نجح السويسري جياني إنفانتينو، في الظفر برئاسة الاتحاد الدولي «فيفا» لكرة القدم، إثر تنافس محتدم مع البحريني الشيخ سلمان الذي يرأس الاتحاد الأسيوي، والذي كان مرشحا بدوره للفوز بالرئاسة. وإذا كان الأوربيون نجحوا في دفع مرشحهم للظفر بالرئاسة، فإن العرب ضيعوا للأسف الشديد فرصة تاريخية للتربع على عرش الفيفا، وهي الفرصة التي سيصعب أن تتكرر مرة أخرى. لقد أثبتوا مرة أخرى أنهم أبعد ما يكونون عن الاتفاق في ما بينهم، وإبرام تحالفات، وقد مهد الانقسام العربي الطريق أمام إنفانتينو للحصول على الرئاسة، فهل كان مقبولا أن يواصل الأمير علي بن الحسين والشيخ سلمان السباق نحو الرئاسة، دون أن يصلا إلى توافق، وألم يكن بالإمكان أن تكون هناك وساطات وأن يتدخل العقلاء للاتفاق على مرشح واحد ودعمه، بدل هذا التشتت. لقد حصل إنفانتينو في الدور الأول على 88 صوتا بفارق ثلاثة أصوات عن الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة(85)، بينما حصل الأمير علي بن الحسين على 27 صوتا، والفرنسي جيروم شامبان على 7 أصوات. أما في الدور الثاني فقد زادت نسبة أصوات إنفانتينو، لتصل إلى 115 صوتا، بينما حصل الشيخ سلمان على 88 صوتا، والأمير علي بن الحسين على 4 أصوات.. مؤكد أن فرص الشيخ سلمان كانت ستتقوى، بل إنه كان يمكن أن يفوز لو أنه حصل على دعم الأمير علي بن الحسين، ولم يضيعا معا الكثير من الجهد في سبيل الحصول على أصوات كان يجب أن تكون محسومة سلفا.بيد أن هناك من سيتساءل عن أسباب هذا الانقسام العربي، وخلفياته، ولماذا ظهر أكثر حدة في انتخابات «الفيفا». قبل سنوات وعندما أصبح الشيخ سلمان رئيسا للاتحاد الأسيوي، أحدث بعض التغييرات، وهو ما كلف علي بن الحسين فقدان مقعده داخل اللجنة التنفيذية للفيفا كممثل للاتحاد الأسيوي، وهو ما لم يتقبله علي بن الحسين. وزاد الانقسام أكثر، في انتخابات الفيفا التي جرت في ماي الماضي وفاز بها جوزيف سيب بلاتر، قبل أن يتم إلغاء نتائجها، بعد تفجر فضائح «الفيفا» وإرغام بلاتر على تقديم استقالته. فقد أعلن الاتحاد الأسيوي الذي يرأسه الشيخ سلمان دعمه لبلاتر، وهو ما لم يستسغه مرة أخرى الأمير علي الذي كان ينتظر دعما من الاتحاد الأسيوي، ومن العرب على وجه الخصوص. لذلك، بدا أن انتخابات الجمعة الماضي فيها كثير من تصفية الحسابات الشخصية والانفعال، ورد الصاع، أكثر ما فيها تركيز على هدف واضح.. لقد ساهم العرب بوعي أو بدونه في قيادة إنفانتينو لرئاسة «الفيفا». نجح الأوربيون مرة أخرى في إبقاء رئاسة الاتحاد الدولي بين أيديهم، فبعد رحيل بلاتر، ها هو سويسري آخر يتولى الرئاسة، لذلك لم يكن غريبا أن صحفا سويسرية كتبت:» عرش الفيفا مازال سويسريا». لن تكون مهمة إنفانتينو سهلة، فهو امتداد لبلاتر، بل إنه الذراع الأيمن لميشيل بلاتيني، وقد وجد نفسه اليوم في منصب لم يكن ليحلم به على الإطلاق لو لم تتفجر فضائح الفساد في «الفيفا»، وتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية على الخط. إنه نتاج لمنظومة «الفيفا»، لذلك سيكون عليه غسل فضائح الفيفا، وبعث رسائل الثقة في جميع الاتجاهات.. إننا بصدد مرحلة جديدة في «الفيفا»، لكن المؤكد أن عصر بلاتر مازال لم ينته بعد. أين نحن من انتخابات «الفيفا»، وما محل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من الإعراب، خصوصا أنها حلت بوفد يتكون من فوزي لقجع رئيس الجامعة ونائبه محمد بودريقة، وسعيد الناصري رئيس العصبة الاحترافية.. الذي نعرفه هو أن الجامعة صوتت للبحريني الشيخ سلمان، وهو أمر مقبول، بالنظر إلى أن التصويت تحكمه عدة عوامل، أهمها العلاقات الديبلوماسية بين البلدان، كما أن اعتبارات أخرى غير رياضية تدخل على الخط. لكن للأسف الشديد فإن جامعتنا الموقرة تريد أن تحتفظ لنفسها بالجهة التي صوتت لها، وهو أمر غير سليم، أين المشكل في أن تكشف الجامعة بالواضح وليس بالمرموز عن الجهة التي صوتت لها، سواء أكان الشيخ سلمان وهو الأرجح، أو الأمير علي بن الحسين، أو حتى السويسري إنفانتينو. الآخر يحترمك عندما تكون واضحا، ويعرف أن لك مواقف معلنة، أما محاولة الركوب على «الموجة»، والتظاهر بأن الجامعة مع الجميع، فهذا من شأنه أن يضعف الحضور المغربي، ويجعل جامعة الكرة لاعبا ثانويا على المستوى القاري والدولي.. في المرحلة المقبلة، سيعود ملف مونديال 2022 إلى الواجهة، بل إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تخطط لاستضافة مونديال 2026، وإنكلترا لمونديال 2030، فأين نحن من كل هذا، أين الصوت المغربي داخل «الفيفا» وفي كواليسها وأمام وسائل الإعلام العالمية، إنه غائب.