العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    الجزائر تنسحب من البطولة العربية لكرة اليد    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    الوكالة الوطنية للمياه والغابات: "القط الأنمر" الذي رصد في إحدى الغابات بطنجة من الأصناف المهددة بالانقراض    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المغرب يصدر 2905 تراخيص لزراعة وإنتاج القنب الهندي إلى غاية أبريل الجاري    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    غدا تنطلق أشغال المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    الفروع ترفع رقم معاملات "اتصالات المغرب"    مطار مراكش المنارة الدولي .. ارتفاع حركة النقل الجوي خلال الربع الأول    ارتفاع أرباح اتصالات المغرب إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    14 ألف مواطن إسباني يقيمون بالمغرب    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بسبب تعديلات مدونة الأسرة.. البرلمانية اليسارية التامني تتعرض لحملة "ممنهجة للارهاب الفكري"وحزبها يحشد محاميه للذهاب إلى القضاء    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    نجم مغربي يضع الزمالك المصري في أزمة حقيقية    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    الدراجات النارية وحوادث السير بالمدن المغربية    عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش الاسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر من نتانياهو    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يقود «ريع» المنتجات الطبيعية إلى تدمير التنوع البيولوجي للمملكة
عشرات ‬الأصناف ‬من ‬النباتات ‬والحيوانات ‬مهددة ‬بخطر ‬الانقراض ‬بسبب ‬الاستنزاف ‬وسوء ‬الاستغلال ‬وعدم ‬فعالية ‬القوانين
نشر في المساء يوم 30 - 12 - 2014

يمتلك ‬المغرب ‬ثروة ‬طبيعية ‬هائلة ‬تشكل ‬الأشجار ‬والنباتات ‬الغذائية ‬والأعشاب ‬العطرية ‬والطبية ‬والحيوانات ‬نموذجا ‬لها، ‬ما ‬يجعله ‬يحتل ‬المرتبة ‬الثانية ‬بعد ‬تركيا ‬ذفي ‬الفضاء ‬المتوسطي- ‬من ‬حيث ‬نسبة ‬النباتات ‬أصيلة ‬الموطن، ‬ويجعل ‬منه ‬أيضا ‬المنتج ‬والمصدر ‬الأول ‬على ‬الصعيد ‬الإقليمي، ‬بآلاف ‬الأطنان ‬سنويا ‬من ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬غير ‬الخشبية ‬التي ‬توجه ‬إلى ‬مختبرات ‬صناعة ‬الأدوية ‬والعطور ‬ومواد ‬التجميل ‬وكذا ‬في ‬الصناعات ‬الغذائية.. ‬لكن ‬هذا ‬الثراء ‬الطبيعي ‬يخفي ‬حقيقة ‬صادمة، ‬فالعديد ‬من ‬الأصناف ‬الطبيعية ‬باتت ‬مهددة ‬بالانقراض ‬حتى ‬أن ‬دراسة ‬وطنية ‬حول ‬التنوع ‬البيولوجي ‬حددتها ‬في ‬أزيد ‬من ‬1670 ‬صنفا ‬نباتيا، ‬دون ‬إغفال ‬التهديد ‬التي ‬يلحق ‬بالأصناف ‬الحيوانية ‬التي ‬اختفت ‬العديد ‬منها ‬فعليا ‬من ‬التراب ‬الوطني ‬في ‬حين ‬أن ‬حوالي ‬600 ‬نوع ‬حيواني ‬بلغت ‬حد ‬عدم ‬التوالد، ‬مما ‬يضعها ‬في ‬لائحة ‬الأنواع ‬السائرة ‬في ‬طريق ‬الانقراض.. ‬الأرقام ‬مخيفة ‬بالتأكيد، ‬لكن ‬الواقع ‬القاتم ‬يزيد ‬استفحالا ‬في ‬ظل ‬وجود ‬الكثير ‬ممن ‬يتعاملون ‬بلا ‬مبالاة ‬تجاه ‬هذه ‬الثروة، ‬طالما ‬ألا ‬شيء ‬يمنع ‬من ‬استغلالها ‬لأقصى ‬حد ‬ممكن ‬وبأي ‬وسيلة ‬متاحة ‬وهي ‬الثروة ‬التي ‬تدر ‬ملايير ‬الدراهم ‬سنويا ‬على ‬من ‬يشتغلون ‬بها.. "‬المساء" ‬حققت ‬في ‬الملف، ‬واستمعت ‬إلى ‬آراء ‬ومعطيات ‬يبسطها ‬مهنيون ‬وخبراء ‬ومسؤولون ‬حكوميون ‬ومهتمون ‬بالشأن ‬البيئي، ‬وفي ‬التحقيق ‬نقدم ‬نماذج ‬لبعض ‬الثروات ‬التي ‬تضيع ‬كل ‬يوم ‬ويتهددها ‬خطر ‬الانقراض، ‬في ‬انتظار ‬من ‬يتحمل ‬المسؤولية ‬ليوقف ‬النزيف..‬
المعطيات ‬المتعلقة ‬بالتنوع ‬البيولوجي ‬الوطني ‬تفيد ‬بتوفر ‬المغرب ‬على ‬أزيد ‬من ‬7 ‬آلاف ‬نوع ‬نباتي ‬غير ‬موجود ‬في ‬باقي ‬بلدان ‬حوض ‬البحر ‬الأبيض ‬المتوسط، ‬ما ‬يجعل ‬من ‬المملكة ‬واحدة ‬من ‬البلدان ‬التي ‬يتعاظم ‬فيها ‬الاهتمام ‬بالنباتات ‬الطبية ‬والعطرية، ‬وخلال ‬السنوات ‬الأخيرة، ‬ارتفع ‬الطلب ‬واشتدت ‬المنافسة ‬على ‬هذه ‬المنتجات ‬مستفيدة ‬من ‬معطى ‬أساسي ‬يتمثل ‬في ‬كون ‬أزيد ‬من ‬ثلثي ‬سكان ‬العالم ‬لا ‬يزالون ‬يعتمدون ‬على ‬النباتات ‬الطبية ‬للتداوي ‬في ‬المرحلة ‬الأولى ‬من ‬العلاج، ‬وهي ‬حقيقة ‬لا ‬تخفيها ‬حتى ‬منظمة ‬الصحة ‬العالمية. ‬كما ‬أن ‬منظمة ‬الأمم ‬المتحدة ‬تفيد ‬بأن ‬80 ‬في ‬المائة ‬من ‬سكان ‬البلدان ‬النامية ‬يعتمدون ‬على ‬الأدوية ‬التقليدية، ‬التي ‬يأتي ‬نصفها ‬من ‬النباتات ‬الموجودة ‬أساسا ‬في ‬الغابات، ‬وأن ‬التنوع ‬البيولوجي ‬يشكل ‬الأساس ‬لما ‬يزيد ‬على ‬خمسة ‬آلاف ‬منتج ‬تجاري ‬عبر ‬العالم، ‬كما ‬أن ‬قيمة ‬سوق ‬الدواء ‬من ‬المصادر ‬النباتية ‬في ‬العالم ‬تقدر ‬سنويا ‬بحوالي ‬75 ‬إلى ‬150 ‬مليار ‬دولار ‬حسب ‬تقرير ‬صادر ‬عن ‬برنامج ‬الأمم ‬المتحدة ‬للبيئة ‬والبنك ‬الدولي.‬
