أخنوش: الحوار والنقاش السبيل الوحيد لمعالجة إشكالات البلاد    شبيبات أحزاب الأغلبية تسطر برنامجا تنسيقيا للتواصل والتفاعل مع الدينامية الشبابية المعبر عنها    انطلاق احتجاجات "جيل زد" لليوم الخامس ومدن جديدة تلتحق بالحراك الشبابي    البطولة الاحترافية.. التعادل الإيجابي (1-1) يحسم مواجهة الجيش الملكي واتحاد طنجة    دوري أبطال أوروبا.. بقيادة حكيمي "بي إس جي" يتغلب على برشلونة (2-1)    مصرع شخصين وإصابة آخرين في هجوم واقتحام عنيف لمركز الدرك بالقليعة    النيابة العامة تهدد مثيري الشغب والمخربين بعقوبات تتراوح بين 20 سنة سجناً والسجن المؤبد    المركب الذي أطلقه جلالة الملك بإقليم مديونة يزاوج بين الحماية الاجتماعية والمواكبة الطبية وتعزيز الكفاءات (مسؤولة)    رئاسة النيابة العامة: متابعة 193 شخصا على خلفية أحداث الشغب والتخريب الأخيرة    القليعة.. مقتل شخصين بالرصاص الحي إثر اقتحام مركز للدرك الملكي ومحاولة الاستيلاء على الأسلحة والذخيرة    أنامل شابة تستأثر بأزندة بنادق البارود في معرض الفرس بالجديدة    الاحتلال الإسرائيلي يعترض "أسطول الصمود" وتركيا تصف الحادث ب"العمل الإرهابي"    قطر ترحّب بمرسوم الرئيس الأمريكي    وزير الصحة: الحكومة تتفهم تماما مطالب الشباب... والإصلاح الشامل هو الطريق الوحيد لتلبية التطلعات    اضطرابات في الطريق السيار للبيضاء    تشكيلة "الأشبال" لمواجهة البرازيل        حزب التقدم والاشتراكية يؤكد أن أفضل أسلوب للتعامل مع التعبيرات الاحتجاجية الشبابية السلمية هو الحوار والإنصات والاحتضان    ليلى بنعلي: الهيدروجين الأخضر رهان واعد تعول عليه المملكة لتحقيق انتقال طاقي مستدام    ارتفاع بنسبة 25 في المائة في عدد الأيام شديدة الحرارة بعواصم العالم    بلاغ‮ ‬الأغلبية‮: ‬حكومة في‮ ‬مغرب‮ «حليبي»!‬    السؤالان: من صاحب المبادرة؟ وما دلالة التوقيت؟    إبراهيم دياز يعود للتألق مع ريال مدريد ويسجل في دوري الأبطال بتقييم 7.4    زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة يومي الأربعاء والخميس بعدد من المناطق    إقبال جماهيري غير مسبوق.. 42 ألف متفرج يحجزون مقاعد ودية المغرب والبحرين    صادرات الفوسفاط تصل إلى 64,98 مليار درهم بنمو 21,1%    الداخلية: إصابة 263 عنصرا من القوات العمومية و23 شخصا في احتجاجات "جيل Z"    الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية: تدخلات القوات العمومية في بعض الحالات كان الخيار الأخير بعد استنفاد كل السبل الأخرى    قرصنة المكالمات الهاتفية تطيح بصيني بمطار محمد الخامس    "الأونروا": 100 قتيل فلسطيني بغزة المعدل اليومي للحرب الإسرائيلية    المراقبة ترصد عدم تطابق "ثروات مهندسين" مع التصريحات الضريبية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    واشنطن تبدأ سحب جنود من العراق    الكوكب المراكشي ينهي تعاقده مع رشيد الطاوسي بالتراضي    ترامب يمهل حماس 4 أيام للرد على خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة    تفجير انتحاري يخلف قتلى بباكستان    ارتفاع ضغط الدم يعرض عيون المصابين إلى الأذى    "صيادلة المغرب" يدعون للاحتجاج و يحذرون من إفلاس وشيك للقطاع    حقوق الإنسان عند الله وعند النسخ الرديئة للإله..    