العلمي ينتقد "ارتباك المعارضة".. وأوجار يثمّن الدعم الكيني لمغربية الصحراء    أنطونيو غوتيريش يكرم جنديا مغربيا        الحسنية يضمن البقاء في البطولة    باريس يحلم بالتتويج .. ثنائية تشعل الشوط الأول أمام إنتر في نهائي الأبطال    حملة صارمة لمنع تسويق الأضاحي خارج الإطار القانوني في شمال المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    مصرع شاب في حادثة سير مروعة بإقليم الحسيمة    الحسيمة.. 5 سنوات سجنًا لمضيف السائح الألماني في قضية بتر العضو التناسلي    المقرئ والإمام الكرعاني في ذمة الله    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    سلطات طنجة تمنع بيع الأضاحي بسوق سبت الزينات    بنسعيد: اللوبيات وأصحاب المصالح الخاصة يعرقلون بكل قوة مسيرة التنمية بالمغرب    انطلاق تصوير فيلم (L'Homme des Signes) لزهور الفاسي الفهري في 3 يونيو    العلمي: حزب "الأحرار" سيقود الحكومة من جديد خلال انتخابات 2026    المغرب يبرز من واشنطن رؤية ملكية لإفريقيا كقوة فاعلة في التوازن العالمي    حماس تقبل الإفراج عن رهائن وجثامين        أكادير.. توقيف سائق طاكسي بشبهة النصب على سائحتين    "لجنة مشتركة" تؤجل زيارة رام الله    يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية    وفد من جهة فالنسيا في مهمة اقتصادية بالمغرب    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    بورصة الدار البيضاء تغلق أسبوعها على انخفاض ب0,75%    تمارة.. حفل استقبال على شرف وفد الحجاج المكفوفين الذين سيقومون بأداء مناسك الحج لهذا الموسم        هيئة: المغاربة خرجوا في 110 مظاهرات ب 66 مدينة للتنديد بتجويع و"إحراق" غزة    "البام" يعلن عودة هشام المهاجري إلى قيادة الحزب    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة    ارتفاع بنسبة 12% في قطاع السياحة بأكادير خلال 4 أشهر.. والبريطانيون في المقدمة    جماعة الناظور تخصص 100 مليون لمحاربة الحشرات والفئران        طائرات هيليكوبتر تربط مالقا بشمال المغرب.. وهذا سعر الخدمة    دبلوماسية الفن والتعايش تجمع الشعوب في مهرجان "ما بين الثقافتين"    كرنفال الطفولة يختتم فعاليات المنتدى الإقليمي للتنمية البشرية بميسور    طنجة تحتضن الدورة الثانية لمهرجان السينما والمدرسة    اندلاع حريق في قطار مترو بالعاصمة الكورية    من ورزازات إيمان صابر تدعو إلى تقوية الربط وإقامة مشاريع هيكلية مع مواكبة المستثمرين الخواص    شاب يقتل والدته بوحشية في طنجة بعد أيام من خروجه من السجن    إسرائيل تمنع لقاء عباس بوزراء عرب    انطلاق بيع تذاكر ودية الأسود ضد تونس والبنين عبر منصة إلكترونية.. وهذه هي الأسعار    الاتحاد العربي لكرة القدم يعلن عن بطولاته حتى 2029    مارتينيز: سنحاول تقديم مباراة مثالية أمام سان جيرمان في نهائي الأبطال    التونسي معلول يودع الأهلي المصري    ترامب لماكرون : "أبقِ باب الطائرة مغلقا"    "غوغل" تفعل ميزة تلخيص البريد الإلكتروني بالذكاء الاصطناعي تلقائيا في "جي ميل"    الصين: ارتفاع قيمة التجارة الدولية في السلع والخدمات بنسبة 6 في المائة في أبريل    بطولة انجلترا: ليفربول يتعاقد رسميا مع الهولندي فريمبونغ    رواية جديدة تعالج "طوفان الأقصى" .. الكنبوري "لن يعيش في تل أبيب"        طنجة.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان الضفاف الثلاث    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    ما لم يُذبح بعد    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة معتنقي الإسلام أصبحت ملفا مطروحا على الفاتيكان والمخابرات بعد تفجيرات 11 شتنبر
حكاية: روبير ريشارد سلفي فرنسي في المغرب
نشر في المساء يوم 23 - 08 - 2009

بعد ست سنوات من اعتقاله، على خلفية تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، أعلن الفرنسي روبير ريشار أنطوان، المحكوم عليه بالسجن المؤبد، تراجعه عن الإسلام الذي اعتنقه عام 1992، ورجوعه إلى المسيحية، إثر الصدمة التي عاشها بسبب الاعتقال. ويعد روبير مثالا بارزا للمواطنين الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام والتحقوا بصفوف التيارات الإسلامية المتطرفة، إذ يشكل حالة فريدة من نوعها في شبكات التطرف العالمية جديرة بالدراسة. كتاب «سلفي فرنسي في المغرب: رحلة روبير ريشار أنطوان من بيشاور إلى طنجة» يناقش مسار هذا الفرنسي وطريقة تحوله إلى الإسلام، ويحلل الوثيقة التي كتبها بخط يده ويعرض فيها توبته من السلفية الجهادية ويحاوره في أهم القضايا. الكتاب هو الثاني من نوعه في موضوع الفرنسيين الذين التحقوا بالفكر الجهادي، بعد كتاب الباحث إيراني الأصل فرنسي الجنسية فرخاد خوسروخافار «عندما تتكلم القاعدة: شهادات من وراء الأسوار».