في ‬المغرب ‬بدأ ‬الاهتمام ‬بهذا ‬النوع ‬من ‬المنتجات ‬مبكرا ‬جدا ‬وقد ‬عرف ‬استغلال ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬بالمغرب ‬عدة ‬مراحل، ‬تباينت ‬بين ‬الاستغلال ‬للحاجة ‬الشخصية، ‬ثم ‬الاستغلال ‬التجاري ‬المعقلن، ‬وصولا ‬إلى ‬الاستغلال ‬العشوائي ‬والاستنزاف ‬والتدمير. ‬وقلة ‬قليلة ‬من ‬المغاربة ‬ربما ‬تعرف ‬أن ‬تسويق ‬بعض ‬الأنواع ‬النباتية ‬والحيوانية ‬بدأ ‬نهاية ‬العشرينيات ‬وبداية ‬الثلاثينيات ‬من ‬القرن ‬الماضي ‬نحو ‬الأسواق ‬الأمريكية ‬والأوروبية، ‬خاصة ‬الحلزون ‬البري ‬والكبّار ‬والبصل ‬البري ‬وبعض ‬الأعشاب ‬الطبية ‬والعطرية، ‬وهي ‬العملية ‬التي ‬شهدت ‬تزايدا ‬ملحوظا ‬خلال ‬سنوات ‬الثمانينيات ‬والتسعينيات ‬واستمرت ‬بوتيرة ‬مرتفعة ‬إلى ‬حدود ‬اليوم، ‬إذ ‬عرفت ‬هذه ‬الأصناف ‬استغلالا ‬مكثفا ‬يفوق ‬الحاجة، ‬خاصة ‬مع ‬تزايد ‬الأنواع ‬المطلوبة ‬في ‬الأسواق ‬الدولية، ‬بفعل ‬تطور ‬الصناعات ‬المرتبطة ‬بها، ‬واليوم ‬يحصي ‬المهتمون ‬أكثر ‬من ‬مائة ‬صنف ‬يتم ‬تصديره ‬من ‬المملكة ‬إلى ‬الأسواق ‬الخارجية ‬وأغلبها ‬معرض ‬لخطر ‬الانقراض. ‬وفي ‬هذا ‬الصدد ‬يقول ‬جعفر ‬إبراهيم، ‬المختص ‬في ‬علم ‬البيئة ‬والمنسق ‬الوطني ‬لبرنامج ‬واحات ‬تافيلالت، ‬‮«‬للأسف ‬لا ‬نتوفر ‬على ‬أرقام ‬شاملة ‬حول ‬الخسائر ‬التي ‬تلحق ‬بالتنوع ‬البيولوجي، ‬لكن ‬من ‬خلال ‬ملاحظاتنا ‬الميدانية، ‬نجد ‬بأن ‬العديد ‬من ‬الأصناف ‬النباتية ‬معرضة ‬للتآكل، ‬وبمستويات ‬قد ‬لا ‬يمكن ‬تصحيحها؛ ‬كما ‬هو ‬الحال ‬بالنسبة ‬إلى ‬نبات ‬الحلفاء، ‬وإكليل ‬الجبل (‬الأزير)‬، ‬ونبات ‬الزعتر، ‬ونبات ‬الشيح، ‬بكل ‬من ‬الأطلس ‬المتوسط ‬والكبير ‬حيث ‬تتعرض ‬للتآكل ‬بفعل ‬ضغط ‬النشاط ‬البشري‮»‬.‬
الفكرة ‬ذاتها ‬يشاطرها ‬محمد ‬كريم، ‬وهو ‬واحد ‬من ‬مهنيي ‬قطاع ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬وصاحب ‬دراسة ‬ميدانية ‬تهتم ‬بالعلاقة ‬بين ‬التنوع ‬البيولوجي ‬والتنمية ‬المستدامة، ‬حيث ‬يشدد ‬على ‬أن ‬الحديث ‬عن ‬وجود ‬تهديد ‬هي ‬حقيقة ‬لا ‬مبالغة ‬فيها، ‬لأن ‬الأرقام ‬توضح ‬أن ‬التنوع ‬البيولوجي ‬بالمملكة ‬أصبح ‬مهددا ‬بشكل ‬واضح ‬وغير ‬قابل ‬للجدل ‬فمثلا ‬يقول: ‬‮«‬كان ‬المغرب ‬منتصف ‬الستينيات ‬من ‬القرن ‬الماضي ‬ينتج ‬ويسوق ‬ما ‬يفوق ‬20 ‬ألف ‬طن ‬من ‬البصل ‬البري ‬سنويا، ‬وحاليا ‬لا ‬يتعدى ‬الإنتاج ‬300 ‬طن ‬في ‬السنة، ‬والأمر ‬نفسه ‬ينطبق ‬على ‬الفطر ‬بأنواعه، ‬إذ ‬كان ‬معدل ‬الإنتاج ‬اليومي ‬منتصف ‬الستينيات ‬من ‬القرن ‬يصل ‬إلى ‬عشرة ‬أطنان ‬في ‬اليوم، ‬طيلة ‬الفترة ‬الممتدة ‬من ‬بداية ‬شهر ‬أكتوبر ‬إلى ‬نهاية ‬شهر ‬ماي، ‬وحاليا ‬فإن ‬الأراضي ‬المغربية ‬فقدت ‬ما ‬يفوق ‬90 ‬في ‬المائة ‬من ‬إنتاجها ‬من ‬الفطر. ‬أما ‬بالنسبة ‬إلى ‬الحلزون ‬بالبري ‬فإنه ‬إلى ‬عهد ‬قريب ‬كان ‬المغرب ‬يضم ‬ما ‬يفوق ‬250 ‬نوعا ‬من ‬الحلزون ‬من ‬بينها ‬أنواع ‬ذات ‬جودة ‬عالية، ‬لكن ‬أنواعا ‬عديدة ‬منها ‬انقرضت، ‬وما ‬تبقى ‬فهو ‬في ‬طريقه ‬إلى ‬الانقراض‮»‬.‬
من ‬جهته ‬يرى ‬عبد ‬السلام ‬الخنشوفي، ‬مدير ‬المعهد ‬الوطني ‬للنباتات ‬الطبية ‬والعطرية، ‬‮«‬أن ‬الطلب ‬المتزايد ‬على ‬النباتات ‬ومشتقاتها ‬نتج ‬عنه ‬هذا ‬الضغط ‬غير ‬المعقلن ‬والذي ‬يضر ‬بالتنوع ‬البيولوجي ‬الذي ‬يزخر ‬به ‬المغرب. ‬وهذه ‬الممارسات ‬المضرة ‬بالغطاء ‬النباتي ‬والتنوع ‬البيولوجي ‬يعاكس ‬الاستغلال ‬المستدام ‬ومن ‬أبرز ‬هذه ‬الممارسات ‬الاقتلاع ‬من ‬الجذور ‬وعدم ‬استعمال ‬الآلات ‬الملائمة ‬والنظيفة، ‬وعدم ‬الاقتصار ‬على ‬الجزء ‬المستعمل ‬من ‬النبتة، ‬فضلا ‬عن ‬عدم ‬احترام ‬الفترة ‬المواتية ‬للاستغلال ‬وعدم ‬احترام ‬فترات ‬النمو ‬التي ‬تحتاجها ‬النباتات ‬لتتجدد‮»‬.‬
‬ريع ‬بغطاء ‬قانوني..‬
لا ‬يمكن ‬التوصل ‬إلى ‬معطيات ‬مضبوطة ‬حول ‬الكمية ‬التي ‬يتم ‬استغلالها ‬من ‬جميع ‬الأصناف، ‬ولا ‬تلك ‬المتعلقة ‬بفرص ‬الشغل ‬التي ‬توفرها ‬هذه ‬التجارة، ‬لصعوبة ‬جمع ‬المعلومات ‬الكافية ‬التي ‬يمكن ‬الاعتماد ‬عليها، ‬ماعدا ‬تلك ‬التي ‬تقدمها ‬مصالح ‬المياه ‬والغابات ‬في ‬جردها ‬السنوي ‬لمجموع ‬تدخلاتها ‬في ‬القطاع. ‬وحسب ‬الأرقام ‬التي ‬توصلنا ‬بها ‬من ‬المندوبية، ‬فبخصوص ‬النباتات ‬الطبية ‬والعطرية ‬مثلا ‬فالأمر ‬يتعلق ‬بأزيد ‬من ‬35 ‬ألف ‬طن ‬سنويا ‬من ‬هذه ‬المنتجات ‬توفر ‬حوالي ‬500 ‬ألف ‬يوم ‬عمل ‬للسكان ‬و5,‬63 ‬ملايين ‬درهم ‬من ‬المداخيل ‬للجماعات ‬المحلية، ‬كما ‬تبلغ ‬قيمة ‬الصادرات ‬من ‬هذه ‬المواد ‬ما ‬يقارب ‬615 ‬مليون ‬درهم ‬سنويا. ‬لكن ‬مع ‬ذلك ‬تبقى ‬هذه ‬الأرقام ‬محط ‬استفهام، ‬خاصة ‬إذا ‬ما ‬قورنت ‬بأرقام ‬أخرى ‬صادرة ‬عن ‬جهات ‬مستقلة ‬تفيد ‬بأن ‬قطاع ‬استغلال ‬وتسويق ‬المنتجات ‬الغابوية ‬غير ‬الخشبية ‬يوفر ‬ببلادنا ‬حاليا ‬ما ‬يفوق ‬15 ‬مليون ‬يوم ‬عمل ‬سنويا ‬حسب ‬الظروف ‬المناخية، ‬أي ‬ما ‬يفوق ‬40 ‬ألف ‬فرصة ‬شغل ‬يومي ‬بالوسط ‬القروي. ‬يقول ‬محمد ‬كريم ‬بهذا ‬الخصوص ‬إن ‬قطاع ‬استغلال ‬وتسويق ‬المنتجات ‬الغابوية ‬غير ‬الخشبية، ‬يعد ‬من ‬أهم ‬وأقدم ‬الأنشطة ‬المدرة ‬للدخل ‬ببلادنا ‬وأحد ‬أهم ‬روافد ‬التنمية ‬المستدامة ‬بالوسط ‬القروي، ‬ذلك ‬أن ‬مناطق ‬عديدة ‬بالمغرب، ‬خصوصا ‬الجبلية ‬والنائية ‬منها ‬كان ‬ولايزال ‬اقتصادها ‬المحلي ‬يعتمد ‬على ‬ما ‬يجنيه ‬سكان ‬هذه ‬المناطق ‬من ‬بيع ‬للمنتجات ‬الطبيعية ‬المتوفرة ‬بالمنطقة، ‬ما ‬يساهم ‬في ‬توفير ‬عشرات ‬آلاف ‬من ‬فرص ‬الشغل ‬الموسمية، ‬إضافة ‬للرواج ‬الاقتصادي ‬المحلي ‬الذي ‬تستفيد ‬منه ‬عدة ‬قطاعات ‬أخرى، ‬لكنه ‬يستدرك ‬بالقول: ‬‮«‬ ‬للأسف ‬تظل ‬استفادة ‬المواطنين ‬القرويين ‬والتجار ‬الصغار ‬من ‬سكان ‬الغابات ‬والجبال ‬جد ‬محدودة ‬مقارنة ‬مع ‬المجهود ‬المضني ‬والشاق ‬الذي ‬يبذلونه ‬لجمع ‬وجني ‬المنتوج، ‬إضافة ‬إلى ‬ما ‬يتعرضون ‬له ‬من ‬تعسف ‬واعتقال ‬واستغلال ‬لمجهودهم ‬اليومي ‬من ‬طرف ‬لوبيات ‬الاحتكار‮»‬.‬
