد أم أنها لاتزال مستمرة في تعذيبه بالرغم من تطبيق دفاتر التحملات وشفافية طلبات العروض؟
مهازل في ثوب برامج
البداية مع سيتكوم «كنزة في الدوار»، الذي تبثه القناة الثانية بعد الإفطار والذي يسجل، حسب آخر بلاغات القناة، نسب مشاهدة تجاوزت 10 ملايين مشاهد. هذه السلسلة التي تنتجها شركة «عليان برود» اعتمدت على نجوم بعضهم سبق أن تعاملت معهم الشركة نفسها أو حققوا نجاحات خارجها واستثمرتهم لصالحها.
كان المفروض من خلال عنوان السلسلة أن المثقفة والمتعلمة» كنزة»، والتي قطعت مسافة من أجل جمع التوقيعات من سكان قرية حتى تتمكن من إخراجها من عزلتها عبر مشروع «لوطوروت»، أن نشاهد يومياتها معهم، وكيفية تعاملها مع مشاكلهم بما تحمله من حمولة حضارية بأسلوب راق يرفع مستواهم إلى أعلى، وليس أن تقع هي ويقع هؤلاء معها في شرك الضحك «الباسل» من خلال التناول «السطحي» لواقع المرأة والرجل والشباب والمسنين والعاطلين عن العمل في ذلك الدوار النائي.
حلقات «كنزة» في أسبوعها الثالث لاتزال تدور في حلقة «اضحك بلهلا يتبتو ليك»، وتعتمد في جل أحداثها على حضور الممثلة» دنيا بوطازوت» بالرغم من أن البطلة الرئيسية، كما يدل عنوان السلسلة، هي «مريم الزعيمي»، التي سبق أن تألقت في دور الجارة اللعوب في الجزء الثاني من سلسلة «بنات للا منانة».
وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كان استثمار نجاح دنيا بوطازوت في دور الشخصية القروية الأمية راجع فعلا إلى موهبتها في التقمص أم أن الفنانة تلعب جزءا من شخصيتها «الكوميدية»، خاصة وأنها حين حاولت، السنة الماضية، تغيير جلدها في سلسلة «دور بيا يا الشيباني»، مع نفس الشركة المنتجة للعمل، لم تكن مقنعة إلى حد ما في شخصية البنت الهادئة اللطيفة.
«الكاميرا لخفية»، التي تحصد، بدورها، نسبا مهمة من المشاهدة اليومية، يبدو أن طاقمها تعلم نوعا ما من الدرس القاسي السنة الماضية حين تم اكتشاف مقالب مفبركة باتفاق مع أبطالها، حيث تظهر بعض الحلقات أن أصحابها وقعوا فعلا في شراك الكاميرا الخفية وبعضهم تشعر أنه «عاق بيها» وفضل التظاهر بذلك أو أنهم «احتالوا» كما جاء على لسان الفنان المصري تامر حسني، والذي ذهب إلى حد مقاضاة القناة، في حين كان البعض واضحا ورفض بث حلقته وهو ما رضخ له القائمون عليها.
غير أن هذه الكبسولة كان من الأجدى أن تغادر خارطة البرمجة هذا العام بعد تكرار نفسها والاستعانة بنفس الضيوف في بعض الأحيان، والفضائح التي لاحقتها السنة الماضية واتهامها بالفبركة، وكان الأجدر بمعديها البحث عن «ثيمة» أخرى والاشتغال عليها بحرفية عالية.
بالنسبة إلى «زينة» الذي يبث على نفس القناة ولو أن فكرة المسلسل مستهلكة، إلا أن كاتب السيناريو تمكن من إلباسها حلة جديدة ومشوقة، كما أن «الكاستنيغ كان ناجحا وتمكن الفنانون تحت إدارة المخرج ياسين فنان من تقمص شخصياتهم بحرفية كبيرة، منهم سحر الصديقي في أول بطولة مطلقة لها بعد تجربة في سيتكوم (كول سانتر)، حيث بدت مقنعة تماما في تقمصها للشخصية، وأيضا سهام أسيف وهدى الريحاني وادريس الروخ والعودة الجميلة لعمي ادريس، وغيرهم من الفنانين.