عائدات السياحة المغربية تصل إلى 87.6 مليار درهم في أول 8 أشهر من 2025    الذهب يسجل مستوى قياسيا بدعم من الإقبال على الملاذ الآمن بعد إغلاق الحكومة الأمريكية    الولايات المتحدة تدخل رسميا في حالة شلل فدرالي    بعد زفافه المثير بالناظور.. بارون المخدرات "موسى" يسقط في قبضة الأمن    الخطابي في المنفى من منظور روائي.. أنثروبولوجيا وتصوف وديكولونيالية    حقيقة الجزء الخامس من "بابا علي"    "الباريار" يبث الأمل في سجناء    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يواصل التألق بفوز عريض على سهل مارتيل    حول الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوفاة المفاجئة لعبد الرزاق الوركة أول محترف مغربي في المكسيك
غاب أفراد عائلته عن مراسيم دفن جثمانه
نشر في المساء يوم 21 - 08 - 2009

تنشر «المساء» في واحتها الصيفية، صفحات من تاريخ الكرة المغربية، خاصة في الجانب المتعلق بوفيات رياضيين في ظروف لفها الغموض، وظلت جثامينهم ملفوفة بأسئلة بلا جواب، رغم أن الموت لا يقبل التأجيل. العديد من الرياضيين ماتوا في ظروف غامضة، وظلت حكايا الموت أشبه بألغاز زادتها الاجتهادات تعقيدا. ونظرا للتكتم الذي أحاط بالعديد من الحالات، فإن الزمن عجز عن كشف تفاصيل جديدة، لقضايا ماتت بدورها بالتقادم.
في صباح يوم حار من أيام شهر غشت من سنة 1990، توجه اللاعب الدولي السابق عبد الرزاق الوركة إلى إحدى المصحات بالعاصمة الرباط، رفقة صديقه ابراهيم بودات، وهو أحد حكام لعبة الملاكمة، من أجل إجراء فحوصات طبية بعد أن اعترته نوبة مرضية عادية، قضى الرجل 48 ساعة ليغادر المصحة محمولا على نعش صوب مقبرة بمدينة سلا.
أجمع أقارب الراحل على أنه كان يتمتع بلياقة بدنية استثنائية، وأن جسده ظل بعيدا عن وخز الإبر، إذ لم يسبق له أن زار عيادة طبيب إلا في حملة للتلقيح عندما كان تلميذا في الصفوف الابتدائية.
كانت جنازة الفقيد أشبه بجنازة مغترب، غابت عنها الطقوس التي تليق برمز كروي أعطى الكثير لهذا البلد، قبل أن يرحل في صمت، وحده رفيقه ابراهيم كان يردد خلف الجثمان أدعية القبور، بل إن تشييع الجنازة غاب عنه أفراد أسرة عبد الرزاق بمن فيهم زوجته الفرنسية سوزان وابنه ألان، ناهيك عن غيابات أخرى كتلك التي سجلت في صفوف مسؤولي جامعة كرة القدم الذين تلقوا الخبر عبر وسائل الإعلام واكتفوا بترديد عبارة إنا لله وإنا إليه راجعون.
يعرف المقربون من عبد الرزاق حبه للرياضة، فالرجل يرفض شيأين في الحياة، أولهما العطلة وثانيهما زيارة الأطباء، فالرجل يصر على أن يظل وفيا لعمله، حتى بعد أن زحف الشيب إلى رأسه وأصبح في عداد الشيوخ.
ولد عبد الرزاق الوركة في مدينة سلا سنة 1929، رغم أن التاريخ يحتاج إلى مستند رسمي لتأكيده. عبَرَ نهر أبي رقراق لينضم إلى نادي سطاد المغربي، ظهرت مواهبه مبكرا وتمكن في ظرف وجيز من نيل مركز رسمي داخل تشكيلة يستوطنها الأجانب. وقبل أن يبلغ ربيعه الثاني، تلقى دعوة إلى الاحتراف في الديار الفرنسية وبالتحديد بمدينة نيس رفقة نادي أولمبيك جيمناس لنيس، في صفقة اعتبرها المتتبعون الرياضيون آنذاك الأكبر، بل إنه يعتبر ثاني لاعب مغربي يدخل غمار الاحتراف بعد اللاعب العربي بنمبارك، والأكثر من ذلك أنه لازال، على الرغم من مرور تسع سنوات على رحيله، يحتفظ بالرقم القياسي المغربي في عدد الانتقالات بين الأندية، إذ حمل أقمصة 15 ناديا في رحلته بين فرنسا، رفقة أندية نيس وراسين باريس وليل وفرق أخرى، وإسبانيا التي توقف فيها عند ثلاث محطات وهي أتليتيكو مدريد ومورسيا ثم مايوركا، واستطاع أن يحقق سبقا فريدا حين عبر المحيط الأطلسي صوب المكسيك، كأول لاعب مغربي يحترف في بلد حضارات الأزتيك رفقة نادي أتلتيكو مكسيكو سيتي.