ورغم ‬أهمية ‬قطاع ‬استغلال ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬على ‬المستوى ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي، ‬فإن ‬الاستثمار ‬في ‬هذا ‬القطاع ‬ظل ‬ضعيفا ‬وغير ‬مهيكل ‬وفوضويا، ‬ولم ‬يساهم ‬في ‬خلق ‬التنمية ‬المستدامة ‬المرجوة ‬بالوسط ‬القروي، ‬بل ‬إن ‬الاستثمار ‬شبه ‬منعدم ‬مقارنة ‬مع ‬إمكانات ‬القطاع، ‬وعائداته ‬المالية ‬وفرص ‬الشغل ‬التي ‬يوفرها. ‬ومما ‬يميز ‬هذا ‬القطاع ‬أن ‬جل ‬المصدرين ‬يقومون ‬بشراء ‬المنتجات ‬من ‬أعشاب ‬ونباتات ‬ويعيدون ‬تسويقها ‬دون ‬تثمينها، ‬وفي ‬هذا ‬الصدد ‬يقول ‬جعفر ‬إبراهيم، ‬المنسق ‬الوطني ‬لبرنامج ‬واحات ‬تافيلالت: ‬‮«‬كما ‬هو ‬الحال ‬بالنسبة ‬إلى ‬عدد ‬من ‬المنتجات، ‬فالأكيد ‬أن ‬منتجات ‬التنوع ‬البيولوجي ‬تعود ‬بالنفع ‬على ‬الوسطاء ‬بشكل ‬أكبر. ‬وشخصيا ‬أرى ‬أن ‬ذلك ‬مرتبط ‬بغياب ‬الوعي ‬والجهل ‬بسلاسل ‬الإنتاج ‬لدى ‬المنتجين ‬والمشتغلين ‬في ‬جني ‬وتجميع ‬خيرات ‬التنوع ‬البيولوجي، ‬بسبب ‬غياب ‬التأطير ‬والتكوين ‬المناسب ‬للأشخاص‮»‬.‬
‬هل ‬يتعلق ‬الأمر ‬فقط ‬بضعف ‬في ‬التكوين ‬لدى ‬السكان ‬القرويين ‬والتجار ‬الصغار، ‬أم ‬الأمر ‬أكبر ‬من ‬كل ‬ذلك ‬ويتعلق ‬بجهات ‬تحتكر ‬القطاع ‬مستفيدة ‬من ‬عدم ‬فعالية ‬القوانين ‬المنظمة ‬وأيضا ‬استفادتها ‬من ‬تواطؤات ‬على ‬مستويات ‬متعددة؟
الجواب ‬عن ‬هذا ‬السؤال ‬نجده ‬لدى ‬بعض ‬المهتمين ‬ممن ‬استقينا ‬رأيهم ‬وهؤلاء ‬يجمعون ‬على ‬أن ‬الاحتكار ‬يعد ‬من ‬أهم ‬المعيقات ‬التي ‬تهدد ‬مستقبل ‬هذا ‬المجال، ‬وتبرز ‬سلبياته ‬من ‬كون ‬اعتماد ‬السمسرة ‬والصفقات ‬في ‬عمليات ‬الكراء ‬والتفويت، ‬وأيضا ‬غياب ‬القوانين ‬التنظيمية ‬يؤدي ‬إلى ‬بروز ‬مجموعة ‬من ‬المحتكرين ‬لهذه ‬الثروة ‬الطبيعية ‬الوطنية، ‬حيث ‬صاروا ‬يتحكمون ‬في ‬استغلالها ‬وتسويقها، ‬دون ‬الاهتمام ‬بتنمية ‬القطاع ‬أو ‬المشاركة ‬في ‬البرامج ‬التنموية، ‬وقد ‬أدى ‬الاحتكار ‬إلى ‬خفض ‬أثمان ‬شراء ‬المنتوج ‬من ‬المواطن ‬القروي ‬وتوسيع ‬هامش ‬الربح ‬على ‬حساب ‬البسطاء ‬ممن ‬يمتهنون ‬هذه ‬الحرفة‮»‬.‬
لكن ‬ماذا ‬عن ‬رأي ‬الجهة ‬الرسمية ‬التي ‬تضطلع ‬بمهمة ‬تنظيم ‬القطاع ‬وحماية ‬التنوع ‬البيولوجي؟ ‬تقول ‬مندوبية ‬المياه ‬والغابات ‬في ‬جوابها ‬على ‬استفسارات ‬‮«‬المساء‮»‬، ‬إنه ‬‮«‬من ‬خلال ‬عقود ‬البيع ‬والتفويت ‬يتم ‬ترشيد ‬وعقلنة ‬استغلال ‬النباتات ‬الطبية ‬داخل ‬الملك ‬الغابوي ‬عبر ‬تطبيق ‬مجموعة ‬من ‬التدابير ‬المبنية ‬على ‬أسس ‬إيكولوجية، ‬والتي ‬يتم ‬من ‬خلالها ‬تعبئة ‬كل ‬الشركاء ‬من ‬أجل ‬احترام ‬الدورات ‬البيئية ‬لنمو ‬الأعشاب ‬الطبية.‬ ‬كاعتماد ‬الصفقات ‬متوسطة ‬الأمد ‬والتي ‬تمكن ‬من ‬إرساء ‬نظام ‬الراحة ‬البيولوجية، ‬من ‬خلال ‬استغلال ‬مختلف ‬الفضاءات ‬بالتناوب ‬وبصفة ‬دورية، ‬كما ‬تتضمن ‬عقود ‬البيع ‬منظومة ‬من ‬المقتضيات ‬التقنية ‬والإدارية ‬لضبط ‬كيفية ‬الاستغلال، ‬بما ‬فيها ‬النسبة ‬المئوية ‬للكتلة ‬النباتية ‬التي ‬يمكن ‬جنيها ‬لضمان ‬الاستمرارية ‬وتجنب ‬قلع ‬الجذور ‬والاجتثاث، ‬والفترة ‬الزمنية ‬التي ‬يسمح ‬فيها ‬بالاستغلال ‬مراعاة ‬للاستعمالات ‬الأخرى ‬كفترة ‬الازهرار ‬بالنسبة ‬إلى ‬تربية ‬النحل، ‬وكذا ‬عمليات ‬المحافظة ‬على ‬النباتات ‬وتنميتها ‬عبر ‬الغرس ‬والصيانة، ‬يتم ‬أيضا ‬تتبع ‬إنجاز ‬العقود ‬من ‬خلال ‬عمليات ‬التفقد ‬السنوية ‬وعلى ‬رأس ‬كل ‬ثلاث ‬سنوات ‬قبل ‬تجديد ‬العقود ‬ومواصلة ‬سريانها‮»‬.‬
ومع ‬ذلك ‬فأجوبة ‬المندوبية ‬لا ‬تقنع ‬الكثير ‬من ‬المهتمين ‬ممن ‬يرون ‬أن ‬ممارسات ‬المحتكرين ‬تتجاوز ‬إمكانيات ‬المراقبة ‬التي ‬تتوفر ‬عليها ‬المندوبية، ‬مشيرين ‬أيضا ‬إلى ‬عدم ‬فعالية ‬عملية ‬تتبع ‬العقود ‬المبرمة ‬ومدى ‬احترام ‬المستفيدين ‬ما ‬تنص ‬عليه ‬دفاتر ‬التحملات. ‬وبهذا ‬الخصوص ‬يشدد ‬محمد ‬كريم ‬على ‬أن ‬‮«‬قيام ‬إدارة ‬المياه ‬والغابات ‬بعقد ‬صفقات ‬ومنح ‬امتيازات ‬للاستغلال، ‬يجعل ‬المستفيد ‬من ‬السمسرة ‬العمومية ‬أو ‬الصفقة ‬المباشرة، ‬لوحده ‬صاحب ‬الحق ‬في ‬استغلال ‬واحتكار ‬تجارة ‬المنتوج ‬الغابوي، ‬كما ‬يعطيه ‬حق ‬التصرف ‬في ‬المنتوج ‬دون ‬مساءلة، ‬وعلى ‬هذا ‬الأساس ‬يصير ‬بإمكانه ‬استغلال ‬مناطق ‬شاسعة، ‬حسب ‬نفوذه ‬وعلاقته، ‬كما ‬يمكن ‬للمستفيد ‬احتكار ‬شراء ‬المنتوج ‬بصفة ‬غير ‬قانونية، ‬من ‬المواطنين ‬والتجار ‬الصغار ‬دون ‬منافسة ‬تجارية، ‬وتحديد ‬ثمن ‬شراء ‬المنتوج ‬منهم. ‬أكثر ‬من ‬ذلك ‬لا ‬يكتفي ‬المستفيد ‬من ‬اقتصاد ‬الريع ‬باحتكاره ‬شراء ‬المنتوج ‬من ‬المواطنين ‬دون ‬منافسة، ‬بل ‬تتم ‬في ‬غالب ‬الأحيان ‬الاستعانة ‬بالسلطات ‬العمومية ‬والأمنية ‬لإخضاع ‬السكان ‬والتجار ‬الصغار ‬وإلزامهم ‬ببيع ‬مجهودهم ‬اليومي ‬بالقوة ‬واعتقال ‬المخالفين ‬منهم ‬الرافضين ‬التعامل ‬معه ‬وحجزهم ‬وتقديمهم ‬للمحاكمة ‬بتهم ‬ملفقة. ‬فضلا ‬عن ‬تشجيع ‬المواطنين ‬والتجار ‬الصغار - ‬من ‬خلال ‬فرض ‬سومة ‬بسيطة ‬للوزن ‬وإغراء ‬الناس ‬لجمع ‬أكبر ‬كمية ‬ممكنة ‬للحصول ‬على ‬أكبر ‬قدر ‬من ‬المال- ‬على ‬قلع ‬وإتلاف ‬المنتجات ‬الغابوية ‬دون ‬الاهتمام ‬بالنتائج ‬السلبية ‬والأضرار ‬التي ‬تلحق ‬البيئة ‬والتنوع ‬البيولوجي‮»‬.‬
الفكرة ‬ذاتها ‬يبسطها ‬عبد ‬الله ‬فراح، ‬مدير ‬مختبر ‬بالمعهد ‬الوطني ‬للنباتات ‬الطبية ‬والعطرية، ‬إذ ‬يقول ‬‮«‬يتم ‬تفويت ‬بعض ‬المساحات ‬المحددة ‬لبعض ‬الجهات ‬لمدة ‬قد ‬تصل ‬إلى ‬09 ‬سنوات ‬وحسب ‬دفتر ‬التحملات ‬يتم ‬التوافق ‬عليه. ‬لكن ‬في ‬حقيقة ‬الأمر ‬يتم ‬استغلال ‬النباتات ‬البرية ‬خارج ‬الإطار ‬القانوني، ‬حيث ‬يطلب ‬من ‬السكان ‬القرويين ‬جمع ‬هذه ‬الثروة ‬مقابل ‬تعويضات ‬ضعيفة ‬حسب ‬الكمية ‬التي ‬يتم ‬جنيها. ‬وللحصول ‬على ‬كميات ‬كبيرة، ‬يتم ‬اقتلاع ‬النباتات ‬من ‬جذورها ‬وخارج ‬الفترات ‬المخصصة ‬لذلك، ‬وهذا ‬ما ‬يعرض ‬أغلب ‬الأعشاب ‬إلى ‬التلف ‬وربما ‬إلى ‬الانقراض‮»‬.‬