النقطة المضيئة في برمجة رمضان للقناة الثانية، تتمثل لحد الآن سلسلة «مرا وقادة»، الذي يبث قبل الإفطار، ويسلط الضوء على مهن كانت إلى وقت قريب عصية على النساء. وتجسد الشخصيات مجموعة من الفنانات المغربيات كفاطمة الزهراء بناصر والهام واعزيز وغيرهما. بالنسبة إلى وقت الذروة لاتزال كبسولة «الكوبل» وما تحمله يوميات الشعيبية وكبور تنال رضا المشاهد بالرغم من أن هذا العمل التلفزي لم يخضع لمسطرة طلبات العروض المنصوص عليها في الصفقات العمومية، كما أن الثلاث دقائق قامت إحدى شركات الاتصالات بدفع حقها مقدما لفائدة القناة الثانية.
القناة الأولى فشلت في جلب الأنظار إلى برمجتها حسب أرقام ماروك ميتري، التي تؤكد تفوق قناة عين سبع على مدار اليوم في نسب المشاهدة, بالرغم من أن دار البريهي دخلت السباق الرمضاني عبر برمجة كثيفة وقت الذروة لم تنل الرضا والقبول، في حين نجد سلسلة تمت برمجتها قبل الفطور وهي سلسلة «زين لبيار» النقطة المضيئة في البرمجة الرمضانية وهي من بطولة عبد الإله عاجل وحسن فولان وبشرى أهريش والخنساء بطمة وعمر لطفي.
«الباركينغ» المبرمجة مباشرة بعد أذان المغرب، سلسلة «دون ساس ولا راس» فهي مجرد إسفاف وتفاهة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ لا تحمل هذه السلسلة أي رسالة معينة اللهم مجرد الضحك على ذقن المشاهد المغربي.
سيتكوم «بنت الناس» يمكن وصف مستواه الفني بالمتوسط، وهو للإشارة،يتقاطع في تفاصيل كثيرة مع مسلسل مصري بث في أوائل التسعينيات من القرن الماضي من بطولة يونس شلبي وأحمد بدير عن طبيب يبحث عن مواصفات معينة في عروسه. «السيتكوم» لم ينجح لحد الآن في استقطاب اهتمام المشاهد المغربية. ويبدو أن بطله كمال الكاظمي الذي راهنت عليه الشركة المنتجة «سبيكطوب» للسنة الثانية على التوالي بعد سيتكوم «راس المحاين» السنة الماضية، لم يستطع الخروج من جلد «حديدان»، الشخصية التي ساهمت في نجاحه بشكل كبير جدا في سلسلة تحمل الاسم نفسه.
في النصف الثاني من رمضان ستحل محل «بنت الناس» سلسلة «تبدال لمنازل» لسعيد الناصري، الذي نرجو أن لا يكرر نفس الشخصية التي يتقمصها في جميع «سيتكوماته» السابقة ك«العوني» و«الربيب» و»نسيب سي عزوز»، وجميعها أجمعت لجنة المشاهدة آنذاك على أنها غير صالحة للبث في وقت ذروة المشاهدة في رمضان وبالرغم من ذلك أدرجت «بقدرة قادر». ونتمنى أن يخرج سعيد الناصري في «تبادل المنازل» من التفاهة التي كان يتحف بها المشاهد المغربي في السابق.
الكبسولة الفكاهية «حمقا»، التي أظهرت موهبة اسمها «قمر السعداوي» تتأرجح حلقاتها بين الصعود والهبوط. ويمكن وصف سلسلة «سوبرماركت» التي تعرضها القناة الأولى من إنتاج نبيل عيوش وإخراج شوقي العوفير، بأنها ضحية فكرتها التي كتبتها فرنسيتان من أصول لبنانية هما استيل صيادة وشمسة دحمان بالفرنسية، قبل أن تحولها مجموعة من «السيناريست» إلى العربية، علما أن هناك فرقا كبيرا بين الإضحاك بالفرنسية والمغربية. فالسلسلة تضم مجموعة من الفنانين المغاربة كبشرى أهريش وآمال الأطرش وعزيز الحطاب وجليلة التلمسي، كان من الممكن التركيز على محتواها الاجتماعي، بدل تحويلها إلى وصلة شتم بين البائعتين «جليلة التلمسي» و «آمال الأطرش» في محاولة لانتزاع الابتسامة من الجمهور المغربي.
