مفارقات غريبة ومتباينة يشهدها التلفزيون المغربي هذه الأيام، بدءا ب«شطحات» الناصري، مع أبناء دوزيم، مرورا بحديث المنتج «الحاج» دريد عن واقع الإنتاج والمنتجين المغاربة، وصولا إلى توصل إدارة سليم الشيخ إلى حل كل مشاكل «الوسيط» التلفزيوني بإقبار دور «الوساطة» بشكل نهائي. الأخبار القادمة من كواليس تصوير سلسلة «نسيب سي عزوز» للمنتج والممثل والمخرج سعيد الناصري تتحدث بما يشبه الخرافة عن ماء ممزوج بشيء غريب رٌشَّ أمام مدخل بلاطو التصوير، ماء قيل إن الناصري أراد به فقط أن يبعد عنه «النحس» الإبداعي الذي طاله في عدة أعمال إنتاجية، في وقت رأى فيه آخرون أن للماء تأثيرا خاصا على علاقة الناصري مع الطاقم التقني إلى الدرجة التي جعلت «الباندي» لا يتردد في استهداف أحد التقنيين -حسب ما ذكرت رسالة وزعت داخل دوزيم- مع تأكده من أن سليم الشيخ سيغير- تحت تأثير الماء الغريب- أي تقني مهما علت درجته يعترض عليه سعيد الناصري، فللماء الملون سلطته وللناصري كلمته النافذة في دوزيم «سيطايل» التي منحته الضوء الأخضر في حلقة «مباشرة معكم» حول «القرصنة» للكيل بمكيالين لمصطفى بنعلي الذي كان في صراع حينها مع مديرة الأخبار سميرة سيطايل، ليقول الناصري إنه لم يتسلم أجور بعض الحلقات. وب«طقوس» صحفية مثيرة للانتباه، خرج المنتج الحاج دريد «المنتج»المألوف في مديرية إنتاج القناة الأولى ليقول، إن مبلغ 500 مليون سنتيم مبلغ غير كاف لتنفيذ إنتاج سلسلة «سعدي بنتي» التي «ينتجها» لدوزيم، وبصرف النظر عن تقديم النصوص مكتوبة للإنتاج، يمكن التذكير بأن منتجين يحاولون البحث عن وصفات «تقشفية» للإنتاج تفقد أحيانا العمل رصانته وقوته الدرامية، لاسيما إذا كان بعض المنتجين لا تربطهم بالمجال الإنتاجي إلا أسماء شركاتهم وعلاقاتهم وأسرار هذه العلاقات التي لم تعد أسرارا خافية على كل المتتبعين لمسار شركات الإنتاج التي تبحث في حالة الأزمة عن «متنفسات». وصفات «تقشفية» حملت، ربما، إلى تفكير القناة الثانية- في سياق الأزمة وترشيد النفقات- في تعيين الصحفي محمد العمراني وسيطا للقناة الثانية. هذا المعطى يفتح الباب أمام الكثير من الأسئلة المقلقة، أولها أن هذا الصحفي تمرس على الفعل الخبري في دوزيم وحضر الانطلاقة الفعلية للقناة، وهذا يخلق إشكالا حقيقيا على اعتبار أنه من الصعب أن يمارس العمراني الحياد،لاسيما إذا استهدفت القناة، التي تجسد الحاملة لتجاربه وتاريخه وذكرياته. وثاني المؤشرات أن قرار تعيين وسيط القناة يضرب مسألة الحياد في العمق، ودليل ذلك تجربة برنامج وسيط الشركة الوطنية الذي ينفي عن نفسه من خلال ما يقدم كونه وسيطا. وثالث المؤشرات التي بعثها إمكانية هذا التعيين بأن تصبح الشركة النموذج الذي تسير وفقه الثانية وليس العكس، وهذا يفضي إلى طرح السؤال حول هوية دوزيم واستقلاليتها في القادم من الأيام وحول دور «الهاكا» المفترض في حالة هذا التغيير الغريب. فبين سحر «ماء» الناصري وغرابة المنتج الحاج دريد وخرجته المفاجئة وبين وساطة لدوزيم افتراضية،يحق للقطب أن يسأل لعرايشي سؤال الحائر: «فين غادي بي خويا، فين غادي بيا».