محمد ‬كريم، ‬الذي ‬ارتبط ‬بالقطاع ‬طيلة ‬أربعة ‬عقود ‬ونيف ‬يعود ‬للتأكيد ‬على ‬أن ‬‮«‬الثروة ‬الغابوية ‬غير ‬الخشبية ‬ظلت ‬محتكرة ‬بطرق ‬‮«‬شبه ‬قانونية‮»‬ ‬وبتغطية ‬من ‬الجهات ‬المسؤولة، ‬ويكفي ‬مثلا ‬أن ‬نعلم ‬أن ‬هناك ‬مقاولات ‬في ‬مدينة ‬القنيطرة ‬تحتكر ‬تصدير ‬الحلزون ‬البري ‬في ‬المملكة ‬برمتها، ‬ومقاولتين ‬أخريين ‬تحتكران ‬البصل ‬البري ‬وتوجدان ‬في ‬مدينتي ‬برشيد ‬ووادي ‬زم‮»‬، ‬ليضيف ‬‮«‬للأسف ‬البالغ ‬فبهذا ‬الشكل ‬يتم ‬استغلال ‬الثروة ‬الطبيعية ‬التي ‬هي ‬ملك ‬لجميع ‬المغاربة، ‬وللأجيال ‬الحالية ‬والقادمة، ‬وتتعرض ‬للاستغلال ‬العشوائي ‬والتدمير. ‬ويكفي ‬أن ‬أسوق ‬مثالا ‬لمحتكر ‬فرنسي ‬بمدينة ‬القنيطرة ‬يحتكر ‬الفطر ‬بجهة ‬الريف ‬منذ ‬34 ‬سنة ‬باسم ‬‮«‬الممتلكات ‬الملكية‮»‬ ‬ويدعي ‬أنه ‬شريك ‬للملك، ‬وفي ‬حالات ‬كثيرة ‬كان ‬سببا ‬في ‬اعتقال ‬مواطنين ‬بسطاء ‬وتجار ‬حاولوا ‬منافسته ‬بدعوى ‬أنه ‬لوحده ‬يملك ‬امتياز ‬تسويق ‬فطر ‬‮«‬ماتشوطاكي ‬تريكولما‮»‬ ‬أحد ‬أغلى ‬الأنواع ‬التي ‬تصدر ‬إلى ‬اليابان ‬خصوصا‮»‬.‬
من ‬جهته ‬يؤكد ‬يوسف ‬ديدي، ‬عضو ‬الجمعية ‬المغربية ‬لحقوق ‬الإنسان ‬والمهتم ‬بقضايا ‬البيئة، ‬على ‬أن ‬‮«‬المواطن ‬يبقى ‬في ‬المحصلة ‬آخر ‬الحلقات ‬في ‬الاستفادة ‬من ‬منافع ‬هذه ‬المنظومة ‬الطبيعية ‬مع ‬العلم ‬أن ‬بروتوكول ‬ناغويا ‬الذي ‬دخل ‬مرحلة ‬المصادقة ‬من ‬طرف ‬غرفتي ‬البرلمان، ‬ينص ‬في ‬أحد ‬بنوده ‬بصريح ‬العبارة ‬على ‬التقاسم ‬العادل ‬والمنصف ‬للمنافع ‬الناشئة ‬عن ‬استخدام ‬الموارد ‬البيولوجية‮»‬.‬
‬قوانين ‬بتأثير ‬محدود..‬
بالنظر ‬إلى ‬الاهتمام ‬المبكر ‬بتجارة ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬في ‬المغرب، ‬والتي ‬انطلقت ‬بدايات ‬القرن ‬الماضي، ‬عمدت ‬سلطات ‬الحماية ‬الفرنسية ‬إلى ‬إخضاع ‬المقاولات ‬العاملة ‬في ‬القطاع، ‬للقوانين ‬المعمول ‬بها ‬بفرنسا، ‬وقامت ‬لاحقا ‬بإصدار ‬تشريعات ‬وطنية ‬خاصة ‬منها ‬ظهير ‬1917. ‬وبالإضافة ‬إلى ‬هذا ‬الظهير ‬هناك ‬عشرات ‬القوانين ‬الصادرة ‬عن ‬المنتظم ‬الدولي ‬وهناك ‬قوانين ‬أصدرها ‬المشرع ‬المغربي ‬حول ‬حماية ‬البيئة ‬وحماية ‬المجال ‬الغابوي ‬وتنوعه ‬البيولوجي ‬وهي ‬قوانين ‬عامة، ‬للأسف ‬الشديد ‬لا ‬يتم ‬تطبيقها.‬
رغم ‬وجود ‬ترسانة ‬قانونية ‬غزيرة ‬في ‬المملكة ‬تتعلق ‬بالمجال ‬الغابوي ‬عموما ‬إلا ‬أنه ‬بالمقابل ‬ليست ‬هناك ‬مراسيم ‬تنظيمية ‬لتنفيذها، ‬والمراسيم ‬التطبيقية ‬هي ‬التي ‬تحدد ‬طريقة ‬جمع ‬وجني ‬المنتوج ‬حسب ‬النوع ‬المستغل ‬والفترة ‬المسموح ‬بها ‬وفترة ‬الراحة ‬البيولوجية ‬والمعايير ‬القانونية ‬للاستغلال ‬وطريقة ‬النقل ‬والتخزين ‬والكمية ‬المسموح ‬باستغلالها، ‬وهذا ‬غير ‬متوفر ‬لحد ‬الساعة. ‬
ويشدد ‬إبراهيم ‬جعفر، ‬المنسق ‬الوطني ‬لبرنامج ‬واحات ‬تافيلالت، ‬على ‬أن ‬‮«‬التشريع ‬المغربي ‬فيما ‬يتعلق ‬بالتنوع ‬البيولوجي ‬غزير ‬جدا، ‬حيث ‬يتجاوز ‬عدد ‬النصوص ‬التشريعية ‬في ‬هذا ‬الصدد ‬250. ‬كما ‬أن ‬قِدَم ‬عدد ‬لا ‬يستهان ‬به ‬من ‬تلك ‬النصوص، ‬التي ‬تعود ‬إلى ‬بداية ‬القرن ‬الماضي، ‬يعد ‬دليلا ‬ملموسا ‬على ‬الأهمية ‬التي ‬تم ‬إيلاؤها ‬لحماية ‬الموارد ‬الطبيعية ‬بالبلاد‮»‬، ‬لكن ‬مع ‬ذلك ‬يضيف: ‬‮«‬تطبيق ‬تلك ‬القوانين ‬لا ‬يصل ‬إلى ‬مستوى ‬التطلعات، ‬ويعزى ‬ذلك ‬إلى ‬المناخ ‬الاجتماعي ‬والاقتصادي ‬اللذين ‬لا ‬يساعدان ‬على ‬ذلك. ‬وتزيد ‬من ‬الصعوبات ‬هشاشة ‬السكان ‬الذين ‬يعيشون ‬من ‬خيرات ‬التنوع ‬البيولوجي، ‬وهو ‬الأمر ‬الذي ‬ينبغي ‬أخذه ‬بعين ‬الاعتبار ‬لوضع ‬مقاربة ‬شمولية. ‬وهذا ‬ما ‬يعني ‬بأنه ‬قبل ‬التفكير ‬في ‬تطبيق ‬القوانين، ‬يتعين ‬ضمان ‬مصلحة ‬سكان ‬المناطق ‬القروية، ‬مع ‬جعل ‬التأطير ‬والتحسيس ‬ضمن ‬الأولويات‮»‬.‬
الأمر ‬نفسه ‬يؤكده ‬يوسف ‬ديدي، ‬يقول: ‬‮«‬الترسانة ‬القانونية ‬تتوفر ‬على ‬مجموعة ‬من ‬الآليات ‬التي ‬تؤطر ‬المجال ‬الغابوي ‬والتنوع ‬البيولوجي ‬بصفة ‬عامة، ‬إلا ‬أن ‬تطبيقها ‬وتفعيلها ‬لا ‬يرقى ‬للأهداف ‬المتوخاة، ‬بل ‬تسيء ‬للمجال ‬بشكل ‬مخيف، ‬حيث ‬ارتفاع ‬وتيرة ‬الضغط ‬المستمر ‬عليه ‬وتدهور ‬تشكيلات ‬الغابوية ‬وتعدد ‬المخاطر ‬التي ‬تواجهه، ‬في ‬ظل ‬تنامي ‬الجرائم ‬الغابوية ‬من ‬طرف ‬عصابات ‬منظمة ‬ولوبيات ‬مختلفة ‬ومتخصصة ‬ومتمكنة ‬مع ‬غياب ‬الرغبة ‬في ‬تفعيل ‬بعض ‬التشريعات ‬الغابوية ‬المعطلة‮»‬.‬
اتفاقيات ‬دولية ‬بالجملة ‬
وقع ‬المغرب ‬على ‬نحو ‬52 ‬اتفاقية، ‬ترتبط ‬بشكل ‬مباشر ‬أو ‬غير ‬مباشر ‬بالتنوع ‬البيولوجي، ‬توجد ‬بينها ‬33 ‬اتفاقية ‬دولية، ‬و19 ‬اتفاقية ‬جهوية. ‬ومن ‬بين ‬أبرز ‬الاتفاقيات ‬الدولية ‬ذات ‬الارتباط ‬المباشر ‬بحماية ‬التنوع ‬البيولوجي، ‬يمكننا ‬الحديث ‬عن ‬‮«‬الاتفاقية ‬حول ‬التنوع ‬البيولوجي (‬ريو ‬92) ‬وهي ‬معاهدة ‬دولية ‬ملزمة ‬قانونا ‬لها ‬غايات ‬ثلاث ‬هي ‬حفظ ‬التنوع ‬البيولوجي؛ ‬والاستخدام ‬المستدام ‬للتنوع ‬البيولوجي؛ ‬والتقاسم ‬العادل ‬والمنصف ‬للمنافع ‬الناشئة ‬عن ‬استخدام ‬الموارد ‬الجينية. ‬ويتمثل ‬هدفها ‬العام ‬في ‬تشجيع ‬الأعمال ‬التي ‬تقود ‬إلى ‬مستقبل ‬مستدام. ‬فضلا ‬عن ‬ذلك ‬تم ‬التوقيع ‬على ‬عدد ‬من ‬الاتفاقيات ‬الخاصة ‬كمعاهدة ‬التجارة ‬العالمية ‬لأصناف ‬الحيوان ‬والنبات ‬البري ‬المهدد ‬بالانقراض (‬واشنطن ‬73)‬، ‬و«معاهدة ‬حماية ‬الأصناف ‬المهاجرة ‬من ‬الحيوانات ‬البرية‮»‬، ‬واتفاقية ‬‮«‬رامسار‮»‬ (‬المعاهدة ‬الدولية ‬للحفاظ ‬والاستخدام ‬المستدام ‬للمناطق ‬الرطبة‮»‬، ‬وغيرها... ‬يقول ‬جعفر ‬إبراهيم ‬بهذا ‬الخصوص ‬‮«‬هناك ‬مشاركة ‬نشيطة ‬من ‬قبل ‬المغرب ‬في ‬إطار ‬هاته ‬الاتفاقيات. ‬لكن ‬ما ‬يعوزنا ‬هو ‬وجود ‬رؤية ‬واضحة ‬وغياب ‬الوسائل ‬الكفيلة ‬لتفعيل ‬مخططات ‬للتدخل ‬على ‬المستوى ‬الوطني ‬في ‬ارتباط ‬بهاته ‬الاتفاقيات‮»‬.‬