وتبقى أكبر مهازل القناة الأولى سلسلة «شيب وشباب» بالرغم من أن مخرجها شاب متميز اسمه عادل الفاضلي، والذي يبدو أنه يدفع ثمن ما تردد من أخبار حول عدم اكتمال كتابة حلقات السلسلة، كما أنها لازالت تصور وتدخل مرحلة المونتاج موازاة مع عرضها. السيناريو بالرغم من أهمية الفكرة، لم ينجح أصحابه في تحويله إلى رسالة ردم الهوة بين الشيب والشباب في عصرنا الحالي، بل إلى قلة أدب وتربية من الشباب تجاه من هم أكبر منهم سنا، كما جاء الحوار مليئا بعبارات قاموس الشارع التي لا تليق بجهاز تلفاز مثل «تفوو.. المعوقة.. لعشير...».
قناة «ميدي أن تيفي» التي وضعت رهانها على المسلسل التاريخي «ألف ليلة وليلة» في حلة مغربية، وخصته بحملات إعلامية ضخمة وحظي طاقمه بعناية خاصة من طرف المسؤولين عن القناة. وقدم على أنه سيضاهي المسلسل التاريخي التركي «حريم السلطان».
يضاف إلى ذلك خلاف مخرجه أنور معتصم مع المنتجة صوفيا أغيلاس حول الملكية الفكرية للمسلسل، والذي وصل إلى المحكمة وخلق له ضجة كبرى (المحكمة أصدرت قرارا بوقف بثه)، غير أن المسلسل مع انطلاق بثه انطبق عليه مثل «تمخض الجبل وولد فأرا». فرغم المجهود الكبير على مستوى التصوير والملابس والديكور، إلا أن «الكاستينغ» كان نقطة ضعف المسلسل الكبرى، إذ لم يكن أغلب الممثلين مقنعين في أدوارهم. كما أن اعتماد المخرج على عارضات أزياء وتحويلهن إلى ممثلات كان رهانا فاشلا، وكأنه كان يحاول استنساخ جميلات حريم السلطان في مسلسله، متناسيا أن بطلات المسلسل التركي يتمتعن، إلى جانب الجمال، بالموهبة الفذة في تقمص الشخصيات.
المفارقة.. الأرقام
تبقى المفارقة أن هذه المسلسلات، ورغم سطحيتها، تحقق نسب مشاهدة عالية، حسب الأرقام التي تفرج عنها «ماروك ميتري»، وهي الأرقام ولتي تشهرها القنوات في وجه كل من ينتقد برامجها.
هذه الأرقام تجعل المسؤولين عن التلفزة، كما يقول المثل المصري، يضعون في بطنهم «بطيخة صيفي»، ولا يعبؤون بسهام النقد مادامت نسب المشاهدة تؤدي بالضرورة إلى زيادة مداخيلها خلال الفواصل الإعلانية.
ما يحدث يمكن تفسيره بأن الذوق العام تم «تدجينه» على تذوق السطحية منذ سنوات من خلال مشاهدة هذا النوع من الأعمال الدرامية. كما أن الإقبال عليها يكون من طرف فئات غير متعلمة، التي عوض الرقي بذوقها العام يتم الهبوط بمستواها إلى «الحضيض».
هذه الأرقام لا تقنع، غالبا، نقاد التلفزيون والإعلام المتخصص الذي يواصل جلد البرامج الرمضانية، وهو ما دفع عبد العزيز بن عبو، عضو الجمعية المغربية لحقوق المشاهد إلى وصف سباق الأرقام بين الأولى والثانية إلى سباق بين كسيح وأعمى، مضيفا بصيغة السؤال: هل مازال القيمون على هذه القنوات يؤمنون بأن المواطن المغربي يصدق نكاتهم وأرقامهم وإحصائياتهم ونشرها فوق سطوحهم؟
في نفس السياق، يؤكد يحيى اليحياوي، الخبير في مجل الإعلام في تصريح سابق خص به «المساء»، أن مؤسسة ماروك ميتري تختار عينة من الجمهور وتضع بأجهزة التقاطه أدوات تتبع في زمن الذروة أو في غيره فتبني على ذلك استنتاجات قد لا تكون خاطئة بمقياس القناة المشغلة فترة القياس، وهو معطى ضروري ولكنه غير كاف بالمرة وإلا اعتبرنا أن نسبة المشاهدة تعبر عن نسبة الرضى والقبول. وأضاف أن هذه النسب هي من قبيل قول الحق المحيل على الباطل.
