الملك يدعو لاعتماد الذكاء الإصطناعي ويأمر بتقييم شامل لبرامج التدريب العسكري    ميارة يرأس أشغال الجمعية العامة ال18 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط    سجن تطوان ينفي تعرض سجين لأي اعتداء، سواء من طرف الموظفين أو السجناء    المغرب يستعيد من الشيلي 117 قطعة أحفورية يعود تاريخها إلى 400 مليون سنة    الباحث البحريني نوح خليفة: جهود المغرب تأتي موازية لتطلعات العالم الإنساني وعالم الطبيعة    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    بوريطة يشارك بالمنامة في اجتماع هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب    السعودية والكويت بأدنى خصوبة شرق أوسطية في 2050    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    ظهور "منخفض جوي" يتسبب في تراجع درجات الحرارة بشمال المغرب    عجز الميزانية في المغرب يفوق 1,18 مليار درهم    تخصيص 56 مليون درهم لتوسعة شبكة نظام المراقبة بالكاميرات بالفضاء العام بطنجة    أطلنطا سند للتأمين تطلق منتوج التأمين متعدد المخاطر برو + المكتب    حقوقيون يراسلون أخنوش لإنهاء ملف الأساتذة الموقوفين وينبهون إلى أن معاقبتهم ستؤدي لعودة الاحتقان    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    المغرب يفكك خلية إرهابية ويطيح ب4 متطرفين في تزنيت وسيدي سليمان    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    اختتام البطولة الوطنية المدرسية لكرة اليد كرة الطائرة والسلة 5*5 والجولف والرماية بالنبال    "الكوديم" يحسم "ديربي سايس" ويقترب من دوري الأضواء والاتفاق يعقد مهمة جمعية سلا في النجاة من جحيم الهواة    الفيفا تنصف الرجاء البيضاوي في قضية المليار ومائة مليون    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بالدار البيضاء    بودرقة: جماعة أكادير أدت 40 مليار سنتيم من الديون وضخّت 60 مليار سنتيم في برنامج التنمية الحضرية    بنطلحة يكتب: خطاب تبون والحرب على الوعي    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    المخرج الإيراني محمد رسولوف يفر من بلاده "سرا" بعد الحكم عليه بالجلد والسجن    هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: جلسة فكرية مع الناقدة والباحثة الأدبية الدكتورة حورية الخمليشي    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    سلطات سبتة تدعو وزارة الخارجية الإسبانية لمساعدة قطاع غزة    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    نقيب المحامين بالرباط يتحدث عن المهنة وعن المشاركة في المعرض الدولي للكتاب    موعد لقاء الرجاء الرياضي والنهضة البركانية    الدورة الثالثة للمشاورات السياسية المغربية البرازيلية: تطابق تام في وجهات النظر بين البلدين    الشيلي والمغرب يوقعان اتفاقية للتعاون في مجال التراث الوثائقي    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    غزة تنتصر.. طلبة كولومبيا يرتدون الكوفية الفلسطينية في حفل تخرجهم    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية تفشل المبادرة الفنزويلية وترفض اجتماعا طارئا للأوبك..
نشر في المساء يوم 15 - 01 - 2015

ذكرتني الجولة التي يقوم بها حاليا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في أربع دول رئيسية منتجة للنفط، هي إيران والسعودية وقطر والجزائر، في محاولة لإقناعها بمبادرته التي تنص على انعقاد قمة طارئة لمنظمة الأوبك لبحث أزمة تدهور الأسعار الحالية، بجولة مماثلة لسلفه الأسبق الرئيس كارلوس رودريغيز، قبل 37 عاما تقريبا، من أجل الهدف نفسه ولكن لأسباب مختلفة.
كنت في حينها، أي عام 1977 على ما أذكر، أعمل محررا في صحيفة «المدينة» اليومية السعودية، وأوفدني رئيس التحرير الصديق أحمد محمد محمود إلى الرياض لتغطية زيارة الرئيس الفنزويلي، وجاء اختياري لسبب ليست له علاقة بالكفاءة بقدرما له علاقة بلغتي الإنجليزية المعقولة، فقد كنت أتحسس طريقي في هذه المهنة الصعبة، وهذه قصة أخرى.
الرئيس الفنزويلي، رودريغيز، حط الرحال في الرياض من أجل إقناع العاهل السعودي، الملك خالد بن عبد العزيز، برفع أسعار النفط السعودي بنسبة 5 في المائة من أجل ردم الهوة مع أسعار دول أوبك أخرى رفعته في اجتماع سابق لها بنسبة 10 في المائة، وهو ما رفضته السعودية وأصرت على أن تكون الزيادة نصف هذه النسبة، وتردد أن هذا الرفض جاء بضغوط أمريكية.
أذكر أنني سألت الأمير فهد بن عبد العزيز، ولي العهد الذي ترأس الوفد السعودي في المباحثات مع الضيف الفنزويلي وكان الحاكم الفعلي للبلاد، عما إذا كانت المملكة ستتجاوب مع مطلب رفع أسعار نفطها أسوة بالدول الأخرى، فقال لي إن المملكة «ملتزمة» بوحدة منظمة الأوبك وكانت هذه كلمة السر، وفعلا رفعت المملكة سعر نفطها ب5 في المائة أخرى ومرت الأزمة، وخرجت أنا بسبق صحافي عالمي.