ويعد ‬المغرب ‬من ‬بين ‬الدول ‬الأولى ‬التي ‬صادقت ‬على ‬مقررات ‬مذكرة ‬‮«‬ريو ‬1992‮»‬ ‬حيث ‬كان ‬من ‬المفترض ‬بعد ‬سنتين ‬أو ‬ثلاث ‬سنوات ‬من ‬المصادقة ‬على ‬هذه ‬المعاهدة، ‬أن ‬يعمل ‬المسؤولون ‬بتعاون ‬مع ‬جميع ‬المتدخلين، ‬على ‬تنفيذ ‬بنود ‬المعاهدة ‬وأن ‬يقوموا ‬بوضع ‬إستراتيجية ‬تقوم ‬على ‬الإصغاء ‬والتشاور ‬مع ‬جميع ‬الفاعلين ‬والمهتمين، ‬من ‬أجل ‬وضع ‬برنامج ‬تنموي ‬واضح ‬قابل ‬للتنفيذ. ‬إلا ‬أنه ‬للأسف، ‬يقول ‬محمد ‬كريم ‬فإن ‬‮«‬المسؤولين ‬عن ‬القطاع ‬الغابوي ‬في ‬تلك ‬الفترة ‬لم ‬يولوا ‬أي ‬اهتمام ‬لبنود ‬الاتفاقيات ‬الدولية ‬وظلوا ‬متمسكين ‬بقانون ‬1917 ‬رافضين ‬أي ‬حوار. ‬حتى ‬بعد ‬إحداث ‬المندوبية ‬السامية ‬للمياه ‬والغابات ‬سنة ‬2003، ‬يضيف، ‬كانت ‬هناك ‬محاولات ‬لوضع ‬برنامج ‬يشمل ‬تنمية ‬القطاع ‬الغابوي ‬بصفة ‬عامة ‬وحماية ‬تنوعه ‬البيولوجي ‬وخلق ‬تنمية ‬مستدامة ‬وفقا ‬للقرارات ‬والمعاهدات ‬الدولية، ‬غير ‬أن ‬المحاولة ‬اصطدمت ‬بصعوبات ‬كثيرة ‬منها ‬غياب ‬استراتيجية ‬التخطيط ‬المستقبلي، ‬حيث ‬كانت ‬أغلب ‬المخططات ‬والبرامج ‬تفتقر ‬لأي ‬نظرة ‬مستقبلية. ‬فضلا ‬على ‬تغليب ‬المسؤولين ‬للجانب ‬الاجتماعي ‬على ‬الجانب ‬القانوني‮»‬. ‬
وبدوره ‬يرى ‬يوسف ‬ديدي، ‬الفاعل ‬الحقوقي ‬والإطار ‬بوزارة ‬البيئة، ‬أن ‬‮«‬المغرب ‬يعرف ‬مجموعة ‬من ‬الاختلالات ‬على ‬مستوى ‬تطبيق ‬الالتزامات ‬بخصوص ‬الاتفاقيات ‬الدولية ‬والبروتوكولات ‬ذات ‬الصلة ‬بالتنوع ‬البيولوجي ‬وتنزيل ‬بنودها ‬على ‬أرض ‬الواقع، ‬وهذا ‬راجع ‬بالأساس ‬إلى ‬التداخل ‬في ‬الاختصاصات ‬والمهام ‬لمجموعة ‬من ‬القطاعات ‬الوزارية ‬التي ‬تهتم ‬بهذا ‬المجال. ‬ومن ‬بين ‬الاختلالات ‬التي ‬يعرفها ‬هذا ‬المجال ‬‮«‬تعدد ‬الآراء ‬والاختلافات ‬بين ‬المتدخلين ‬في ‬عمليات ‬الصيانة ‬وإعادة ‬التأهيل؛ ‬وأخذ ‬وقت ‬طويل ‬جدا ‬لاتخاذ ‬قرارات ‬لتحقيقها ‬بطريقة ‬عقلانية؛ ‬وفي ‬كثير ‬من ‬الأحيان ‬غياب ‬أو ‬عدم ‬الالتزام ‬بالقرارات ‬المتخذة‮»‬.‬
مدبوحي: ‬وزارة ‬البيئة ‬تُعد ‬قانونا ‬ينظم ‬الحصول ‬على ‬المنافع ‬وتقاسمها
ماهي ‬حدود ‬مسؤولية ‬الوزارة ‬المكلفة ‬بالبيئة ‬طالما ‬أن ‬الأمر ‬يتعلق ‬بحماية ‬التنوع ‬البيولوجي? ‬يقول ‬مصطفى ‬مدبوحي، ‬رئيس ‬مصلحة ‬التنوع ‬البيولوجي ‬بالوزارة ‬المنتدبة ‬في ‬البيئة، ‬‮«‬إن ‬الوزارة ‬غير ‬معنية ‬مباشرة ‬بقطاع ‬المنتجات ‬الطبية ‬والعطرية ‬الموجهة ‬للاستغلال ‬التجاري ‬وهو ‬من ‬اختصاص ‬المندوبية ‬السامية ‬للمياه ‬والغابات ‬التي ‬وضعت ‬استراتيجية ‬خاصة ‬لتتبع ‬القطاع، ‬ووزارة ‬البيئة ‬لديها ‬بالمقابل ‬استراتيجية ‬شاملة ‬تتعلق ‬بالتنوع ‬البيولوجي ‬بشكل ‬عام، ‬وهي ‬استراتيجية ‬صدرت ‬النسخة ‬الأولى ‬منها ‬في ‬2004، ‬ونقوم ‬حاليا ‬بتحيينها ‬للتوافق ‬مع ‬المقررات ‬المعتمدة ‬في ‬الاجتماع ‬العاشر ‬لمؤتمر ‬الأطراف ‬في ‬اتفاقية ‬التنوع ‬البيولوجي ‬ب«ناغويا‮»‬ ‬سنة ‬2010، ‬ومن ‬ضمنها ‬مقرر ‬ينص ‬على ‬أن ‬جميع ‬الدول ‬مطالبة ‬بتحيين ‬استراتيجياتها ‬الوطنية ‬لتتوافق ‬مع ‬الاستراتيجية ‬الدولية ‬للفترة ‬2011 - ‬2020، ‬وهو ‬ما ‬شرعنا ‬فيه ‬منذ ‬سنة‮»‬. ‬
المدبوحي ‬قال ‬أيضا، ‬‮«‬قمنا ‬أيضا ‬بتحديد ‬الأهداف ‬الوطنية ‬حتى ‬تتوافق ‬مع ‬أهداف ‬‮«‬أيشي‮»‬ ‬للتنوع ‬البيولوجي ‬وعددها ‬20 ‬هدفا، ‬من ‬ضمنها ‬تحسيس ‬جميع ‬المتدخلين ‬بأهمية ‬التنوع ‬الحيوي، ‬والقيام ‬بدراسات ‬وطنية ‬تهم ‬وضعية ‬التنوع ‬البيولوجي ‬في ‬كل ‬بلد، ‬ومن ‬الأهداف ‬أيضا ‬التخفيف ‬من ‬جميع ‬أشكال ‬الضغط ‬على ‬النباتات، ‬وضرورة ‬الحصول ‬على ‬الموارد ‬الجينية ‬وتقاسم ‬المنافع ‬وهذا ‬يشمل ‬النباتات ‬الطبية ‬والعطرية ‬التي ‬يتم ‬تصديرها ‬للخارج ‬وتستخدم ‬في ‬صناعة ‬الأدوية ‬والمستحضرات ‬دون ‬أن ‬يستفيد ‬منها ‬بلد ‬المنشأ، ‬ولهذا ‬فنحن- ‬أمام ‬الفراغ ‬القانوني ‬الحالي- ‬بصدد ‬إعداد ‬قانون ‬خاص ‬بتنظيم ‬هذا ‬المجال ‬ينظم ‬الحصول ‬على ‬المنافع ‬وتقاسمها ‬في ‬إطار ‬بروتوكول ‬‮«‬ناغويا‮»‬. ‬
كريم: ‬ليست ‬لدينا ‬استراتجية ‬وطنية ‬واضحة ‬والمحتكرون ‬يهددون ‬ثرواتنا ‬الطبيعية
- ‬لديك ‬ارتباط ‬منذ ‬أزيد ‬من ‬45 ‬سنة ‬بالقطاع ‬وأعددت ‬دراسة ‬ميدانية ‬عن ‬أهمية ‬التنوع ‬البيولوجي ‬ودوره ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي، ‬ما ‬هي ‬الخلاصات ‬التي ‬توصلت ‬إليها؟