وأكد أن المطلوب هو قياس مستوى رضا الجمهور عن هذه المادة التلفزية أو تلك. وإن لم يكن الأمر كذلك فإننا سنعتبر أن من يلج السوق لاقتناء ضرورياته هو راض عن الأسعار المطبقة بالسوق وبالتالي فلو تم الاحتكام لهذا المعطى فستنزل النسب إلى أسفل سافلين وأكثر.
إذا فلا يزال مسلسل الرداءة مستمرا من طرف نفس الشركات، ولو في زمن وصف بالشفافية في طلبات العروض، التي استحلت تذوق حلاوة الكعكة الرمضانية في جيبها، حيث استحوذت 10 شركات على رأسها «عليان للإنتاج» على نصيب الأسد من برامج الذروة بكلفة إجمالية تقدر ب 25 مليارا و333 مليون سنتيم. وأيضا في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، أين هي الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هاكا) من كل هذه «الجعجعة» والتي تقف موقف المتفرج أمام إنتاجات تلفزيونية تسيء لذكاء وذوق وهوية المشاهد المغربية؟ وما جدوى وجود لجان للتقييم بقنوات القطب العمومي؟
خطايا البرمجة الرمضانية
جل المختصين في المجال التلفزي يجمعون على أن أغلب ما يعرض من برامج فنية يمكن وصفه ب"الكارثة" نتيجة أخطاء قاتلة لو تخلصت منها سيكفل لها الخروج بإنتاج وطني يحترم عقول وأذواق المشاهد المغربي.
أغلب ما يعرض يكون مجرد وسيلة للإضحاك من أجل الإضحاك فقط، باعتمادها نفس "اللازمات" و"تقلاب العينين" و"تعواج الأفواه" وغيرها. وهو ما يميط اللثام عن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها الدراما المغربية والمتمثلة في عدم وجود كتاب سيناريو محترفين قادرين على صنع عمل درامي بطريقة محبكة.
يلاحظ إصرار مسؤولي قنوات القطب العمومي على برمجة الإنتاجات الكوميدية في أوقات الذروة مع تغييب للمسلسلات والبرامج الترفيهية. وبالتالي فإن غياب التكامل في العرض التلفزي الرمضاني، يجعل نفس البرمجة تقدم في نفس الأوقات تقريبا: (الكاميرا الخفية، السيتكومات، المسلسلات، الأفلام...).
رغم الضجة التي أثيرت حول "شفافية" صفقات الإنتاج، فإن الملاحظ استمرار نفس شركات الإنتاج تقريبا في الهيمنة على الإنتاجات الرمضانية وخاصة "السيتكومات" و"السلسلات الهزلية" و"الكاميرا الخفية". دون أن ننسى أن فتح باب طلبات العروض قبل أسابيع قليلة من شهر رمضان لا يساعد على الاشتغال على هذه الأعمال بطريقة محكمة مما يسقطها في فخ الرداءة .
نفس الوجوه التي أثثت "رمضاناتنا" السابقة، تعود لتظهر من جديد في الأعمال المعروضة حاليا، بعضهم سجناء شخصياتهم وبعضهم يتجول بين شاشات القطب العمومي من خلال سيتكومات وسلسلات وكبسولات، بل وحتى في الفواصل الإعلانية التي تروج لمنتج معين، وهو ما يطرح تساؤلا حول أسباب اعتماد نفس الأسماء وعدم فتح المجال أمام أسماء أخرى.