يبدو أن الرئيس الفنزويلي الحالي، مادورو، أقل حظا من الرئيس كارلوس، لأن مبادرته بخفض إنتاج النفط السعودي من أجل رفع الأسعار أو بالأحرى وقف انهيارها السريع لم تحقق أيا من أهدافها، فقد أعلن بعد اجتماعه مع السيد عبد المالك سلال، الوزير الأول الجزائري، المحطة الأخيرة في جولته، أنه «لا يوجد إجماع بين الدول الأعضاء في الأوبك على عقد اجتماع طارئ للمنظمة»؛ وفي واقع الحال، ليست هناك حاجة إلى إجماع، وإنما إلى موافقة دولة واحدة تنتج 9.6 ملايين برميل يوميا، وهي السعودية، يمكن أن تحل الأزمة إذا أرادت، وتوافق على الاجتماع الطارئ، وتقبل بالتالي بخفض الإنتاج.
فشل جهود الرئيس الفنزويلي يعني أن أسعار النفط، التي وصلت (الاثنين) إلى أقل من 45 دولارا للبرميل، قد تصل إلى أربعين دولارا غدا، و35 دولارا الأسبوع المقبل حتى تصل إلى عشرين دولارا مثلما بشر بذلك السيد علي النعيمي، وزير نفط المملكة، الدول الأخرى الأعضاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى إفلاس معظم الدولة المنتجة غير الخليجية، وخاصة فنزويلا ونيجيريا وإيران وروسيا.
كل دولار انخفاض في أسعار برميل النفط يعني خسارة مقدارها ملياري دولار من دخْل روسيا يوميا، وإذا قدرنا أن أسعار النفط انخفضت بحوالي سبعين دولارا منذ يونيو الماضي فإن هذا يعني أن خسارة روسيا 140 مليار دولار مرشحة للزيادة، والحسبة نفسها تنطبق على إيران وفنزويلا ونيجيريا وجميع الدول المصدرة للنفط.
السعودية ودول الخليج الأخرى لن تتأثر على المدى القصير، لأن جيوبها عميقة، فالسعودية تملك فائضا نقديا مقداره 750 مليار دولار وتستطيع تحمل الخسائر لعدة سنوات، والشيء نفسه يقال عن الكويت والإمارات وقطر التي تملك صناديق سيادية تزيد قيمتها على ترليون ونصف ترليون دولار تقريبا، ولكن ليس البحرين وسلطنة عمان، الدول الأفقر والأقل إنتاجا والأكثر سكانا مثلما هو حال الثانية (عمان).
هناك ثلاثة اعتبارات أو أسباب رئيسية أدت إلى انخفاض أسعار النفط بهذه الصورة المتسارعة:
- أولا: ضعف الطلب بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية؛
- ثانيا: زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري حوالي خمسة ملايين برميل يوميا سترتفع إلى عشرة عام 2020؛
- ثالثا: رفض السعودية خفض الإنتاج من أجل زيادة الأسعار أثناء اجتماع أوبك الأخير في دجنبر الماضي.
روسيا وإيران لديهما انطباع مؤكد بأن هناك مؤامرة سعودية أمريكية تهدف إلى تضييق الخناق عليهما اقتصاديا من خلال تخفيض أسعار النفط، الأولى بسبب ضمها جزيرة القرم ودعم انفصال شرق أوكرانيا، والثانية لدعمها النظام السوري وحزب الله وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، فالاقتصاد الروسي، الذي يعتمد بنسبة 70 في المائة على صادرات النفط والغاز، مرشح للدخول في حال كساد هذا العام، والروبل خسر ستين في المائة من قيمته أمام الدولار، وكل محاولات دعمه بما في ذلك رفع سعر الفائدة إلى 17 في المائة باءت بالفشل، والشيء نفسه يقال عن إيران التي تدهورت عملتها لأكثر من ثمانين في المائة، وقد أقرت ميزانيتها للعام المقبل ابتداء من أول مارس على أساس سعر 72 دولارا للبرميل، أي بعجز متوقع بنسبة 33 في المائة على أقل تقدير، إذا وقف انهيار أسعار النفط عند حاجز 45 دولارا مثلما هو الحال اليوم.
إيران بدأت تشعر بسخونة الأزمة، وانعكس هذا في تصريحات الرئيس حسن روحاني التي هدد فيها (الاثنين) بأن من خفضوا أسعار النفط (في إشارة إلى السعودية) ضد بعض البلدان (في شارة إلى إيران وروسيا) سيندمون على هذه الخطوة، وقال: «إيران لن تخضع للمؤامرة وستتغلب عليها».
السعودية، التي تخوض حاليا حربا في سورية والعراق ضد «الدولة الإسلامية» وأخرى ضد التهديد الأمني لأنصارها في الداخل، هي الآن على حافة حرب أخرى ضد دول منظمة أوبك وخارجها، بعضها مسلم مثل إيران ونيجيريا والجزائر وليبيا، وأخرى غير مسلمة مثل روسيا وفنزويلا.
خسائر دول الخليج وحدها من انخفاض أسعار النفط إلى 45 دولارا تصل إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا، وهي خسارة كفيلة بإعادة إعمار وتنمية كل الدول العربية مجتمعة وإيجاد وظائف لكل الشباب العربي العاطل عن العمل، ناهيك عن الشباب السعودي الذي تبلغ نسبة البطالة في صفوفه أكثر من ثلاثين في المائة.
لا نعرف من هم الأكثر حكمة وتبصرا في التعاطي مع الأزمات النفطية الطارئة، حكام السعودية القدامى أم الحاليون.
المقارنة ليست في محلها، والظروف تغيرت حتما، ولكن ما يمكن قوله أن السيد النعيمي، وزير النفط السعودي، ومن يرسمون له السياسات يقدمون على مقامرة خطيرة جدا سياسيا واقتصاديا من الصعب التنبؤ بنتائجها، خاصة أن الأمور بدأت تخرج من أيدي الجميع وباتت إمكانية السيطرة عليها معدومة، والله أعلم.
عبد الباري عطوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.