‬تبلورت ‬فكرة ‬إنجاز ‬هذه ‬الدراسة ‬الميدانية ‬بداية ‬سنة ‬2001، ‬بعد ‬أكثر ‬من ‬عقد ‬من ‬الزمن ‬قضيته ‬في ‬الاتصال ‬بالفاعلين ‬والمهتمين ‬وطرق ‬أبواب ‬الجهات ‬المسؤولة، ‬مذكرا ‬الجميع ‬بأهمية ‬وقيمة ‬مواردنا ‬الطبيعية، ‬ومحذرا ‬في ‬الوقت ‬نفسه ‬من ‬التدهور ‬الخطير ‬الذي ‬وصلت ‬إليه، ‬على ‬المستوى ‬البيئي ‬والاقتصادي، ‬وما ‬سيخلفه ‬ذلك ‬من ‬آثار ‬سلبية ‬على ‬التوازن ‬الايكولوجي. ‬فخلال ‬الفترة ‬الممتدة ‬من ‬بداية ‬الثمانينيات ‬إلى ‬حدود ‬بداية ‬القرن ‬الحالي، ‬عرف ‬التنوع ‬البيولوجي ‬ببلادنا ‬استغلالا ‬مكثفا ‬يفوق ‬الحاجة ‬وصل ‬حد ‬الاستنزاف ‬والتدمير، ‬وأصبح ‬المواطنون ‬القرويون ‬والتجار ‬الصغار، ‬سكان ‬الغابات ‬والجبال ‬المستفيدون ‬من ‬استغلال ‬المنتوجات ‬الطبيعية، ‬يتعرضون ‬للتعسف ‬والاعتقال ‬واستغلال ‬مجهودهم ‬اليومي ‬من ‬طرف ‬لوبيات ‬الاحتكار، ‬كما ‬عرفت ‬القيمة ‬التجارية ‬لمنتوجاتنا ‬الطبيعية ‬انخفاضا ‬بالأسواق ‬الدولية، ‬وأصبح ‬كثير ‬من ‬المستوردين ‬يرفضون ‬استيراد ‬المنتوج ‬المغربي، ‬مما ‬ساهم ‬في ‬تقلص ‬دخل ‬سكان ‬المناطق ‬الغابوية ‬والمناطق ‬الجبلية ‬المستفيدين ‬من ‬استغلال ‬المنتوجات ‬الطبيعية.‬
‬- ‬من ‬برأيك ‬يتحمل ‬مسؤولية ‬تهديد ‬التنوع ‬البيولوجي ‬للمملكة؟
‬مسؤولية ‬تهديد ‬الثروة ‬الطبيعية ‬تتحملها، ‬في ‬رأيي، ‬الإدارات ‬المسؤولة ‬عن ‬القطاع ‬والفاعلون ‬بنسب ‬متفاوتة ‬كل ‬من ‬موقعه. ‬وللأسف ‬لامست ‬عدم ‬توفر ‬استراتيجية ‬وطنية ‬واضحة ‬قابلة ‬للتنفيذ ‬تساهم ‬في ‬عقلنة ‬الاستغلال ‬وحماية ‬الموارد ‬الطبيعية ‬من ‬الانقراض. ‬وجهل ‬بعض ‬المسؤولين ‬بأهمية ‬القطاع ‬وأهميته ‬بالنسبة ‬إلى ‬البيئة ‬والتنوع ‬البيولوجي. ‬فضلا ‬عن ‬رفض ‬المستفيدين ‬من ‬الامتيازات ‬والمحتكرين، ‬لبرنامج ‬إصلاح ‬القطاع ‬وتنظيمه. ‬واعتبارهم ‬أي ‬تغيير ‬أو ‬إصلاح ‬للقطاع، ‬يعد ‬مسا ‬بمكاسبهم ‬ومصالحهم ‬الشخصية، ‬وهم ‬مستعدون ‬لوضع ‬جميع ‬العراقيل ‬والمعيقات ‬في ‬وجه ‬أي ‬إصلاح ‬للقطاع، ‬وإفشال ‬أي ‬برنامج ‬تنموي ‬تضعه ‬الدولة ‬يحد ‬من ‬امتيازاتهم، ‬غير ‬عابئين ‬بالمصلحة ‬الوطنية.‬
‬إذا ‬كان ‬المقاولون ‬وتجار ‬الجملة ‬المحتكرون ‬لشراء ‬وتسويق ‬المنتوجات ‬الطبيعية ‬يرفضون ‬برنامج ‬إصلاح ‬وهيكلة ‬القطاع، ‬ويحاولون ‬إفشال ‬البرامج ‬التنموية، ‬خوفا ‬على ‬مصالحهم، ‬فإن ‬السكان ‬القرويين ‬بدورهم، ‬يرفضون ‬إصلاح ‬القطاع ‬وهيكلته ‬وتنظيمه، ‬لسببين ‬أساسيين ‬هما ‬نقص ‬الوعي ‬وعدم ‬إدراك ‬السكان ‬القرويين ‬والتجار ‬الصغار ‬لأهمية ‬وقيمة ‬المنتوجات ‬التي ‬يقومون ‬بجنيها ‬وجمعها ‬والمتاجرة ‬بها، ‬وعدم ‬ثقتهم ‬في ‬البرامج ‬التنموية، ‬واكتسابهم ‬لمجموعة ‬من ‬العادات ‬السلبية.‬
- ‬ماذا ‬تقترح ‬لتنظيم ‬القطاع ‬وحماية ‬الثروة ‬الوطنية؟
‬من ‬خلال ‬الدراسة ‬الميدانية ‬التي ‬أنجزت ‬قدمت ‬العديد ‬من ‬المقترحات ‬العملية ‬وهي ‬خلاصة ‬أكثر ‬من ‬4 ‬عقود ‬من ‬الخبرة ‬أضعها ‬بين ‬أيدي ‬المسؤولين. ‬وفي ‬رأيي ‬فمن ‬أجل ‬المساهمة ‬في ‬تطوير ‬وبلورة ‬برنامج ‬وطني ‬للاستغلال ‬العقلاني ‬للموارد ‬الغابوية ‬غير ‬الخشبية ‬وتثمينها ‬وحمايتها ‬من ‬الهدر ‬والإتلاف ‬والمحافظة ‬على ‬تنوعها ‬البيولوجي ‬الذي ‬يحد ‬من ‬انقراضها، ‬اقترح ‬تأهيل ‬الموارد ‬البشرية ‬المشتغلة ‬في ‬القطاع ‬بالتكوين ‬العلمي ‬والتزويد ‬بالخبرة ‬بما ‬يساهم ‬في ‬تحسين ‬وضعيتها ‬المادية ‬والاجتماعية ‬ورفع ‬المردودية ‬في ‬أفق ‬تنمية ‬مستدامة، ‬مما ‬يشجع ‬سكان ‬الغابة ‬والجبال ‬والمجاورين ‬لهما ‬على ‬المساهمة ‬في ‬حماية ‬هذا ‬المجال ‬الطبيعي ‬وتنوعه ‬البيولوجي ‬والحفاظ ‬على ‬محيطه ‬البيئي، ‬وتقوية ‬الاقتصاد ‬الاجتماعي ‬المنصف ‬واحترام ‬المعايير ‬العالمية ‬للجودة، ‬من ‬أجل ‬تثمين ‬المنتوج ‬الطبيعي ‬وتنمية ‬صادراته ‬وعائداته ‬المالية ‬بالعملة ‬الصعبة. ‬
ولابد ‬من ‬تحصين ‬البرنامج ‬المقترح ‬بمجموعة ‬من ‬الإجراءات ‬التنظيمية (‬القانونية ‬والمؤسساتية)‬، ‬فضلا ‬عن ‬مجموعة ‬من ‬الإجراءات ‬الاقتصادية ‬والاجتماعية، ‬ما ‬سيمكننا ‬من ‬بناء ‬تصور ‬محكم ‬لمقترحات ‬عملية ‬تتجاوز ‬الأعطاب ‬والنقائص، ‬بسد ‬الثغرات ‬القانونية ‬وفتح ‬إمكانات ‬جديدة ‬تدعم ‬الاستثمار ‬في ‬هذا ‬القطاع ‬وتقوي ‬عائد ‬سكان ‬الغابة ‬والمجاورين ‬لها ‬المستفيدين ‬من ‬استغلال ‬المنتوجات ‬الطبيعية ‬والفاعلين ‬في ‬القطاع. ‬
* مهني ‬وباحث ‬في ‬القطاع ‬
يقدر ‬المهتمون ‬بقطاع ‬المنتوجات ‬الطبيعية ‬نسبة ‬الضياع ‬والهدر ‬بما ‬بين ‬20 ‬و95 ‬في ‬المائة، ‬حسب ‬نوع ‬المنتوج ‬المستغل ‬والفترة ‬الزمنية ‬للجني ‬أو ‬الجمع ‬ووفرة ‬الإنتاج، ‬بسبب ‬عدد ‬من ‬الممارسات ‬السلبية ‬من ‬قبيل ‬الاجتثاث ‬الكلي ‬حيث ‬تقلع ‬العديد ‬من ‬الأصناف ‬بجذورها ‬قبل ‬نضجها ‬وإزهارها ‬وقبل ‬رمي ‬البذور ‬وأثناء ‬فترة ‬الراحة ‬البيولوجية. ‬وحسب ‬المعطيات ‬المتوفرة ‬بالنسبة ‬إلى ‬بعض ‬أهم ‬المنتجات ‬التي ‬يتم ‬تسويقها ‬سواء ‬في ‬الأسواق ‬الوطنية ‬أو ‬توجه ‬إلى ‬الخارج ‬نجد ‬أن ‬نسبة ‬الهدر ‬بالنسبة ‬إلى ‬البصل ‬البري ‬تصل ‬إلى ‬ما ‬بين ‬20 ‬و50 ‬في ‬المائة، ‬وما ‬بين ‬40 ‬و60 ‬في ‬الم ‬ائة ‬بالنسبة ‬إلى ‬السّكوم ‬البري، ‬وهي ‬نسبة ‬الهدر ‬نفسها ‬بالنسبة ‬إلى ‬الفطر ‬الطبيعي، ‬في ‬حين ‬ترتفع ‬النسبة ‬إلى ‬ما ‬بين ‬50 ‬و95 ‬في ‬المائة ‬بالنسبة ‬للكمأة (‬الترفاس
إكليل ‬الجبل ‬الأزير‬..‬
تنتج ‬الأراضي ‬المغربية ‬كمية ‬كبيرة ‬من ‬نبات ‬إكليل ‬الجبل (‬الأزير)‬، ‬وتقوم ‬مندوبية ‬المياه ‬والغابات ‬بإبرام ‬صفقات ‬مع ‬بعض ‬الوسطاء ‬في ‬عدد ‬من ‬المناطق، ‬الذين ‬يستغلون ‬الامتيازات ‬الممنوحة ‬لهم، ‬فيقومون ‬بشراء ‬المنتوج ‬من ‬السكان ‬بأثمان ‬بخسة ‬تصل ‬أحيانا ‬إلى ‬0,‬30 ‬درهم ‬للكيلوغرام. ‬يتم ‬تجفيف ‬نسبة ‬كبيرة ‬من ‬المنتوج ‬وتسويقها ‬كمادة ‬خام، ‬كما ‬يقوم ‬هؤلاء ‬الوسطاء ‬بتقطير ‬كمية ‬كبيرة ‬من ‬المنتوج ‬واستخراج ‬زيته ‬وبيعه ‬للمقاولات ‬المصدرة. ‬وحتى ‬يستفيد ‬الوسطاء ‬من ‬الصفقة ‬الممنوحة ‬لهم، ‬يقومون ‬باستنزاف ‬أكبر ‬كمية ‬ممكنة، ‬مما ‬يجعل ‬العرض ‬يفوق ‬الطلب، ‬ويدفع ‬الوسطاء ‬للتنافس ‬في ‬ما ‬بينهم، ‬كما ‬أن ‬وفرة ‬العرض ‬والمنافسة ‬الشرسة ‬بين ‬الوسطاء ‬المغاربة، ‬تساهم ‬في ‬تدني ‬قيمة ‬المنتوج ‬وخفض ‬ثمن ‬البيع ‬في ‬الأسواق ‬الدولية ‬وتدفع ‬المصدرين ‬إلى ‬التسويق ‬المنتوج ‬بثمن ‬بخس، ‬وقد ‬ساهم ‬أسلوب ‬الاستغلال ‬والتسويق ‬وغياب ‬المراقبة ‬في ‬ضياع ‬مبالغ ‬مالية ‬هامة ‬وعدم ‬الاستفادة ‬من ‬هذه ‬الثروة ‬الطبيعية، ‬كما ‬أدت ‬عملية ‬الاستغلال ‬المكثف ‬غير ‬العقلاني ‬إلى ‬اختفاء ‬بعض ‬مناطق ‬نمو ‬الأزير ‬وتصحرها.‬