عبد العزيز بنعبو: 9 ملايين و25 ألف مشاهد ليس رقما كبيرا مقارنة بقاعدة المشاهدة في المغرب
- هل ما تزال برمجة رمضان 2014 وفية لشعارها «فراغ في المضمون وارتجالية في التمثيل وغياب نص محكم البناء»؟
قبل الخوض في النقد الفني للأعمال الدرامية والسيتكومات التي تتحفنا بها قنواتنا في هذا الشهر المبارك. علينا أن نعي جيدا أن الصيغة التي تتم بها عملية الاشتغال، في عمومها، لا ترقى إلى مستوى المهنية المطلوبة. فبرمجة رمضان 2014 في بلدان عربية وإسلامية أخرى انتهى التفكير فيها في 2013 وأنجزوا مسلسلاتهم وأعمالهم في الجزء الأول من 2014، وليس كما يحدث عندنا من سباق المسافات الأخيرة، الخاسر الأول و الأخير فيه هو المشاهد المغربي. الذي يظن أن قنواته ستفاجئه كما قنوات باقي عباد الله. لكنه مع كامل الأسف يجد نفسه مضطرا للهجرة التلفزية والمغادرة الاضطرارية والبحث عن المشاهدة وحقوقها الكاملة في الفضائيات المنتشرة هنا وهناك دون قيد أو شرط . أما إذا عدنا إلى مسألة التقييم الفني للأعمال المقدمة، فالرداءة من أهم سماتها، لسبب بسيط وهو العجلة واعتماد مسألة «كور و عطي لعور»، ناهيك عن التغييرات التي تطرأ على العمل في آخر لحظة من قبيل التخلي عن طاقم وتعويضه بطاقم آخر طبعا أقل تكلفة. أضف إلى ذلك اعتماد سيناريوهات منسوجة في الدقائق الاخيرة . كل هذه الخلطة تعطينا وجبة بشعة غير قابلة للهضم مطلقا.
- كيف تفسر مفارقة أن تتعرض الأعمال الفنية الرمضانية لانتقادات واسعة وتحقق في الوقت نفسه نسب متابعة مرتفعة؟
ليس هناك أي من مفارقة، كل المغاربة يعشقون ما هو مغربي، وكل المغاربة يعيشون على الأمل دائما. ينتهي اليوم ويقولون «غدا يصاوب الله»، ذلك ما ينطبق على قنواتنا أيضا. فما أن تنتهي حلقة اليوم بالامتعاض والغضب، حتى يخرج صوت ويقول «يمكن غدا تكون احسن» . وهكذا يتداول المغاربة يومياتهم ويأملون خيرا في قنوات لا تهتم لهم مطلقا.
ولنحتكم إلى نسب المشاهدة، فهل تظنون أن 9 ملايين و25 ألف مشاهد، رقم كبير مقارنة بتعداد ساكنة المغرب وقاعدة المشاهدة في المغرب؟ هذا الرقم أعطته القناة الثانية بعد اليوم الأول من رمضان، وأضافت أن «كنزة فالدوار» حصلت على هذا الرقم، فيما حصلت الكاميرا الخفية جار ومجرور على 8 ملايين و689 ألف مشاهد، ثم بعد ذلك حصل سيتكوم الكوبل على 7 ملايين و684 ألف مشاهد، فيما سلسلة «زينة» تابعها 6 ملايين و301 ألف مشاهد... هل تلاحظون كيف أن الأرقام في تنازل من تسعة إلى ستة. كما لو كان المشاهد يتسرب من بين أيدي القناة.
لعبة الأرقام ونسب المشاهدة لا يمكنها أن تغطي هذا الهزال التلفزيوني الرمضاني الواضح والجلي والذي لن تكفيه دهون أرقام نسب المشاهدة ليسمن قليلا.
- هل يمكن القول من خلال إلقاء نظرة على خريطة البرامج البرمضانية أن هناك غيابا للتكامل بين قنوات القطب العمومي على مستوى ما يقدم للمشاهد؟
بالعكس هناك تكامل بين قنوات القطب العمومي، تكامل على مستوى منح الرداءة ودفع المشاهد إلى الهجرة نحو قنوات الاخرين. هناك تكامل في الإحساس بثقل مسؤولية التنغيص على المشاهد المغربي. لا أدري أين يمكن أن يكون التكامل إلا إن كان في الأخذ بالمثل الدارج القائل «دير مادار جارك ولا حول باب دارك» وطبعا الباب ظل كما هو..
- ما السبيل لوقف الرداءة في نظركم؟
السبيل الأول هو احترام المشاهد المغربي كمواطن يرجو إنصافه إعلاميا. واحترام الفنان المغربي والكفاءات المغربية. لكن الأهم في ذلك هو التغيير الذي يمكن أن يعود بالنتائج الحقيقية والملموسة على واقعنا الإعلامي المسموع والمرئي، وإخراجه من حسابات الخاص إلى حسابات العام.
*عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لحقوق المشاهد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.