وعلى امتداد هذا المسار المليء بالمحطات المشرقة، جنى الوركة مجموعة من الألقاب، حيث توج بطلا لفرنسا ونال لقب كأس الجمهورية، علما بأنه أول من احترف في أمريكا اللاتينية، ليس فقط على المستوى الوطني والعربي والإفريقي بل على المستوى العالمي، حصل هذا في بداية الخمسينيات، وهناك تمكن من فرض ذاته كسفير للكرة العربية وتحول إلى هداف لا يشق له غبار، مما جعل المكسيكيين يلقبونه ب«لاكابيسا بيليكروسا» أي الرأس الخطيرة.
حمل الوركة قميص المنتخب الوطني مرات عديدة، لكنه ظل يفتخر بتلك المباراة التاريخية التي جرت يوم خامس أكتوبر من سنة 1954، وجمعت منتخب فرنسا بمنتخب شمال إفريقيا الذي يضم لاعبين من المغرب وتونس والجزائر، ولاسيما حين تمكن اللاعب الوركة من مباغتة الجميع وتسجيل هدف ضد مجرى التوقعات، قبل أب يضاعف مواطنه العربي بنمبارك الحصة في نفس الجولة، لكن عبد الرزاق عاد إلى التهديف مرة أخرى، قبل أن يقلص الفرنسيون الفارق عن طريق ضربة جزاء.
حين قرر عبد الرزاق العودة إلى وطنه بعد رحلة اغتراب طويلة، فضل وضع خبرته الميدانية رهن إشارة شباب مدينة آسفي. وعلى امتداد عشرين سنة، ظل الرجل حريصا على نقل حصيلة مساره إلى الأجيال الراغبة في مداعبة الكرة.. حوّل شوارع المدينة وكل الفضاءات الفارغة إلى ملاعب وجد فيها أبناء عبدة ضالتهم، وهو ما مكن من اكتشاف مجموعة من النجوم الذين صنعوا مجد المدينة، أمثال كوراي والغايب والبشير والسوفير الذي حوله من حارس مرمى في لعبة كرة اليد إلى هداف للبطولة، بل إنه ظل يفضل لقب المدرب المربي لما عرف عنه من ثقافة عالية واستحضار للبعد التربوي في تدريب الناشئين، وحين كان يتلقى دعوة من فريق المدينة الأول لم يكن يتردد في تقديم الدعم، بالرغم من إصرار المسؤولين المحليين على منحه راتبا يقل بكثير عن الحد الأدنى للكرامة، كان يرفض تسلمه كي يظل وفيا للعمل التطوعي.
شغل منصب مسؤول عن التنشيط الرياضي بمجمع مغرب فوسفور بآسفي، ونذر نفسه لخدمة أبناء المدينة وهو يجد متعة كبرى في تعليم الأطفال المبادئ الأولية للكرة، مما مكنه من أن يحظى بالتفاتة ملكية في الثمانينيات حين نال من يد الملك الراحل الحسن الثاني وسام الرياضة من الدرجة الممتازة، اعترافا بما قدمه إلى هذا البلد من خدمات على مستوى العمل القاعدي.
لم يعترف بالتاريخ المشرق للوركة إلا قلة من رفاقه، وظل الإذاعي نور الدين كديرة يشيد بالرجل قبل أن يرحلا مع في نفس العام.
في ظل هذا الجحود، ناب أطفال حي بلاطو بآسفي عن أصحاب القرار واحتفلوا بتلقائية وبساطة بالذكرى السابعة لرحيل الوركة، اعترافا بقيمة اللاعب الذي ظل النجم الفرنسي جيست فونطين بديلا له لسنوات. ومن المفارقات الغريبة أن يكرم فونطين في المغرب مرات عديدة، ويظل الوركة يعاني من التهميش والإقصاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.