البصل ‬البري
بدأ ‬الاستغلال ‬الفعلي ‬للبصل ‬البري ‬على ‬يد ‬مجموعة ‬من ‬الأجانب، ‬حيث ‬كانت ‬مناطق ‬جوار ‬الدار ‬البيضاء ‬وأولاد ‬حريز ‬والشاوية، ‬من ‬أهم ‬المناطق ‬التي ‬بدأ ‬الايطاليون ‬استغلال ‬منتوجها ‬من ‬البصل ‬نظرا ‬لجودته، ‬بعد ‬ذلك ‬امتد ‬الاستغلال ‬إلى ‬نواحي ‬وادي ‬زم ‬والرماني ‬ثم ‬ناحية ‬احمر ‬ووجدة، ‬بعد ‬ذلك ‬امتد ‬الاستغلال ‬إلى ‬جميع ‬أنحاء ‬المغرب. ‬ويعرف ‬منتوج ‬البصل ‬البري ‬عدة ‬مشاكل ‬كباقي ‬المنتوجات ‬الأخرى ‬أهمها ‬الاحتكار ‬والاستغلال ‬العشوائي ‬المؤدي ‬إلى ‬الاستنزاف.‬
وبسبب ‬غياب ‬الاهتمام ‬وعدم ‬احترام ‬المعايير ‬القانونية ‬والمكننة ‬الفلاحية، ‬عرفت ‬عدة ‬مناطق ‬كانت ‬تتميز ‬بجودة ‬منتوجها ‬من ‬البصل ‬البري، ‬انقراضا ‬كليا ‬أو ‬شبه ‬كلي ‬لهذا ‬النبات. ‬ولهذا ‬فإن ‬نسبة ‬البصل ‬ذي ‬الجودة ‬العالية ‬والمتوفر ‬حاليا ‬لا ‬يتعدى ‬15 ‬إلى ‬20 ‬في ‬المائة ‬من ‬الإنتاج ‬الإجمالي، ‬مما ‬أفقد ‬المغرب ‬بعض ‬الأسواق ‬التقليدية ‬لفائدة ‬دول ‬مجاورة ‬منافسة ‬تتوفر ‬على ‬منتوج ‬عالي ‬الجودة.‬
الزعيترة
تعد ‬نبتة ‬الزعيترة ‬من ‬أهم ‬الأعشاب ‬العطرية ‬والطبية ‬التي ‬تنتجها ‬الأراضي ‬المغربية ‬وتشتهر ‬بها ‬مناطق ‬الأطلس ‬الكبير. ‬ويصدر ‬المغرب ‬كمية ‬كبيرة ‬من ‬هذا ‬المنتوج ‬الطبي ‬والعطري ‬الثمين ‬كمادة ‬خام. ‬ومن ‬بين ‬المشاكل ‬التي ‬يعانيها ‬إنتاج ‬الزعيترة ‬قلع ‬النبتة ‬من ‬الجذور ‬قبل ‬إزهارها ‬وقبل ‬إكمال ‬نضجها. ‬وهي ‬العملية ‬التي ‬تتسبب ‬في ‬انقراض ‬نبات ‬الزعيترة، ‬كما ‬تمنع ‬النحل ‬من ‬تلقيح ‬أزهارها ‬والاستفادة ‬من ‬رحيقه ‬لإنتاج ‬عسل ‬الزعيترة ‬الذي ‬يعد ‬من ‬أجود ‬أنواع ‬العسل ‬وأغلاها ‬ثمنا. ‬في ‬مناطق ‬سوس ‬مثلا ‬أدى ‬الاستغلال ‬المفرط ‬والعشوائي ‬للنبتة ‬إلى ‬تحرك ‬عدد ‬من ‬الجمعيات ‬التي ‬حذرت ‬من ‬الضرر ‬الذي ‬سيلحق ‬بالغطاء ‬النباتي ‬الذي ‬تزخر ‬به ‬جبال ‬وسهول ‬عدة ‬مناطق ‬لإيموزار ‬بسبب ‬تعرضها ‬لعمليات ‬اجتثاث ‬واقتلاع ‬منتظمة ‬وغير ‬مسبوقة، ‬سواء ‬من ‬أبناء ‬المنطقة ‬أو ‬الوسطاء، ‬حيث ‬تجد ‬طريقها ‬إلى ‬الأسواق‮ ‬ ‬المحلية ‬والوطنية ‬بكميات ‬وبأثمان ‬زهيدة ‬والتي ‬تصدرها ‬بدورها ‬إلى ‬شمال ‬المملكة ‬ومن ‬ثم ‬إلى ‬خارج ‬الحدود. ‬ ‬
الترفاس ‬الكمأة‬
الكمأة ‬أو ‬الترفاس، ‬نوع ‬من ‬الفطر ‬يشبه ‬البطاطس ‬في ‬الشكل ‬ويختلف ‬عنه ‬في ‬النكهة ‬والطعم ‬والقيمة ‬الغذائية ‬والمادية، ‬وهو ‬أنواع ‬عديدة ‬منها ‬الأسود ‬المميز ‬برائحته ‬وترفاس ‬الساحل ‬ويتواجد ‬ناحية ‬الوليدية ‬ومنطقة ‬المعمورة ‬ومنطقة ‬العرائش، ‬وترفاس ‬الصحراء ‬ويوجد ‬بكثرة ‬على ‬طول ‬الشريط ‬الحدودي ‬بين ‬المغرب ‬والجزائر. ‬
ويعد ‬الترفاس ‬الذكر ‬أو ‬ترفاس ‬تايدة ‬من ‬بين ‬الأنواع ‬التي ‬تنتجها ‬الأراضي ‬المغربية ‬وخاصة ‬غابات ‬تايدة ‬بالمعمورة، ‬وهو ‬النوع ‬الوحيد ‬الذي ‬لا ‬يستهلكه ‬المغاربة ‬حيث ‬يوجه ‬جل ‬الإنتاج ‬إلى ‬التصدير ‬نحو ‬دول ‬الخليج ‬ودول ‬أوربية ‬خاصة ‬إيطاليا. ‬
وبتتبع ‬عملية ‬جمع ‬المنتوج ‬من ‬طرف ‬المواطنين ‬القرويين ‬وبيعه ‬إلى ‬التجار ‬الصغار ‬وصولا ‬إلى ‬المصدر ‬ومنه ‬إلى ‬المستورد، ‬تصل ‬نسبة ‬الضياع ‬إلى ‬مابين ‬50 ‬و95 ‬في ‬المائة، ‬كما ‬أن ‬شجرة (‬تايدة) ‬التي ‬يتم ‬حفرها ‬تنتهي ‬غلتها ‬بين ‬ثلاث ‬إلى ‬أربع ‬سنوات.‬
وبدل ‬أن ‬يقوم ‬الصيادون ‬القرويون ‬بجمع ‬الترفاس ‬بعد ‬تشقق ‬الأرض ‬وبروزه ‬على ‬السطح، ‬يقوم ‬هؤلاء ‬باستعمال ‬المعاول ‬وتدمير ‬المنتوج ‬دون ‬الاستفادة ‬منه. ‬
ويقدر ‬المهنيون ‬أنه ‬من ‬أجل ‬تسويق ‬400 ‬كيلوغرام ‬مثلا ‬من ‬الترفاس ‬الذكر ‬بالمعايير ‬المطلوبة ‬في ‬الأسواق ‬الخارجية ‬يتم ‬إتلاف ‬325 ‬ألف ‬حبة ‬من ‬الحجم ‬الصغير ‬وتدمير ‬منتوج ‬مجموعة ‬من ‬الأشجار ‬لمدة ‬تفوق ‬ثلاث ‬سنوات.‬
الفطر ‬الفكَيع
تنتج ‬الأراضي ‬المغربية ‬العديد ‬من ‬الأنواع ‬من ‬الفطر، ‬التي ‬تمتاز ‬بقيمتها ‬التجارية، ‬ومنها ‬فطر ‬‮«‬الموري‮»‬ ‬وفطر ‬‮«‬لاكتير‮»‬، ‬وفطر ‬السيب، ‬وفطر ‬‮«‬أمانيتا ‬سيزار‮»‬ ‬وفطر ‬‮«‬ماتشوطاكي ‬تريكولما‮»‬، ‬وفطر ‬‮«‬الجيغول‮»‬ ‬وفطر ‬‮«‬الشانطوريل‮»‬، ‬ثم ‬فطر ‬‮«‬رجل ‬الخروف‮»‬ ‬وأخيرا ‬فطر ‬‮«‬مزمار ‬الميت‮»‬، ‬ومن ‬المفترض ‬أن ‬يعتمد ‬استغلال ‬وتسويق ‬منتوج ‬الفطر ‬على ‬مجموعة ‬من ‬المعايير ‬القانونية ‬معتمدة ‬من ‬الهيئات ‬الدولية ‬والسوق ‬الأوروبية، ‬تخص ‬طريقة ‬جمعه ‬ومراقبة ‬جودته ‬وتسويقه. ‬وإذا ‬كان ‬الجفاف ‬ساهم ‬في ‬تدهور ‬الإنتاج، ‬فإن ‬الإفراط ‬في ‬الاستغلال ‬وعدم ‬تنظيم ‬عملية ‬جمع ‬الفطر ‬ساهم ‬بدوره ‬في ‬هذا ‬التدهور ‬وذلك ‬من ‬خلال ‬قيام ‬القرويين ‬بجمع ‬وجني ‬الفطر ‬من ‬جذوره ‬بطريقة ‬عشوائية، ‬وعدم ‬ترك ‬الفطر ‬الفاسد ‬في ‬مكانه ‬حتى ‬ينتج ‬أبواغا ‬تشكل ‬الخلف ‬للموسم ‬المقبل. ‬ويتسبب ‬قيام ‬القرويين ‬بالاستغلال ‬الفطر ‬بطريقة ‬عشوائية، ‬في ‬ارتفاع ‬نسبة ‬الهدر ‬إلى ‬ما ‬بين ‬40 ‬إلى ‬60 ‬من ‬وزن ‬الكمية ‬المستغلة ‬بعد ‬فرزها ‬وتنظيفها.