استرعت ظاهرة اعتناق المواطنين الغربيين للإسلام اهتمام دوائر البحث في البلدان الغربية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين، لكن القضية ظلت، إلى حدود القرن الماضي، واحدة من المفردات التي يتم الاشتغال عليها في إطار الدراسات التي تتعرض لتوسع دائرة الإسلام في العالم على حساب الأديان الأخرى، وخاصة المسيحية، وضمن حلقة التفكير في عملية التزحزح الديمغرافي لصالح العالم الإسلامي. في إطار هذه الرؤية، كان الموضوع على رأس اهتمامات الفاتيكان الذي لم يكن يتردد، كلما كان هناك مسيس حاجة، في دق ناقوس الإنذار من تراجع عدد معتنقي الديانة المسيحية في العالم. وكان هناك جيش، غير مسلح، يحاول الرد على هذا الخطر والقيام بهذه المهمة، وهو جيش المنصرين. أما الكلمات المفاتيح التي كان يتم التذكير بها باستمرار فهي نفسها التي كانت المؤلفات الاستشراقية ترددها: الفتوحات الإسلامية، الحروب الصليبية، القرآن والسيف، والجهاد الديني.
وما كاد القرن العشرون يترك مكانه للقرن الحالي، حتى بدأت قواعد اللعب في التبدل شيئا فشيئا، في ظل مناخ عالمي مكتنز بشتى الاحتمالات. واحتل الإسلام مجددا واجهة المسرح، منذ أن تغيب عنها طيلة قرن كامل تقريبا، منذ سقوط الأستانة، فظهر الحديث عن الخطر الإسلامي، أو الخطر الأخضر، بديلا عن الخطر الشيوعي الأحمر الذي جمع أسلحته المهترئة وانكفأ على نفسه بعد انهيار جدار برلين، بعد أن لم يعد يخيف أحدا. ولكن الخطر الإسلامي، في هذه المرة أيضا كما في التاريخ، كان له عنوان محدد يمكن معرفته بالتوجه شرقا، فهو موقع جغرافي معروف، ولذا كان من السهل إيجاد حل يجنب الإسلام والمسيحية الصدام في ما بينهما، وطالما أن الأمر يتعلق بجغرافيتين، سيكون الحل هو تحصين القلعة الأوربية في وجه العالم الإسلامي، وكانت تلك القلعة هي خلاصة أطروحة صامويل هانتنغتون، الباحث الأمريكي صاحب نظرية صدام الحضارات الشهيرة.
وفي الوقت الذي كان فيه العالم يستعد للتعايش مع ما كان يسمى بالنظام الدولي الجديد، ويدفع أولى خطواته داخل فندق مفتوح للعموم، أطلق عليه اسم العولمة، جاءت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 لكي تقلب الحفل على أهل العرس والمدعوين معا. وبين عشية وضحاها، بدا كأن المرحلة الفاصلة ما بين انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات من القرن العشرين، وبين التفجيرات، كانت مجرد «فترة سماح» أو استراحة، لكي يدخل العالم كله نظاما عالميا جديدا، يمكن توصيفه بنظام اللانظام. أصبح للغرب والعالم الإسلامي، في هذه المرحلة، عدو واحد مشترك هو تنظيم القاعدة للسعودي أسامة بن لادن، تماما مثلما كان لهم عدو واحد مشترك بالأمس هو المعسكر الشيوعي. خسر هانتنغتون رهانه وسقطت النظرية في الوحل، ولحقت بها نظرية نهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما الذي اعتقد، لجهل واضح بالتاريخ وكثير من الغرور، أن الحضارات عربة في قطار له خط سير مستقيم ينطلق من محطة وهو يدرك إلى أين يتجه.
لكن حدثين حصلا في أعقاب تلك التفجيرات غيرا الموقف من الإسلام «الجغرافي» جذريا ونقلا المعركة»الحضارية» إلى الداخل في الغرب نفسه. الحدث الأول هو العثور على جثة الفرنسي «هيرفي جمال لوازو» في أفغانستان، الذي مات من البرد في جبال تورا بورا، في 23 ديسمبر من نفس العام، والذي أطلقت عليه الصحافة الفرنسية لقب»طالبان الفرنسي»، لأن الشاب الذي لم يكن يتجاوز 28 عاما من العمر قاتل إلى جانب حركة طالبان، واستطاع الإفلات من القصف الأمريكي دون أن ينجو من مخالب البرد، أما الحدث الثاني، الذي خلف صدى واسعا في الصحافة الدولية، فهو اعتقال البريطاني ريتشارد ريد، المعروف ب«مفجر الحذاء»، الذي كان يحمل في حذائه قنبلة على متن الطائرة في الرحلة الجوية بين باريس وميامي في 22 ديسمبر 2001، وأعلن أثناء محاكمته أنه من أتباع بن لادن، وأقر بالتهم المنسوبة إليه وقال: «أقر بأفعالي، لا أعتذر عنها وأنا لا أزال في حرب مع بلدكم».
هنا بدأ التفكير مجددا في مسألة اعتناق الإسلام من قبل الغربيين، وهنا أيضا، ولأول مرة، سوف ينتقل الملف، أو سوف يتوزع ما بين الفاتيكان والدوائر الأمنية والاستخبارية في العالم الغربي. أصبح للمسألة بعد أمني هام جدا، ولم يعد المنصرون، ذلك الجيش غير المسلح، كافيا. وبعدما كانت القضية بالأمس تتعلق بالجغرافيا وحدها، انتقلت إلى الداخل، فلم تعد هناك خطوط تماس واضحة، واستفاقت الدوائر الأمنية والفكرية في الغرب على حقيقة جديدة هي الإمكانية المفتوحة، باستمرار، لتحول الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار، وأدرك الجميع، في النهاية، أن هناك شيئا متعفنا في الدانمارك، كما قال شكسبير، في «هاملت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.