الثروة ‬الحيوانية ‬أيضا ‬مهددة
بالإضافة ‬إلى ‬آلاف ‬الأنواع ‬من ‬النباتات ‬العطرية ‬والطبية ‬يتميز ‬التنوع ‬البيئي ‬في ‬المغرب ‬بغنى ‬كبير ‬من ‬حيث ‬الثروة ‬الحيوانية، ‬إذ ‬تم ‬إحصاء ‬أزيد ‬من ‬24 ‬ألف ‬نوع ‬حيواني، ‬انقرضت ‬منها ‬أعداد ‬كبيرة ‬لا ‬يعرف ‬بالتحديد ‬عددها، ‬كما ‬أن ‬حوالي ‬600 ‬نوع ‬حيواني ‬بلغت ‬حد ‬عدم ‬التوالد، ‬مما ‬يضعها ‬في ‬لائحة ‬الأنواع ‬السائرة ‬في ‬طريق ‬الانقراض.‬
الثروة ‬الحيوانية ‬أيضا ‬تتعرض ‬للاستنزاف ‬بسبب ‬الطلب ‬الخارجي ‬على ‬بعض ‬الأصناف، ‬وحتى ‬تلك ‬التي ‬تخضع ‬لقوانين ‬تمنع ‬التجارة ‬فيها، ‬خاصة ‬مقررات ‬مؤتمر ‬‮«‬واشنطن ‬1973‮»‬ ‬التي ‬تمنع ‬المتاجرة ‬بالحيوانات ‬والنباتات ‬المهددة ‬بالانقراض، ‬فهي ‬عرضة ‬للتهريب ‬ويمكن ‬الحديث ‬عن ‬القنافذ ‬والسلاحف ‬كمثال ‬عن ‬الحيوانات ‬التي ‬يتهددها ‬خطر ‬الانقراض، ‬بسبب ‬الاتجار ‬فيها ‬بشكل ‬غير ‬قانوني، ‬وهذا ‬بحد ‬ذاته ‬يشكل ‬تهديدا ‬للأنظمة ‬البيئية ‬بكاملها.‬
بالنسبة ‬للحلزون ‬البري، ‬الذي ‬يمثل ‬واحدا ‬من ‬المنتجات ‬الطبيعية ‬التي ‬تغري ‬الكثيرين ‬للاشتغال ‬فيه ‬بفضل ‬الأرباح ‬الكبيرة ‬التي ‬يدرها، ‬تنتج ‬الأراضي ‬المغربية ‬عدة ‬أصناف ‬من ‬الحلزون ‬يفوق ‬عددها ‬250 ‬صنفا، ‬تعرض ‬الكثير ‬منها ‬للانقراض، ‬ويعد ‬المغرب ‬المصدر ‬الأول ‬للحلزون ‬نحو ‬أوروبا، ‬حيث ‬تصل ‬الكميات ‬المصدرة ‬في ‬بعض ‬المواسم ‬إلى ‬15 ‬ألف ‬طن، ‬وما ‬يقارب ‬رقم ‬معاملات ‬300 ‬مليون ‬درهم ‬بالعملة ‬الصعبة. ‬
ونظرا ‬لتداخل ‬الاختصاصات ‬بين ‬المندوبية ‬السامية ‬للمياه ‬والغابات ‬ومديرية ‬تربية ‬المواشي، ‬فقد ‬ظل ‬قطاع ‬الحلزون ‬البري ‬دون ‬قوانين ‬تنظم ‬استغلاله ‬وحمايته، ‬كما ‬
ساهمت ‬مجموعة ‬من ‬العوامل ‬في ‬ضياع ‬مجموعة ‬من ‬الأسواق ‬الدولية، ‬مثل ‬أسواق ‬كندا ‬وأمريكا ‬لفائدة ‬دول ‬منافسة ‬وبشكل ‬خاص ‬مع ‬توالي ‬حالات ‬الكشف ‬عن ‬جرثومة ‬السالمونيلا، ‬التي ‬تنشأ ‬بسبب ‬ظروف ‬التخزين ‬السيئة.‬
ويعرف ‬قطاع ‬استغلال ‬وتسويق ‬الحلزون ‬احتكارا ‬من ‬طرف ‬لوبي ‬يتكون ‬من ‬وسطاء ‬وسماسرة ‬مغاربة ‬وأجانب، ‬ويتعرض ‬المواطنون ‬القرويون ‬والتجار ‬الصغار ‬للاستغلال ‬من ‬طرف ‬المحتكرين، ‬وبسبب ‬ظروف ‬جمعه ‬تتعرض ‬كمية ‬كبيرة ‬من ‬الحلزون ‬للهدر ‬والضياع ‬تفوق ‬أحيانا ‬نسبة ‬80 ‬في ‬المائة ‬من ‬الكمية ‬المستغلة، ‬حسب ‬الفترة ‬الزمنية. ‬
الخنشوفي: ‬هذه ‬مهام ‬المعهد ‬الوطني ‬للنباتات ‬الطبية ‬والعطرية
يرى ‬عبد ‬السلام ‬الخنشوفي، ‬مدير ‬المعهد ‬الوطني ‬للنباتات ‬الطبية ‬والعطرية ‬أن ‬كثرة ‬المتدخلين ‬كان ‬ولا ‬يزال ‬يعيق ‬العديد ‬من ‬المبادرات ‬في ‬هذا ‬الشأن، ‬لأن ‬التنسيق ‬يصبح ‬صعبا. ‬وهذا ‬ما ‬دفع ‬الدولة ‬إلى ‬التفكير ‬في ‬خلق ‬الوكالة ‬الوطنية ‬للنباتات ‬الطبية ‬والعطرية. ‬
وستناط ‬بالوكالة ‬الوطنية ‬مهمة ‬البحث ‬العلمي ‬والتنموي، ‬كما ‬ستقوم ‬بدور ‬التنسيق ‬بين ‬المؤسسات ‬والهيئات ‬العمومية ‬المتدخلة ‬في ‬ميدان ‬النباتات ‬الطبية ‬والعطرية. ‬
الخنشوفي ‬يقول ‬أيضا ‬إن ‬هذه ‬المهام ‬ستمكننا ‬من ‬إمداد ‬المجال ‬بجميع ‬المعلومات ‬التقنية ‬التي ‬على ‬إثرها ‬يمكن ‬تحديد ‬سياسة ‬الدولة ‬في ‬استغلال ‬هذه ‬الثروة ‬الوطنية ‬خصوصا ‬أنه ‬مجال ‬يتطلب ‬تكوينا ‬تقنيا ‬عاليا ‬لتثمين ‬النباتات ‬الطبية ‬والعطرية ‬وخلق ‬سلاسل ‬إنتاجية ‬فعالة ‬وذات ‬مردودية ‬اقتصادية ‬مهمة. ‬ويمكن ‬للوكالة ‬أن ‬تساهم ‬في ‬إنجاح ‬جميع ‬المشاريع ‬التي ‬تمول ‬في ‬إطار ‬مخطط ‬المغرب ‬الأخضر ‬والمبادرة ‬الوطنية ‬للتنمية ‬البشرية ‬وبرامج ‬وطنية ‬ودولية ‬أخرى. ‬
بالإضافة ‬إلى ‬كل ‬هذا ‬–يقول ‬الخنشوفي- ‬لا ‬يمكن ‬الاستمرار ‬في ‬استغلال ‬المجال ‬الطبيعي ‬وحده ‬للاستجابة ‬لمتطلبات ‬السوق ‬من ‬المواد ‬الطبيعية، ‬بل ‬يجب ‬تطوير ‬زراعة ‬النباتات ‬الطبية ‬والعطرية ‬لتخفيف ‬الضغط ‬على ‬التنوع ‬البيولوجي ‬الطبيعي ‬وتزويد ‬السوق ‬الوطنية ‬والدولية ‬باستمرار.‬
أبجديات ‬في ‬التعامل ‬مع ‬المنتوجات ‬الطبيعية
الممارسات ‬المضرة ‬بالغطاء ‬النباتي ‬والتنوع ‬البيولوجي ‬تعاكس ‬الاستغلال ‬المستدام ‬ومنها ‬الاقتلاع ‬من ‬الجذور ‬وعدم ‬استعمال ‬الآلات ‬الملائمة ‬والنظيفة، ‬وعدم ‬الاقتصار ‬على ‬الجزء ‬المستعمل ‬من ‬النبتة، ‬وعدم ‬احترام ‬الفترة ‬المواتية ‬للاستغلال. ‬
ويوصي ‬المختصون -‬من ‬أجل ‬تفادي ‬ارتفاع ‬نسبة ‬الهدر ‬وإتلاف ‬النباتات- ‬بضرورة ‬الحرص ‬على ‬عدد ‬من ‬طرق ‬الجني ‬ومنها ‬أن ‬يتم ‬الجمع ‬بصورة ‬منتظمة، ‬مع ‬اتخاذ ‬الاحتياطات ‬اللازمة ‬لذلك، ‬فلا ‬يكون ‬الجمع ‬على ‬دفعات ‬عفوية ‬بل ‬بصورة ‬تقنية؛ ‬ولا ‬ينبغي ‬أن ‬تنزع ‬النبتة ‬من ‬الأرض، ‬بل ‬يترك ‬جزء ‬منها ‬لتعويض ‬ما ‬فقد ‬منها ‬من ‬جديد ‬وعدم ‬إبادتها، ‬أما ‬إذا ‬كان ‬المطلوب ‬هو ‬القسم ‬المورق ‬من ‬النبتة، ‬فلا ‬يتم ‬جني ‬إلا ‬القسم ‬المطلوب ‬مع ‬ترك ‬جزء ‬منها ‬لتعويض ‬ما ‬تم ‬فقدانه؛ ‬ويجب ‬أن ‬تقطف ‬الأزهار ‬والأوراق ‬بكل ‬دقة ‬بحيث ‬لا ‬يساء ‬إلى ‬شكلها ‬ورونقها ‬ولا ‬يشكل ‬خطرا ‬على ‬تواجدها.‬
من ‬الضروري ‬كذلك ‬أن ‬تقطف ‬الأزهار ‬في ‬الصباح ‬بعد ‬أن ‬تجف ‬من ‬قطرات ‬الندى، ‬وإذا ‬كان ‬إزهار ‬النبتة ‬المطلوبة ‬يستمر ‬شهورا ‬كثيرة، ‬فتجمع ‬أزهارها ‬المبكرة ‬خلال ‬الأشهر ‬الأولى ‬من ‬إزهارها، ‬أما ‬بالنسبة ‬إلى ‬بعض ‬الأزهار ‬كالياسمين، ‬فيتم ‬جنيها ‬مبكرا ‬قبل ‬طلوع ‬الشمس ‬حتى ‬لا ‬تفتقد ‬فعاليتها ‬وفائدتها.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.